الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فهذا هو المجلس التاسع ونحن في يوم رمضان عمى سبع سبعة وثلاثين واربعمئة بدل الف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ايها الاخوة ينبغي ان نتنبه الى امر قد نبهنا عليه بالقواعد الحسان ولكن ينبه عليه هنا باختصار. وهو ان التفسير من الشيخ رحمه الله قد يكون تفسيرا بالمطابقة. الكلمة وما يساويه من المرادفات القريبة في العربية وقد يكون التفسير بتفسير التظمن وهو ما يعرف بدلالة التظمن وهو ذكر الجزء معناه او ذكر معناه وهذا امر ايظا مستساغ في التفسير وهذا الاول والثاني لا ينكره ويدركه كل احد. ولكن الاهم هو الثالث وهو تفسير الشيء بلا تفسير الشيء بلازمه. فربما من لا ينتبه لهذا ربما يراه مستبعدا. او مستنكرا وليس الامر كذلك لكن دائما في تفسير الشيء باللازم نحتاج الى امرين وهو ان نوافق او ان نقر بالمعنى الذي يدل عليه تدل عليه الاية بالمطابقة وبالتظمن ثم نثبت الامر اللازم فان ذكر الامر اللازم مع اهمال المطابقة واهمال التظمن لوظوحه مثلا او لعدم الحاجة اليه لانها اية بينة فهذا امر مستساغ لكن بشرط ان لا يكون في مكان اخر انكار المعنى الذي دل الكلام بالمطابقة او ولنضرب على هذا مثال لما ذكر الشيخ رحمه الله في اه كثير من المواضع ذكر مثلا نظرب مثال بالوجه قال يبتغون آآ ابتغاء وجه الله ابتغاء وجه الله اي يعملون العمل يريدون وجه الله تبارك وتعالى اي يعملون العمل مخلصين لله. هذا من لوازم ابتغاء وجه الله. لان من يريد وجه الله لا يمكن ان يصل اليه الا بالاخلاص والشيخ بايات اخرى يثبت صفة الوجه اذا هذا امر مستساغ ولا شيء فيه. نعم. القراءة مع الشيخ عبدالسلام سعيد وكنا قد وقفنا على الاية الحادية والتسعين من سورة الانعام. نعم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد فاخر الله للمؤلف وللشيخ وللحاضرين قال رحمه الله تعالى وقول الله تعالى الا وما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شيء الاية هذا تشنع على من نفى الرسالة من اليهود والمشركين وزعم ان الله ما انزل على بشر من شيء قال هذا فما قدر الله حق قدره ولا عظمه حق عظمته اذا هذا قدح في حكمته. والزعم انه يترك عبادة وهملا لا يأمرهم ولا ينهاهم ونفي ابتلى الله تعالى بها على بعده وهي الرسالة التي لا طريق للعباد الى نيل السعادة والكرامة والفلاح الا بها فاي قدح في الله اعظم من هذا قل لهم ملزما بفساد قولهم وقرروا بما يقرون ما انزل ما انزل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى وهي التوراة العظيمة نورا في ظلمات وهدى من الضلالة وهادين الى الصراط المستقيم علما وعمله الكتاب الذي شاع ودعم وملأ ذكره القلوب والاسماع حتى انهم جعلوا يتناسخون في القراطيس ويتصرفون فيه بما شاءوا فما وافق اهواءهم منه ابدوه وما اظهروه وما خالف ذلك اخفوه وكتموه وذلك كثير. وعلمتم من العلوم التي بسبب ذلك الكتاب الجليل ما لم تعلموا انتم ولا اباؤكم فاذا سألتم عن من انزل هذا الكتاب من صفوفك صفاته افاجب عن هذا السؤال وقل لله الذي انزله فحينئذ يتضح الحق وينجلي مثل الشمس وتقوم عليهم الحجة ثم اذا الزمتهم بهذا لزامي ذرهم وفي خوضهم يلعبون اتركهم يخوضوا في الباطل ويلعبوا بما لا فائدة فيه حتى يلاقوا يومه الذي يوعدون قوله تعالى وهذا كتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر ام القرى ومن حولها الاية ايه هذا القرآن الذي انزلناه واليك مبارك اي وصفه البركة ذلك لكثرة خيرات وسعة مبراته مصدق الذي بين يديه موافق للكتب السابقة وشاهد لها بالصدق ولتنذر ام القرى ومن حولها وانزلناها وايضا لتدار ام القرى