المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثاني والسبعون عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فقال ان الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه قد اخبر الله تعالى ان النار مثوى المتكبرين وفي هذا الحديث انه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فدل على ان الكبر موجب لدخول النار ومانع من دخول الجنة وبهذا التفسير الجامع الذي ذكره النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتضح هذا المعنى غاية الاتضاح فانه جعل الكبر نوعين كبر على الحق وهو رده وعدم قبوله فكل من رد الحق فانه مستكبر عنه بحسب ما رد من الحق وذلك انه فرض على العباد ان يخضعوا للحق الذي ارسل الله به رسله وانزل به كتبه المتكبرون عن الانقياد للرسل بالكلية كفار مخلدون في النار فانه جاءهم الحق على ايدي الرسل مؤيدا بالايات والبراهين فقام الكبر في قلوبهم مانعا فردوه قال تعالى ان الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم ان في صدورهم ان في صدورهن الا كبر ما هم ببالغين واما المتكبرون عن الانقياد لبعض الحق الذي يخالف رأيهم وهواهم فهم وان لم يكونوا كفارا فان معهم من موجبات العقاب بحسب ما معهم من كبر وما تأثروا به من الامتناع عن قبول الحق الذي تبين لهم بعد مجيء الشرع به ولهذا اجمع العلماء ان من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يحل له ان يعدل عنها لقول احد كائنا من الناس من كان فيجب على طالب العلم ان يعزم عزما جازما على تقديم قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم على قول كل احد وان يكون اصله الذي يرجع اليه واساسه الذي يبني عليه الاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم والاجتهاد في معرفة مراده واتباعه في ذلك ظاهرا وباطنا فمتى وفق في هذا الامر الجليل فقد وفق للخير وصار خطأه معفوا عنه لان قصده العامة اتباع الشرع فالخطأ معذور فيه اذا فعل مستطاعه من الاستدلال والاجتهاد في معرفة الحق وهذا هو المتواضع للحق واما الكبر على الخلق وهو النوع الثاني فهو غمطهم واحتقارهم وذلك ناشئ عن عجب الانسان بنفسه وتعاظمه عليهم فالعجب بالنفس يحمل على التكبر على الخلق واحتقارهم والاستهزاء بهم وتنقيصهم بقوله وفعله وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم ولما قال هذا الرجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا وخشي ان يكون هذا من الكبر الذي جاء فيه الوعيد بين له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان هذا ليس من الكبر اذا كان صاحبه منقادا للحق متواضعا للخلق وانه من الجمال الذي يحبه الله فانه تعالى جميل في ذاته واسمائه وصفاته وافعاله يحب الجمال الظاهري والجمال الباطني فالجمال الظاهر كالنظافة في الجسد والملبس والمسكن وتوابع ذلك والجمال الباطن التجمل بمعالي الاخلاق واحاسنها ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اللهم اهدني لاحسن الاعمال والاخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت واصرف عني سيء الاعمال والاخلاق لا يصرف عني سيئها الا انت والله اعلم