بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد. وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم يوم الدين. اما بعد قال رحمه الله تعالى في باب تحريم الكبر والاعجاب. وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجت الجنة والنار اي تخاصمت وهذا من الامور الغيبية التي يجب الايمان بها كما جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت في الجبارون والمتكبرون. الجبارون جمع جبار والجبار من يقهر غيره ويغلب غيره. والمتكبرون جمع متكبر. وهو المترفع المتعالي. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فيما سبق الكبر بانه بطر الحق وغمط الناس. وقالت الجنة في الضعفاء والمساكين. الضعفاء جمع ضعيف. وهو المتطامن المتذلل لله عز وجل ولعباده والمساكين جمع مسكين وهو من لا يجد شيئا اي معدما او يجد دون نصف كفايتها. فقال الله عز لكليكما ملؤها. يعني علي لكليكما ملؤها. يعني انه تكفل وتعهد سبحانه وتعالى ان يملأ الجنة والنار. ولهذا قال الله تعالى يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد؟ فيضع رب العزة والجلال يضع قدمه في النار فينزوي بعضها على بعض اي يجتمع بعضها على بعض حتى تكون قط اي يكفي. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها اولا اثبات الجنة والنار ومنها ايضا ان الجنة رحمة من الله عز وجل. ولهذا قال في الجنة انت رحمتي ارحم بك من ومعنى قوله ومعنى قول الله عز وجل انت رحمتي اي ان الجنة نشأت وخلقت من رحمة الله عز وجل. وليس المراد انها رحمة الله التي هي صفته. لان صفته قائمة بذاته سبحانه وتعالى ومنها ايضا ان الله عز وجل خلق النار للجبارين والمتكبرين ممن تقتضي حكمته ان يدخلوها. وفيه ايضا دليل على ذم الكبر والاعجاب. وانه سبب من اسباب دخول النار. ومنها ايضا ان غالب اهل الجنة هم الضعفاء والمساكين. وذلك بان الضعفاء ينقادون للحق ويتذللون له بخلاف المتكبرين والمتغطرسين. ثم قال المؤلف رحمه الله عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا ينظر الله الى من جر ازاره بطرا لا ينظر الله اي نظر رأفة ورحمة وعناية. وذلك لان نظر الله عز وجل نوعان نظر عام وهذا شامل لجميع الخلق. يقتضي الاحاطة بجميع الخلق. لان الله عز عز وجل لا تخفى عليه خافية. والنوع الثاني من النظر نظر خاص وهو نظر الرحمة. والرأفة والعناية وهذا قد يحرم منه بعض العباد بسبب اتصافه بصفة من الصفات. ومن ذلك ما جاء في هذا الحديث من جر ازاره والازار ما يلبس اسفل البدن. وفي رواية من جر ثوبه. وهذا يشمل كل ما يلبس من جر ثوبه بطرا اي خيلاء اي تكبرا وترفعا والخيلاء هي ان يرى الانسان نفسه منزلة فوق منزلته التي قدره الله عز وجل له. لم ينظر الله له يوم القيامة. ففي هذا الحديث فوائد منها اولا اثبات النظر لله تعالى. لان نفي النظر عمن اتصف بهذه الصفة يدل على ثبوته من حيث الاصل ومنها ايضا من فوائده تحريم جر الثوب او الازار خيلاء. وان عقوبة كذلك ان الله عز وجل لا ينظر له يوم القيامة. والمراد لا ينظر له نظر رحمة ورأفة كما تقدم ومنها ايضا ان جر الازار والثوب من كبائر الذنوب. ومن فوائده ان من جر ثوبه اي نزل فله غير خيلاء فانه لا يستحق هذا الوصف. اي ان الله عز وجل لا ينظر اليه يوم القيامة. لان تعليق الحكم بوصف يدل على ثبوت الحكم عند اتصافه بالوصف. وعلى انتفائه عند انتفائه منه. ولكن ما عقوبته؟ الجواب ان عقوبته قد جاءت في الحديث الاخر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اسفل من الكعبين ففي النار فاذا قال قائل الا يمكن ان نحمل قول النبي عليه الصلاة والسلام ما اسفل من الكعبين ففي النار على ان ذلك في انجر ثوبه خيلاء فالجواب ان ذلك لا يمكن بوجهين. الوجه الاول انه قد جاء في الامام مالك وروى اهل السنن ايضا من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اجرة المسلم الى نصف الساق ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين وما اسفل من الكعبين ففي النار ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة فجمع بينهما واثبت حكما لكليهما. والوجه الثاني ان حكمين مختلفان ان الحكمين مختلفان والعقوبتان مختلفتان. فعقوبة من جر ثوبه خيلاء ان الله لا ينظر اليه يوم القيامة. وعقوبة من نزل ثوبه عن الكعبين ان ما نزل في النار. وقد قال العلماء في اصول الفقه انه اذا اختلف السبب والحكم في الدليلين لم يحمل احدهما على الاخر. فعقوبة من جر ثوبه خيلاء ان الله تعالى لا ينظر اليه وعقوبة من نزله عن الكعبين من غير خيلاء اي ان ما اسفل من الكعبين ففي النار. وفي هذه الاحاديث دليل على تحريم الكبر والاعجاب. وانها من كبائر الذنوب بان الله عز وجل رتب عليها عقوبة خاصة وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد