المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثامن والثمانون عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل اتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه الحسد نوعان نوع محرم مذموم على كل حال وهو ان يتمنى زوال نعمة الله عن العبد دينية او دنيوية وسواء احب ذلك محبة استقرت في قلبه ولم يجاهد نفسه عنها او سعى مع ذلك في ازالتها واخفائها وهذا اقبح فانه ظلم متكرر وهذا النوع هو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والنوع الثاني الا يتمنى زوال نعمة الله عن الغير ولكن يتمنى حصول مثلها له او فوقها او دونها وهذا نوعان محمود وغير محمود فالمحمود من ذلك ان يرى نعمة الله الدينية على عبده فيتمنى ان يكون له مثلها فهذا من باب تمني الخير فان قارن ذلك سعي وعمل لتحصيل ذلك فهو نور على نور واعظم من يغبط من كان عنده مال قد حصل له من حله ثم سلط ووفق على انفاقه في الحق في الحقوق الواجبة والمستحبة فان هذا من اعظم البرهان على الايمان ومن اعظم انواع الاحسان ومن كان عنده علم وحكمة علمه الله اياها فوفق لبذلها في التعليم والحكم بين الناس فهذان النوعان من الاحسان لا يعادلهما شيء الاول ينفع الخلق بماله ويدفع حاجاتهم وينفق في المشاريع الخيرية فتقوم ويتسلسل نفعها ويعظم وقعها والثاني ينفع الناس بعلمه وينشر بينهم الدين والعلم الذي يهتدي به العباد في جميع امورهم من عبادات ومعاملات وغيرها ثم بعد هذين الاثنين تكون الغبطة على الخير بحسب حاله ودرجاته عند الله ولهذا امر الله تعالى بالفرح والاستبشار بحصول هذا الخير وانه لا يوفق لذلك الا اهل الحظوظ العظيمة العالية قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وقال ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه كأنه ولي حميد وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها انا ذو حظ عظيم وقد يكون من تمنى شيئا من هذه الخيرات له مثل اجر الفاعل اذا صدقت نيته وصمم من عزيمته ان لو قدر على ذلك العمل لعمل مثله كما ثبت بذلك الحديث وخصوصا اذا شرع وسعى بعض السعي واما الغبطة التي هي غير محمودة فهي تمني حصول مطالب الدنيا لاجل اللذات وتناول الشهوات كما قال الله تعالى حكاية عن قوم قارون يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون انه لذو حظ عظيم فان تمنى مثل حالة من يعمل السيئات فهو بنيته ووزرهما سواء فبهذا التفصيل يتضح الحسد المذموم في كل حال والحسد الذي هو الغبطة الذي يحمد في حال ويذم في حال والله اعلم