يتعين ردها الى الكتاب وان فيه حلها وحكمها وان غير الكتاب لا يفصل النزاع ولا يحل الخلاف لا عقل ولا قياس ولا رأي احد من الخلق كائنا ما كان قوله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله احكام متنوعة في الاصول والفروع والاداب قوله تعالى واذا رأيت الذين يخوضون في اياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره واما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين تدل الاية على النهي عن مجالسة اصحاب المعاصي والقعود معهم ما داموا على معصيتهم وانه يجب على من سمع الكلام المحرم ان يمنع صاحبه فان لم يتمكن من ذلك وجب عليه القيام من ذلك المجلس وكذلك فاعل المحرم ولهذا اتى باللفظ العام في قوله الظالمين قوله تعالى اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده دليل على ان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بنسخه لانه هداهم ما هم عليه من العقائد والاخلاق والاعمال قوله ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم فيها سد الذرائع عن الامور المحرمة وان المباح او المستحب اذا افضى الى مفسدة نهي عنه ويستدل بقوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر لا يكلف الله نفسا الا وسعها وفي الاخرى لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها وما جعل عليكم في الدين من حرج على ان المشقة تجلب التيسير قوله تعالى واوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس اشياءهم فيها وجوب النصح في المعاملات كلها وتحريم البخس والغش فيها قوله وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها وقوله ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون يدل على استحباب هذه الاذكار عند ركوب كل مركوب من دابة وسفينة ومراكب برية وبحرية وهوائية قوله وشهد شاهد من اهلها الاية يدل على اعتبار القرائن وشواهد الاحوال او له اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم ان خير من استأجرت القوي الامين يدل على اعتبار الكفاءة والامانات في الولايات والوظائف كلها بحسب ما يليق بالولاية فان لم يحصل الاكمل في هذه الصفات فالامثل فيها وقوله يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين يدل على الاجتهاد في الدعاء للوالدين والذرية وعلى طلب الدعاء من الوالدين والفضلاء قوله تعالى ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين يدل على ان التسبيح والتحميد والاكثار من ذكر الله والاشتغال بعبادته مع ما فيه من الخيرات والاجور انها تشرح الصدر وتهون المشاق وتسلي عن المصائب قوله تعالى فاما اليتيم فلا تقهروا واما السائل فلا تنهر واما بنعمة ربك فحدث فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب فيه الترغيب في اكرام اليتيم والزجر عن الاساءة اليه وفيه حسن الخلق مع السائل للمال والعلم والتحدث بنعم الله مع نفسك ومع الخلق والاشتغال بعبادة الله عند الفراغ من الاشغال الدنيوية وكثرة الرغبة الى الله في جميع المطالب الدينية والدنيوية قوله تعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله فيه الحث على الاستعاذة بالله من الشيطان عند القراءة في الصلاة وخارجها وعندما ينزغ الشيطان العبد ويحس بوساوسه التي تدور على التثبيت عن الخير والترغيب في الشر فالاستعاذة بالله منه تدفع شره وكيده قوله تعالى فبعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق من هو ليتلطف وليتلطف ولا يشعرن بكم احدا تدل على صحة الوكالة والتوكيل وعلى المشاركة في الطعام وغيره وعلى اختيار الطيب منه وعلى الاحتراز عن الامور الضارة وعلى انه ينبغي كتمان السر الذي تضر اذاعته ضررا عاما او خاصا قوله تعالى ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى ان يهديني ربي وقل عسى ان يهديني ربي لاقرب من هذا رشدا ينبغي للعبد ان يسترشد بهذه الوصايا النافعة ولا يحكم على الامور المستقبلة المتعلقة بفعله حتى يقرنها بمشيئة الله وعند نسيانه مطلقا يذكر الله ويرجوه الهداية كل وقت لارشد الامور واحبها اليه قوله ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى ان يهديني ربي لاقرب من هذا رشدا ينبغي لمن اعجبه شيء مما اعطاه الله ان يقول ذلك لانه اعتراف بالنعمة وحراسة لها من كل افة يستفاد من قصة موسى مع الخضر ادب المتعلم مع المعلم وان المفسدة الجزئية تغتفر في جانب المصلحة العظيمة وان افساد مال الغير اذا تضمن اصلاحه من وجه اخر ارجح من افساده فانه محمود وان الرجل الصالح يحفظه الله في نفسه وذريته وان كثيرا من الامور الكريهة للعبد قد تكون خيرا وتجلب خيرا كثيرا وتدفع شرا كثيرا وفي بناء ذي القرنين للسد فيه انه ينبغي اعانة الضعفاء ودفع شرور المعتدين بكل وسيلة وان ذلك من نعمة الله في حق الضعفاء وفي حق من اعانهم قوله فقولا له قولا لينا فيه استحباب اللين في خطاب الرؤساء والعظماء وفي قوله ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه وقل رب زدني علما ادب طالب العلم وانه ينبغي له ان يتأنى في تدبره وتأمله للعلم ولا يستعجل بالحكم على الاشياء ولا يعجب بنفسه ويسأل ربه العلم النافع والتسهيل قوله تعالى ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا فيه انه ينبغي للموفق الا ينظر الى زينة الدنيا نظر المعجب المفتون وان يقنع برزق ربه وان يتعوض مما منع منه من الدنيا بزاد التقوى الذي هو عبادة الله واللهج بذكره قوله وكذلك ننجي المؤمنين ينبغي لكل مؤمن وقع في كربة وضيق ان يدعو بهذه الدعوة لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين قوله تعالى لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بانفسهم خيرا وقالوا وقالوا هذا افك مبين هذا ارشاد منه لعباده اذا سمعوا الاقوال القادحة في اخوانهم المؤمنين رجعوا الى ما علموا من ايمانهم والى ظاهر احوالهم ولم يلتفتوا الى اقوال القادحين بل رجعوا الى الاصل وانكروا ما ينافيه انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا ان يقولوا سمعنا واطعنا اولئك هم المفلحون هذا متعين على كل مؤمن قوله ويوم يعض الظالم على يديه الايات مع قوله الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين فيها التحذير من صحبة الاشرار والترغيب في صحبة الاخيار قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث يدخل فيه كل حديث يلهي العبد عن الخير من الغناء وغيره قوله فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا فيه ادب المرأة في خطاب الرجال الاجانب الا تخشن الكلام ولا تلينه بل تقول قولا معروفا قوله والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا فيه النهي عن اذية المؤمنين القولية والفعلية بغير استحقاق قوله يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله فيه ضابط ما يجب على الحكام والقضاة من الحكم بين الناس بالحق المتضمن لمعرفته وتنفيذه وعدم الميل واتباع الهوى قوله وخذ بيدك ضعسا فاضرب به ولا تحنث فيه التخفيف عن الضعيف وعن الحبيب لله طوله الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه هذا الضابط في الواجب على مستمع القول ان يتبع احسنه وهو الحق المأمور به قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله الى اخر السورة فيها الارشاد من الله لعباده ان يتأدبوا معه ومع رسوله بالخضوع والانقياد والطاعة والا يقدموا على ذلك شيئا وان يخضعوا بالقول عند رسوله وفيها الحث على التأني والتثبت والاصلاح بين المؤمنين بكل وسيلة والزجر عن السخرية وسوء الظن والغيبة والنميمة والحث على معرفة الانساب ومعرفة الاتصال بين الانسان وبين غيره وبيان حقيقة الايمان وشهود منة الله على العبد بتوفيقه للايمان قوله انهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم اي منعهم الترف من اداء الواجبات وكانوا يصرون على عظائم المنكرات فلذلك استحقوا هذه العقوبات يستدل بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون وما بعدها على ان من تكلم بالحق وعمل بخلافه انه ممقوت مذموم وان الحمد والعواقب الحميدة لمن توافق ظاهره وباطنه واقواله وافعاله قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم تدل على انه لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة ويستدل بقصة اصحاب الجنة وما عاقبهم الله به على التحذير من التشبه بهم والترغيب في الاحسان عند الحصاد والجذاذ على الفقراء والمساكين قوله فذكر ان نفعت الذكرى مفهوم الاية انه اذا ترتب على التذكير مضرة ارجح ترك التذكير خوف وقوع المنكر قوله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره والايات الشبيهة بها فيها الحث على فعل الخير وان قل والتحذير من قليل الشر وكثيره قوله تعالى قل هو الله احد قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس الى اخر السور الثلاث صدر كلا منها بالامر بقول ما تضمنته كل سورة ففي قل هو الله احد امر بقول التوحيد وكل ما دل على الثناء على الله ووصفه بصفات الكمال وتنزيهه عن ضدها وفي السورتين الاخيرتين امر باللجأ اليه من جميع الشرور الداخلية والخارجية والظاهرة والباطنة والله اعلم وقد ذكر الله القرعة في موضعين حين تنازعوا في مريم ايهم يكفلها وحين تساهم يونس ومن معه ايهم يلقى في اليم فيدل على استعمال القرعة عند ابهام المستحق وعند التزاحم في الحق اذا لم يكن لاحدهما مزية ترجيح ولا تمكن المشاركة واما قرعة الميسر والرهان ففي غير ذلك من مواضع الخطر مثل ان يعرف ان الشيء مشترك بينهما فيريدان ان يقترعا عليه فهذا الذي لا يحل لانه ميسر ظاهر قوله تعالى ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ولم يقل في موضع واحد انه يخبر او يعلم ما يعلم خلافه برهان على انه صلى الله عليه وسلم لا يأتي بما تحيله العقول ولا بامر يعلم يقينا نقيضه وهذا احد براهين الرسالة قوله والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة حجتهم داحضة عند ربهم الاية فيها اكبر برهان على ان من امن بالله ورسوله ايمانا تاما وعلم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم قطعا تيقن ثبوت جميع ما اخبر به وعلم ان ما عارض ذلك فهو باطل وانه ليس بعد الحق الا الضلال فهذا الايمان التام والعلم القطعي الاجمالي يدفع كل باطل ناقضه فان اهتدى بعد ذلك لتفصيل رد الشبه الباطلة والا كفاه هذا الاصل وقد اخبر في عدة ايات ان الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين وذلك يفيد ان كلامه فيه الهدى التام وانه يستحيل ان يريد بكلامه غير ما يفهمه الناس ويتبادر الى اذهانهم منه ويمتنع ان يريد به الاحتمالات البعيدة لان هذا ينافي ما وصفه الله به فانه اعلم الخلق وانصحهم وافصحهم فمن قدح في شيء من بيانه فهو قادح به اذ هذا يوجب ان يكون بيانه للحق اكمل من بيان كل احد قوله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل فيها ان جميع المسائل الاصولية والفروعية قد قالها الله وبينها بالادلة والبراهين فقوله الحق بيانه للمسائل وهدايته السبيل ارشاده للدلائل قوله تعالى وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه فيه اصلح الدلالة على ان جميع مسائل الاختلاف بين الناس قل ان الهدى هدى الله ونحوها من الايات تدل على ان من طلب الهدى والرشد من غير الكتاب والسنة ضل لان الهدى محصور في هدى الله الذي ارسل به رسوله صلى الله عليه وسلم