بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى الى يوم الدين اما بعد فمجلسنا هذا اليوم في مجالس التفسير وذكر ربنا جل جلاله انه قد اخذتهم الرجفة والرجفة المأخوذ بها الزلزلة التي تزلزل كل شيء وتحطم كل شيء لان الرجفة وسبب عن الصيحة. قال تعالى فاخذ فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين وانا انصح ايها الاخوة ان يهتم بهذه المجالس مجالس التفسير وان يكون لنا مع اهلينا واخواننا في مجالسنا جلسات يذكر فيها تفسير القرآن الكريم. ويتداول معناه والحديث الذي في صحيح مسلم من حديث ابي الاغر عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما جلس قوم يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا حفتهم الملائكة. وغشي الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده فعلينا ان نهتم بهذه المجالس تفسيرنا هذا اليوم لسورة الحق وهذه السورة هي من السور المكية الحق اسم من اسمائه يوم القيامة وقد جاء هذا الاسم في اول هذه السورة ويوم القيامة اسم يعني عظمه الله تعالى وحذر عباده منه وجاء باسم الصاخة والطامة الكبرى والقارعة وهنا الحاقة فهذا يعني علم على يوم القيامة والحاق اسم له وقع في القلوب وتأثير في الناس ومأخوذ من يوم يعني على يوم القيامة باعتبار انه هو يوم تحط فيه الامور. والانسان يرى في هذه الدنيا اشياء يختلف الناس فيها كثيرا فربهم قال الحاقة ما الحاقة فالحاقة مبتدأ وما الحاقة؟ اين الماء مبتدأ ثاني والحاقة الثانية خبر وجملة الخبر المبطلة والخبر خبر للمبتدأ الاول ففي ذلك تعظيم لهذا اليوم ثم جاء التعظيم لقوله تعالى وما ادراك ما الحق فهذا تعظيم بعد تعظيم وتخويف بعد تخويف ويعني امر يدل على شدة هذا اليوم وانك قد تتخفى عن الناس في هذه الدنيا ببعض الامر فيوم القيامة تحط الامور وتظهر على العلن ولما قال هنا قال وما ادراك ما الحق؟ ايضا فيه تجديد على انه مهما تصورت فلن تعرف حقيقة هذا اليوم ولا كن هذا اليوم وهذا يعني اظهار في مقام الاظمار ملحقت وما ادراك ما الحاقة يعني ما ادراك وما الشيء الذي اعلمك ما الحق اذا ربنا جل جلاله ذكر اسم الحاقة وجاء الاستفهام يعني للتعظيم الحاقة وجاء للاستفهام الاخر وما ادراك ما الحاقة فهذا كله لاجل تعظيم هذا الامر وربنا جل جلاله بعد ان ذكر شدة هذا الامر وشدة هذا الحال قال كذبت ثمود وعادوا بالقارعة فان ربنا جل جلاله بعد ان عظم امرها ذكر طرفا من اخبار المكذبين بها وما انزله به من العقوبات العاجلة فهلكوا لاجل ان يعتبر بذلك كفار مكة حين نزول القرآن ولاجل ان يعتبر كل انسان يقرأ ولاجل ان يخاف الانسان عذاب وخطوة الله كذب الثمود وعادوا بالقالعة فثمود هم قوم صالح وكانوا يسكنون الحجر وهي معروفة بين الشام والحجاز وعادهم قوم هود وكانوا يسكنون الاحقاف وهي معروفة في بلاد اليمن وجاء هذا هنا هكذا كذبت ثمود وعاد بالقارعة. فسميت من القارعة وثمة سورة هي سورة القارعة اي يوم القيامة وسمي يوم القيامة بالقارعة لانه يوم يقرع الله به القلوب باهوال ذلك اليوم لشدته قال فاما ثمود فاهلكوا بالطاغية فاما هذه الفاء تسمى للتفريغ. واما اداة تفصيل فاهلكوا اي ان الله اهلكهم بالطاغية اي بالصيحة الطاغية يعني الصيحة المتجاوزة للحد وسميت بذلك لانها جاوزت الحد في الشدة والقوة وسرعة الذبذبة ولذا فان ربنا قد سماها صاعقة في مواضع من كتابه كما مر عندنا في صباح اليوم حينما فالاخوة في المرحلة الثانية وفيه اما ثمود واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فاخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يحسبون وسميت عيدا بالصيحة واخذ الذين ظلموا الصيحة فاصبحوا في ديارهم جاثمين بالهلاك والعذاب ولما ذكر البرهان على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وان القرآن حق وان المنتفعين بهم اهل العلم والتقوى اتبع ذلك بما يفيد حصول التكذيب به من المشركين وهذه في الاية الكريمة فاما ثمود فاهلكوا بالطاغية الباء هذه هي الداخلة على الالة التي حينما تقول كتبت بالقلم وتقول قطعت بالسكين واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتيا هذه اما ايضا اداة تفصيل وبيان وصرصر اي باردة ذات صوت جميع عاتية اي مجاوز الحد في العصر ومجاوز الحد في الهروب فتدمر كل ما تأتي عليه نعم قال سخرها عليهم اي سلطها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما اي متتابعات لا تستر ولا تنقطع وحسوم جمع حاسم اي دائم مثل شاهد وشهود ويؤيده قوله سبحانه انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر فترى القوم فيها صرعى فترى القوم فيها صنعاء والقاظ هنا يشمل الرجال والنساء وفيها ان يعودوا الى تلك البلاد وايضا يشمل الليالي ومعنى فرعى اي جمع صريح وهو الملقي على الارض ميتة كانهم اعجاز نهر خاوي اي كانهم جذوع نخل خاوية غير مفيدة وضعنا خاوي اي نخرة فارغة واذا ربنا جل جلاله قد ذكرهم في سورة القمر. قال تنزع الناس كأنهم اعجاز نخل منقعر اي منقلع من اصله اذا ربنا جل جلاله قد ذكر ووصف الحال اي كانت الريح تقطع رؤوسهم فتبقى اجسادهم تبقى اجسادهم قريبة بلا روس فشبههم ربنا بجذوع النحس الخاوية وفي تشبيههم بجذوع النخل اشارة الى انهم طوال عراظ الاجساد كما وصفهم الله تعالى حينما قال واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فقال سبحانه واذا بطشتم بطشتم جبارين وربنا قال هنا فهل ترى لهم من باقي اي هل ترى لهم من نفس باقية؟ او من جماعة باقية وهذا الاستفهام جاء لاجل النفي اي انك لا ترى لهم باقية ولا ترى لهم احدا اذا ايها الاخوة الحاقة من اسماء يوم القيامة وربنا جل جلاله يخوف من هذا اليوم وان الاشياء التي قد تخفيها عن الناس فربنا يحقها ويظهرها والاشياء التي يختلف الناس فيها فان ربنا يظهرها وفي هذه الايات الكريمة بيان ان القيامة لا تهول عظيم تحار فيه الالباب وانه قد اوتي في الاستفهام هنا لاجل التهويل والتعظيم وبيان شدة الحال وان ربنا من رحمته الى انه يحذرنا هذا اليوم والانسان يؤمن بيوم القيامة ولكنه يجهل كنهه بتفاصيله بما فيه وهذا ليس عيب وربنا جل جلاله قد ذم عادا وثمودا لانهم كذبوا بيوم القيامة. والمؤمن يخالف الكفار حينما يؤمن باليوم الاخر وما فيه وفي هذه جعل القارعة بعد الحاقة فيه اشارة لان الحاق والقارعة كلاهما من اسماء يوم القيامة وجاء كل اسم مشتق من صفر ثمود اهلكم الله بالطاغية وهي الصيحة الشديدة وربنا جل جلاله اهلك ثمود عن اخرهم الا من الا صالحا واتباع صالح من المؤمنين فلما جاء امرنا نجينا صالحا والذين امنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ ان ربك هو القوي العزيز فربنا جل جلاله اهلك عادا بالريح والريح جند من جند الله يسخرها الله على من يشاء ويستفاد من هذا ان عدن اشد عقوبة من ثمود لان ثمود اهلكوا بالصيحة فهلكوا في الحال اما هؤلاء فقد زهقرت عليهم الريح الباردة الشديدة ثمانية ايام ونزول العذاب بعاد كان في صباح اول الايام الثمانية. وهذه سنة الله تعالى في اهلاك المكذبين كما اخبر عن قوم لوط فاخذتهم الصيحة مشرقين وثمود فاخذتهم الصيحة مصبحين وربنا جل جلاله يأتي بالعذاب في الصباح وفي المساء ووقت القيلولة وربنا جل جلاله يفعل ما يريد ويحكم ما يشاء اذا هذا اليوم يوم شديد يوم القيامة والعقاب الذي ينزله الله باعدائه شديد على الانسان ان يعتبر وان يحذر الخزي في الدنيا والاخرة ثم ذكر من بقي من الامم المكذبة بالحاقة وما حل بهم فقال ربنا جل جلاله وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فاخذهم اخذة غارية. انا لما بغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وسعيها اذن واعية اذا وجاء فرعون ومن قبله اي من قبل فرعون من الامم الكافرة وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة المؤتفكات قرى قوم لوط والمراد اهلها جمع المؤتفكة هنا اي المنقلبة وكانت قراهم قد اتفكت بهم اي انقلبت وجعل الله عاليها ساسفلها عقوبة ونكالا عقوبا عاجلا قبل عقابي يوم القيامة قال هنا وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة اي جاؤوا بالفعلات الخاطئة التي من جملتها التكذيب بالبعث والقيامة والخاطئة اسم فاعل من خطأ بوزن علم ومصدره الخطأ ولذا الخاطئ هو من يفعل الخطأ عن عمد وتصنيف الخاطب خلافا للاخطاء التي تحصل للانسان من غير عمد فيسمى مخطئا قال هنا وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فاخذهم اخذ سراب اي عصت كل امة رسولها والمراد بالرسول هنا الجنس فيصدق على الواحد وعلى الجماعة. ان كل الا كذب الرسل فحط عقاب اذا فعصوا رسول ربه فاخذهم اخذة راغية فاخذهم اي اهلكهم اخلة رابية الاخذ واحدة الاخذ والتنكير للتعظيم ورابي اسم فاعل من ربى الشيء يربو اذا تاب والمعنى اخذهم الله اخذة عظيمة زائدة في الشدة لازدياد كفرهم وقبائحهم كما قال تعالى وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد فقال هنا انا لما طغى الماء حملناكم في الجاهلية. لك ربنا هنا طرفا من قصة نوح مع قومه فقال انا لما طغى الماء اي لما كثر الماء وجاوز الماء حده في في الارتفاع فعلى فوق حده حملناكم اي حملنا ابائكم وهم نوح وبنوح قال تعالى وجعلنا هم الباقين وربنا جل جلاله اظاف الحملة الى نفسه سبحانه لانه الامر به والخالق لاسبابه كما قال تعالى حتى اذا جاء امرنا وصار التنور قل نحمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك الا من سبق عليه القول ومن امن وما امن معه الا قليل اذا حملناكم في الجاري اي السفينة والمراد بها سفينة ابينا نوح وكان هو اول من صنعها في الارض والجارية يعني وصف بانها صارت تجري. قال تعالى وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام لنجعلها لكم اي جنس السفينة وقصة اغراق الكافرين وان جاء المؤمنين تذكرة اي مذكرة ولذا ينبغي كلما رأينا سفينة ان نستذكر رحمة الله بنا كيف ان الله قد انجانا بنجاة ابائنا لنجعلها لكم تذكرة اي مذكرة بالله ومذكرة بكمال قدرة الله وحكمة الله وقوة قهره وسعة رحمته ودعيها اذن واعية اي وتحفظها اذن من شأنها ان تحفظ عن الله ما يجب حفظه من الايات البينات ووراءها عقل يفكر ويتدبر وتوحيد اذن مع التنكير للدلالة على قلة من يعي. نسأل الله ان يجعلنا واياكم من من الذين يعون اذا علينا ان نفقه عظم ذنب فرعون وعبر معصيته وكذلك الذين كذبوا الرسل من قبل فرعون وكذلك قوم لوط وعلينا ان نستكثر شدة اخذ الله وان عقوبتهم راضية على عقوبة غيرهم من سائر المكذبين كما ذكر ربنا وهذه العقوبة العظيمة بسبب المعصية العظيمة. فكلما كانت المعصية اعظم كلما كان العقاب اخطر وفي هذه الايات التحذير من ان نتشبه باولئك العصاة الذين خالفوا امر الله وامر نبيهم اذا سنة الله في المكذبين الاهلاك والتدمير وعلى الانسان ان يحذر العذاب لان ربنا ينوع عذابا المكذبين وبالصيحة وبالغرق قال تعالى فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خثثنا به الارض ومنهم من اغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون اذا على الانسان ان يحذر وان يراعي وان في هذه القصص عبرة وتذكرة حتى لا يقع الانسان فيما وقع فيه الاخرون ولما اخبر ربنا جل جلاله عن يوم القيامة وان تحقق هذا اليوم وعن وقوعه وانه واقع لا محالة وبعد ان اخوى عن افعال المكذبين بما لهم من العقوبة اتبع ذلك بذكر بعض احداث يوم القيامة واهوال يوم القيامة واول ذلك النفخ في الصور. ودك الارظ والجبال وبعد هذا البعث والنشور والعرض ونشر الدواوين والجزاء على الاعمال والقصاص فيما بين العباد فقال تعالى فاذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على ارجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية فاذا نفخ في الصور نفخة واحدة فربنا جل جلاله يأمر الملك بالنسخ في الصور نفخة واحدة وهي النفخة الاولى التي يكون حين ذاك خراب الدنيا وتغير العوالم فترجف الارض والجبال ويعقب هذه النفخة الفزع والصعق فيفزع من في السماوات والارض ويصعقون الا من شاء الله وقد سماها الله صيحة في كتابه. فقال وما ينظر هؤلاء الا صيحة واحدة ما لها من فراق اذا ربنا عظم هذه الصيحة ووصفها بانها واحدة تأكيدا لها قال وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة. اي قلعت من اماكنها فدك سادكس واحد اي فتشتا وصارتا كثيبا مهيلا والدك ابلغ من الدق وجاء هذا التعبير نفخ حملت دكة بالصيغة الماضية لاجل تحقق الوقوع فهذا امر واقع لا محالة كما قال تعالى اتى امر الله فلا تستعجلوه فقالوا لنا فيومئذ وقعت الواقعة اي قامت القيامة وهذا جواب اذا الظرفية التي تتضمن معنى الشرط اي اذا كان هذا النفخ في الصور وحمل الارض والجبال ودكها كان هذا هو فهو يوم القيامة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية. اي ظعيفة بعد ان كانت شديدة كما قال تعالى وبنينا فوقكم سبعا شدادا وهذا الانشقاق لماذا؟ لاجل نزول الملائكة. من اجل ان تقوم بالاعمال التي كلفها الله فيها بهذه الساعة. قال تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا وربنا قال هنا والملك على ارجائها فالملك اي الملائكة المقصود به جنس الملائكة على ارجاء اي على ارجاء السماء اي جوانب السماء ونواحي السماء ويحمل عرش ربك فوقهم اي فوق اهل الموقف يومئذ ثمانية اي من الملائكة اي من الملائكة فاذا في هذه الايات تعظيم هذا الامر العظيم وانه واقع لا محالة وفي ذلك بيان لقدرة الله سبحانه وتعالى فبنفخة واحدة يصعق اهل السماوات والارض الا من شاء الله وبنفخة واحدة يخرج الاموات من قبورهم الى وجه الارض فانما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة اذا ان الارض والجبال تحمل على ما شاء الله ويحملها ما ان شاء الله فتذكوا الارظ وتزك الجبال حتى تكون قاعا صفصفا لا مرتفعات ولا منخفضات كما قال ربنا ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتى اذا صورة الارض تتغير يوم القيامة كما قال تعالى يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار اذا علينا ان نعلم ان يوم القيامة شديد وان ربنا قد سمى هذا اليوم باسماء فمنها القيامة ومنها الواقعة ومنها الحق ومنها الغاشية ومنها القارعة لبيان شدة هذا اليوم وعظيم ما فيه اذا السماء تتشقق والسماء تنتظر والسماء تنفرج وفي هذه الايات بان للعرش حملة الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ثم لك يا ربنا ما يكون في هذا اليوم العظيم من حساب المكلفين وانقسامهم الى فريقين شقي وسعيد ولك ربنا حالهم ومآلهم فقال تعالى يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية وهذا يتنازل مع اسم السورة بالحق حينما تحط بالامور فاما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا الكتاب اني ظننت اني ملاق حسابيا وهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية واما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم اوت كتابي ولم ادري ما حسابية يا ليتها كانت القاضية ما اغنى عني ماليا هلك عني سلطانية خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه انه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم ها هنا حميم ولا طعام الا من غسلين. لا يأكله الا الخاطئون اذا يومئذ تعرضون اي تعرضون على الله الحساب وللجزاء وللقصاص وهذا الخطاب شامل لجميع المكلفين وعرضوا على ربك صفا لا تخفى منكم خافية اي لا تخفى عليكم اسراركم ولا ماء كنته صدوركم وربنا قال في سورة العاديات وحصل ما في الصدور. وفي سورة الطارق يوم تبل السرائر قال فاما من اوتي كتابه بيمينه وهو المؤمن. وبدأ به تشويقا لحاله وتنويها بحسن مآله والكتاب الذي يؤتاه الانسان هو صحيفة اعماله فالانسان يؤلف كتابا في حياته الدنيا تسجل فيه اعماله يطلع عليه يوم القيامة فيتعجب لما لما فيه. علما انه هو الذي كتبه باقواله وافعاله اله وخواطره ومآلات اعماله واثاره هاء اقرأوا كتابية اي خذوا واقرأوا كتابي يقول يقول ذلك فرحا وسرورا وابتهاجا اني ظننت ايقنت اني ملاق حسابي اي جزائي في الاخرة فاستعددت له بالعمل ولذا العقيدة لا تبنى على الشرك. انما تكون على اليقين يتيقن الانسان انه يلقى ربه بعمله فيستعد الى لقاء ربه ويعمل لان يحسن عمله ليلقى ربه بعمله قال اني ظننت اني ملاق حسابية وهو اي هذا المؤمن في عيشة راضية اي في عيشة هنيئة مرضية كاملة واسند الرضا الى المعيشة اشارة الى رضا صاحبها بها على الوجه الابلغ في جنة عالية اي عالية المكان والقدر قطوفها دانية اي قريبة والقطوف جمع قطف بمعنى مقطوف وهو ما يجتنى من الثمار والمعنى ان ثمار الجنة قريب قريب على المتناول وهنا قال كلوا واشربوا اي يقال لهم على سبيل الاكرام والانعام والاحترام والزيادة هنيئا اي اكلا وشربا هنيئا والهنيء هو الذي ما لا تنغيص فيه ولا كدر ولا اذى بما اسلفتم اي بسبب ما اسلفتم وقدمتم في الايام الخالية وهي ايام الدنيا لانها تخلو وتذهب اما ايام الاخرة فهي ايام بواقي وفي هذا ندرك اهمية العمل وعظم العمل وان هذه العمل هو مادة الجنة وسبب نعيم الجنة واما من اوتي كتابه بشماله وهو الكافر بدليل انه كان لا يؤمن بالله العظيم فهذا فيقول يا ليتني لم اوت كتابي. اي لما رأى فيه من قبائح الاعمال فهو يتمنى انه لم يعطى كتابه ويتمنى ان ما بينه وبينه ما بين المشرقين ولم ادري ما حسابي. اي يا ليتني لم اعلم ما حسابي. ولم اقف عليه. لما رأى سوء العاقبة يا ليتها كانت القاضية. اي يا ليت حالة السيئة الان وهي انه كانت القاضي اي القاطعة لامري فاموت واكون ترابا والانسان في هذه الدنيا يهرب من الموت وهو هناك اذا كان مقصرا فهو يتمنى الموت وانى له ما يتمنى وقد فرط في هذه الدنيا ساعة العمل وربنا قال ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ما اغنى عني مالي اي لم يغني عني مالي هلك عني سلطاني اي ذهبت عني حجتي خذوه فغلوه وكذلك ما وهبه الله تعالى من امر الدنيا خذوه فغلوه هي هذا امر من الله للزبانية وهم الملائكة الغلاظ الشداد امرهم ان يأخذوه فيغلوه اي يوظع الغل في عنقه ثم الجحيم صلوه اي ادخلوه النار يصلى حرها ويقاسي شدائدها ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه اي ادخلوه فيها سلسلة جاءت للتعظيم وانها سلسلة عظيمة لا كثرة الدنيا انه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين. اي كان لا يأمر بالصدقة وكان لا يتصدق فليس له اليوم هؤلاء حميم اي ليس له قريب يحميه من العذاب ولا طعام الا من غسل اي الغسالة والمراد به هنا قبيل اهل النار كما ثبت ذلك عن ابن عباس والطعام هنا هو ما يؤكل ما يأكله هو قال لا يأكله الا الخاطئون اي الكفار الذين يقدمون على الجرائم اذا ثمة يوم ايها الاخوة يكشف فيه خبايا الصدور ويظهر يوم القيامة وفي ذلك اليوم ييأس الكفار الكفار ييأسون وفي هذه الايات تيئيس لهم ان يكتموا الله شيئا مما كانوا يخفونه في الدنيا. فربنا قد خلقهم على الايمان والتوحيد. ولكنهم اخفوه في هذه الدنيا فحينما يظهرونه يوم القيامة لا ينفعهم افلا يعلم اذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور. ان ربهم بهم يومئذ لخبير اذا على الانسان ان يحذر سطوة الجبار وان يراقب ربه غاية المراقبة وان الله سبحانه وتعالى يحاسبنا على الاعمال ولما كانت السورة من اولها قد ذكرت هذه الاحداث في الامور الماظية وما سيكون مستقبلهم يوم القيامة من قيام الساعة وعرض العباد على الله ونهاية مصيرهم وهذا امر لا بد منه بل هذا من رحمة الله ان الله يبعث الجميع فيحاسبهم على اعمالهم قال تعالى فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول جاه قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين. فلا اقسم اي اقسم قسما مؤكدا اقسم قسما مؤكدا فاقسم ربنا جل جلاله بما يبصره العباد وبما لا يبصرونه وبكل مبصر ومبصر وربنا جل جلاله يحلف بما يشاء مما يدل على قدرته سبحانه وتعالى وجاء جواب القسم انه لقول رسول كريم اي ان القرآن لقول رسول كريم وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم واضاف ربنا القول الى الرسول لماذا؟ لانه المبلغ. فهنيئا لك يا طالب العلم حينما تبلغ عن الله رسالاتهم فهذه اضافة تبليغ لا اضافة ابتداء كما يدل عليه لفظ رسول وهو الرسول البشري. محمد صلى الله عليه وسلم وجاء هذا ايضا في سورة التكبير فالرسول الملكي انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين فربنا جل جلاله ارسل الرسول الملكي وارسل الرسول البشري وربنا جل جلاله اظافه الى نفسه اظاف القرآن الى نفسه قال وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله وربنا قال يريدون ان يبدلوا كلام الله فالقرآن كلام الله ولكنه ينسب الى الرسول الملكي نسبة تبليغ وللرسول البشري نسبة تبليغ لانه يبلغه عن الله فعلينا ان نستحضر هذه النية والاعمال بالنيات بان نبلغ الدين وفي هذا الشرف العظيم والمكان الكريم انه لقول رسول كريم. مؤكدات جملة اسمية مع ان مع اللام مؤكدات متعددة تدل على شرف من يقوم بالرسالة وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون اي تؤمنون ايمانا قليلا لا ينفع ولا بد للايمان ان يكون كاملا وقوله شاعر صفة لمصدر محذوف نعم وما هو بقول كاهن اي ليس القرآن بقول كاهن. والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل او يخبر عما في الظمير مستعينا بالشياطين ولا يجوز الذهاب الى الكهان ولا الاستماع اليهم ولا الى تصديقهم قليلا ما تذكرت اي تتذكرون تذكرا قليلا وما هذه جاءت بتأكيد قلة التذكر والمتذكرين فيهم اذا هؤلاء قد اسرفوا على انفسهم وخالفوا وربنا جل جلاله لما نزه سبحانه القرآن ان يكون شعرا او كيهانة صرح بحقيقة القرآن وابانا عن عظمة القرآن فقال تنزيل من رب العالمين اي هو تنزيل من رب العالمين فهو منزل من الله رب العالمين اي ابتلاؤه وانشاؤه من الله جل وعلا من رب العالمين والعالمون كل ما سوى الله. اذا القرآن كلام الله اقسم عليه وربنا جل جلاله متكلم وربنا جل جلاله عظم من شأن القرآن في هذه الاية الكريمة وفيه الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم ووصف بانه بالكريم اي الجامع لصفات الكرم وفي اخر تنزيه القرآن عن ان يكون شعرا او كهانة وفي ذلك ايضا ذم الشعر والشعراء الذين يخالفون فيه الدين وفي ذلك افتقار العالمين الى الله. ثم ذكر سبحانه وتعالى برهانا اخر على صدق الرسول وعلى ما جاء به من الوحي والرسالة قال ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين وانه لتذكرة للمتقين اي ولو شرطية لقول وهو ولو تقول هذا فعل الشر جواب الشرط لاخذنا ولو تقول علينا اي الرسول لاخذنا منه باليمين ومعلوم ان التقول ان ينسب الى الغير ما لم يقله بعض الاقاويل اي لو افترى علينا ونسب الينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين اي لامسكنا بيمينه اي بيده اليمنى دون امهال ثم لقطعنا منها الوسيم والوتين هو عرق متصل بالقلب. اذا قطع مات صاحبه. ويعرف الان باسم النخاع الشوكي وهو يغذي جسم الانسان بالدم. النقي الخارج من القلب ثم لقطعنا من الوتين فهي عبارة عن الاماتة والاهلاك ووجه الدلالة من هذا الوعيد على صدق الرسول انه تعالى يمتنع عليه ان يقر من يكذب عليه بل يأخذه فضلا عن ان ينصره فان الله تعالى مطلع قادر حكيم فما منكم من احد عنه حاجزين اي لا يوجد احد يستطيع ان ينجيه من اهلاك الله تعالى اذا اراد الله اهلاكه ثم قال وانه لتذكر اي القرآن تذكرة يستذكر به الانسان امر الله ومراد الله انه لقول رسول كريم وقال هنا وانه لتذكرة اي القرآن تذكرة للمتقين اي للمؤمنين الذين يمتثلون اوامر الله ويجتنبون نواهيه ويتقون عذابه وخص المتقون بالذكر بانهم المنتفعون به كما قال تعالى هدى للمتقين اذا هذا تدل على صدق النبي وتبرئته من الكذب على الله تعالى اذ انه لو كان كاذبا لما ايده الله تعالى ولا عاقبه ولكن الله سبحانه وتعالى قد اصطفاها بالرسالة وقد ادى الامانة كما هي وربنا جل جلاله لا يقر من يكذب من المتنبئين بل ينتقم منهم ويعالجهم قال وانا لنعلم ان منكم مكذبين وانه لحسرة على الكافرين وانه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم اي وانا لنعلم اي ايها المشركون وانا لنعلم ان منكم مكذبين اي بالقرآن وفي هذا تهديد للمشركين وتهديد لكل من لم يؤمن بالقرآن قال وانه الى القرآن لحسرة على الكافرين. الحسرة اشد الندم وانه لهسر اي سبب حسرة على الكفار في الدنيا والاخرة بسبب تكذيبهم اياه فهذا يدلك على ان من اهمل القرآن فهو سيتحسر غاية الحسرة يوم القيامة وانما للقرآن لحق اليقين. وهذا يعني اي القرآن للحظ اليقين اي الثابت المحقق الذي لا شك فيه فسبح باسم ربك العظيم وهذا امر بالتسبيح والتسبيح هو تنزيه الله تعالى اين الزه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله واذكره باسمه العظيم ربك فسبح باسم ربك العظيم اللي هو خطاب للنبي وتدخل فيه امته صلى الله عليه وسلم تبعا اي اذكر اسم ربك العظيم وهذا يوجب على الانسان التسبيح بالعظيم فسبح باسم ربك العظيم يعني الانسان يكثر من تسبيح الله ومنك الله ربنا جل جلاله يعلم عمل الناس وصنيع الناس اذا ايها الاخوة هذه السورة العظيمة هي من سور هذا القرآن العظيم علينا ان نقوم به غاية القيام وان نعمل به غاية العمل. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرحمنا اجمعين وان يسددنا لمراظيه وان يحفظ البلاد والعباد وان يصلح حال امة الاسلام وان يرفع القتلى لعن امة محمد صلى الله عليه وسلم اللهم ازهق الازمات اللهم انزل الرحمات اللهم انزل البركات اللهم يا رب العالمين اجعل قراءتنا للقرآن واستباعنا للقرآن رحمة وخيرا وبركة يا رب العالمين. اللهم ادفع البلاء عنا وعن امة محمد صلى الله عليه وسلم. هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد