بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس الخامس والثمانون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اباح لعباده الطيبات من الرزق وحرم عليهم الخبائث التي تضرهم في ابدانهم واديانها الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بين للناس ما انزل اليهم من ربهم وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه وتمسك بسنته الى يوم الدين وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل معكم الحديث في بيان احكام الربا ونتناول في هذه الحلقة ان شاء الله بيان ربا الفضل لاننا قد استكملنا في الحلقة السابقة الحديثة عن ربا النسيئة فربا الفضل عبارة عن الزيادة في احد العوظين وقد نص الشارع على تحريمه في ستة اشياء هي الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح فاذا بيع احد هذه الاشياء بجنسه حرم التفاضل بينهما بان يكون احدهما اكثر من الاخر قولا واحدا لحديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه مرفوعا الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد رواه احمد ومسلم فدل الحديث على تحريم بيع الذهب بالذهب بجميع انواعه من مظروب وغيره متفاظلا وعن بيع الفظة بالفظة بجميع انواعها متفاضلة الا مثلا بمثل يدا بيد سواء بسواء وعن بيع البر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر بجميع انواعه والملح بالملح الا متساوية مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد. ويقاس على هذه الاشياء الستة ما شاركها في العلة فيحرم فيه التفاضل عند جمهور اهل العلم الا انهم اختلفوا في تحديد العلة والصحيح ان العلة في النقدين الثمنية فيقاس عليهما كل ما جعل اثمانا كالاوراق النقدية المستعملة في هذه الازمنة فيحرم فيها التفاضل اذا بيع بعضها ببعض مع اتحاد جنسها. والصحيح ايضا ان العلة في بقية الاصناف الستة البري والشعير والتمر والملح هي الكيل او الوزن مع كونها مطعومة فيتعدى الحكم الى ما شاركها في تلك في تلك العلة مما يكال او يوزن وهو مما يطعم فيحرم فيه ربا التفاضل قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله والعلة في تحريم ربا الفضل الكيل او الوزن مع الطعم وهو رواية عن احمد انتهى فعلى هذا كل ما شارك هذه الاشياء الستة المنصوص عليها في تحقق العلة فيه بان يكون مكيلا مطعوما او موزونا مطعوما او تحققت فيه علة الثمنية ان كان من النقود فانه يدخله الربا. فان انضاف الى العلة اتحاد الجنس كبيع بر بيمر حرم فيه التفاضل والتأجيل. لقوله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر الشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد وان اتحدت العلة مع اختلاف الجنس كالبر بالشعير حرم فيه التأجيل. وجاز فيه التفاضل لقوله صلى الله عليه وسلم اذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم اذا كان يدا بيد رواه مسلم وابو داود ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم يدا بيد اي حالا مقبوضا في المجلس قبل افتراق متبايعين او احدهما عن الاخر وان اختلفت العلة والجنس جاز الامران التفاضل والتأجيل كالذهب بالبر والفضة بالشعير. ثم لنعلم انه لا يجوز بيع مكيل من جنسه الا كيلا ولا موزون من جنسه الا وزنا لقوله عليه الصلاة والسلام الذهب بالذهب وزنا بوزن والفضة بالفظة وزنا بوزن والبر بالبر كيلا بكيل والشعير بالشعير كيلا بكيل ولان ما خولف فيه معياره الشرعي لا يتحقق فيه التساوي وكذلك لا يجوز بيع مكيل بجنسه جزافا ولا بيع موزون بجنسه جزافا اي خرصا لعدم العلم بالتساوي والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل كلاهما لا يجوز ايها المستمعون الكرام ومما يتعلق بهذا الباب ما يسمى بالصرف وهو بيع نقد بنقد سواء اتحد الجنس او اختلف وسواء كان النقد من الذهب او الفظة او من الاوراق النقدية المتعامل بها في هذا الزمان. فانها تأخذ حكم الذهب والفضة لاشتراكها معها في علة الربا وهي الثمانية. فاذا بيع نقب بجنسه كذهب بذهب او فضة بفضة او ورق نقدي بجنسه كدولار بمثله او دراهم ورقية سعودية بمثلها وجب حينئذ التساوي في المقدار والتقابض في المجلس وان بيع نقد بنقد من غير جنسه كدراهم سعودية ورقية بدولارات امريكية مثلا وكذهب بفظة وجب حينئذ شيء واحد وهو الحلول والتقابظ في المجلس بان لا يفترقا وبينهما شيء وجاز التفاضل في المقدار وكذا اذا بيع حلي من الذهب بدراهم فظة او بورق النقد وجب الحلول والتقابض في المجلس وكذا اذا بيع حلي من الفظة بذهب مثلا اما اذا بيع الحلي من الذهب او الفظة بحلي او نقد من جنسه كان يباع الحلي من الذهب بذهب والحلي من الفظة بفظة وجب الامران التساوي في الوزن والحلول والتقابظ في المجلس. ايها المستمعون ان الربا عظيم ولا يمكن التحرز منه الا بمعرفة احكامه ومن لم يستطع معرفتها بنفسه فعليه ان يشعل ان يسأل عنها اهل العلم قال الله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ولا يجوز ان يقدم على معاملة الا بعد تأكده من خلوها من الربا ليسلم بذلك دينه وينجو من عذاب الله الذي توعد به المرابين ولا يجوز تقليد الناس فيما هم عليه من غير بصيرة خصوصا في وقتنا هذا الذي كثر فيه عدم المبالاة بنوعية المكاسب قد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه في اخر الزمان يكثر استعمال الربا. ومن لم يأكله ناله من غباره. نسأل الله لنا العافية والسلامة والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين