بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولوالديه من مشايخه ولجميع المسلمين. امين. عقد الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتاب رياض الصالحين. في باب في باب تواضعي وخفض الجناح للمؤمنين. عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيا الا رعى الغنم قال اصحابه وانت؟ فقال نعم. كنت ارعاها على قراريط لاهل مكة. رواه البخاري. عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو دعيت الى قراع او ذراع لاجبت. ولو اهدي الي ذراع او قراع لقبلت. رواه البخاري بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما بعث الله تعالى نبيا الا رعى الغنم قول ما بعث الله نبيا اي ما ارسل نبيا والنبي هو من اوحي اليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه. واما الرسول فهو الذي اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه. والنبي صلى الله عليه وسلم جمع بين النبوة والرسالة. وجميع الانبياء الذين ذكرهم الله عز وجل في القرآن كلهم رسل قال ما بعث الله تعالى نبيا الا رعى الغنم. وانما اختير الغنم لما فيها من السكينة والطمأنينة فيعتاد صاحبها اعني الراعي لها يعتاد السكينة والطمأنينة وسياسة الناس لانه اذا رعى هذه الغنم وساسها يكون هذا توطئة وتمهيدا لما هو بصدده من المهمة والرسالة. قالوا انت يا رسول الله؟ قال وانا اي انه رعى الغنم. قال كنت ارعاها على قراريط لاهل مكة. والقراريط جمع قرار وهو جزء من اجزاء الدرهم والدينار. ففي هذا الحديث فوائد منها اولا حكمة الله تعالى في ارسال الرسل والانبياء وذلك للدعوة الى الله تعالى والتوحيد. وجميع الرسل الذين ارسلهم الله عز من اولهم الى اخرهم دعوتهم واحدة وهي الدعوة الى توحيد الله تعالى وطاعته قال الله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وقال عز وجل وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. ومنها ايضا تواضع النبي صلى الله عليه وسلم برعيه الغنم ومنها ايضا حكمة الله تعالى في اختيار الغنم للرسل لاجل ان يرعوها. وذلك لاجل ان يعتادوا الصبر فان رعي الغنم يحتاج الى صبر. لان الراعي يخرج من اول النهار ولا يرجع الا في اخره. ويحتاج ايضا الى حلم واناة ويحتاج الى تواضع ورحمة وشفقة. لان البهائم منها الضعيف ومنها القوي ومنها ما يحتاج الى اه ان يعتنى به من جهة الرعي. فكل هذا مما يكسب الانسان من هذه الاخلاق الجميلة والاداب العالية. اما الحديث الثاني وهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو دعيت اي لو دعاني احد الى قراع او ذراع. الكراع هو ما دون الركبة من الساق وهو قليل اللحم. فهو ما يكون دون الركبة يعني اسفل الركبة من الساق وهو بالنسبة للغنم يكون قليلا من جهة اللحم. وقيل ان المراد بالكراع الموضع المعروف وهو قراع الغميم ان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم دليل على سرعة مبادرته واستجابته لهذه الدعوة. ولكن الاول اظهر وان المراد بالكراع يعني ما تحت الركبة من جهة الساق بالنسبة للغنم. او ذراع يعني او ذراع الغنم وهو معروف. لا لاجبت يعني لاجبت الدعوة ولو اهدي الي كراع او ذراع لقبلت. فهذا الحديث يدل على فوائد منها تواضع النبي صلى الله عليه وسلم. وانه اذا دعي الى قراع او ذراع لاجاب. وانما قال ذراع ليجمع بين القلة والكثرة. فالقراع قليل من جهة اللحم. والذراع كثير من جهة اللحم. اي انه لو دعي الى وليمة كبيرة او صغيرة لاجاب الدعوة عليه الصلاة والسلام. وفي هذا الحديث ايضا دليل على مشروعية قبول الهدية وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم انه يقبل الهدية ويثيب عليها. لان الهدية تجذب المحبة وتجذب المودة. وليست الهدية في قيمتها. وانما الهدية في معناها فلا تعتبر الهدية فيما تكون فيه من قيمة او ما تكون فيه من الذات والثمن وانما المعتبر فيها المعنى ان الانسان قد يهدي لك شيئا قليلا وهذا الاهداء يكون تعبيرا منه عن محبته لك واحترامه لك فكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام انه كان يقبل الهدية ويثيب عليها اي انه يهدي المهدي او يعطي مثلما اهدى او اكثر. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم من صنع اليكم معروفا فكافئوه. فان لم تجدوا ما تكافؤنا فادعوا له حتى تروا انكم قد كافأتموه. فالانسان اذا صنع اليك معروفا او اهدى اليك هدية فان المشروع ان تقابله بمثل ذلك. اولا لان هذا من الجزاء وهل جزاء الاحسان الا الاحسان وثانيا ايضا لاجل ان يقطع الانسان ما قد يكون من المنة لانه ربما ان هذا المهدي يمن عليك في المستقبل ويقول قد اهدلت اليك وقد فعلت وقد فعلت. فاذا رددت عليه هذا المعروف وهذه الهدية تكون وحينئذ قد دفعت عن نفسك المنة والمذمة والملامة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله الله على نبينا محمد