بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين قال رحمه الله باب وجوب طاعة ولاة الامور في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية. قال الله تعالى يا ايها الذين واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب وجوب طاعة ولاة اموري في غير معصية وتحريمه في المعصية ولاة الامر هم كل من جعل الله عز وجل له الولاية من الملوك والامراء والرؤساء وغيرهم وولاة الامر نوعان النوع الاول العلماء وهم ولاة الامر في بيان شريعة الله عز وجل وهداية الخلق والنوع الثاني الامراء وهم ولاة الامر في سياسة الناس. وتنفيذ شريعة الله وحفظها واقامة شعائر وحفظ الامن واستتبابه. فولاة الامر يشمل العلماء والامراء. فالعلماء مشرعون امراء منفذون فلابد من سلطتين سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية قال اهل العلم وتثبت الامامة العظمى او الكبرى بواحد من امور اربعة الامر الاول اجماع اهل الحل والعقد على اختيار صالح لها. فاذا اجمع اهل الحل والعقد من الرؤساء والامراء والعلماء ووجهاء البلد. على اختيار لصالح لها فانه يكون اماما تجب طاعته وتحرم مخالفته. كامامة ابي بكر الصديق رضي الله عنه فانها كانت باجماع من الصحابة. لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة. واتفقوا على اختيار ابي بكر الصديق رضي الله عنه. الامر الثاني مما تثبت به الامامة والولاية النص والعهد من الخليفة قبله بمعنى ان الخليفة قبله يستخلفه ويقول مثلا اذا مت فالخليفة بعدي فلان فتثبت خلافته وامامته كامامة عمر رضي الله عنه. فانها كانت بعهد من ابي بكر الصديق رضي الله عنه. ولهذا لما قيل لعمر رضي الله عنه لما حضرت الغفاء قيل له يا امير المؤمنين الا تستخدف لنا؟ يعني الا تجعل لنا خليفة؟ فقال رضي الله عنه ان استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني ابا بكر. وان اترك فقد ترك من هو خير مني ان النبي صلى الله عليه وسلم الامر الثالث مما تثبت به الامامة والولاية ان يجعل الخليفة قبله ان يجعل الامر شورى في اناس معينين. فيختار منهم من هو اصلح بان يقول مثلا اذا مت فاختاروا من هؤلاء كامامة عثمان ابن عفان رضي الله عنه فان عمر رضي الله عنه لما الوفاة قيل الا تستقذف لنا؟ فقال مقالتهم السابقة ثم جعل الامر شورى في اناس معينين من العشرة المبشرين بالجنة الامر الرابع مما تثبت به الامامة والولاية القهر والغلبة. فاذا قهر وغلب واستولى على البلد وانقاد الناس فحينئذ تثبت امامته ويشير الى هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم اسمعوا واطيعوا وان تأمر عليكم عبد حبشي ثم ساق المؤلف رحمه الله الاية في هذا الباب وهي قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وهذه الاية لها سبب نزول وهو ما ثبت في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية والسرية هي القطعة من الجيش. وامر على هذه السرية رجلا من الانصار وامرهم ان يطيعوه فامرهم هذا الرجل ان يطيعوه ولكنهم لم يطيعوه. فغضب وقال الم يأمركم النبي صلى الله عليه وسلم ان تطيعوني؟ قالوا بلى قال فامرهم ان يجمعوا حطبا وان يظلموا نارا وان يلقوا بانفسهم في هذه النار. فهم بعضهم وتلكأ بعضهم وقالوا انما ذهبنا او فررنا الى النبي صلى الله عليه وسلم فرارا من النار يعني من نار الاخرة بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال اما انهم لو دخلوها يعني هذه النار التي امروا ان يدخلوا فيها. اما انهم لو دخلوها لم يخرجوا منها الى يوم القيامة. انما الطاعة في المعروف يعني فيما كان طاعة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا صدر الله تعالى هذه الاية بالنداء بوصف الايمان اشارة الى امتثال ما يوجه اليهم من الخطاب انه من مقتضيات الايمان وان امتثاله سبب في زيادة الايمان وان مخالفته نقص في الايمان. يا ايها الذين امنوا اي صدقوا واذعنوا. لان الايمان هو التصديق المستلزم للقبول والاذعان اطيعوا الله واطيعوا الرسول. اطيعوا الله تعالى بفعل اوامره واجتناب نواهيه. واعظم ما يطاع به سبحانه وتعالى توحيده الذي من اجله خلق الله عز وجل الخلق. واطيعوا الرسول بامتثال امره واجتناب وهنا اعاد الله سبحانه وتعالى العامل الفعل. اطيعوا الرسول ولم يقل اطيعوا الله ورسوله. اشارة الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم يطاع استقلالا ويطاع تبعا لطاعة الله تعالى. وطاعة الرسول تكون بامتثال امره واجتناب نهيه والاهتداء بهديه والاستنان بسنته. لان ذلك هو سبيل الهداية واولي الامر منكم اي واطيعوا اولي الامر منكم. ولم يقل سبحانه وتعالى واطيعوا اولي الامر. بل قال اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر اشارة الى ان طاعة ولي الامر من طاعة الله عز وجل وانها تبع وليست طاعة مستقلة. واولي الامر منكم وهم كما تقدم الامراء والعلماء. ففي هذه الاية الكريمة دليل على فوائد منها وجوب طاعة الله عز وجل فعلا للمأمور وتركا للمحظور واعظم ما يطاع به سبحانه وتعالى توحيده وافراده بالعبادة. ومنها ايضا وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم استقلالا وتبعا. لان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله. من يطع الرسول فقد اطاع الله. واطيعوا الله واطيعوا الرسول ومنها ايضا وجوب طاعة ولاة الامر في غير معصية الله تعالى. واعلم ان ما يأمر به ولي الامر من حيث الطاعة وعدمها على اقسام ثلاثة القسم الاول ان يأمر ولي الامر بما امر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم. كما لو امر باقامة الجمع والجماعات والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فتجب طاعته لامرين. طاعة لله وطاعة لولي الامر الامر الثاني ان يأمر ولي الامر بمعصية بما يخالف امر الله تعالى وامر رسوله صلى الله عليه وسلم فلا تجب طاعته بل تحرم طاعته لانما الطاعة بالمعروف. كما لو امر مثلا بالخنا بالزنا والخمور ونحوها من المنكرات. فلا هل تجوز طاعته القسم الثالث ان يأمر بامر لم يرد في الكتاب والسنة مما تقتضيه المصلحة. فهنا تجب طاعته كالانظمة التي يسنها ولي الامر مما فيه مصلحة للبلاد والعباد فتجب طاعته في هذه الحال لانه لو لم تجب طاعته لما كان للامر بتاعة ولي الامر في الاية الكريمة فائدة وبهذه الاية الكريمة ايضا بيان عظم قدر ومكانة ولاة الامر. لان الله تعالى امر بطاعتهم. فولاة الامر تجب طاعتهم ويجب احترامهم وتقديرهم تعظيما لله عز وجل وتعظيما لرسوله صلى الله عليه وسلم لانه ما امر بطاعة ولاة الامر وتعظيم ما عظمه الله تعالى مما يحبه الله ومن تعظيم حرمات الله وشعائره وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد