واتبعا والاصل ان الاسانيد للاحاديث اما الاثار فنحن نحتاج ان ننظر نظرتين النظرة الاولى ان الاثر لا يخالف نصا ولا يصادم نصا الامر الثاني انه يكون مشهورا متداولا ينقله العلماء بعضهم على بعض بدون نكير. نعم كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم الى قوله واشد تثبيتا. وبالجملة فهذه القصة مشهورة متداولة بين السلف والخلف تداولا يغني عن الاسناد ولهط ولها طرق كثيرة ولا يضرها ضعف اسنادها. وهذه الطريقة هي الصحيحة في التعامل مع الاثار يا رب العالمين قال الشيخ العلامة سليمان ابن ابن عبدالله ابن محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب تيسير العزيز الحميد باب قول الله تعالى قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت الايات. لما كان التوحيد الذي هو معنى شهادة ان لا اله الا الله ولم يقل فيهم يزعمون فان هذا انما يقال غالبا لمن ادعى دعوى هو فيها كاذب. او منزل منزلة الكاذب لمخالفته بها وعمله بما ينافيها. هذه مسألة مهمة كلمة زعم ويزعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فنبدأ حيث كنا وقد وقفنا على باب قول الله تعالى الم تر للذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك الاية ونسأل الله عز وجل ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح الباب الثامن والثلاثون. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه وللمسلمين والمسلمات على الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم مستلزما له وذلك هو الشهادتان. ولهذا جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ركنا واحدا في قوله بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا وهذه اشتقاقاتها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ترد على هذين المعنيين على معنى الكاذب وعلى معنى من ينزل منزلة الكاذب نعم. قال ابن كثير رحمه الله نبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع. اذ هذا هو مقتضى شهادة ان لا اله الا الله ولازمها الذي لابد منه لكل مؤمن. فان من عرف فان من عرف ان ان لا اله الا الله فلا بد من الانقياد حكم الله والتسليم لامره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. فمن شهد ان لا اله الا الله ثم عدل الى تحكيم غير الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فقد كذب في شهادته. هذا تنبيه لطيف من الشيخ رحمه الله لماذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الركن الاول من اركان الاسلام مركبا من الشهادتين شهادة التوحيد وشهادة الرسالة لان احدهما لا يتم الا بالاخر ولو قال قائل اشهد ان لا اله الا الله طيب من هو هذا الله الذي انت تشهد انه لا اله الا هو. من اين عرفت اسمائه وصفاته من اين عرفت اسماؤه وصفاته ما لم تؤمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم كيف تتقرب الى هذا المعبود بحق الذي اقررت بانه المعبود بحق ما لم تقر بالنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة اذا لا يمكن للانسان ان يتم له ان تتم له الشهادة بالتوحيد الا بالشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة كما هو الشأن في الانبياء السابقين كما هو الشأن في الانبياء السابقين. نعم قال وان شئت قلت لما كان التوحيد مبنيا على الشهادتين اذ لا تنفك احداهما عن الاخرى لتلازمهما وكان ما تقدم من هذا الكتاب في معنى شهادة ان لا اله الله التي تتضمن حق الله على عباده نبه في هذا الباب على معنى شهادة ان محمدا رسول الله التي تتضمن حق الرسول صلى الله عليه وسلم فانها تتضمن انه عبد لا يعبد ورسول صادق لا يكذب بل يطاع ويتبع لانه المبلغ عن الله تعالى فله عليه الصلاة والسلام منصب الرسالة والتبليغ عن الله والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. اذ هو لا يحكم الا بحكم الله ومحبته على النفس والاهل والمال والوطن. وليس له من الالهية شيء بل هو عبد الله ورسوله كما قال تعالى اعبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا. وقال صلى الله عليه وسلم انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله من هنا تدركون كيف ان الصحابة حققوا معنى شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث لما امرهم بمفارقة الوطن والهجرة الى الحبشة اولا وثانيا ثم الهجرة الى المدينة ما توانوا ما توانوا فوحسرتاه على اناس يدعون الاسلام ثم اذا صار آآ شيء يخالف اهواءهم اتبعوا اهوائهم وتركوا ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم. نعم. قال ومن لوازم ذلك متابعته وتحكيمه في موارد النزاع وترك التحاكم الى غيره كالمنافقين الذين الايمان به ويتحاكمون الى غيره. وبهذا يتحقق العبد بكمال التوحيد وكمال المتابعة وذلك هو كمال سعادته وهو معنى الشهادتين. اذا تبين هذا فمعنى الاية المترجم لها ان الله تبارك وتعالى انكر على من يدعي الايمان ما انزل الله على رسوله وعلى الانبياء قبله وهو مع ذلك يريد ان يتحاكم في فصل الخصومات الى غير كتاب الله وسنة رسوله. كما ذكر المصنف في سبب بنزولها. قال ابن القيم رحمه الله تعالى والطاغوت كل ما تعدى به حده من الطغيان وهو مجاوزة الحد فكل ما تحاكم اليه متنازعان غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو طاغوت. اذ قد تعدى به حده. ومن ومنها هذا كل من عبد شيئا دون الله فانما عبد الطاغوت. وجاوز بمعبوده حده فاعطاه العبادة التي لا تنبغي له. كما ان من دعا الى تحكيم غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد دعا الى تحكيم الطاغوت. وتأمل تصديره سبحانه الاية منكرا لهذا تيمي على من زعم انه قد امن بما انزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى من قبله ثم هو مع ذلك يدعو الى تحكيم غير الله كما يقوله بعض الناس ليت هذا لم يرد ليت هذا لم يأتي الامر الثاني يحذر من قول بعض الناس ليت هذا ورد هكذا وهذا انه مثل الاول الواجب على المسلم الانقياد ورسوله صلى الله عليه وسلم ويتحاكم اليه عند النزاع وفي ضمن قوله يزعمون نفي لما زعموه من الايمان ولهذا لم يقل لم تر الى الذين امنوا فانهم لو كانوا من اهل الايمان حقيقة لم يريدوا ان يتحاكموا الى غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بلغة اهل الحجاز ربما تأتي كلمة زعم بمعنى اخطأ كما تأتي كلمة كذبة بمعنى اخطأ نعم قال رحمه الله تعالى قال ابن كثير رحمه الله والاية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم الى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت ها هنا وقوله تعالى وقد امروا ان يكفروا به اي بالطاغوت وهو دليل على ان التحاكم الى الطاغوت مناف للايمان مضاد له. فلا يصح والايمان الا بالكفر به وترك التحاكم اليه. فمن لم فمن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله. هل هذه المنافاة من كل وجه او يكون المقصود منافاة الايمان يعني الواجب انتبهوا لهذه المسألة وقد امروا ان يكفروا بهي بالطاغوت وهو دليل على ان التحاكم الى الطاغوت مناف للايمان التحاكم الى الطاغوت مع الرضا به هذا مناف للايمان اصلا التحاكم للطاغوت مع الرضا به هذا مناف ل ها الايمان اصلا ولكن لو دعي انسان الى التحاكم الى الطاغوت اضطرارا مثلا او كرها او عن غير رضا هونة شهوة شبهة فهذا لا يدخل في هذا الباب لا يدخل في هذا الباب ساضرب لكم مثلا واحدا وتأملوها وارجو اني اذا كنت مخطئ ان تراجعوني فيها في صلح الحديبية ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما اراد المشركون ان يصدوه عن البيت الحرام صدهم المسلمين عن البيت الحرام هل هو موافق للشرع قطعا لا ومع هذا قال والله لا يدعوني اليوم الى شيء فيه تعظيم البيت الا اجبتم اليه لا يدعوني من هؤلاء المشركون لا يظن ظان ان هذا التحاكم الى الشرك هذا جهل مركب الذي يظن هذا الظن كون المشرك اذا دعا الى ما فيه تعظيم البيت هذا مو معناه التحاكم للطاغوت لابد ان نكون فقهاء نفهم معنى المراد الكافر قد يدعوك الى ما هو خير ما يجوز ان تنكره لهذا ينبغي ان نفهم هذه هذه المسائل اذا التحاكم الى الطاغوت بمعنى الرضا به هذا مناف للايمان اي لاصله واما التحاكم الى الطاغوت مع عدم الرضا به وانما كرها او جهلا فهذا حكمه حكم المسائل الفقهية الاخرى يقال فيه اخطأ واصاب او تحاكم الى الطاغوت هوى شبهة وشهوة فهذا يكون مناف للايمان الواجب ارجو ان يكون التفصيل واضح نعم احسن الله اليكم وقوله ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا. اي لان ارادة التحاكم الى غير كتاب الله وسنة وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعة الشيطان. وهو انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. وفي الاية دليل على ان ترك التحاكم الى الطاغوت الذي هو ما سوى الكتاب والسنة من الفرائض. وان المتحاكم اليه غير مؤمن بل ولا مسلم وقوله تعالى واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين حين يصدون عنك صدودا. اي اذا دعوا الى التحاكم الى ما انزل الله والى الرسول اعرضوا اعراضا كما قال تعالى واذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون قال ابن القيم رحمه الله هذا دليل على ان من دعي الى تحكيم الكتاب والسنة فلم يقبل وابى ذلك انه من المنافقين يصدون هنا لازم لا متعد هو بمعنى يعرضون. لا بمعنى يمنعون غيرهم. ولهذا اتى مصدره على صدود ومصدر المتعدي صدا. اذا لاحظ الان صد يصد صدا يعني منع غيره وصد يصد صدودا يعني هو امتنع هذه فائدة التصريف صد يصد صدودا يعني هو امتنع وصد يصد صدا يعني منع غيره. نعم. قال فاذا كان المعرض عن ذلك قد حكم الله سبحانه بنفاقهم. فكيف بمن ازداد الى اعراضه منع الناس من تحكيم الكتاب والسنة والتحاكم اليهما بقوله وعمله وتصانيفه ثم يزعم مع ذلك انه انما اراد الاحسان التوفيق الاحسان في فعله ذلك والتوفيق بين الطاغوت الذي حكمه وبين الكتاب والسنة. قلت وهذا حال كثير ممن يدعي العلم والايمان في هذه الازمان اذا قيل لهم تعالوا نتحاكم الى ما انزل الله والى الرسول رأيتهم يصدون وهم مستكبرون ويعتذرون انهم لا يعرفون ذلك ولا يعقلون بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون وقوله تعالى فكيف اذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم قال ابن كثير رحمه الله اي فكيف بهم اذا اصابتهم المقادير اليك في المصائب بسبب ذنوبهم. واحتاجوا اليك في ذلك. وقال ابن القيم رحمه الله قيل المصيبة اذا انزل القرآن بحالهم ولا ولا ريب ان هذا اعظم المصيبة والاضطرار هذا اعظم المصيبة والاضرار. فالمصائب التي تصيبهم بما قدمت ايديهم في ابدانهم وقلوبهم واديانهم بسبب مخالفة الرسول عليه الصلاة والسلام اعظمها مصائب القلب والدين فيرى المعروف منكرا والهدى ضلالا والرشاد غيا والحق باطلا والصلاح فسادا وهذا من طيبة التي اصيب بها في قلبه وهو الطبع الذي اوجبه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيم غيره. قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى في قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة. قال هي ان يطبع على قلوبهم لهذا ترى المغرظين عن السنة بحس يحس حينما تخاطبهم او تكلمهم او تقول لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا بك تجد عندهم صدودا عجيبا عن هذه السنن ما ذاك الا لطبع القلوب التي حصل لهم بسبب الاعراض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام والا فالانسان يفكر مع نفسه تفكيرا كما يقال تجريد للذات لو كان النبي صلى الله عليه وسلم حي ويقول لك كذا وكذا هل كنت ستقول صبرا يا رسول الله حتى انظر ما الذي يقوله الفلاسفة والعقلاء والمفكرون والسياسيون ما الفرق بين ان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبك بهذا الخطاب؟ وبينما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام نعم احسن الله اليكم وقوله تعالى وتوفيقا. قال ابن كثير رحمه الله اي يعتذرون ويحلفون ان اردنا بذهابنا الى غيرك الا الاحسان والتوفيق. اي المداراة والمصانعة. وقال غيره الا احسانا اي لاى اساءة وتوفيقا اي بين الخصمين. ولم نرد مخالفة ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك. قلت فاذا كان هذا حال المنافقين يعتذرون عن امرهم. ويلبسونه لان لا يظن ان ويلبسونه لان لا يظن انهم قصدوا المخالفة لحكم النبي صلى الله عليه وسلم او التسخط له. فكيف بمن يصرح بما كان المنافقون يضمرونه حتى يزعم انه من حكم انه من حكم من حكم احسن الله اليكم. حتى يزعم انه من حكم الكتاب والسنة في موارد النزاع فهو اما كافر واما مبتدع ضال. وفعل المنافقين الذي ذكره الله عنهم في هذه الاية هو بعينه الذي يفعله المحرفون للكلم عن مواضعه. الذين يقولون انما قصدنا التوفيق بين القواطع العقلية بزعمهم التي هي الفلسفة والكلام وبين الادلة النقلية ثم يجعلون الفلسفة التي هي سفاهة وضلالة الاصل ويردون بها على ما انزل الله على رسوله من الكتاب والحكمة زعموا ان ذلك يخالف الفلسفة التي يسمونها القواطع فتطلبوا له فتطلبوا له وجوه التأويلات البعيدة وحملوه على شواذ اللغة التي لا تكاد تعرف. هذا حاله كثير من المفكرين اليوم وكثير من المثقفين انهم اذا رأوا الايات والاحاديث فانهم يعملون عقولهم في تأويل الايات والاحاديث لتوافق فهومهم وافكارهم واراه وكان الواجب العكس الانقياد لظاهر النص من الكتاب والسنة وترك هذه التأويلات نسأل الله عز وجل ان يثبتنا واياكم على السنة. نعم قال رحمه الله تعالى وقوله تعالى قال ابن كثير رحمه الله الله اي هذا الضرب من الناس هم المنافقون والله عالم بما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك فانه لا تخفى عليه خافية فاكتف به يا محمد في فانه عالم ببواطنهم وظواهرهم. وقوله تعالى فاعرض عنهم وعظهم وقل لهم انفسهم قولا بليغا. قال ابن القيم رحمه الله امر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فيهم بثلاثة اشياء احدها عنهم اهانة لهم وتحقيرا لشأنهم وتصغيرا لامرهم. لا اعراض مشاركة واهمال. وبهذا يعلم انها غير منسوخة. الثاني قوله وعظهم وهو تخويفهم عقوبة الله وبأسه ونقمته ان اصروا على التحاكم الى غير رسوله صلى الله عليه وسلم وما انزل عليه. الثالث قوله وقل لهم في انفسهم قولا بليغا. اي يبلغ تأثيره الى قلوبهم ليس قولا لينا. لا يتأثر به المقول له. وهذه المادة تدل على بلوغ المراد بالقول فهو قول يبلغ به مراد قائله من الزجر والتخويف ويبلغ تأثيره الى نفس المقول له. ليس هو كالقول الذي امر على الاذن صفحا. وهذا القول البليغ يتضمن ثلاثة امور. احدها عظم معناه وتأثر النفوس به. الثاني الفاظه وجزالتها الثالث كيفية القائل في القائه الى المخاطب. فان القول كالسهم والقلب كالقوس الذي يدفعه وكالسيف والقلب كالساعد الذي يضرب به. وفي متعلق قوله في انفسهم قولان احدهما قولا بليغا اي قولا بليغا في انفسهم. وهذا حسن من جهة المعنى ضعيف من جهة الاعراب لان صفة الموصوف لا تعمل فيما قبلها. والقول الثاني انه متعلق بقل وفي المعنى على هذا قولان احدهما قل لهم في انفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم بل مسرا لهم في النصيء بل مسرا لهم النصيحة. والثاني ان معناه قل لهم في معنى انفسهم كما يقال قل لفلان في كيت وكيت اي في ذلك المعنى. قلت وهذا القول احسن. القول الثاني وجيه وهو ان من يرى منه اعراض عن السنة ان ينصح سرا لعل ذلك ادعى لتركه التكبر والاذعان والقبول للحق نعم ثم قال تعالى قال ابن كثير رحمه الله اي اني فرضت على من ارسلته اليهم. وقال ابن القيم رحمه الله وهذا تنبيه على جلالة منصب الرسالة وعظم شأنها وانه سبحانه لم يرسل رسله عليهم الصلاة الا ليطاعوا باذنه فتكون الطاعة لهم لا لغيرهم. لان طاعتهم طاعة مرسلهم. وفي ضمنه ان من كذب رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فقد كذب الرسل والمعنى انك واحد منهم تجب طاعتك وتتعين عليهم كما وجبت طاعة من قبلك من المرسلين. فان كانوا قد اطاعوهم كما زعموا وامنوا بهم فما لهم لا يطيعونك ويؤمنون بك. والاذن ها هنا هو الاذن الامري لا الكوني. اذ لو كان اذنا كونيا قدريا لما طاعتهم وفي ذكره نكتة وهي انه بنفس ارساله تتعين طاعته. وارساله نفسه اذن في طاعته. فلا تتوقف على نص اخر سوى الارسال يأمر يأمر فيه بالطاعة بل متى تحققت رسالته وجبت طاعته فرسالته نفسها متظمنة للاذن في الطاعة ويصح ان يكون الاذن وها هنا اذنا كونيا قدريا. ويكون المعنى ليطاع بتوفيق الله وهدايته. فستتضمن الاية الامرين الشرع والقدر. ويكون فيها دليل على ان احدا لا يطيع رسله الا بتوفيقه وارشاده وهدايته. وهذا حسن جدا. والمقصود ان الغاية من الرسل هي طاعتهم ومتابعتهم فاذا كانت الطاعة والمتابعة لغيرهم لم تحصل الفائدة المقصودة من ارسالهم وقوله ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. قال ابن القيم رحمه الله لما علم سبحانه ان المرسل اليهم لابد لهم من ظلم لانفسهم واتباع باهوائهم ارشدهم الى ما يدفع عنهم شر ذلك الظلم وموجبه وهو شيئان احدهما منهم وهو استغفارهم ربهم عز وجل. والثاني من غيرهم وهو استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم اذا جاؤوه وانقادوا له واعترفوا بظلمهم فمتى فعلوا ذلك؟ وجدوا الله توابا رحيما. يتوب عليهم اثر سيئاتهم ويقيهم شرها ويزيدهم مع ذلك رحمته وبره واحسانه. فان قلت فما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي صلى الله عليه عليه وسلم من هذه الاية وهل كلام بعض الناس في دعوى المجيء الى قبره صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده والاستشفاع به والاستدلال بهذه الاية على ذلك صحيح ام لا؟ قيل اما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الاية فالاستغفار. وان وان يتوب الى الله توبة نصوحا في كل زمان ومكان ولا يشترط في صحة التوبة المجيء الى قبره والاستغفار عنده بالاجماع. ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء في القرآن وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفر. اذا هنا عندنا امانان احدهما وجود النبي صلى الله عليه وسلم والاخر الاستغفار فاذا كنا في زمان ليس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كحالنا فيبقى عندنا الامان الاخر وهو الاستغفار. نعم واما المجيء الى قبره والاستغفار عنده والاستشفاع به والاستدلال بالاية على ذلك فهو استدلال على ما لا تدل عليه الاية على ما لا تدل الاية عليه بوجه من وجوه الدلالات لانه ليس في الاية الا المجيء اليه صلى الله عليه وسلم لا المجيء الى قبره. واستغفاره لهم لا استشفاعهم به بعد موته لكن المصيبة ان هؤلاء يعني لا سيما القبوريون منهم والطرقيون من غلاة المتصوفة يجعلون المجيء الى قبرك كالمجيء اليه ولا ادري من اين لهم هذا الكلام كيف يكون من ياتي الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم كمن جاء اليه معناته لازم يكون صحابي ويكون مهاجر الى النبي صلى الله عليه وسلم ويكون في عهده هذا كلام باطل لكن هذا لا يستقيم الا على زعم من يزعم ان النبي صلى الله عليه وسلم حي حاضر ناظر كما هو قول بعض المتصوفة اما على قول الله عز وجل انك ميت وانهم ميتون وعلى قوله وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل وعلى قوله افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم فلا يستقي من يقال ان المجيء الى قبره كالمجيء اليه صلى الله عليه وسلم والا يمكن لواحد ثاني ان يقول المجيء الى بيته في مكة مكان مولده كالمجيلة. المجيلة غارية كالمجيء اليه الغار مضاف الى النبي صلى الله عليه وسلم كما ان القبر مضاف الى النبي صلى الله عليه وسلم فهل يصح ان نقول المجيء الى غاري حراك المجيء اليه؟ المجيء الى غار ثور كالمجيء اليه هذا كلام لا يقبله عاقل نعم قال رحمه الله تعالى فعلم ان ذلك باطل يوضح ذلك ان الصحابة الذين هم اعلم الناس بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما فهموا هذا من الاية بل ولا فعلوه بعد موته صلى الله عليه وسلم فعلم ان ذلك بدعة واكثر ما استدل به من اجاز ذلك رواية العتبي عن اعرابي مجهول على ان القصة لا نعلم لها اسنادا. ومثل هذا لو كان حديثا او اثرا عن صحابي لم يجز الاحتجاج به ولم يلزمنا حكمه بصحته فكيف يجوز الاحتجاج في هذا بقصة لا تصح عن بدوي لا يعرف؟ ثم قال تعالى ومثل هذا قول بعضهم ان الرفاعي جاء الى القبر النبوي وان الرسول صلى الله عليه وسلم اخرج يده فسلم عليه يا سبحان الله شيء عجيب ومثل هذا قصة العتب هذا كلام يعني فاطمة رضي الله عنها ما جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي عند القبر ولا الصديق جاء الى القبر وقال يا رسول الله الناس ارتدوا ايش اسوي ولا عمر لما اراد الصحابة ان يركبوا البحر ولا عثمان حين اجتمع الناس عليه وارادوا قتله ولا علي رضي الله عنه حينما خالفه الخوارج وارادوا قتله نعم ثم قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا تجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. قال ابن القيم رحمه الله سبحانه باجل مقسم به وهو نفسه عز وجل على انه لا يثبت لهم الايمان ولا يكونون من اهله حتى يحكموا رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع في جميع ابواب الدين فان لفظة ما من صيغ العموم ولم يقتصر على هذا حتى ضم اليه انشراح صدورهم بحكمه بحيث لا يجدون في انفسهم حرجا وهو الضيق والحصر من حكمه بل يقبلون حكمه بالانشراح ويقابلونه بالقبول لا يأخذونه على اغماض ويشربونه على قذى فان هذا مناف للايمان بل لابد ان يكون اخذه بقبول ورضا وانشراح صدر. ومتى اراد العبد شاهدا فلينظر في حاله ويطالع قلبه عند ورود حكمه على خلاف هواه وغرضه او على خلاف ما قلد فيه اسلافه من المسائل الكبار وما دونها. بل الانسان على نفسه سيرة ولو القى معاذيره. فسبحان الله كم من حسادة في نفوس كثير من النصوص وبودهم ان لو لم ترد وكم من حرارة في اكبادهم منها وكم من شجن في في حلوقهم من موردها ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى فضم اليه قوله ويسلموا تسليما. فذكر الفعل مؤكدا له بالمصدر القائم مقام ذكره مرتين. وهو الخضوع والانقياد لما حكم به طوعا ورضا وتسليما لا قهرا او مصابرة. كما يسلم المغفور لمن قهره كرها بل تسليم عبد مطيع لمولاه لمولاه وسيده. الذي هو احب شيء اليه يعلم ان سعادته وفلاحه في تسليمه انتهى كلامه. ينبغي على العبد ان ينتبه ويحذر من امرين الاول يحذر من ان يكون في قلبه شيء على نص من الكتاب او السنة التام وانشراحة الصدر انشراحا الكاملة والعلم بان ما انزله الله واتم ما يكون واحسن ما يكون نعم وقد ورد في الصحيح ان سبب نزولها قصة الزبير لما اختصم هو والانصاري في سراج الحرة. ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فاذا كان سبب ونزولها مخاصمة في مسير ماء قضى به قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء فلم يرضه الانصاري فنفى تعالى عنه الايمان بذلك فما ظنك بمن لم يرضى صلى الله عليه وسلم واحكامه في اصول الدين وفروعه. بل اذا دعوا الى ذلك تولوا وهم معرضون ولم يكفيهم ذلك ولم يكفهم ذلك حتى صدوا الناس ولم يكفيهم ذلك حتى كفروا او بدعوا من اتبعه صلى الله عليه وسلم وحكمه في اصول الدين وفروعه. ورضي بحكمه في ذلك ولم يبغي عنه حيل وقوله تعالى ولو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم. المعنى والله اعلم اي لو اوجبنا عليهم مثل ما اوجبنا على بني اسرائيل من قتلهم وخروجهم من ديارهم حين استتيبوا من عبادة العجل ما فعلوه الا قليل منهم وهذا توبيخ لمن لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد الشجار. اي نحن لم نكتب عليهم ذلك بل ان انما اوجبنا عليهم في ما في وسعهم فما لهم لا يحكمونك ولا يرضون بحكمك. ثم قال تعالى وعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا. واذا لاتينهم من لدننا اجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما. قال ابن القيم رحمه الله واخبر تعالى انهم لو فعلوا ما به وهو امره ونهيه المقرون بوعده ووعيده لكان فعل امره وترك نهيه خيرا لهم في دينهم ودنياهم واشد تثبيتا لهم على الحق وتحقيقا لايمانهم وقوة لعزائمهم واراداتهم. وثباتا لقلوبهم عند جيوش الباطل وعند واردات الشبهات المضلة والشهوات المرضية فطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم هي سبب ثبات القلب وقوته وقوة عزائمه واراداته ونفاذ بصيرته وهذا دليل على ان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تثمر الهداية وثبات القلب عليها ومخالفته تثمر زيغ القلب واضطرابه وعدم ثباته ثم قال تعالى مستقيما فهذه اربعة انواع من الجزاء المرتب على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم احدها حصول الخيل المطلق بها الثاني التثبيت والقوة المتضمن للنصر والغلبة والثالث حصول الاجر العظيم لهم في الاخرة. والرابع هدايتهم الصراط المستقيم. وهذه الهداية هي بداية ثانية اوجبتها طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. فطاعته صلى الله عليه وسلم ثمرة الهداية السابقة عليها. فهي محفوفة بهدايتين اية قبلها وهي سبب الطاعة وهداية بعدها هي ثمرة لها. وهذا يدل على انتفاء هذه الامور الاربعة عند انتفاء طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن اولئك رفيقا. قال ابن القيم رحمه الله فاخبر سبحانه ان طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم توجب مرافقة المنعم عليهم وهم اهل سعادتي الكاملة وهم اربعة اصناف النبيون وهم وهو وهم افضلهم ثم الصديقون وهم بعدهم في الدرجة ثم الشهداء ثم الصالحون فهؤلاء هم المنعم عليهم النعمة التامة وهم السعداء الفائزون ولا فلاح لاحد الا بمرافقتهم والكون معهم ولا سبيل الى مرافقتهم الا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبيل اليها الا بمعرفة سنته وما جاء به فدل على ان من عدم العلم بسنته وما جاء به فليس له الا الى مرافقة هؤلاء سبيل. بل هو ممن يعض على يديه يوم القيامة ويقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. قلت لكم قلت ما لمن لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع الى مرافقة هؤلاء المنعم عليهم سبيل؟ وكيف يكون له سبيل الى ذلك عنده ان من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فهو اما زنديق او مبتدع. وانى له بطاعة الله ورسوله. وهذا اصل اعتقاده الذي بنى عليه دينه ومع ذلك يحسبون انهم مهتدون اذا حكموا غير الرسول صلى الله عليه وسلم ونبذوا حكمه وراء ظهورهم كانهم لا يعلمون. يعني يا ليت ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا لا يمكن لانسان لم يتخذ مع السنة سبيلا ان يكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة هذه المعية هذه المعية بقربك او ببعدك بقدر معية السنة عندك تكون معيتك للرسول صلى الله عليه وسلم نعم قال المصنف رحمه الله وقوله ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها. قال الشارح قال ابو بكر بن عياش في الاية ان الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم الى اهل الارض وهم في فساد فاصلحهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم. فمن دعا الى خلاف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو من المفسدين في الارض وقال ابن القيم رحمه الله قال اكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء الى غير طاعة الله بعد اصلاح الله اياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء الى طاعة الله فان عبادة غير الله والدعوة الى غيره والشرك به هو اعظم فساد في الارض. بل فساد الارض في الحقيقة انما هو بالشرك به ومخالفة امره فالشرك والدعوة الى غير الله واقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو اعظم الفساد في الارض ولا صلاح لها ولا لاهلها الا ان يكون الله وحده هو المعبود والدعوة له لا لغيره. والطاعة والاتباع لرسوله ليس الا وغيره انما تجب طاعته اذا امر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فاذا امر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة. ومن تدبر احوال الم وجد كل صلاح في الارض فسببه توحيد الله وعبادته. وطاعة رسوله وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط تسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة الى غير الله ورسوله انتهى كلامه. وبهذا يتبين وجه مطابقة الاية للترجمة لان من يدعو الى التحاكم الى غير ما انزل الله الى الرسول فقد اتى باعظم الفساد قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. قال البارح قال ابو العالية في الاية يعني لا تعصوا في الارض وكان فسادهم ذلك معصية الله. لان من عصى الله في الارض او امر بمعصية الله فقد افسد في الارض لان صلاح الارض بالطاعة قلت ومطابقة الاية للترجمة ظاهر. لان من دعا الى التحاكم الى غير ما انزل الله فقد اتى باعظم الفساد. وفي الاية دليل على وجوب اطراح الرأي اي مع السنة وان ادعى صاحبه انه مصلح وان دعوى الاصلاح ليس بعذر في ترك ما انزل الله. والحذر من العجب بالرأي. قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله افحكم الجاهلية يبغون الاية. قال السارح قال ابن كثير ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر الى ما سواه من الاراء والاهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان اهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات كما يحكم به التتار من السياسات المأخوذة عن جنكيز خان الذي وضع لهم كتابا مجموعة من احكام اقتبسها من شرائع شتى من شرائع اشتى من الملة الاسلامية وغيرها وفيها كثير من الاحكام اخذها عن مجرد نظره. فصار في فصار في بنيه شرعا. يقدمونه الحكم بالكتاب والسنة ومن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع الى حكم الله ورسوله. فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير. قال تعالى افحكم الجاهلية يبغون. اي يريدون. ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون ايها من اعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وامن وايقن وعلم انه تعالى احكم الحاكمين وارحم بعباده من الوالدة بولدها فانه العالم بكل شيء القادر على كل شيء العادل في كل شيء. قلت وفي الاية اشارة الى ان من ابتغى غير حكم الله ورسوله فقد ابتغى حكم اهلية كائنا ما كان. اه بالنسبة لكلام ابن كثير عن جنكيز خان الذي وضع الياسق وهو الكتاب الذي وضعه جنكيز خان آآ يعني ينبغي ان نفهم كيف جعله شرعة في ملته وبنيه لانه زعم ان هذا الكتاب هو الدين المنزل من الله وهذا مثل اليهود الذين غيروا دين الله ثم زعموا ان هذا المغير هو دين الله لهذا ايها الاخوة لابد دائما نفرق بين امرين بين من يغير الدين ويزعم ان هذا هو دين الله مثل المبتدعة وغيرهم هذا هذا يشبه الياسق اللي عمله جنكيز خان فاهل البدع عامتهم لهم نصيب من هذا القدر وبين من يتحاكم او يحكم بغير شرع الله ولا يقول ان هذا دين الله فهذا يبقى مع عموم اهل المعاصي فرق بين الامرين نعم قال المصنف رحمه الله تعالى عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. قال النووي حديث صحيح قويناه في كتاب الحجة باسناد صحيح. قال الشارح هذا الحديث رواه الشيخ ابو الفتح نصر ابراهيم المقدسي الشافعي في كتاب الحجة على تارك المحجة. باسناد صحيح كما قال المصنف عن النووي وهو كتاب يتضمن ذكر اصول الدين على قواعد اهل الحديث والسنة. ورواه الطبراني وابو بكر بن عاصم والحافظ وابو نعيم في الاربعين التي شرط في اولها ان تكون من صحاح الاخبار. وقال ابن رجب تصحيح هذا الحديث بعيد جدا من وجوه ذكرها وتعقبه بعضهم. قلت ومعناه صحيح قطعا وان لم يصح فاسناده واصله في القرآن كثير كقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الاية وقوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواءهم وغير ذلك من الايات فلا يضر عدم صحة اسناده قوله لا يؤمن احدكم اي لا يحصل له الايمان الواجب ولا يكون من اهله. قوله حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. قال بعضهم هواه الروايات علقه اولا ثم ذكر اسناده. وفي بعضها ساق اسناده اولا فرواه عن عبيد الله بن موسى المعروف بن خربوز عن ابي الطفيل عن علي ابن عن علي به ولفظه اتحبون ان يكذب الله ورسوله تصرخ اي ما يهواه اي تحبه نفسه وتميل اليه. ثم المعروف في استعمال الهوى عند الاطلاق انه الميل الى خلاف الحق. ومنه ولا اتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. وقد يطلق على الميل والمحبة ليشمل الميل للحق وغيره. وربما استعمل في الحق خاصة والانقياد اليه كما في حديث صفوان ابن عساف انه سئل هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الهوى الحديث قال ابن رجب اما معنى الحديث فهو فهو ان الانسان لا يكون مؤمنا كامل الايمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الاوامر والنواهي وغيرها في حب ما امر به ويكره ما نهي عنه. وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع وذم سبحانه من كره ما احبه الله تعالى واحب من كرهه الله كما قال ذلك انهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فاحبط اعمالهم. فالواجب على كل مؤمن ان يحب ما احبه الله محبة توجب له الاتيان بما وجب عليه منه. فان زادت المحبة حتى اتى بما ندب اليه منه كان ذلك فضلا. وان يكره ما كرهه الله او كراهة توجب له الكف عما حرم عليه منه. فان زادت الكراهة حتى اوجبت الكف عما كرهه تنزيها كان ذلك فضلا فمن احب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه اوجب ذلك له ان يحب بقلبه ما يحبه الله ورسوله. ويكره ما يكرهه الله ورسوله ويرضى بما يرضى به الله ورسوله خطأ ما يسخطه الله ورسوله وان يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض. فان عمل بجوارحه شيئا يخالف ذلك بان بان ارتكب بعض ما يكرهه الله فهو رسوله او ترك بعض ما يحبه الله ورسوله مع وجوبه والقدرة عليه دل ذلك على نقص محبته الواجبة. فعليه ان يتوب من ذلك ويرجع الى تكميل الواجبة فجميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفس على محبة الله ورسوله. وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع من كتابه فقالت تعالى فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواء هم كذلك البدع انما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع. ولهذا يسمى اهلها اهل الاهواء وكذلك المعاصي انما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ومحبة ما يحبه الله. وكذلك حب الاشخاص الواجب فيه ان يكون تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب على المؤمن محبة ما يحبه الله من الملائكة والرسل والصديقين والانبياء والشهداء والصالحين عموما. ولهذا كان من علامات وجود حلاوة الايمان ان يحب المرء لا يحبه الا لله وتحرم موالاة اعداء الله ومن يكرهه الله عموما. وبهذا يكون الدين كله لله ومن احب لله ابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان. ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه. كان ذلك نقصا في ايمانه الواجب فتجب عليه التوبة من ذلك والرجوع الى والرجوع الى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله فهوى النفس ومرادها انتهى ملخصا ومطابقة الحديث للباب ظاهرة من جهة ان الرجل لا يؤمن حتى يكون هواه تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. في كل شيء حتى في الحكم وغيره. فاذا حكم بحكم ان او قضى بقضاء فهو الحق الذي لا محيد للمؤمن عنه ولا اختيار له بعده. قال المصنف رحمه الله تعالى وقال الشعبي كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم الى محمد عرف انه لا يأخذ الرشوة. وقال المنافق نتحاكم الى اليهود لعلمه انهم يأخذون رشوة فاتفقا على ان يأتي كاهنا في جهينة فيتحاكما اليه فنزلت المتر الى الذين يزعمون الاية؟ قال الشرع هذا الاثر رواه ابن وابن المذنب نحوه قوله كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة لم اقف على تسمية هذين الرجلين وقد روى ابن اسحاق وابن المنذر وابن ابي حاتم قال كان ابن الجلاس قال كان بين الجلاس ابن الصامت قبل توبته ومعتب ابن قشير ورافع ابن زيد وبشير كانوا يدعون الاسلام كانوا يدعون الاسلام يدعون يدعون. احسن الله اليكم كانوا يدعون الاسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم الى الكهان حكام الجاهلية فانزل الله فيهم المتر الى الذين يزعمون الاية فيحتمل ان يكون المنافق المذكور في قصة الشعبي احد هؤلاء. بل روى الثعلبي عن ابن عباس ان المنافق اسمه بشر قوله عرف انه لا يأخذ الرشوة هي بتثليث الراء. يعني يجوز فيه الرشوة والرشوة والرشوة تثليث الراء نعم قال ابو السعادات وهو الوصلة الى الحاجة بالمصانعة واصله من الرشاء الذي يتوصل به الى الماء والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل تشي اي الاخذ. قلت فعلى هذا رشوة الحاكم هي ما يعطاه ليحكم بالباطل سواء طلبها ام لا. وفيه دليل على شهادة ان محمد رسول الله لان اعداءه يعلمون عدله في الاحكام ونزاهته عن قذر الرشوة صلى الله عليه وسلم بخلاف حكام الباطل قوله فاتفقا ان يأتي كاهنا في جهينة لم اقف على تسمية هذا الكاهن وفي قصة رواها ابن جرير وابن ابي حاتم عن السدي في سبب نزول الاية قال فتفاخرت النظير وقريضة فقالت النظير نحن اكرم من قريظة وقالت قريظة نحن اكرم منكم فدخلوا المدينة الى ابي برزة الكاهن الاسلمي وفي بعظ نسخ ابي بردة هذه وذكر القصة وابو برزة هذا غير ابي بردة الصحابي. قال المصنف رحمه الله وقيل نزلت في رجلين اختصما فقال احدهما نترافع للنبي صلى الله عليه وسلم. وقال الاخر لا تعمل الى كعب ابن الاشرف ثم ترافع الى عمر فذكر له احدهما القصة فقال للذي لم يرضى برسول الله صلى الله عليه وسلم اكذلك؟ قال نعم فضربه بالسيف فقتله. طبعا عمر ضربه بالسيف وقتله ليس هذا افتيات على ولي الامر كما فهمه بعض الناس وانما وليس فيه دلالة على جواز اقامة الحد بدون اذن ولي الامر كما فهمه بعض الخوارج وانما ذلك لان عمر وابو بكر رضي الله عنهما كان لهما اذن من النبي صلى الله عليه وسلم فهما وزيراه عليه الصلاة والسلام فكان لهما اذن في بعض الامور من ذلك القضاء والافتاء من ذلك القضاء والافتاء. نعم قال السارح هذه القصة قد رويت من طرق متعددة من اقربها لسياغ المصنف ما رواه الثعلبي وذكره البغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا قال نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق الى كعب بن الاشرف ثم انهما احتاكما للنبي صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرضى المنافق. وقال تعالى نتحاكم الى عمر بن الخطاب. فقال اليهودي لعمر قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرضى بقضائه. فقال للمنافق اكذلك؟ قال نعم. فقال عمر مكانكما حتى اخرج اليكما فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد. ثم قال هكذا اقضي لمن لم يرضى بقضاء الله ورسوله نزلت وروى الحكيم الترمذي في نوادر الاصول هذه القصة عن مكحول وقال في اخرها فاتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان عمر قد الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر فسمي الفاروق على كل حال هذه القصة من اوله لاخرها ما ثبتت نعم قال ورواه ابو اسحاق ابن دحيم في تفسيره على ما ذكره شيخ الاسلام وابن كثير ورواه ورواه ابن ابي حاتم وابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن الاب الاسود فالقصة وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت اظن ان يجترئ عمر على قتل مؤمن فانزل الله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الاية. فهدر دم ذلك الرجل وبرأ عمر من قتله فكره الله ان ان يسن ذلك بعد. فقال وهي ان ضعف الاسانيد لا يمنع من الاستشهاد بها لماذا؟ لانه ليس لم يكن اه الاحاديث لم يكن الاسانيد موضوعة لاجل الاثار ولا قصدوا تتبع الاثار وانما هذا كان يأتي في كلامهم درجا احسن الله اليكم ثم قال رحمه الله تعالى وكعب بن الاشرف المذكور هنا هو طاغوت من رؤوس من رؤساء اليهود وعلمائهم ذكر اسحاق وغيره انه كان موادعا للنبي صلى الله عليه وسلم في جملة من وادعه من يهود المدينة. وكان عربيا من بني طيء. وكانت امه من بني نظير. قالوا فلما قتل اهل بدر شق ذلك عليه وذهب الى مكة ورثاهم لقريش وفضل دين الجاهلية على دين الاسلام حتى انزل الله فيه ربا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا ثم لما رجع الى المدينة اخذ ينشد الاشعار يهجو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشبب بنساء المسلمين حتى اذاهم حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الاشرف فانه قد اذى الله ورسوله وذكر قصة قتله وقتله محمد بن مسلمة وابو نائلة وابو عبس بن جبر وعباد ابن رضي الله عنهم وفي القصة من الفوائد ان الدعاء الى تحكيم غير الله ورسوله من صفات المنافقين. ولو كان الدعاء الى تحكيم امام فاضل ومعرفة اعداء الرسول رسول الله وسلم بما كان عليه من العلم والعدل في الاحكام. وفيها الغضب لله تعالى والشدة في امر الله كما فعل عمر رضي الله عنه. وفيه ان من طعن في احكام النبي صلى الله عليه وسلم او في شيء من دينه قتل كهذا المنافق بل اولى. وفيها جواز تغيير المنكر باليد وان لم يأذن فيه الامام. وكذلك تعذير من فعل شيئا من المنكرات التي يستحق عليها التعزير. لكن اذا كان الامام لا يرضى بذلك وربما ادى الى وقوع فرقة او فتنة فيشترط اذنه في التعزيل في التعزيل فقط وفيها ان معرفة الحق لا تكفي عن العمل والانقياد فان اليهود يعلمون ان محمدا رسول الله. ويتحاكمون اليه في كثير من الامور. هنا قوله فيه جواز تغيير المنكر باليد وان لم يأذن فيه الامام هذا فيه نظر الذي عليه علماء الائمة الاربعة قاطبة انه لا يجوز تغيير المنكر باليد الا باذن الامام لان ذلك يؤدي الى مفاسد ذلك يؤدي الى مفاسد واما من قال من جواز تغيير المنكر باليد ولو لم يأذن فيه الامام فهذا قول لبعض الفقهاء قديما ولكن ليس عليه العمل عند الائمة الاربعة نعم احسن الله اليكم ثم قال رحمه الله تعالى باب من جحد شيئا من الاسماء والصفات اي من اسماء الله وصفاته والمراد ما حكمه؟ هل هو ناج او هالك؟ ولما كانت تحقيق التوحيد بل التوحيد لا يحصل الا بالايمان بالله والايمان باسمائه وصفاته. نبه المصنف على وجوب الايمان بذلك وايضا فالتوحيد ثلاثة انواع. توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات وتوحيد العبادة والاولان وسيلة الى الثالث. وهو الغاية والحكمة المقصودة بالخلق وبالخلق والامر. وكلها متلازمة تنبيه على الايمان بتوحيد الصفات. قال المصنف رحمه الله تعالى وقول الله تعالى وهم يكفرون بالرحمن الاية. قال السارح اي يجحدون هذا الاسم لا انهم يجحدون الله فانهم يقرون به كما قال تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله والمراد بهذا كفار قريش او طائفة منهم فانهم جاحدوا هذا الاسم عنادا او جهلا. ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي يوم الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم. فقالوا لا نعرف الرحمن ولا الرحيم. هذا هو الصواب. ان الجحد جحد هذا الاسم كان عند بعض المشركين وليس كليا لماذا؟ لانه قد جاء في بعظ اشعارهم ذكر الرحمن قد جاء في بعض اشعارهم ذكر الرحمن. نعم قال وفي بعض الروايات لا نعرف الرحمن الا رحمن اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب فانه قبحه الله كان قد تسمى بهذا الاسم واما كثير من اهل الجاهلية فيقرون بهذا الاسم كما قال بعضهم وما يشاء الرحمن يعقد ويطلق ويطلق. قال ابن كثير وهم يكفرون بالرحمن اي لا يقرون به لانهم يأبون من من وصفي الله بالرحمن الرحيم. ومطابقة الاية للترجمة ظاهرة لان الله تعالى سمى جحود اسم من اسمائه كفرا. فدل على ان جحود شيء من اسماء وصفاته كفر فمن جحد شيئا من اسماء الله وصفاته من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم فله نصيب من الكفر بقدر ما جحد من الاسم او الصفة فان الجهمية والمعتزلة ونحوهم وان كانوا يقرون بجنس الاسماء والصفات فعند التحقيق لا يقرون بشيء. لان الاسماء عندهم اعلام محضة لا تدل على صفات قائمة وعلمائهم مات سنة ست ومئة قوله انه رأى رجلا لم يسمى هذا الرجل قوله انتفض اي ارتعد لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فاستنكره اما لان عقله لم يحتمله او بالرب تبارك وتعالى وهذا وصف كفر الذين جحدوا اسم الرحمن وقوله توكلت واليه ما تاب. اي قل يا محمد رادا عليهم في كفرهم تبارك وتعالى هو اي الرحمن عز وجل ربي لا اله الا هو اي لا معبود سواه. عليه توكلت واليه ما تاب اي اليه مرجعي واوبتي في وهو مصدر من قول القائل تبت متابا وتوبة قاله ابن جرير. وفي الايات دليل على ان التوكل عبادة وعلى ان التوبة عبادة واذا كان كذلك فالتوبة والى غيره شرك. ولما قال سارق وقد قطعت يده للنبي صلى الله عليه وسلم اللهم اني اتوب اليك ولا اتوب الى محمد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم عرف الحق لاهله رواه احمد قال المصنف رحمه الله تعالى وفي صحيح البخاري قال علي حدث الناس بما يعرفون اتريدون ان يكذب الله ورسوله؟ قال السارح هذا الاثر رواه البخاري مسندا لا معلقا لكنه في بعض قوله بما يعرفون اي بما يفهمون. قال الحافظ وزاد ادم ابن ابي اياس في كتاب العلم له عن عبد الله ابن داوود عن معروف في اخره. ودعوا ما ينكرون ودعوا ما ينكرون اي ما يشتبه عليهم فهمه. قال وفيه دليل على ان المتشابه لا ينبغي ان يذكر ان يذكر ان المتشابه لا الشعب لا ينبغي ان يذكر عند العامة. نعم. قال وفيه دليل على ان المتشابه لا ينبغي ان يذكر عند العامة ومثله قول ابن ومثله قول ابن ابن مسعود ما انت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم الا كان لبعضهم فتنة. رواه مسلم. قال ومن رأى التحديث ببعض ببعض دون بعض احمد في الاحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان ومالك في احاديث الصفات وابو يوسف في الغرائب ومن قبلهم ابو هريرة كما تقدم عنه في في الجرابين. وان المراد ما يقع من الفتن ونحوه عن حذيفة. وعن الحسن انه انكر تحديث انس الحجاج بقصة العرانيين انه اتخذها وسيلة الى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي وضابط ذلك يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الاصل غير مراد فالامساك عنه عند من يخشى عليه الاخذ بظاهر مطلوب انتهى كلامه وما ذكره عن مالك في احاديث الصفات ما اظنه يثبت عن مالك وهل في احاديث الصفات اكثر من ايات الصفات التي في القرآن؟ فهل يقول مالك او غيره من علماء الاسلام ان ايات الصفات لا تتلى على العوام وما زال العلماء قديما وحديثا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم يقرأون ايات الصفات واحاديثها بحضرة عوام المؤمنين وخواصهم بل شرط الايمان هو الايمان بالله وصفات كماله التي وصف بها نفسه في كتابه. او على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. فكيف يكتم ذلك عن عوام المؤمنين بل نقول من لم يؤمن بذلك فليس من المؤمنين. ومن وجد في قلبه حرجا من ذلك فهو من المنافقين. ولكن هذا من بدع الجهمية واتباعهم والذين ينفون صفات الرب تبارك وتعالى فلما رأوا احاديث الصفات مبطلة لمذاهبهم قامعة لبدعهم تواصوا بكتمانها عن عوام المؤمنين. لئلا يعلموا ضلالهم وفساد اعتقادهم فاعلم ذلك وفي الاثر دليل على انه اذا خشي ضرر من تحديث الناس ببعض ما لا يعرفون فلا ينبغي تحديثهم به. وليس ذلك على اطلاقه فان كثير من الدين والسنن يجهله الناس. فاذا حدثوا به كذبوا بذلك واعظموه. فلا فلا يترك العالم تحديثهم. بل يعلمهم برفق ويدعوهم بالتي هي احسن قال المصنف رحمه الله تعالى وروى عبد الرزاق المعمل عن ابن طاووس عن ابيه عن ابن عباس لانه رأى رجلا انتفض لما سمع حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك فقال ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه انتهى. قوله قال السارح قوله روى عبد الرزاق مهممين صنعاني الامام الحبيب صاحب التصانيف في المصنف وغيره روى عنه احمد بن حنبل بن يحيى بن معين وخلق لا يحصون مات سنة احدى وعشرة ومئتين ومعمر هو ابن راشد قصدي ابو عروة البصري نزيل اليمن ثقة ثبت مات سنة اربع وخمسين ومئة وله ثمان وخمسون سنة وابن طاووس هو عبد الله ابن طاووس يماني ثقة فاضل عابد مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة وابوه طاووس ابن كيسان اليماني ثقة فقيه فاضل من جلة اصحاب ابن عباس لكونه اعتقد عدم صحته فانكره. قوله فقال اي ابن عباس وهو عبدالله رضي الله عنه قوله ما فرق هؤلاء يحتمل وجهين احدهما ان كون ما استفهامية انكارية وفرق بفتح الفاء والراء هو الخوف والفزع اي ما فزعوا هذا واضرابه اي ما فزعوا هذا واضرابه من احاديث الصفات واستنكارهم لها. والمراد الانكار عليهم فان الواجب على العبد التسليم والاذعان والايمان بما صح عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وان لم يحيط به علما. ولهذا قال الشافعي امنت بالله وبما جاء به وما جاء وما جاء وبما جاء عن الله على مراد الله وامنت برسوله لله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله. والثاني ان يكون بفتح الفاء وتشديد الراء. ويجوز تخفيفها وما نافية. اي ما فرق هذا واضرابه بين الحق والباطل ولا عرفوا ذلك. فلهذا قال يجدون رقة وهي ضد القسوة اي لينا وقبولا للمحكم. ويهلكون عند متشابهه اي ما يشتبه عليهم فهمه لا ان ايات الصفات هي المتشابه كما تقوله الجهمية ونحوهم ولا ان في القرآن متشابها لا يعرف معناه كالالفاظ الاعجمية فان لفظ التشابه والمتشابه يدل على بطلان ذلك. وانما المراد بالمتشابه اي ما يشتبه فهم على بعض الناس دون بعض. فالمتشابه امر نسبي اضافي. فقد يكون مشتبها بالنسبة الى قوم بينا جليا بالنسبة الى اخرين. ولهذا قال النبي صلى الله عليه لما خرج على قوم يتراجعون في القرآن فغضب وقال بهذا ضلت الامم قبلكم باختلافهم على انبيائهم وضرب الكتاب بعضهم ببعض. وان القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا. ولكن نزل لان يصدق بعضه بعضا وما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه عليكم فامنوا به. رواه ابن سعد وابن الضريس وابن مردويهم واما قوله تعالى هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهة فقال ابن كثير يخبر تعالى ان في القرآن ايات ان يخبر تعالى ان في القرآن ايات محكمات اي بينات واضحات دلالة لا فيها على احد ومنه ايات اخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس او بعضهم. فمن رد ما اشتبه عليه الى الواضح منه وحكم محكمه الى على متشابهه عنده فقد اهتدى. ومن عكس انعكس. ولهذا قال هن ام الكتاب اي اصله الذي يرجع اليه عند الاشتباه واخر متشابهات اي تحتمل موافقة المحكم وقد تحتمل اشياء اخرى من حيث اللفظ والتركيب. لا من حيث المراد. ولهذا قال تعالى قلوبهم زيغ اي ضلال وخروج عن الحق الى الباطل فيتبعون ما تشابه منه اي انما يأخذون منه المتشابه الذي يمكنهم ان يحرفوه الى مقاصد الفاسدة وينزلوه عليها لحد لاحتمال لفظه لما يصرفونه. فما المحكم فلا نصيب لهم فيه؟ لانه دافع لهم وحجة عليهم ولهذا قال ابتغاء الفتنة اي الاضلال لاتباعهم ايهاما لهم انهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم انتهك وقال ابن عباس فاما الذين في قلوبهم زيغ يعني اهل الشك فيحملون المحكم على المتشابه والمتشابه على المحكم ويلبسون فلبس الله عليه وما يعلم تأويله الا الله. قال تأويله يوم القيامة لا يعلمه الا الله. رواه ابن جرير وابن النذر وابن ابي حاتم وقوله وما يعلم تأويل له الا الله. تقدم كلام العباس وقال مقاتل وسدي يبتغون ان يعلموا ما يكون. وما عواقب الاشياء من القرآن قلت فعلى هذا التأويل الذي انفرد الله بعلمه هو العلم بحقائق الاشياء وما تؤول اليه وعواقبها. كالاخبار بما يكون. وما في الجنة من النعيم وما في النار من العذاب فان هذه الامور وان علمناها لكن العلم بحقائق بحقائقها مما لا يعلمه الا الله. ولهذا قال ابن عباس ليس في الدنيا مما في الجنة الا الاسماء. فعلى هذا يكون الوقف على الجلالة كما روي عن جماعة من السلف. وقيل الوقف على قوله والراسخون في العلم ما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم. فاما اهل الزغي فلا يعلمون تأويله وعلى هذا فالمراد بتأويله هو تفسيره وفهم معناه. وهذا هو المروي عن وجماعة من السلف قال ابن ابي ناجح عن مجاهد عن ابن عباس ان انا من الراسخين الذين يعلمون تأويله. وقال المجاهد والراسخون في العلم يعرفون تأويله قولون امنا به وكذا قال الربيع ابن انس وغيره. فقد تبين ولله الحمد انه ليس في الاية حجة للمبطلين في جعلهم ما اخبر الله به من صفات كمالهم والمتشابه ويحتجون على باطلهم بهذه الاية فيقال واين في الاية ما يدل على مطلوبكم؟ وهل جاء نص عن الله او عن رسوله صلى الله عليه وسلم انه جعل ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسول متشابها ولكن اصل ذلك انهم ظنوا ان التأويل المراد في الاية هو صرف اللفظ عن ظاهره الى ما يحتمله اللفظ لدليل بذلك وهذا هو اصطلاح كثير من المتأخرين وهو اصطلاح حادث. فارادوا حمل كلام الله على هذا على هذا الاصطلاح. فظلوا ضلالا بعيدا وظنوا ان لنصوص الصفات تأويلا يخالف ما دلت عليه لا يعلموه الا لا يعلمه الا الله كما يقوله اهل التجهيل او يعلمه المتأولون كما يقوله اهل التأويل وفي الاثر المشروح دليل على ذكر ايات الصفات واحاديثها بحضرة عوام المؤمنين وخواصهم. وان من رد شيئا منها او استنكره بعدم صحته فهو ممن لم فرق بين الحق والباطل بل هو من الهالكين وانه ينكر عليه استنكاره قال المصنف رحمه الله تعالى ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن انكروا ذلك فانزل الله فيهم وهم يكفرون بالرحمن ونستريح هكذا ذكر المصنف هذا الاثر بالمعنى. وقد رواه ابن عن ابن جريج في الاية انه قال هذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريش تنفي الحديبية كتب هذا ما كاتب هذا ما كاتب اللام هذه زائدة. احسن الله اليكم. اللام هذه زائدة والميم الشدة الميم خطأ. هذا ما كتب اولو الله صلى الله عليه وسلم قريشا في الحديبية. نعم احسن الله اليكم في الاية قال هذا ما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا في الحديبية. كتب باسم الله الرحمن الرحيم. فقالوا لا نكتب الرحمن ولا ندري رحمن ولا نكتب الا باسمك اللهم. فانزل الله وهم يكفرون بالرحمن الاية. وفيه دليل على ان من انكر شيئا من الصفات فهو من الهالكين لان الواجب على العبد الايمان بذلك سواء فهمه او لم يفهمه. وسواء قبله عقله او انكره. فهذا هو الواجب على العبد في بكل ما صح عن عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو الذي ذكر الله تعالى عن الراسخين في العلم انهم يقولون امنا به كل من عند ربنا. احسنت بارك الله فيك. نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك