المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله تعالى والسماء والطارق وما ادراك كما الطارق ثم فسر الطارق بقوله النجم الثاقب اي المضيء الذي يثقب نوره فيخرق السماوات فينفذ حتى يرى وفي الارض والصحيح انه اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب. وقد قيل انه زحل الذي يخرق السماوات السبع وينفذ فيها فيرى منها وسمي طارقا لانه يطرق ليلا والمقسم عليه قوله يحفظ عليها اعمالها الصالحة والسيئة. وستجازى بعملها المحفوظ عليها فلينظر الانسان مما خلق اي فليتدبر خلقته ومبدأه فانه مخلوق من ماء دافق. وهو المني الذي يحتمل انه من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي ثدياها. ويحتمل ان عاد المني الدافق وهو مني الرجل. وان محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه. ولعل هذا اولى. فانه انما الله به الماء الدافئ والذي يحس به ويشاهد دفقه. وهو مني الرجل وكذلك لفظ الترائب. فانها تستعمل في الرجل فان الترائب للرجل بمنزلة الثديين للانثى فلو اريدت الانثى لقال من بين الصلب والثديين ونحو ذلك والله اعلم فالذي اوجد الانسان من ماء دافق يخرج من هذا الموضع الصعب قادر على رجعه في الاخرة. واعادته للبعث والنشور والجزاء. وقد قيل ان معناه ان الله على رجع الماء المدفوق في الصلب لقد قادر وهذا وان كان المعنى صحيحا فليس هو المراد من الاية. ولهذا قال بعده اي تختبر سرائر الصدور. ويظهر ما كان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه. قال تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. ففي الدنيا تنكتم كثير من الامور. ولا تظهر عيانا للناس. واما في القيامة في ظهر بر الابرار وفجور الفجار وتصير الامور علانية فما له من قوة يدفع بها عن نفسه ولا ناصر خارجي ينتصر به. فهذا القسم على حالة العاملين في عملهم وعند جزائهم ثم اقسم قسما ثانيا على صحة القرآن فقال اي ترجع السماء بالمطر كل عام. وتنصدع الارض للنبات فيعيش بذلك الاجر ادميون والبهائم وترجع السماء ايضا بالاقدار والشؤون الالهية كل وقت. وتنصدع الارض عن الاموات انه اي القرآن لقول فصل اي حق وصدق بين واضح. اي جد ليس بالهزل وهو القول الذي يفصل بين الطوائف والمقالات تنفصل به الخصومات. انهم اي المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن يكيدون كيدا ليدفعوا بكيدهم الحق ويؤيد الباطل فاكيد كيدا. واكيد كيدا لاظهار الحق. ولو كره الكافرون. ولدفع ما جاءوا به من الباطل. ويعلم بهذا في الغالب فان الادمي اضعف واحقر من ان يغالب القوي العليم في كيده اي قليلا فسيعلمون عاقبة امرهم حين ينزل بهم العقاب