بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين. اما بعد فنشرع باذن الله تعالى في الكلام على دلالة اللفظ على المعنى وهذا التقسيم باعتبار قوة دلالة اللفظ على المعنى وذلك ان اللفظ قد يدل على معنى واحد فقط وقد يدل على اكثر من معنى واذا دل على اكثر من معنى فاما ان تكون هذه المعاني متساوية واما ان يكون بعضها اقوى من بعض. فنقول ان اللفظ اذا دل على معنى واحد لا يحتمل غيره فتلك الدلالة تسمى دلالة نصية. هذا هو النص كقولك مثلا جاء تسعة رجال فقولك تسعة ينفي احتمالا ان يكونوا ثمانية او ان يكونوا عشرة فاسماء الاعداد دلالتها دلالة نصية ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة فهذه دلالة نصية لا تحتمل غير العشرة اذا اذا دل اللفظ على معنى واحد لا يحتمل غيره فهذه دلالة تسمى دلالة نصية واذا دل اللفظ على اكثر من معنى فاننا ننظر اذا كان احد هذه المعاني ارجح من الاخر فحينئذ هذا يسمى الظاهر المعنى الارجح من معنيين او من اكثر من معنيين هذا يسمى الظاهر فقولك مثلا رأيت اسدا كلمة اسد تطلق على الحيوان المفترس وهذا الاطلاق ارجح من الاطلاق الاخر وهو اطلاق الاسد على الرجل الشجاع فقولك رأيت اسدا الظاهر هو الحيوان المفترس لان هذا هو الاحتمال الارجح للمعنى لكن قد يحمل اللفظ على المعنى المرجوح بقرينة جاءت فقولك رأيت اسدا يقتل اعداءه في المعركة المراد بالاسد حينئذ الرجل الشجاع فهنا حملت لفظ الاسد على المعنى المرجوح لقرينة مذكورة في السياح وهي قولك يقتل اعداءه في المعركة اذا اللفظ اذا كان له اكثر من معنى فان حمل على المعنى الراجح فهذا هو الظاهر وان حمل على المعنى المرجوح بقرينة او دليل فهذا هو المؤول ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها. وصل عليهم فالمراد بالصلاة في لسان الشرع الصلاة التي هي عبادة ذات اقوال وافعال مقصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم هذا هو الاحتمال للمعنى بكلمة الصلاة في لسان الشرع لكن هنا المراد بالصلاة الدعاء وصلي عليهم اي وادعوا لهم دليل ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اوتي بزكاة من قوم دعا لهم ففسر عليه الصلاة والسلام قوله عز وجل وصل عليهم بالدعاء لهم وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم من دعي الى طعام فان كان مفطرا فليطعم وان كان قائما فليصل اي فليدعو فحمل الصلاة هنا على المعنى المرجوح في الشرع وهو الدعاء ولم تحمل على المعنى الشرعي الذي هو الصلاح ذات الاقوال والافعال اذا هذا حمل لللفظ على المعنى المرجوح بقرينة هذا يسمى المؤول واما اذا دل اللفظ على معنيين متساويين في الرتبة ليس بينهما احتمال ارجح واحتمال اضعف وانما هما احتمالان متساويان يطلق اللفظ عليهما على جهة السواء فهذا يسمى المجمل مثال ذلك كلمة عسعس عسعس تعني دخل وعسعس تعني خرج بقوله سبحانه وتعالى والليل اذا عسعس فسره بعضهم اي والليل اذا دخل وفسره اخرون والليل اذا خرج ومن ذلك كلمة جون فان كلمة جون تطلق على الابيض والاسود فلو قلت مثلا ثوب زيد جون يحتمل انه ابيظ ويحتمل انه اسود فكلمة جون تطلق على الابيض والاسود على السواء كلمة آآ قروء في قوله سبحانه وتعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء فروق تطلق على الاطهار وتطلق على الحيض على السواء فهي لفظ مشترك وبالتالي نقول ان قوله عز وجل والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء يحتمل ثلاثة اطهار ويحتمل ثلاث حيض ولذلك فسر الامام الشافعي رحمه الله تعالى الخروج بالاطهار وفسر الامام احمد القروء بالحيض وتفسيرهم جاء لادلة اخرى والا فان اللفظ مشترك يطلق على هذا ويطلق على هذا اذا تقرر هذا فاننا نقول ان دلالة اللفظ على المعنى اما ان يكون على معنى واحد لا يحتمل غيره وهذا هو النص واما ان يدل اللفظ على اكثر من معناه احد هذه المعاني راجح فهو الظاهر فان حمل اللفظ على المعنى المرجوح فهذا هو المؤول وان كانت المعاني التي دل عليها اللفظ متساوية فان هذا يسمى المجمل فان هذا يسمى المجمل واشار العمريطي رحمه الله تعالى في نظم الورقات الى هذا فقال والنص عرفا كل لفظ وارد لم يحتمل الا لمعنى واحد هذا النص لا يحتمل الا معنى واحدا والنص عرفا كل لفظ وارد لم يحتمل الا لمعنى واحد. كقد رأيت جعفرا وقيلما تأويله تنزيله فليعلم والظاهر الذي يفيد من سمع معنى سوى المعنى الذي له وضع كالاسد اسم واحد السباعي وقد يرى للرجل الشجاع فكلمة الاسد اسم للحيوان المفترس وقد يطلق الاسد على الرجل الشجاع فاطلاق الاسد على الحيوان المفترس هذا هو الظاهر وحمل كلمة الاسد على الرجل الشجاع هذا هو مؤول يشار اليه اذا وجدت القرينة او اذا وجد الدليل ولذلك نقول ان حمل اللفظ على المعنى الراجح بنفسه هذا هو الظاهر واذا دل دليل خارجي وحمل على المعنى المرجوح هذا هو المؤول قال كالاسد اسم واحد السباعي وقد يرى للرجل الشجاع واما المجمل فهو ما يحتاج الى بيان. وذلك ان اللفظ يدل على اكثر من معنى تتساوى فيها الاحتمالات فلذلك المجمل يحتاج الى بيان حتى يحدد ما المراد بهذا اللفظ ما كان محتاجا الى بيان فمجمل وضابط البيان اخراجه من حيز الاشكال الى التجلي واتظاح الحال نكتفي بهذا القدر والله اعلم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته