بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد. وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين. اما بعد قال رحمه الله تعالى في باب تحريم الكبر والاعجاب. وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل يا رسول الله ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس. قول النبي عليه الصلاة والسلام في اول الحديث لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر دخول الجنة على نوعين. النوع الاول دخول مطلق لم يسبق بعذاب. وهذا انما يكون اهل الايمان الخلص الذين لم تحصل منهم مخالفة بترك واجب او فعل محرم. والنوع الثاني مطلق دخول بمعنى انه يعذب بقدر ذنبه ان لم يعفو الله عز وجل عنه ويطهر ثم يكون مآله الى الجنة فان شاء الله تعالى غفر له وان شاء عذبه بقدر ذنبه ثم كان مآله الى الجنة هذا هو معتقد اهل السنة والجماعة في اهل المعاصي التي دون الشرك ان اهل المعاصي من الكبائر وما تحت مشيئة الله عز وجل وارادته. فان شاء عذبهم بقدر ذنوبهم ثم ادخلهم الجنة. وان شاء سبحانه وتعالى عفا عنهم. ولهذا قال الاستغفارين رحمه الله في منظومته ومن يمت ولم يتب من الخلق فامره مفوض لذي العطاء. فان يشأ يعفو وان شاء انتقم وان يشاء اعطى واجزل النعم عليه الصلاة والسلام من كان في قلبه مثقال ذرة. اي زنة نملة من الكبر. وفي قوله من كان في قلبه مثل مثقال ذرة من كبر الكبر الذي يكون في القلب لا يخلو من حالين. الحال الاولى ان يكون كبرا عن الحق واستكبارا عن عبادة الله تعالى. فصاحبه كافر مخلد في نار جهنم. قال الله الله عز وجل ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم. وحبوط العمل لا يكون الا عمل كفري قال الله عز وجل ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. والثاني النوع الثاني من الكبر كبر على الخلق بان يتكبر على عباد الله عز وجل فهذا معصية وذنب عظيم يعذبه الله عز وجل بقدر ذنبه ان لم يعفو سبحانه وتعالى عنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال رجل من المسلمين يا رسول الله ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. وانما قال ذلك لان من عادة اهل الكبر واهل الفخر ان تكون ثيابهم حسنات وان يلبسوا فاخر الثياب واحسن الثياب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله جميل يحب الجمال ان الله جميل فهو سبحانه وتعالى جميل في ذاته. وجميل في اسمائه وجميل في صفاته. وجميل وفي افعاله وفي كل ما يصدر منه عز وجل. فكل ما يصدر منه فهو دائر بين العدل الاحسان اي بين العدل والفضل يحب الجمال اي انه سبحانه وتعالى يحب من عباده التجمل. والتجمل نوعان تجمل حسي وذلك بان يتجمل الانسان في بدنه وفي ثيابه. وفي نعله وفي سائر شؤونه لان تجمل الانسان سبب لجذب القلوب ومحبة الناس له. والنوع الثاني تجمل معنوي قوي وذلك بان يتحلى ويتجمل بالاخلاق الحسنة والاخلاق الفاضلة. ثم قال عليه الصلاة والسلام الكبر بطر الحق وغمط الناس. الكبر بطر الحق اي دفعه ورده وعدم قبوله. هذا هو وغمط الناس اي احتقارهم وازدراؤهم. فهذا الحديث فيه فوائد ومسائل منها اولا وانه من كبائر الذنوب لان النبي صلى الله عليه وسلم رتب عليه عقوبة خاصة وهي انه لا يدخل الجنة وكل ذنب رتب الشارع عليه عقوبة خاصة فانه من الكبائر وفي هذا الحديث ايضا دليل على اثبات اسم الجميل لله عز وجل. وما تضمنه من صفة بقوله ان الله جميل يحب الجمال وفيه ايضا ان الله عز وجل يحب من عباده ان يتجملوا بالثياب بان تكون ثيابهم حسنة ونعلهم حسنة وهذا داخل في التحدث بنعم الله تعالى. وقد قال الله عز وجل واما بنعمة ربك فحدث والتحدث بنعم الله يكون بالقلب بان تعتقد ان هذه النعمة من الله عز وجل هو الذي من بها عليك واسداها اليك ويكون باللسان وذلك بالثناء على الله ويكون بالفعل والجوارح بان تري الله تعالى اثر هذه النعمة عليك اذا انعم الله عز وجل عليك بنعمة المال فار الله اثر هذه النعمة وذلك بان تتنعم بنعم الله وبما اباح الله لك. وان تبذل ما لك فيما يقرب الى الله. وان تنفق على اولادك. وان تصدق في وجوه الخير الى غير ذلك. وفيه ايضا دليل على تحريم هاتين الخصلتين وهما بطر الحق وغمط اي ان الانسان يرد الحق ولا يقبل الحق. فالحق يجب قبوله من اي كائن كان كل من جاء بالحق فانه يجب ان يقبل منه. ولهذا قال الله عز وجل عن المشركين واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباء انا والله امرنا بها. قال الله عز وجل قل ان الله لا يأمر بالفحشاء. فهؤلاء ذكروا امرين. الامر الاول انهم وجدوا اباءهم على ذلك. والامر الثاني ان الله عز وجل امرهم بها. فاقرهم الله عز وجل على الامر وهو انه وجدوا اباءهم على ذلك وانكر عليهم نسبة امر الفاحشة الى الله تعالى. فقال قل الله لا يأمر بالفحشاء. فالكبر واحتقار الناس وازدراؤهم من الامور المحرمة بل هي من كبائر الذنوب وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد