المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثالث والثمانون عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من احب ان يبسط له في رزقه وينسأ له في اثره فليصل رحمه متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث فيه الحث على صلة الرحم وبيان انها كما انها موجبة لرضى الله وثوابه في الاخرة فانها موجبة للثواب العاجل بحصول احب الامور للعباد وانها سبب لبسط الرزق وتوسيعه وسبب لطول العمر وذلك حق على حقيقته فانه تعالى هو الخالق للاسباب ومسبباتها وقد جعل الله لكل مطلوب سببا وطريقا ينال به وهذا جار على الاصل الكبير وانه من حكمته وحمده جعل الجزاء من جنس العمل فكما وصل رحمه بالبر والاحسان المتنوع وادخل على قلوبهم السرور وصل الله عمره ووصل رزقه وفتح له من ابواب الرزق وبركاته ما لا يحصل له بدون هذا السبب الجليل وكما ان الصحة وطيب الهواء وطيب الغذاء واستعمال الامور المقوية للابدان والقلوب من اسباب طول العمر فكذلك صلة الرحم جعلها الله سببا ربانيا فان الاسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان امور محسوسة تدخل في ادراك الحواس ومدارك العقول وامور ربانية الهية قدرها من هو على كل شيء قدير ومن جميع الاسباب وامور العالم من قادة لمشيئته ومن تكفل بالكفاية للمتوكلين ووعد بالرزق والخروج من المضايق للمتقين قال تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه واذا كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول ما نقصت صدقة من مال بل تزيده فكيف بالصدقة والهدية على اقاربه وارحامه وفي هذا الحديث دليل على ان قصد العامل ما يترتب على عمله من ثواب الدنيا لا يضره اذا كان القصد وجه الله والدار الاخرة فان الله بحكمته ورحمته رتب الثواب العاجل والاجل ووعد بذلك العاملين لان الامل واستشعار ذلك ينشط العاملين ويبعث هممهم على الخير كما ان الوعيد على الجرائم وذكر عقوباتها مما يخوف الله به عباده ويبعثهم على ترك الذنوب والجرائم فالمؤمن الصادق يكون في فعله وتركه مخلصا لله مستعينا بما في الاعمال من المرغبات المتنوعة على هذا المقصد الاعلى والله الموفق