المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله مختصر في اصول الفقه تأليف الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده على سوابغ وتوابع آلائه وصلواته على سيدنا محمد خاتم انبيائه وعلى ال سيدنا محمد واوليائه وبعد فهذا مختصر في علم اصول للفقه قريب المنال غريب المنوال. كامل لمن اعتمده ان شاء الله ببلوغ الامال وارتفاع ذروة الكمال. وهو علم بقواعد يتوصل بها الى استنباط الاحكام الشرعية الفرعية عن ادلتها التفصيلية وتنحصر في عشرة ابواب. الباب الاول في الاحكام وتوابعها وهي الوجوب والحرمة والندب والكراهة والاباحة. وتعرف بمتعلقاتها. فالواجب ما يستحق الثواب بفعله والعقاب بتركه والحرام بالعكس والمندوب ما يستحق الثواب بفعله ولا عقاب في تركه والمكروه بالعكس. والمباح ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا والفرض والواجب مترادفان خلافا للحنفية. وينقسم الواجب الى فرض عين وفرض كفاية. والى معين ومخير والى مطلق ومؤقت. والمؤقت الى مضيق وموسع. والمندوب والمستحب مترادفان. والمسنون اخص منهما. والصحيح ما وافق امر الشرع والباطل نقيضه. والفاسد هو المشروع اصله. الممنوع بوصفه. وقيل مرادف الباطل. والجائز يطلق على المباح. وعلى ممكن وعلى مستوى فعله وتركه عقلا وعلى المشكوك فيه. والاداء ما فعل اولا في وقته المقدر له شرعا. والقضاء ما فعل بعده وقت الاداء استدراكا لما سبق له وجوب مطلقا. والاعادة ما فعل في وقت الاداء ثانيا لخلل في الاول. والرخصة ما شرع لعذر مع بقاء مقتضى التحريم والعزيمة بخلافها. الباب الثاني في الادلة الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه الى العلم بالغيب ان ما يحصل عنده الظن فهو امارة. وقد تسمى دليلا توسعا. والعلم هو المعنى المقتضي لسكون النفس الى ان متعلقه كما اعتقده وهو نوعان ضروري واستدلالي. فالضروري ما لا ينتفي بشك ولا شبهة. والاستدلالي مقابله. والظن تجويز راجح والوهم تجويز مرجوح واستواء التجويزين شك. والاعتقاد هو الجزم بالشيء من دون سكون النفس. فان طابق فصحيح والا ففاسد وهو الجهل وقد يطلق الجهل على عدم العلم فصل والادلة الشرعية هي الكتاب والسنة والاجماع والقياس. الكتاب هو القرآن المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للاعجاز بسورة منه وشرطه التواتر فما نقل احادا فليس بقرآن للقطع بان العادة تقتضي تواتر في تفاصيل مثله. وتحرم القراءة بالشواذ. وهي ما عدا القراءة السبع. وهي كاخبار الاحاد في وجوب العمل بها. والبسملة من اول كل سورة على الصحيح. والمحكم ما اتضح معناه. والمتشابه مقابله. وليس في القرآن ما لا معنى له. خلافا للحشوية ولا ما المراد به خلاف ظاهره من دون دليل خلافا لبعض المرجئة. فصل والسنة قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره القول ظاهر وهو اقواها. واما الفعل فالمختار وجوب التأسي به في جميع افعاله وتروكه الا ما وضح فيه امر الجبلة. او بما انه من خصائصه كالتهجد والاضحية والتأسي الجبلة هو ايقاع الفعل بصورة فعل الغير ووجهه اتباعا له او تركه كذلك فما علمنا وجوبه من افعاله صلى الله عليه وسلم فظاهر. وما علمنا حسنه دون وجوبه من افعاله فندب ان ظهر فيه قصد قرب وتركه لما كان امر به ينفي الوجوب. وفعله لما نهي عنه يقتضي الاباحة. واما القسم الثالث التقرير اذا علم صلى الله عليه وسلم بفعل من غيره ولم ينكره وهو قادر على انكاره وليس كمضي كافر الى كنيسة ولا انكره غيره دل ذلك على جوازه ولا تعارض في افعاله صلى الله عليه وسلم. ومتى تعارض قولان او قول وفعل فالمتأخر ناسخ او مخصص فان جهل فالترجيح. وطريقنا الى العلم بالسنة الاخبار وهي متواترة واحاد. والمتواتر خبر جماعة يكيد بنفسه العلم بصدقه ولا حصر لعدده بل هو ما افاد العلم الضروري. ويحصل بخبر الفساق والكفار. وقد يتواتر المعنى دون اللفظ كما في شجاعة علي الله عنه وجود حاتم والاحاد مسند ومرسل. ولا يفيد الا الظن. ويجب العمل به في الفروع. اذ كان صلى الله عليه وسلم يبعث يبعث الاحاد الى النواحي ولعمل الصحابة رضي الله عنهم ولا يؤخذ باخبار الاحاد في الاصول ولا فيما تعم به البلوى علما كخبر الامام والبكرية وفيما تعم به البلوى عملا كحديث مس الذكر خلاف. شرط قبولها العدالة والضبط وعدم مصادمتها وفقد استلزام متعلقها الشهرة وسبت عدالة الشخص بان يحكم بشهادته حاكم. يشترط العدالة ولعمل العالم بروايته قيل وبرواية العدل عنه. ويكفي واحد في التعديل والجرح والجارح اولى. وان كثر المعدل ويكفي الاجمال فيها من ويقبل الخبر المخالف للقياس فيبطله. ويرد ما خالف الاصول المقررة. تجوز الرواية بالمعنى من عدل عارف ضابط واختلفوا في قبول رواية فاسق التأويل وكافره. والصحابي من طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه وسلم متبعا لشرعه الصحابة عدول الا من ابى على المختار في جميع ذلك. وطرق الرواية اربع قراءة الشيخ ثم قراءة التلميذ او غيره بمحضره ثم المناولة ثم الاجازة. ومن تيقن او ظن انه قد سمع جملة كتاب معين جاز له روايته والعمل بما فيه. وان لم كر كل حديث بعينه تنبيه الخبر هو الكلام الذي بنسبته خارج. فان تطابق فصدق والا فكذب. ويسمى الخبر جملة وقضية واذا ركبت الجملة في دليل سميت مقدمة. والتناقض هو اختلاف الجملتين بالنفي والاثبات. بحيث يستلزم لذلك صدق احدهما كذب الاخر. والعكس المسوي تحويل جزئي الجملة على وجه مصدق. وعكس النقيض جعل نقيض كل من هما مكان الاخر فصل والاجماع هو اتفاق المجتهدين من امة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على امر والمختار انه لا يشترط في انعقاده انقراض العصر ولا كونه لم يسبقه خلاف. وانه لابد له من مستند. وان لم ينقل الينا وانه يصح ان مستنده قياسا او اجتهادا. وانه لا يصح اجماع بعد الاجماع على خلافه. وانه لا ينعقد بالشيخين ولا بالاربعة الخلفاء ولا باهل المدينة وحدهم له. قال اصحابنا اذ هم بعض الائمة. قال الاكثر ولا باهل البيت وحدهم. كذلك قال اصحاب جماعة معصومون بدليل ليذهب عنكم الرجس اهل البيت. الاية اهل بيتي كسفينة نوح اني تارك الخبرين ونحوهما. واذا اختلفت الامة على قولين جاز احداث قول ثالث ما لم يرفع الاولين. وكذلك احداث دليل وتعليل وتأويل ثالث. وطريقنا الى العلم بانعقاد الاجماع اما المشاهدة واما النقل عن كل من المجمعين او عن بعضهم مع نقل رضا الساكتين. ويعرف رضاهم بعدم الانكار مع الاشتهار وعدم ظهور حامل لهم على السكوت. وكونه مما الحق فيه مع واحد. ويسمى هذا اجماعا سكوتيا. وهو حجة. وان ظهر نقل تواترا. وكذلك القول ان نقل احاد وان تواتر فحجة قاطعة يفسق مخالفه لقوله تعالى ويتبع غير سبيل المؤمنين. وقوله لتكونوا شهداء جاء على الناس. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجتمع امتي على ضلالة ونحوه كثير. ففيه تواتر معنوي اجتماعهم على تخطئة من خالف الاجماع. ومنهم من لا يجمع على تخطئة احد في امر شرعي الا عن دليل قاطع. فصل والقيام حمل معلوم على معلوم باجراء حكمه عليه بجامع. وينقسم الى جلي وخفي والى قياس علة وقياس دلالة والى قياس طرد وقياس عكس. وقد شذ المخالف في كونه دليلا وهو محجوج باجماع الصحابة. اذ كانوا بين قيس وساكت والسكوت رضا فالمسألة قطعية ولا يجري القياس في جميع الاحكام اذ فيها ما لا يعقل معناه. والقياس فرع تعقل المعنى ويكفي اثبات بحكم الاصل بالدليل وان لم يكن مجمعا عليه والا اتفق عليه الخصمان على المختار. واركانه اربعة اصل وفرع وحكم وعلة وشروط الاصل الا يكون حكمه منسوخا ولا معدولا به عن سنن القياس. ولا ثابتا بقياس. وشروط الفرع مساواة اصله في وحكمه وفي التغليظ والتخفيف والا تتقدم شرعية حكمه على حكم الاصل والا يرد فيه نص. وشروط الحكم هنا ان شرعيا لا عقليا ولا لغويا. وشروط العلة ستة الا يصادم نصا ولا اجماعا. والا يكون في اوصافها ما لا تأثير له في حكم والا يخالفه في التخفيف والتغليظ والا يكون بمجرد الاسم اذ لا تأثير له. وان يضطرد على الصحيح وان ينعكس على ويصح ان تكون العلة نفيا. وان تكون اثباتا ومفردة ومركبة. وقد تكون خلفا في محل الحكم. وقد تكون حكما شرعا وقد يجيء من علة حكمان. ويصح تقارن العلل وتعاقبها. ومتى تعارضت فالترجيح. وطرق العلة اربع على اولها الاجماع وذلك ان ينعقد على تعليل الحكم بعلة معينة. وثانيها النص وهو صريح وغير صريح. فالصريح ما اتى باحد حروف التعليم مثل لعله كذا او لاجل كذا او لانه او فانه او بانه ونحو ذلك وغير الصريح ما فهم منه تعليم لا على وجه التصريح. ويسمى تنبيه النص مثل اعتق رقبة جوابا لمن قال جامعت اهلي في نهار رمضان. وقريب من رأيت لو كان على ابيك دين الخبر ومثل للراجل سهم وللفارس سهمان. ومثل لا يقضي القاضي وهو غضبان غير ذلك وثالثها اي طرق العلة. السير والتقسيم. ويسمى حجة الاجماع. وهو حصر الاوصاف في الاصل. وابطال بها الا واحدا منها. فيتعين ابطال ما عداه اما ببيان ثبوت الحكم من دونه او ببيان كونه وسطا ضروريا او بعدد ظهور مناسبته وشرط هذا الطريق وما بعده الاجماع على تعليل الحكم في الجملة من دون تعيين العلة. ورابعها المناسبة وتسمى الاخالة وتخريج المناط وهي تعيين العلة بمجرد ابداء مناسبة ذاتية كالاسكار في تحريم الخمر وكالجناية العمد العدوان في القصاص وتنخرم المناسبة بلزوم مفسدة راجحة مساوية. والمناسب وصف ظاهر منضبط يقضي العقل بانه الباعث على الحكم. فان كان خفيا او غير منضبط اعتبر ملازمة ومظنة كالسفر للمشقة. وهو اربعة اقسام مؤثر وملائم وغريب ومرسل. فالاول المؤثر وهو ما ثبت بنص او اجماع اعتبار عينه في عين الحكم كتعليم لولاية المال بالصغر الثابت بالاجماع. وكتعليل وجوب الوضوء بالحدث الخارج من السبيلين الثابت بالنص والملائم ما ثبت اتى اعتباره بترتيب الحكم على وفقه فقط. لكن قد ثبت بنص او اجماع اعتبار عينه في جنس الحكم. كما ثبت للاب ولاية ابنتي الصغيرة قياسا على ولاية المال بجامع الصغر. فقد اعتبر عين الصغر في جنس الولاية او ثبت اعتبار جنسه في عين الحكم كجواز الجمع في الحضر للمطر قياسا على السفر بجامع الحرج والمشقة. فقد اعتبر جنس الحرج في عين رخصة الجمع او جنسه في جنس الحكم كاثبات القصاص بالمثقل قياسا على المحد بجامع كونهما جناية عمد عدوان. فقد اعتبر الجنان في جنس القصاص. والغريب ما ثبت اعتباره بمجرد ترتيب الحكم على وفقه. ولم يثبت بنص ولا اجماع اعتبار عينه ولا كجنسه في عين الحكم ولا جنسه. كتعليل تحريم النبيذ بالاسكار قياسا على الخمر. على تقدير عدم ورود النص بانه العلة في حريم الخمر والمرسل ما لم يثبت اعتباره بشيء مما سبق. وهو ثلاثة اقسام ملائم وغريب وملغيب. الملائم المرسل ما لم يشهد له اصل معين بالاعتبار لكنه مطابق لبعض مقاصد الشرع الحكمية كقتل المسلمين المتترس بهم حال الضرورة وكقتل الزنديق وان اظهر التوبة. وكقولنا يحرم على من تعص لتركه واشباه ذلك. وهذا النوع هو المعروف بالمصالح المرسلة والمذهب اعتباره. والغريب المرسل ما لا نظير له في الشرع. لكن العقل يستحسن الحكم لاجله. كان يقال للباطل زوجته في مرضه المخوف لان لا ترث يعارض بنقيض قصده فتورث منه قياسا على القاتل عمدا. حيث عرض بنقيض قصده فلم يورث بجامع كونهما فعلا محرما لغرض فاسد. فانه لم يثبت في الشرع ان ذلك هو العلة في القاتل ولا غيره. واما الملغي وهو ما صادم النص وان كان لجنسه نظير في الشرع كايجاب الصوم ابتداء على المظاهر ونحوه حيث هو ممن يثقل عليه العتق زيادة قادة في زجره فان جنس الزجر مقصود في الشرع لكن النص مع اعتباره هنا فالغي وهذان مطرحان باتفاق قيل ومن طرق في العلة الشبه وهو ان يوهم الوصف المناسبة بان يدور معه الحكم وجودا وعدمه. مع التفات الشارع اليه كالكيل في تحريم على رأيه. وكما يقال في تطهير النجس بجامع كون كل منهما طهارة يراد للصلاة نوعا. فيتعين لها الماء كطهارة تنبيه اعتراضات القياس خمسة وعشرون. الاول الاستفسار وهو طلب بيان معنى اللفظ وهو نوع واحد. وانما يسمع اذا كان في اللفظ اجمال او غرابة. ومن امثلته ان يستدل المستدل بقول الله تعالى حتى تنكح زوجا غيره. فيقال ما المراد هل هو الوطء او العقد؟ وجوابه ظاهر في العقد شرعا. لانه يعني الوطء لا يسند الى المرأة. النوع الثاني فساد وهو مخالفة القياس للنص. مثاله ان يقال في ذبح تارك التسمية عمدا. ذبح من اهله في محله كذبح ناس فيقول المعترض هذا فاسد الاعتبار لمخالفته النص وهو قوله ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه. فيقول المستدل هذا ما تذبح عبدة الاوثان بدليل قوله صلى الله عليه وسلم ذكر الله على قلب المؤمن سمى ام لم يسمي ونحو ذلك النوع الثالث فساد وضع القياس بمخصوص في اثبات القياس بانه قد ثبت بالوصف الجامع نقيض ذلك الحكم. مثاله يقال في تغشي مسح فيسن فيه التكرار كالاستجمار. فيقول المعترض المسح لا يناسب التكرار لانه ثبت كراهة التكرار في المسح على الخف لمانع. وهو التعرض لثقله. الرابع منع ثبوت الحكم في الاصل. مثاله ان يقول المستدل في بعدم قبول جلد الخنزير للدماغ ولا يقبل الدماغ للنجاسة الغليظة كالكلب. فيقول المعترض لا نسلم ذلك في الكلب ثوابه باقامة الدليل. الخامس التقسيم وهو ان يكون اللفظ مترددا بين امرين. احدهما ممنوع منه. مثاله ان يقال قياس الصحيح الحاضر على المسافر والمريض اذا تعذر عليه استعمال الماء وجد سبب التيمم وهو تعذر الماء. فيقول المعترض اتريد ان نتعذر الماء مطلقا سبب لجواز التيمم ام تريد تعذره في السفر والمرض؟ فالاول ممنوع منه. وجوابه باقامة الدليل على الاطلاق. السادس منع وجود المدعي علة في الاصل. وهو ان يمنع المعترض من وجود ما ادعاه المستدل انه له علة في الاصل فضلا عن ان يكون هو العلة. مثاله ان يقول المستدل في المنع من تطهير الدماغ جلد الكلب بالقياس على الخنزير حيوان يغسل الاناء من ولوغه مع وجود الذي هو علة في الاصل. مثاله ان يقال في الكلب حيوان يغسل من ولوغه سبع فلا يقبل جلده الدباغ كالخنزير. فيقول المعترض لا نسلم ذلك في الخنزير في انه يغسل من ولوغه سبعا. وجواب باثبات طرق العلة في الخنزير. السابع منع كون ذلك الوضوء علة. مثاله ان يقول المعترض لا نسلم كون الخنزير يغسل من ولوغه سبعا هو العلة في ان جلده لا يقبل الدماغ. وجوابه باثبات العلة باحد الطرق. الثامن عدم التأثير وهو ان يبدي المعترض في قياس المستدل وصفا لا تأثير له في اثبات الحكم. ومن امثلته قول الحنفية في المرتدين اذا اتلفوا اموالنا مشركون اتلفوا اموالا في دار الحرب فلا ضمان عليهم كسائر المشركين. فيقول المعترض دار الحرب لا تأثير لها في عدم الضمان عندكم القدح في افضاء المناسب الى المصلحة المقصودة. مثاله ان يقول في علة تحريم مصاهرة على التأبيد انها الحاجة الى ارتفاع الحجاب. وجه المناسبة ان التحريم المؤبد يقطع الطمع في الفجور. فيقول المعترض لا نسلم ذلك بل قد يكون ابضاء الى الفجور لسده باب الزواج. وجوابه بان رفع الحجاب على الدوام مع اعتقاد التحريم لا يبقى معه المحل مشتهى طبعا كالامهات. العاشر القدح في المناسبة وهو ابداء مفسدة راجحة او مساوية. وجوابه ترجيح المصلحة على المفسدة. ومن امثلته ان يقال التخلي للعبادة افضل لما فيه من تزكية النفس. فيقول المعترض لكنه يفوت اضعاف تلك المصلحة من ايجاد الولد وكف النظر وكسر الشهوة. وجوابه بان مصلحة العبادة افضل اذ هي لحفظ الدين وما ذكر لحفظ النسل الحادي عشر عدم ظهور الوصف المدعى علة كالرضا في العقود والقصد والعمد في الافعال. والجواب ان ضبطه بصفة ظاهرة تدل عليه عادة كصفة العقود الدالة على الرضا واستعمال الخارق في القتل على العمدي. الثاني عشر النقض وهو عبارة عن ثبوت الوصف في صورة مع عدم الحكم فيها. وجوابه وجود الوصف في سورة النقض او بمنع عدم الحكم فيها وذلك يكون بابداء مانع في محل النقض اقتضى نقيض الحكم. كما في العرايا اذا اوردت على الربويات لعموم الحاجة الى وقد لا يكون عندهم تمر غير التمر. وقد لا يكون عندهم ثمر غير التمر. فالمصلحة في جوازها ارجح ونحو ذلك كتحريم اكل الميتة اذا اورد عليه المضطر اذ مفسدة هلاكه اعظم من مفسدة اكل المستقذرات. الرابع عشر الكسر حاصله وجود الحكمة المقصودة من الوصف في صورة مع عدم الحكم فيها. كما لو قيل في الترخيص في الافطار في السفر لحكمة المشقة يكسر بصفة شاقة في الحضر. وجوابه بمنع وجود قدر الحكم لعسر ضبط المشقة. فالكسر كالنقض في ان جوابه يمنع وجود حكم او منع عدم او شرعية حكمه ارجح كعدم قطع القاتل لثبوت القتل. الخامس عشر المعارضة في الاصل كما اذا علل المستدل حرمة الربا بالطعم فعارضه المعترض بالكيل. فيقول المستدل لا نسلم انه مكيل. لان العبرة بعادة زمن النبي صلى الله وعليه وسلم ولم يكن يومئذ مكيلا بل كان موزونا او يقول ولم قلت ان الكيل مؤثر؟ وهذا الجواب هو المسمى المطالبة وانما يسمع حيث يكون ثبوت العلة بالمناسبة لا بالسير. وللمعارضة جوابات اخر. السادس عشر وجود الوصف في فرع مثاله ان يقال في امان العبد امان صدر من اهله. كالعبد المأذون له في القتال. فيقول المعترض لا نسلم ان العبد اهل للامان وجوابه بيان معنى الاهلية بان يقول اريد انه مظنة لرعاية المصلحة الاسلامية وعقله. السابع عشر المعارضة في الفرع بما يقتضي حكم الاصل بان يقول ما ذكرته من الوصف وان اقتضى ثبوت الحكم ما ذكرته من الوصف اقتضى ثبوت الحكم فعندي وصف اخر يقتضي نقيضه. وهذا هو الذي يعني بالمعارضة بما تقدم من الاعتراضات من قبل على المستدل الثامن عشر وهو ابداء خصوصية في الفرع هي شرط او ابداء خصوصية في الفرع هي مانع ومرجع هذه قاعدة الى المعارضة في الاصل وقد مر التاسع عشر اختلاف الضابط في الاصل والفرع وهو الوصف المشتمل على الحكمة المقصودة مثاله ان يقول المستدل في شهود الزور على القتل اذا قتل بشهادتهم تسببوا للقتل. فيجب القصاص كالمكره فيقول المعترض الضابط مختلف فانه في الاصل الاكراه وفي الفرع الشهادة. ولم يتحقق تساويهما في المصلحة. وقد يعتبر الشارع احدهما دون الاخر وجوابه بان الضابط هو القدر المشترك. وهو التسبب او بان افضاءه في الفرع مثل افضائه في الاصل او ارجح ونحو ذلك العشرون اختلاف جنس المصلحة في الاصل والفرع. مثاله ان يقول المستدل يحد باللواط كما يحد بالزنا لانه ايلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا. فيقول المعترض تلفت المصلحة في تحريمهما. ففي الزنا منع اختلاط النسب وفي اللواط دفع رذيلته. وقد يتفاوتان في نظر الشارع. وجوابه بيان استقلال الوصف بالعلية من دون تفاوت. الحادي والعشرين عشرون دعوى المخالفة بين حكم الاصل وحكم الفرع. مثاله ان يقاس النكاح على البيع او البيع على النكاح بجامع في صورة. فيقول المعترض الحكم مختلف. ان معنى عدم الصحة في البيع حرمة الانتفاع بالمبيع. وفي النكاح حرمة مباشرة وهما مختلفان الجواب ان البطلان شيء واحد وهو عدم ترتب المقصود من العقد عليه. الثاني والعشرون القلب وحاصله دعوى المعترض ان وجود الجامع في الفرع مستلزم حكما مخالفا لحكمه الذي اثبت به المستدل. نحو ان يقول الحنفي الاعتكاف يشترط فيه الصلاة لانه لب فلا يكون بمجرده قربة كالوقوف بعرفة. فيقول المعترض لا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة وهو كلها ترجع الى المعارضة. الثالث والعشرون القول بالموجب وحاصله تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع. ومن امثلة ان يقول الشافعي في القتل بالمثقل قتل بما يقتل غالبا. فلا ينافي القصاص كالقتل بالخارق. ويرى القول بالموجب ويقول المعترض عدم المنافاة ليس بمحل النزاع. لان محل النزاع هو وجوب القصاص لا عدم المنافاة للقصاص ونحوه ذلك الرابع والعشرون سؤال التركيب وهو ما تقدم من شرط حكم الاصل الا يكون ذا قياس مركب الخامس والعشرون سؤال التعدية. وذكروا في امثاله ان يقول المستدل في البكر البالغة بكر فتجبر كالصغيرة. فيقول المعترض هذا معارض هذا فمعارض بالصغر وما ذكرته وان تعدى به الحكم الى البكر البالغة فقد تعدى به الحكم الى الثيب الصغيرة قد يعدهما الجدليون في الاعتراضات وليس ايهما اعتراضا برأسه بل راجعان الى بعض ما تقدم من الاعتراضات. الاول راجع الى المنع والثاني المعارضة في الاصل وقد تقدم بيان ذلك. وبعض العلماء يذكر دليلا خامسا وهو الاستدلال. وقالوا وهو ما ليس بنص ولا اجماع ولا قياس علة وهو ثلاثة انواع. الاول تلازم الحكمين من غير تعيين علة مثل من صح ظهاره صح طلاقه الثاني الاستصحاب هو من نحو ثبوت الشيء في وقته لثبوته قبله لفقدان ما يصلح للتغيير. كقول بعض الشافعية المتيمم يرى الماء في صلاته. استمر في صلاته استصحابا للحال الاول. لانه قد كان وجب عليه المضي فيها قبل الرؤية الثالث شرع من قبلنا. والمختار ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة لم يكن متعبدا بشرع. وانه بعدها متعبد بما ما لم ينسخ من الشرائع. فيجب الاخذ بذلك عند عدم الدليل في شريعتنا. قيل ومعه الاستحسان وهو عبارة عن دليل يقابل وقد يكون ثبوته بالاثر وبالاجماع وبالضرورة وبالقياس الخفي. ولا يتحقق استحسان مختلف فيه. واما الصحابي فالاكثر انه ليس بحجة. وقول النبي صلى الله عليه وسلم اصحابي كالنجوم الخبر ونحوه المراد المقلدون خاتمة اذا عدم الدليل الشرعي عمل بدليل العقل. والمختار ان كل ما ينتفع به من غير ضرورة عاجل او اجل فحكم الاباحة عقلا. وقيل الحظر وبعضهم توقف. لنا اذا ان نعلم حسن ما ذلك حاله كعلمنا بحسن الانصاف وقبح الظلم الباب الثالث في المنطوق والمفهوم. المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق. فان افاد معنى لا يحتمل غيره فنص الته قطعية والا فظاهر ودلالته ظنية. قيل ومنه العام. ثم النص اما صريح وهو ما وضع له اللفظ بخصوصه اما غير صريح وهو ما يلزم عنه. فان قصد وتوقف الصدق او توقف الصحة العقلية او الشرعية عليه فدلالة اقتضاء مثل رفع عن امتي الخطأ والنسيان. ومثل قوله واسأل القرية واعتق عبدك عني بال. وان لم يتوقف وقرن بحكم لم او لم يكن ذلك اللفظ لتعليله لكان بعيدا. فتنبيه نص وايماء. نحن عليك الكفارة جوابا لمن قال جامعة اهلي في رمضان انها ليست بسبع. ارأيت لو تمضمضت بماء وان لم يقصد فدلالة اشارة كقوله النساء ناقصات عقل ودين. قيل اما نقصان دينهن قال تمكث احداهن شطر دهرها لا تصلي. فانه لم يقصد بيان اكثر الحيض واقل الطهر. ولكن تقتضي ذلك فصل والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق وهو نوعان. الاول متفق عليه ويسمى مفهوم المواطن وهو ان يكون المسكوت عنه موافقا للمنطوق به في محل الحكم. فان كان فيه معنى الاول فهو فحوى الخطاب. نحو فلا قل لهما اف ولا تنهرهما. فانه يدل على تحريم الضرب بطريق الاولى. وان لم يكن فيه معنى الاولى فهو لحن الخطاب. نحو واياكم منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين. انه يدل على وجوب ثبات الواحد للعشرة لكن لا بطريق الاولى ثاني مختلف فيه ويسمى مفهوم المخالفة. وهو ان يكون المسكوت عنه مخالفا للمنطوق في الحكم. ويسمى دليل الخطاب. وهو اقسام مفهوم اللقب وهو اضعفها للمنطوق في الحكم. وهو اضعفها والاخذ به قليل. ومفهوم الصفة وهو اقوى والاخذ به اكثر ومفهوم الشرط وهو فوقهما ومفهوم الغاية وهو اقوى منهما. ومفهوم العدد ومفهوم انما. وقيل هما منطوقان وشرط الاخذ بمفهوم المخالفة على القول الا يخرج الكلام مخرج الاغلب ولا لسؤال وحادثة متجددة او تقدير كهالة او غير ذلك مما يقتضي تخصيص المذكور بالذكر. الباب الرابع في الحقيقة والمجاز. فالحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب وهي لغوية وعرفية واصطلاحية وشرعية ودينية. ثم ان تعددت لفظا ومعنى متباينة وان اتحدت لفظا ومعنى فمنفردا. وان تعددت لفظا واتحدت معنى فمترادفة. ان تعددت معنى واتحدت لفظا فان وضع اللفظ لتلك المعاني باعتبار امر اشتركت فيه فمشككة ان تفاوتت كالموجود للقديم والمحدث وان لم تتفاوت متواطئ وحينئذ فان اختلفت حقائق تلك المعاني فهو الجنس كحيوان. والا فهو النوع كانسان. وبعضهم يعكس وضع اللفظ الواحد للمعاني المتعددة. لا باعتبار امر اشتركت فيه فهو مشترك اللفظ كعين للجارحة والجارية. فصل والمجاز هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له اقتراح التخاطب لعلاقة مع قرينه. وهو نوعان مرسل كاليد للنعمة والعين للرؤية استعارة كالاسد للرجل الشجاع. وقد يكون مركبا كما يقال للمتردد في امر اراك تقدم رجلا وتؤخر اخرى وقد يقع في الاسناد مثل جد جده والاستيفاء الكلام في ذلك فن اخر. واذا تردد الكلام بين الحقيقة والاشتراك حمل على المجاز ويتميز المجاز من الحقيقة بعدم اضطرابه وصحة نفيه وغير ذلك. الباب الخامس في الامر النهي الامر قول القائل لغيره افعل ونحوه على جهة الاستعلاء مريدا لما تناوله. المختار انه للوجوب لغة وشرعاة ادارة العقلاء الى ذم عبد لم يمتثل امر سيده. والاستدلال السلف بظواهر الاوامر على الوجوب. وقد ترد صيغته للندب والتهديد وغيرها مجازا. والمختار انه لا يدل على المرة والتكرار ولا على الفور ولا على التراخي. وانما يرجع في ذلك على القرائن وانه لا يستلزم القضاء وانما يعلم بدليل اخر. وتكريره بحرف العطف يقتضي تكرار المأمور به اتفاق وكذا بغير عطف على المختار الا لقرينة من تعريف او غيره. فاذا ورد الامر مطلقا غير مشروط وجب تحصيل ما لا يتم الا به حيث كان مقدورا للمأمور. والصحيح ان الامر بالشيء ليس نهيا عن ضده ولا العكس فصل. والنهي قول القائل لغير لا تفعل او نحوه على جهة الاستعلاء كارها لما تناوله ويقتضي مطلقة الدوام. ويقتضي مطلقه الدوام لا مقيدة تدل على قبح المنهي عنه لافساده على المختار فيهما. الباب السادس في العموم والقصوص والاطلاق والتقييد العام. هو اللفظ المستغرق لما يصلح له من دون تعيينه مدلوله ولا عدده. والخاص بخلافه. والتخصيص اخراج بعض ما تناوله العام الفاظ العموم كل وجميع واسماء الاستفهام والشرط والنكرة المنفية والجمع المضاف والموصوف الجنسي والمعرف الجنس مفردا او جمعا. والمختار ان المتكلم يدخل في عموم خطابه. وان مجيء العامل المدح والذنب لا يبطل عموما وان نحو لا اكلت عام في المأكولات. فيصح تخصيصه. والذي يحرم على المستدم العمل بالعام قبل البحث على تخصيصه. وانه يكفي المطلع ظن عدمه وان نحو يا ايها الناس لا يدخل فيه من سيوجد الا بدليل اخر. وان دخول النساء في عمومي يا ايها الذين امنوا ونحوه بنقل الشرع او بالتغليب. وان ذكر حكم بجملة لا يخصصه ذكره لبعضها. وكذا عود الضمير الى بعض افراد العام اذ لا تنافي بين ذلك في الصورتين. والمخصص متصل ومنفصل. والمتصل الاستثناء والشرط والصفة والغاية وبدلوا البعض والمختار انه لا يصح تراخي الاستثناء الا قدر تنفس او بلع ريق. وانه يصح استثناء الاكثر انه من النفي اثبات والعكس وانه بعد الجمل المتعاطفة يرجع الى جميعها الا لقرينة. واما المنفصل فهو الكتاب السنة والاجماع والقياس والعقل والمفهوم على القول به. والمختار انه يصح تخصيص كل من الكتاب والسنة بمثله وسائره والمتواتر بالاحادي. وانه لا يقصر العموم على سببه. ولا يخصص العام بمذهب راويه. ولا بالعادة ولا بتقدير اضمر في المعطوف مع العام المعطوف عليه. وان العام بعد تخصيصه لا يصير مجازا فيما بقي بلا حقيقة. وانه يصح تخصيص خبر ولا يصح تعارض العمومين في قطعي ويصح في الخاص والعام. فيعمل بالمتأخر منهما. فان جهل التاريخ اطرحا قال يعمل بالخاص فيما تناوله. وبالعام فيما عداه. تقدم الخاص ام تأخر ام جهل التاريخ. فصل. والمطلق ما دل على شيء شائع في جنسه والمقيد بخلافه. وهما كالعام والخاص. واذا ورد في حكم واحد حكم بالتقييد اجماعا. لا في حكمين من جنسين اتفاقا ولا حيث اختلف السبب واتحد الجنس على المختار. الباب السابع في المجمل والمبين والظاهر والمؤول المجمل لا يفهم المراد به تفصيلا. والمبين مقابله. والبيان هنا ما يتبين به المراد بالخطاب المجمل. ويصح البيان بكل من الادلة السمعية ولا يلزم شهرة البيان كشهرة المبين. ويصح التعليق في حسن الشيء بالمدح. اذ هو كالحث وفي قبحه بالذنب اذ هو اكد من النهي. والمختار انه لا اجمال في الجمع المنكر. اذ يحمل على الاقل ولا في تحريم الاعيان. اذ يحمل على ولا في العام المخصص ولا في نحو لا صلاة الا بطهور. والاعمال بالنيات. ورفع عن امتي الخطأ والنسيان. وانه يجوز تأخير التبليغ اذ المقصود المصلحة ولا يجوز تأخير البيان ولا التخصيص عن وقت الحاجة اجماعا. اذ يلزم التكليف بما لا يعلم فاما عن وقت الخطاب فالمختار جواز ذلك في الامر والنهي. وعلى السامع البحت. ولا يجوز ذلك في الاخبار. فصل. والظاهر يطلق على كما يقابل النصب على ما يقابل المجمل. وقد تقدم والمؤول ما يراد به خلاف ظاهره. والتأويل صرف اللفظ عن حقيقته الى او قصره على بعض مدلولاته لقرينة اقتضتهما. وقد يكون قريبا فيكفي فيه ادنى مرجح وبعيدا فيحتاج الى الاقوى ومتعسفا فلا يقبل. الباب الثامن وهو ازالة مثل الحكم الشرعي بطريق شرعي مع تراخ بينهما. والمختار جوازه لم يقع الاشعار به اولا وينسخ ما قيد بالتأبيد والى غير بدل. والاخف بالاشق كالعكس والتلاوة والحكم جميعا. واحدهم ما دون الاخر ومفهوم الموافقة مع اصله واصله دونه. وكذا العكس ان لم يكن فحوى. ولا يجوز نسخ الشيء قبل امكان فعله زيادة على العبادة ان لم يجز المزيد عليه من دونها. والنقص منها نسخ للساقط اتفاقا. لا للجميع على المختار ولا يصح نسخ الاجماع ولا القياس اجماعا. ولا النسخ بهما على المختار. ولا متواتر بالاحادي. وطريقنا الى العلم بالنسخ اما وصي عن النبي صلى الله عليه وسلم او من اهل الاجماع صريحا او غير صريح. واما امارة قوية كتعارض القدرين من كل وجه مع معرفة المتأخر بنقل او قرينة كقراءة او حالة. فيعمل بذلك في المظنون فقط على المختار. الباب التاسع في الاجتهاد والتقليد. الاجتهاد استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل ظن بحكم شرعي. والفقيه من يتمكن من استنباط الاحكام الشرعية من من ادلتها واماراتها التفصيلية. وانما يتمكن من ذلك من حصل ما يحتاج اليه فيه من علوم الغريب والاصول والكتاب والسنة ومسائل الاجماع والمختار جواز تعبد النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد عقله. وانه لا قطع بوقوع ذلك ولا انتفائه. وانه وقع مما من عاصره في غيبته وحضرته وان الحق في القطعيات مع واحد. والمخالف مخطئ اثم. واما الظنية العملية فكل مجتهد فيها مصيب وانه لا يلزم المجتهد تكرر النظر لتكرر الحادثة. وانه يجب عليه البحث عن الناسخ والمخصص حتى يظن وانه لا يجوز له تقليد غيره مع تمكنه من الاجتهاد. ولو اعلم منه ولو صحابي ولا فيما يخصه ويحرم بعد ان اجتهد اتفاقا واذا تعارضت عليه الامارات رجع الى الترجيح. فان لم يظهر له رجحان فقيل يخير وقيل يقلد غيره. وقيل لا يرجع الى حكم العقل ولا يصح لمجتهد قولان متناقضان في وقت واحد. وما يحكى عن سين متأول ويعرف مذهب اجتهد بنصه الصريح وبالعموم الشامل من كلامه وبمماثلة ما نص عليه وتعليله بعلة توجد في غير ما نص عليه. ان كان جواز تخصيص العلة واذا رجع عن اجتهاد وجب عليه ايذان مقلده. وفي جواز مجرى الاجتهاد خلاف فصل. والتقليد هو اتباع او قول الغير من دون حجة ولا شبهة. ولا يجوز التقليد في الاصول ولا في العلميات. وما يترتب عليها. ويجب في العملية المحضة الظنية والقطعية على غير المجتهد وعلى المقلد البحث عن كمال مقلده في علمه وعدالته. ويكفي انتصابه للفتية في بلد امام محق لا يجيز تقليد كافر التأويل وفاسقه. ويتحرى الاكمل ان امكنه. والحي اولى من الميت. والاعلم من الاورع. والائمة المشهورين اولى من غيرهم والتزام مذهب امام معين اولى اتفاقا. وفي وجوبه الخلاف. وبعد التزام من جملة او حكم معين يحرم الانتقال بحسب ذلك على المختار الا الى ترجيح نفسه ان كان اهلا للترجيح. ويصير ملتزما بالنية. وقيل مع لفظ او عمل وقيل بالعمل وحده وقيل بالشروع في العمل وقيل باعتقاد صحة قوله وقيل بمجرد سؤاله واختلف في جواز تقليد امامين فقط قاعدة ولا يجمع مستفت بين قولين في حكم على وجه لا يقول به اي القائلين. ويجوز لغير المجتهد ان يفتي بمذهب حكاية مطلقا وتخريجا. كان مطلعا على المأخذ اهلا للنظر. واذا اختلف المفتون على المستفتي غير الملتزم فقيل باول فتية وقيل بما ظنه الاصح. وقيل ياخذ بالاخف في حق الله سبحانه ويعمل بالاشد في حق العبد. وقيل يخير في حق الله سبحانه وفي حق العبد بحكم الحاكم. ومن لا يعقل معنى التقليد لفرط عاميته فالاقرب صحة ما فعله معتقدا ما لم يخرق الاجماع ويعامل في ذلك بمذهب علماء جهته ثم الاقرب جهة اليها والله اعلم. الباب العاشر ترجيح هو اقرب الامارة بما يقوى به على معارضتها. فيجب تقديمها للقطع عن السلف بايثار الارجح ولا تعارض الا بين نقليين او عقليين او مختلفين. فيرجح احد الخبرين على الاخر بكثرة رواته. وبكونه اعلم بما يرويه. وبضبط وثقته وكونه المباشر او صاحب القصة او مساميتها او اقرب مكانا او من اكابر الصحابة او متقدم الاسلام او مشهورا النسب او غير متلبس بمضعف ويتحمله بالغا. وبكثرة المزكين وعدالتهم. وبكونه عرف انه لا يرسل الا عن عدد المرسلين. ويرجح الخبر الصريح على الحكم والحكم على العمل. قيل والمسند على المرسل وقيل العكس وقيل سواء ويرجح ومرسل التابعي ومثل البخاري ومسلم على غيرهما. ويرجح النهي على الامر والامر على الاباحة. والاقل احتمالا على الاكثر والحقيقة على المجاز والمجاز على المشترك والاقرب من المجازين على الابعد والخاص على العام تخصيص العام على تأويل الخاص الذي لم يخصص على الذي خصص والعام الشرطي على النكرة المنفية وغيرهما وما ومن والجمع المعرف اللام على الجنس المعرف به. ويرجح الوجوب على الندب والاثبات على النفي. والدارئ للحد على الموجب له. والموجب للطلاق والعتق على الاخر ويرجح الخبر بموافقته دليلا اخر او لاهل المدينة او للخلفاء او للاعلم. وبتفسير روايته له بقرينة باخره وبموافقته القياس وبكون حكم اصله قطعيا والاخر ظنيا او دليله اقوى او لم ينسخ باتفاق او تكون علته اقوى لقوة طريق وجودهما في الاصل او طريق كونهما علة او بان يصحبها علة اخرى تقويها او حكمها حظرا او وجوبا دون معارضتها. او بان تشهد لها الطول او منتزعة من فول كثيرة او يعلل بها الصحابي او اكثر الصحابة ويرجح الوصف الحقيقي على غيره والثبوتي على العدمي. والباعثة على الامارة المجردة والمنعكسة على اختلافها والمطردة فقط على المنعكسة فقط. والصبر على المناسبة والمناسبة على الشبه. ويرجح بالقطع بوجود العلة الفرع ويكون حكم الفرع ثابتا بالنص في الجملة وبمشاركته في عين الحكم وعين العلة على الثلاثة الاخر وعين احدهما على الجنسين وعين العلة مع جنس الحكم على العكس ووجوه الترجيح لا تنحصر ولا يخفى اعتبارها على الفطن مع توفيق الله عز عز وجل خاتمة في الحدود. الحد في الاصطلاح ما يميز الشيء عن غيره هو لفظي ومعنوي. فاللفظي كشف لفظ بلفظ لا منه مرادف له. والمعنوي حقيقي ورسمي. وكلاهما تام وناقص. والحقيقي التام ما ركب من جنس الشيء وفصل القريبين كحيوان ناطق في تعريف الانسان. الحقيقي الناقص ما كان بالفصل وحده كناطق او مع جنسه البعيد كجسم من ناطق والرسمي التام ما كان بالجنس القريب والخاصة كحيوان ضاحك. والرسمي الناقص ما كان بالخاصة وحدها او مع الجنس البعيد لا مع العرضيات التي تقتص جملتها بحقيقة واحدة. كقولنا في تعريف الانسان ماشي على قدميه عريض الاظفار بادي البشرة سوي القامة ضاحك بالطبع ويجب الاحتراز بالحدود عن تعريف الشيء بما يساويه في الجلاء والخفاء. وبما لا يعرف الا به مرتبة او مراتب. وعن استعمال الالفاظ القريبة بالنظر الى المخاطب. ويرجح بعض الحدود السمعية على بعض كوني الفاظه اسرح او المعرف به اعرق وبعمومه وبموافقته النقل السمعي او اللغوي. وبعمل اهل المدينة او الخلفاء الاربعة او العلماء او بعضهم. وبتقرير حكم الحظر او حكم النفي. وبدرء الحد. الى غير ذلك مما لا يعزب عمن له طبع سليم وفهم مستقيم. وتوفيق من الفتاح العليم. والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. بقلم الفقير الى الله عبدالرحمن الناصر بن سعدي. غفر الله له ولوالديه في جميع المسلمين في التاسع عشر من جمادى اول سنة اربع وثلاثين وثلاثمائة والف من الهجرة. فائدة قال القرافي مفهوم المخالفة اثبات نقيض حكم المنطوق للمسكوت. لا اثبات ضده. وهو عشرة هم العلة ما اسكر كثيره فقليله حرام. مفهوم ما لم يسكر كثيره فليس بحرام. ومفهوم الشرط من تطهر صحت صلاته. مفهوم من لم يتطهر لم تصح. ومفهوم المانع لا يسقط الزكاة الا الدين. مفهومه من لا دين عليه لا تسقط عنه الزكاة. ومفهوم الزمان سافرت يوم الجمعة. مفهومه انك لم تسافر يوم الخميس ومفهوم المكان جلست امامك مفهومه لا عن يمينك ومفهوم الغاية ثم اتموا الصيام الى الليل. مفهوم يجب بعد الليل ومفهوم الحصر انما الماء من الماء. مفهومه لا يجب من غير الماء ومفهوم الاستثناء. فقام القوم الا زيدا. مفهومه انه لم يقم ومفهوم اللقب. وهو تعليق الحكم على اسماء الذوات نحو في الغنم الزكاة. مفهومه لا تجب في غيرها عند من قال به وهو اضعفها. ومفهوم الصفة في الغنم السائمة الزكاة. مفهوم ما ليس سائمة فلا زكاة فيه. الالفاظ على اربعة انواع متواطئة ومشتركة ومتباينة ومترادفة. فحقيقة اللفظ المتواطئ هو ما اذا اتحد اللفظ ومعناه. وتعددت افراده من غير تفاوت يقع بين الافراد بقلة وكثرة او شدة وضعف او استغناء او افتقار. وما اشبه ذلك. فانه اذا اتحد اللفظ والمعنى وتعددت افراده ولم تتفاوت فهو متواطئ. كالانسان بالنسبة الى افراده. فان الكلية فيها وهو الحيوانية النقية لا تفاوت فيها بزيادة ولا نقص. وسمي بذلك من التواطؤ وهو التوافق. واما اذا تفاوتت افراد الكلي بقلة وكثرة كنور السراج والشمس او بشدة وضعف كبياض القرطاس وبياض الكتان او باستغناء وافتقار كالوجود بالنسبة الى الجوهر والعرب فهذا وامثاله تفاوتت افراده بزيادة ونقص فيسمى شكاكا. لانه يشكك الناظر فيه. هل هو متواطئ لوجود الكلي في افراده او مشترك لتغاير افراده. فهذا لا يقال له متواطئ ولا مشترك لما ذكرنا. واما المشترك فهو ما اتحد لفظه وتعدد معناه. قالوا وشرطه ان يكون اللفظ يوضع لكل منهما وضعا اوليا مكان ذلك القرء. فانه اسم كن للطهر والحيض احترازهم بقوله وصفا اوليا عن اللفظ الموضوع لاحدهما. ثم نقل لاخر لعلاقته. انه يسمى بالنسبة للاول حقيقة وبالنسبة للثاني مجازا كالاسد. فانه حقيقة للحيوان المفترس. ومجاز للرجل الشجاع. وذلك مثل لفظ العين فانه يشترك فيه الباصرة والجارية والذهب اخذا من اشتراك العدد الكثير في الشيء الواحد. الفرق بينه وبين المتواطئ ان كل فرد من افراد المتواطئ يصدق عليه الكلم لكونه موجودا فيه ومنطبقا عليه. فاتحد فيه اللفظ والمعنى لكون هذا الفرد متصل بالانسانية مثلا لا يخرج عنه شيء من معنى هذا الكلي. واما المشترك فان افراده متغايرة. ولهذا لا تقولوا ان لفظ العين مثلا اذا اريد به الباصرة ان معنى العين موجود فيه. لا يخرج عنه شيء من معناه. بل يقال هذا بعض معنى العين. وقد خرج عنه وغيره من معاني هذا الاسم. لكون هذا اللفظ لم ينطبق على هذا المعنى. قال موفق الدين في روضته سمي الشرط شرطا لانه على على المشروب يقال اشرط نفسه للامر اذا جعله علامة عليه. ومنه قوله تعالى فقد جاء اشراطها اي علامات وقال فيها والفاسد مرادف الباطل فهما اسمان لمسمى واحد. وابو حنيفة اثبت بين الباطل والصحيح. وجعل الفاسد عنه وزعم انه عبارة عن ما كان مشروعا باصل غير مشروع بوصفه. ولو صح له هذا المعنى لم ينازع في العبارة لكنه ولا يصح اذ كل ممنوع بوصفه فهو ممنوع باصله. انتهى. وقال ايضا في الروضة على قول الحنفية والمالكية انه لا يشترط مراد العلة واستدلالهم ان علل الشرع امارات والامارة لا توجب وجود حكمها معها ابدا. بل يكفي كونه معها في الاغلب الاكثر كالغيم الرطب في الشتاء امارة على المطر. وكون مركوب القاضي على باب الدار امارة على انه عنده. وقد يجوز الا يكون عنده وفيها ايضا قولهم العلة امارة. والامارة لا توجب وجود حكمها ابدا. قلنا انما يثبت كونها امارة اذا ثبت انها علة والخلاف هنا يعني في ثبوت العلة المستنبطة. هل هذا الوصف علة وامارة ام لا؟ وليس الاستدلال على انه علة بثبوت الحكم مقرونا به اولى من الاستدلال على انه ليس بعلة يتخلف الحكم عنه. اذ الظاهر ان الحكم لا يتخلف عن عليته الى ان قال هذا يتبين الفرق بين العلة المنصوص عليها والمستنبطة. فان المنصوص عليها ثبت كونها امارة بغير اقتران الحكم بها. فلا يقدح فيها تخلفه عنها كما لا يقدح في كون الغيم امارة على المطر تخلفه عنه في بعض الاحوال. والمستنبطة انما ثبت كونها امارة باقتران الحكم بها متخلفة عنها بنفي ظن انها امارة والله اعلم. وقال الموفق ايضا في روضته وزعم من المبتدعة انه لا صيغة للامر بناء على ان الكلام معنى قائم في النفس. فخالفوا الكتاب والسنة واهل اللغة هكذا وجدت على ظهر هذا الكتاب