وهي مكة المكرمة من حولها من ديار العرب. بل ومن سائر البلدان فتحذر الناس عقوبة الله واخذه الامة وتحذره مما يوجب ذلك والذين يؤمنون بالاخرة يؤمنون به لهذا الخوف. فاذا كان في القلب عمرة اركانه وانقاد لمرض الله. وهم على صلاتهم يحافظون يداومون عليها فهو يحفظ وكان شروطها وادابها ومكملاتها جعلنا الله منهم. امين قوله تعالى ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او قال اوحي الي الاية يقول تعالى لا احد اعظم ظلما واكبر جرم من كذب على الله بان نسب الى الله قولا وحكما وهو فبريء منه وانما كان هذا اظلم الخلق. لان فيه من الكذب وتغل اصولها وفروعها ونسبة ذلك الى الله ما هو اكبر من الله من اكبر الفساد ويدخل في ذلك ادعاء النبوة وان الله يوحي اليه وهو كاذب في ذلك فانه مع كذبه على الله وجرأته على عظمته وسلطانه يجب على الخلق ان يتبعوه ويجاهداهم على ذلك ويستحل دماء من خالفوا اموالهم. ويدخل بهذه الاية كلمة كل من كل من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب والاسود العنسي والمختار وغيرهم من اتصف بهذه الوصفة قال سانزل مثل ما انزل الله يوما اظلم ممن زعم انه يقدر على ما يقدر الله عليه ويجاري الله تعالى في احكامه ويشرع من الشرائع كما يشرعه الله ويدخل في هذا كل من يزعم انه يقدر على معارظة القرآن وانه في امكانه ان يأتي بمثله. واي ظلم اعظم ان من دعوى الفقير العاجز بالذات الناقص من كل وجه مشاركة القوي الغني الذي له الكمال المطلوب من جميع الوجوه في ذاته واسمائه وصفاته. ولما ذم الظالمين ذكر ما اعد لهم من عقبة في الاحتضار ويوم القيامة فقال ولو تراني الظالمون في غمرات المؤدية للشدائد واهواله الفظيعة وكربه الشنيعة لرأيت امرا هائلا وحالة لا لا يقدر واصف ان يصفها والملائكة باسط ايديهم الى اولئك الظالمين المحتضرين بالضرب والعذاب يقول لهم عند منازعة الرحم وقلقها وتعصيها عن الخروج من الابدان انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون. اي العذاب الشديد الذي يهينكم ويذلكم والجزاء من جنس العمل فان هذا العذاب اذا كنتم تقولون على الله غير الحق من كذبكم وردكم الحق الذي جاءت به الرسل وكنتم عن اياته تستكبرون اي يترفعون عن الانقياد لها والاستسلام باحكامها وفي هذا الدليل على عذاب ونعيمه فان هذا الخطاب والعذاب الموجه اليهم انما هو عند الاحتضار وقبيل الموت وبعده وفيه دليل على ان الروح جسم يدخل ويخرج ويخاطبه يساكن الجسد فهذا هو عقيدة اهل السنة والجماعة. ان الروح ان الروح يوصف بانه يدخل ويخرج وانه يقبض وانه يصعد كما جاء في الاوصاف التي ذكرت عن الروح في القرآن والسنة. خلافا للفلاسفة والاطبا او بعض الاطباء ممن زعموا ان الروح لا حقيقة لها. وانما هي مادة الهواء بزعمهم. فهذا ليس في الصحيح عند اهل السنة والجماعة. اما تسمية الروح بالجسم فهذا الكلام كلمة الجسم لفظ مجمل. هل يجوز ان يقال العن الروح جسم فيقال ان كان المقصود بجسم كأجسادنا الطينية فالجواب لا. وان كان المقصود بالجسم انه آآ بمعنى يقبض ويذهب ويجيء ويروح ويصعد فهذا نعم ونبه على هذا شيخ الاسلام ابن تيمية في التدبرية. نعم قال فهذه حالهم البرزخ واما يوم القيامة فانهم اذا وردوها وردوها مفلسين فردى بلا اهل ولا مال ولا اولاد ولا جنود ولا انصار كما خلقهم الله اولا مرة عارين من كل شيء فان الاشياء انما تتمول وتحصل بعد ذلك باسبابها التي هي اسبابها. وفي ذلك اليوم تنقطع جميع الامور التي قالت مع العبد في الدنيا سوى العمل الصالح والعمل السيء الذي هو مادة الدار الاخرة الذي تشاء عنه ويكون حسنها وقبحها وسرورها وغمومها وعذابها ونعيمها بحسب فهي التي تنفع وتضر وتسوء او تسر وما سواها من الاهل والولد والمال والانصار فعواري خارجة فعواري خارجية وصاف زائلة واحوال حائلة هذا قال تعالى ولقد يثمون فرادى كما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولناكم واعطيناكم وانمنا به عليكم وراء ظهوركم لا يغنون عنكم شيئا وما نرى معكم شفعاءكم الذين جعلتم انهم فيكم شركاء فان المشركين يشركون بالله ويعبدون معه الملائكة والانبياء والصالحين وغيرهم وهم كلهم لله ولكن انهم يدعون لهذه المخلوقات نصيبا من انفسهم وشركة في عبادتهم. وهذا زعم منهم وظلم فان الجميع عبيد لله والله مالك ومستحق عبادته فشركه بالعبادة والصرف ولبعض العبيد تنزيل لهم منزلة الخالق المالك فيوبخون يوم القيامة يقال لهم هذه المقالة الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وتقطعت الوصل والاسباب بينكم وبين شركائكم من الشفاعة وغيرها فلم تنفع ولم تجد شيئا وضل عنكم ما كنتم تزعمون من الربح والامن والسعادة والنجاة التي زينها لكم الشيطان وحسنها في قلوبكم فنطغت به السنتكم واغترتم بهذا الزعم الباطل الذي لا حقيقة له حد حين تبين لكم نقيض ما كنتم تزعمون وظهر انكم الخاسرون لانفسكم واهليكم يوم واهليكم واموالكم قوله تعالى ان الله خالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت الايات يقرت على كمال كماله وعظمة سلطانه وقوة اقتداره وسعة رحمته وكرمه وشدة عنايته بخلقه فقال ان الله خالق الحب والنوى شامل لسائر الحبوب التي يباشر الناس زرعها والتي لا يباشرون لا يباشرونها منها الحبوب التي يبثها الله تعالى في البراري والقفار. فيفلق الحبوب عن الزروع والنوابت على اختلاف انواعها واشكالها ومنافعها الاشجار من النخيل وغير ذلك فينتفع الخلق من الادميين والانعام والدواب والنوى يقتاتون وينتفعون بجميع انواع المنافع التي جعلها الله في ذلك يريهم الله من بره واحسانه ما يظهر العقول ويظهر الفحول ويريه من بدائل صنعته وكمال حكمته ما به يعرفونه ويوحدونه يعلمون انه هو الحق وان عبادة ما سواه باطلة يخرج الحي من الميت كما يخرج من المني كما كما يخرج من المني حيوانا من البيضة فرقا ومن الحب والنوازر عن وشجرا. ومخرج الميت وهو الذي لا نمو فيه ولا روحا من الحي كما يخرج من الاشجار والزروع النوى حب ويخرج من الطائر بيضا ونحو ذلك. ذلكم الله الذي فعل ما فعل انفرد به بخلق هذه الاشياء وتدبيرها الله ربكم وان الذي لا اله والعبادية على خلقه اجمعين بنعمه وغذاهم بكرمه فانى تؤفكون فانى تصرفون وتصدون يصدون عن عبادة من هذا شأنه؟ الى عبادة من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. ولما ذكر تعالى خلق الاقوات ذكر منته بتهيئة المساكين وخلقه كل ما يحتاج اليه العباد من الضياء والظلمة وما يترتب على ذلك من انواع المنافع والمصالح في مصالحه فقال الاصباحي كما انه فالق الحب والنوى وكذلك هو فالق ظلمة الليل الداج الشامل لما على وجه الارض بضياء بضياء الصبح في ضياء الصبح الذي يفلقه شيئا فشيئا حتى تذهب ظلمة الليل كلها ويخلفها الضياء والنور العام الذي يتصرف به الخلق في مصالحهم ومعيشهم ومنافع دينهم ودنياهم ولما كان الخلق محتاجين الى السكون والاستقرار والراحة التي لا تتم الا بوجود النهار والنور جعل الله الليل سكنا يسكن فيه الادميون الى دورهم ومنامهم والانعام الى مأواها. والطيور الى اكوارها فتأخذ نصيبها من راحته ثم يزيل الله ذلك بالضياء وهكذا ابدا الى فيوم القيامة وجعل تعالى الشمس والقمر حسبانا بهما تعرف الازمنة والاوقات فتنضبط بذلك اوقات العبادات واجلاء المعاملات ويعرف بها مدة ما مضى من الاوقات التي لولا وجود الشمس والقمر وتناوب واختلافهما لما عرف ذلك عامة الناس واشتركوا في علمه. بل كان لا يعرفه الا افراد من الناس بعد الاجتهاد بذلك يفوت من المصالح الضرورية ما يفوت ذلك التقدير المذكور وتقدير العزيز العليم الذي من عزته قادت له هذه المخلوقات العظيمة فجرت مذللة مسخرة بامره بحيث لا تتعدى ما حده الله لها ولا تتقدم عنه ولا يتأخر العليم الذي احاط علمه بالظواهر الباطل والاوائل والاواخر. ومن الادلة العقلية على احاطة علمه تسخير هذه المخلوقات العظيمة على تقدير والنظام من بديع تحي تحير العقول في حسنه وكماله وموافقته للمصالح والحكم والحكم لو تأملنا بقوله تعالى وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا. حسبانا كثير من المفسرين يذهب بالهم ان المقصود بحسبان فقط حساب الليل والنهار. بل الامر اعم من ذلك فان كلمة حسبانا يعني تقديرا. فالشمس والقمر تقدير متعلق بهما تقدير الليل والنهار الذي هو الزمان ومتعلق بهما تقدير اه اه ما يتعلق بدوران اه الشمس وما يتعلق على وفق ذلك من الامور التي هي اه وتجلي العلاقة بين الكواكب وغيرها فكلمة حسبانا تقديرا اعم ليس مخصوصا بالزمان فقط وانما هذا من باب وذكر الفرض من افراد معنى حسبانا. نعم قوله تعالى وهو الذي جعلكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر حين تشتبه عليكم المسالك ويتحير في سيره السالك فجعل الله النجوم هدايته للخلق الى السبيل التي يحتاجون الى سلوكها لمصالحهم وتجارتهم واسفارها منها نجوم لا تزال ترى ولا تسيء ولا تسير عن محلها ومنها ما هو مستمر سريع يعرفه سيره اهل المعرفة بذلك ويعرفون به الجهات والاوقات ودلت هذه الاية ونحوها على مشروعيتها الاسر المواكبة الذي يسمى علم التسيير فانه لا تتم الهداية ولا تمكن الا بذلك ينهى عن الاخر بحيث صارت ايات الله بدبادية ظاهرة لقومه يعلمون لاهل العلم والمعرفة فانهم الذي الذين يوجه اليهم الخطاب ويطلب منهم بخلاف الجهل والجفاء المعرضين عن ايات الله وعن العلم الذي جاءت به الرسل فان البيان لا يفيدهم شيء والتفصيل لا يزيل عنهم ملتبسا والايضاح لا يكشف لهم مشكلا وهو الذي انشأ انشأكم من نفس واحدة وهو ادم عليه السلام انشأ الله منه هذا العنصر الادمي الذي قد ملأ الارض ولم يزل في زيادته ونمو الذي قد تفاوت في اخلاقه وخلقه واوصى واوصى فيه تفاوتا لا يمكن ضبطه ولا يدرك وصفه وجعل الله له مستقرا اي منتهى ينتهون اليه وغاية يساقون اليها دار القرآن التي لا مستقر ورائها ولا نهاية فوقها. فهذه الدار هي التي خلق الخلق لسكانها فهذه الدار هي التي خلق الخلق لسكناها واوجدوا في الدنيا ليسعوا في اسبابها التي تنشأ عليها وتعمر بها. واودعهم الله في اصلاب ابائهم امهاتهم ثم في الدار الدنيا ثم في البرزخ وكل ذلك على وجه الوديعة التي لا تستقر ولا تثبت من ان ينتقل منها الدار التي هي المستقرة اما هذه الدار فانها مستودع وممر قد فصلنا الايات لقوم يفقهون عن الله اياته ويفهمون عنه حججه وبيناته قوله تعالى وهو الذي انزل من السماء ماء فاخرجنا به نبات كل شيء الاية وهذا من اعظم الاله العظيمة التي يضطر اليها الخلق من الادميين وغيرهم وهو الذي وهو انه انزل من السماء ماء متتابعا وقت حاجة الناس اليه. فانبت الله به كل شيء مما يأكل الناس والالعاب فرتع الخلق بفضل الله وانبسطوا برزقه وفرحوا باحسانه وزال عنهم الجد واليأس والقحط ففرحت القلوب واسفرت الوجوه وحصد العباد من رحمة الرحمن الرحيم وبه يرتعون مما يوجب لهم ان يبذلوا جهدهم في شكر من اسدا النعم وعبادته والانابة الي والمحبة له. ولما ذكر عموما ينبت بالماء من انواع والنبات ذكر الزرع والنخل كثرة نفعهما وكل مقوتا لاكثر الناس فقال فاخرجنا منه خضرا نخرج منه اي من ذلك النبات الخضري حبا متراكما بعضه فوق بعض من بر وشاي وذرة وارز وغير ذلك من اصناف الزروع وفي وصفه بانه متراكب اشارة الى ان حبوبه متعددة وجميعها تستمد من مادة واحدة وهي لا تختلط بل هي متفرقة الحبوب اجتمعت الاصول واشارة ايضا الى كثرتها وشمول ريعها وغلتها ليبقى اصل البذر ويبقى كثيرة للاكل والادخار ومن النخل اخرج الله من طلعها وهو الكفر وهو الكفوري وهو الكفري والوعاء قبل ظهور منه فيخرج من ذلك الوعاء طنوان دانية قريبة سهلة متدلية على من ارادها بحيث لا يعسر التناول من النخل. وان طالت فانه يوجد فيها كرم وبراقي يسهل صعودها واخرجتها لا بالماء جنات من اعناب وزيتون ورمان فهذه من الاجيال كثيرة النفع العظيمة الوقع. فلذلك خصصها الله بالذكر بعد ان ام جميع الاشجار والنوابت قولوا مشتبه وغير متشابه يحتمل ان يرجع الى الرمان والزيتون اي مجتمع في شجره وورقه غير متشابه في ثمره. ويحتمل ان يجعل ذلك للفواكه وان بعض مشتبهة ويشبه بعضها بعضا يتقارب في بعض اوصافه وبعضها لا مشابهة بينه وبين غيره. والكل ينتفع به العباد ويتفكهون ويقتاتون ويعتبرون لهذا امر تعالى بالاعتبار فقال انظروا نظر فكر واعتبار الى ثمرة الاشجار كلها خصوصا النخل اذا اثمر وينعيها ينظر اليه وقت اطلاعه اطلع وقت وقت اطلاعه وقت نضه وايناعه فان في ذلك عبر وايات يستدل بها على رحمة الله وسعة احسانه وجوده وكمال اقتداره وعنايته بعباده ولكن ليس كل واحد يعتبره ويتفكر وليس كل من تفكر ادرك المعنى المقصود ان هذا قيدته على الانتفاع بالايات بالمؤمنين فقال ان في ذلكم لايات لقوم يؤمنون فان المؤمنين يحملهم ما معهم من الايمان على العمل مقتضياته ولوازمه التي منها التفكر بايات الله والاستنتاج منها ما يرى منها ما يراد منها وما تدل عليه عقلا وفطرة وشرعا الاية مشتبها وغير متشابه الشيخ ارجع للمعنى الى الاشجار. وهذا احد الاقوال قول الاخر وهذا من بلاغة القرآن ان الكلمة الواحدة تحتمل عدة معاني كلها صحيحة مشتبها وغيرها متشابه اي منتبها في الثمر وغير متشابه في الثمر يعني تنظر اليه ترى هذا التمر وهذا التمر اشتبه وغير مشتبه في الطعم هذا يختلف عن هذا تجد ان هذا كله نوع واحد من الرمان ثم غير متشابه في الطعم هذا حامض وهذا حلم وهذا مز فهذه من حكمة الله عز وجل ينوعها مع ان المنبت والماء والارظ والشجر واحد وينوعها سبحانه وتعالى قوله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخلقوا له بنين وبنات بغير علم الاية يقول تعالى انهما احسانه لعباده والتعرف اليه باياته البينات وحجاجه الواضحات ان المشركين به من قريش وغيرهم جعلوا له شركاء يدعونهم ويعبدونهم من الجن والملائكة الذين هم خلق من خلق الله ليس فيهم من خصائص الربوية والالوهية كيف جعلوها شركاء لمن له الخلق والامر. وهو المنعم بسائر اصناف النعم الدافع لجميع النقم وكذلك خلق المشركون اي اي وافتروا من تلقاء انفسهم لله بنين وبنات بغير علم منهم نفسه عما افتراه عليه مشركون فقال سبحانه وتعالى عما يصفون فان الله فانه تعالى نوصوا بكل كمال منزل عن كل نقص وافات وعيب. بديع السماوات والارض خالق موت صنعته مع الغير سابق باحسن خلق ونظام وبهاء لا تقترح عقوله الى الباب مثله وليس له في خلقهما مشارك او صاحبة اي كيف يكون لله الولد وهو الاله السيد الصمد الذي لاحص صاحبة له اي لا زوجته الغني عن مخلوقاته وكلها فقيرة اليه مضطرة للجميع احوالها اليه والولد لابد ان يكون من جنس والده. والله خالق كل شيء وليس شيء من المخلوقات مشابها لله بوجه من الوجوه. ولما ذكر عموم خلقه لشهد احاطة علمه بها فقال وبكل شيء عليم وفي ذكر العلم بعد خلق اشارة يدعي الى ثبوت علمه وهو هذه المخلوقات وما اشتملت عليه من نظام التام والخوف فان في ذلك دلالة على سعة العلم الخالق وكمال حكمته. كما قال تعالى لا يعلم من خلقه وهو اللطيف الخبير. وكما قال تعالى والخلاق العليم ذلكم الله الذي خلق ما خلق وقدر ما قدر الله ربكم اي مألوف معبود الذي يستحق نهاية الذل ونهاية حب الرب والذي ربى جميع الخلق من نعم وصرف عنهم صنوف النقم خالق كل شيء لا اله الا هو فاعبدوه اذ استغل وثبت انه الله الذي لا اله الا هو فاصرفوا له جميع انواع العبادة واخلصوها لله واقصدوا بها وجهه فان هذا هو المقصود من الخلق الذي خلقوا ليده وما خلقوا في الجن والانس الا ليعبدوني وهو على كل شيء وكيلا جميع الاشياء تحت وكالة الله وتدبيره خلقا وتدبيرا ومن المعلوم ان الامر المتصرف فيه يكون استقامتها تمام وكمال بحسب حال الوكيل عليه اشياء ليست من جنس وكالة فان وكالتهم وكالة نيابة والوكيل فيها تابع لموكله واما الباري تبارك وتعالى فوكالة من نفسه نفسه متظمنة لكمال العلم وحسن التدبير والاحسان فيه والعدل فلا يمكن احدا ان يستدرك على الله ولا يرى في خلقه خلل ولا فطور ولا في تدبيره نقصا ولا عيبا ومن وكالته انه تعالى توكل بيان الدين وحفظه عن المزيلات والمغيرات وانه تولى حفظه من عصمته عما يزيل ايمانهم ودينهم لا تدركه الابصار لعظمته وجلاله وكماله لا تحيط به الابصار وان كانت تراه وتفرغ بالنظر الى وجهه الكريم فنفي الادراك على ينفي الرؤية بل يثبتها بالمفهوم فانه اذا نفى الادراك الذي هو اخص اوصاف الرؤيا دل على ان الرؤية ثابتة انه لو ارادنا في رؤية لقال تراه الابصار ونحو ذلك فعلم انه ليس في الاية حجم لمذهب انه ليس في الاية حجة لمذهب المعطلة الذين يوفون رؤية ربه في الاخرة بل فيها ما يدل على نقيض قولهم وهو يدرك الابصار اي هو الذي احاط علمه بالظاهر باطن وسمعه بجميع الاصوات الظاهرة والخفية وبصره بجميع كبارها وكبارها ولهذا قال هو اللطيف الخبير ايها الذي لطف علمه لطف علمه وخبرته ودق على حتى ادرك السرائر والخفايا والخبايا الحياء والباطن ومن لطفه انه يسوق عبده الى مصالح دينه ويوصلها اليه بالطرق التي لا يشعر بها العبد ولا يسعى فيها. ويوصله الى السعادة الابدية والفلاح السرمدي من حيث لا يحتسب حتى انه يقدر عليه الامور التي يكره العبد ويتألم منها ويدعو الله ان يزيلها لعلمه ان دينه اصلح لعلمه ان دينه اصلحوا ان كماله متوقف عليها فسبحان اللطيف لما يشاء الرحمن الرحيم. الرحيم بالمؤمنين. هنا قوله لا تدركه الابصار ربما يشكل على بعض طلاب العلم ان ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها استدلت بهذه الاية على ان الله لا يرى ليس استدلالا خاطئا لا تدركوا الابصار الاية ليس فيها نفي الرؤيا مطلقا. ان ان صح الاستدلال بالاية كما فعلت عائشة فالمراد لا تدركه الابصار في الدنيا نبه على هذا جمع من اهل العلم وهو يدرك الابصار في الدنيا وفي الاخرة. الله لا يرى الا في الاخرة اما الادراك بمعنى الاحاطة فهذا منفي عن الله مطلقا في الدنيا وفي الاخرة فالاية في نفي الاحاطة وليس في نفي الرؤيا فان استدلت عائشة رضي الله عنها بالاية على نفي الرؤيا فان استدلالها في محلها لان المقصود الدنيا نعم قوله تعالى قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه لا يعلم بين الله تعالى من ايات البينات والادلة واضحات الدالة على الحق في جميع مطالب المقاصد عليها واخبر ان هدايتهم وضدها لانفسهم. فقال قد جاءك مصائر من ربكم ايات تبين الحق وتجعل للقلب منزلة الشمس الابصار لما اشتملت عليهم انفصاحة اللفظ وضوحه ومطابقته المعاني الجليلة والحضانة الجميلة لانها صادرة من الرب الذي ربى خلقه بصنوف نعمه الظاهرة والباطنة التي من افضلها واجلها تبين الايات وتوضيح فمن ابصى بتلك الايات مواقع العبرة وعمل مقتضاها فلنفسه فان الله هو الغني الحميد ومن عمي بان بصر فلم يتبصر فلم ينزجر وبين له الحق فمن قابله ولا تواضع فانما عماه مضرته عليه الرسول عليكم بحفيظ احفظ اعمالكم راقبوها على الدوام انما علي البلاغ المبين وقد اديته وبلغت ما انزل الله الي فهذه وظيفتي وما عدا ذلك فلست موظفا فيه تصرف الايات وليقولوا درست الايات ينهى الله تعالى المؤمنين عن امر كان جائزا بل مشروعا في الاصل هو السب والهة المشركين التي اتخذت اوثانا والهة الله التي يتقرب الى الله بالتها وسبها ولكن لما كان هذا السب طريقا الى سب المشركين يا رب العالمين. عن كل عيب وسب وقدح نهى الله عن سب الالهة المشركين لانهم يحمون لدينهم ويتعصبون له. لان كل امة زين لهم زين الله لهم فرأوا حسنا وذبوا عنه ودفعوا بكل طريق حتى انهم يسبون الله رب العالمين الذي رسخت عظمته في قلوب الابرار والفجار اذا سب المسلمون الهتهم ولكن الخلق كله مرجعهم ومالهم الى الله يوم القيامة يعرضون عليه وتعرض اعمالهم فينبئهم بما كانوا يعملون من خير ومن شر القاعدة الشرعية وهو ان الوسائل تعتبر بالغور التي توصل اليها وان وسائل المحرم ولو كانت جائزة تكون محرمة اذا كانت تفضي الى الشر هنا في آآ نسخة الاية مئة وخمسة الى مئة وسبعة لا يوجد تفسير من الشيخ يقول بعض من علق لعل الشيخ نسى او سهى عن تفسير هذه الايات الثلاثة والمعنى وكذلك اي كما جاءكم بصائر من ربكم ومن الناس من ابصرها ومنها من لم يبصرها يصرف الايات فنجعل وبعضها تقبل وبعضها لا تقبل. وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون. يقول هؤلاء انك انت درست وطلبت العلم ولنبينه لقوم يعلمون. وفي قوله اتبع ما اوحي اليك من ربك لا تهتم بكلام الناس مهما يقولون عليك باتباع المنزل لا اله الا هو واعرظ عن المشركين ولو شاء الله ما اشركوا. لان الله عز وجل لو اراد جبرهم وقهرهم وقصرهم لما وقع منهم الكفر لكن الله تركهم واراداتهم وهذه الاية من اعظم الايات الدالة على ان الله لم يجبر العباد لذلك لا يجوز لاحد الاحتجاج بالقدر ولو شاء الله ما اشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما انت عليهم بوكيل. ثم قال ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله وان حصل منهم ما حصل من الشرك فان سبكم لهم يسبب سبا لدين الله عز وجل. نعم قوله تعالى واقسموا بالله جهد ايمانهم الايات اي واقسم المشركون والمكذبون رسول محمد صلى الله عليه وسلم لله جهد ايمانه قسما اجتهدوا فيه واكدوا لئن جاءتهم اية تدل على صوت محمد صلى الله عليه وسلم ليؤمنون بها وهذا الكلام الذي صدر منهم لم يكن قصدهم فيه الرشاد وانما قصدهم دفع الاعتراض عليهم وارد ما جاء به الرسول صلى الله واله وسلم قطعا فان الله ايد رسوله صلى الله عليه وسلم بالايات البينات والادلة والواضحات التي عند الالتفات لها لا تبقى ادنى شبهة ولا اشكال في صحة ما جاء به بعد ذلك لا يأتي باب التعنت الذي لا يلزم اجابته بل قد يكون المعنى من اجابته اصلح له فان الله اجرت سنته بعباده ان المقترحين الايات على رسلهم اذا جاءتهم فلم يؤمنوا بها انه بالعقوبة ولهذا قال قل انما الايات عند الله اي هو الذي يرسلها اذا شاء واذا شاء ليس لي من الامر شيء فطلبكم مني الايات ظلم وطلب لما لا املك وانما توجهون الى توضيح ما جئتكم به وتصديقه وقد حصل ومع ذلك فليس معلوما انهم اذا جاءتهم الايات يؤمنون ويصدقون بالغنم ممن هذه حاله انه لا يؤمن لهذا قال وما يشعركم انها اذا جاءت لا يؤمنون. ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ونذرهم بطغيانهم يعملون ويعاقبهم اذا لم يؤمنوا اول مرة يأتيهم فيه الداعي وتقوم عليهم الحجة بتغليب القلوب والحيلولة بينه وبين الايمان وعدم التوفيق لسلوك الصراط المستقيم وهذا من عدل الله وحكمته بعباده وفتح لهم بابه فلم يدخلوا وبين لهم الطريق فلم يسلكوه فبعد ذلك اذا حرموا التوفيق كان مناسبا لاحوالهم وكذلك تعليقهم الايمان بارادة ومشيئتهم وحدهم وعدم الاعتماد على الله من اكبر الغلط فانهم لو جاءتهم الايات العظيمة من تزيين الملائكة لهم يشهدون للرسول بالرسالة وتكريمه وبعثهم بعد موتهم وحشرنا عليهم كل شيء حتى يكلمهم قولا ومشاهدة مباشرة ما جاء به الرسول ما حصل او الايمان اذ اذا لم يشأ الله ايمانهم ولكن اكثرهم يجهلون فلذلك رتبوا ايمانهم على مجرد اتيان الايات وانما والعلم ان يكون العبد مقصود اتباع مقصوده اتباع الحق ويطلبه بالطرق التي بينها الله ويعمل بذلك ويستعين ربه باتباعه ولا يتكل على نفسه وحوله وقوته ولا يطلب من اياته الاقتراحية ما لا فائدة فيه قوله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدو من شياطين الانس والجن يقول تعالى مصلين الرسول صلى الله عليه وسلم محمد محمد صلى الله عليه وسلم وكما ان لك اعداء يردون دعوتك ويحاربونك ويحسدونك فهذه سنتنا ان نجعل لكل نبي نرسله الى الخلق اعداء من شياطين الانس والجن يقوم لضد ما جاءت به الرسل يوحى بعضهم الى بعض زخرب القول ورورا. اي يزين بعضهم لبعض الامر الذي يدعون اليهم الباطل ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في احسن صورة يغتر بها السفهاء وانقادوا له الاغبياء لا يفهمون الحقائق ولا يفقهون المعاني بل تعجمهم الفاظ مزخرفة وعبارات والعبارات المموهة ويعتقدون الحق باطلا والباطل حقا لهذا قال تعالى بعد ان يصغوا اليه فيصغون اليها فاذا مالوا اليه ورأوا تلك العبارات مستحسنة رضوه وزين في قلوبهم وصار عقيدة راسخة وصفة لازمة ثم ينتج من ذلك ان يقترفوا من الاعمال وقالوا ما هم مقترفون اي يأتون من الكذب بالقول والفعل ما هو من لوازم تلك العقائد فهذه الحال المفترين الشياطين الانس والجن المستجيبين لدعوتهم واما اهل الايمان بالاخرة والعقول الوافية الرزينة فانهم لا يغترون وتلك العبارات ولا تخلبهم تلك التمويهات بل بل همتهم مصروفة الى معرفة الحقائق فينظرون الى المعاني التي يدعو اليها الدعاة فان كانت حقا قالوا لها ولو كسيت عبارات ردية والفاظا غير وافية. وان كانت باطلا ردوها على من قالها كائنا من كان ولو ليست من العبارات المستحسنة ما هو ارق من الحرير. ومن حكمة الله تعالى بجعله قائمين بالدعوة اليه ان يحصل على عباده قيل ان يحصل لعباده الابتلاء والامتحان ان يتنزل الصادر من كاذب العاقل من الجاهل وبصير من الاعمى ومن حكمته ان في ذلك بيان الحق وتوضيحا له. فان الحق يستنير ويتضح اذا قال يصارعه ويقاومه فانه حينئذ يتبين من ادلة الحق والشواهد الدالة على صدقه وحقيقته من فساد الباطل والبطلان ما هو اكبر من المطالب التي يتنافس فيها المتنافسون قوله تعالى افغير الله يبتغي حكمه الذي انزل اليكم كتابه فصل الايتين. اي قل يا ايها الرسول غير الله يبتلي حكمنا حاكم اليه باوامره ونراه فان فان غير الله محكوم عليه لا حاكم. وكل تدبير وحكم للمخلوق فانه مجتمع على النقص والعيب والجور. وانما الذي يجب ان يتخذ حاكم فهو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والامر الذي انزل اليكم الكتاب فصل موظحا فيه الحلال والحرام والاحكام الشرعية اصول الدين وفروعه الذي لا بيان فوقه فوق بيانه ولا برهان اجلى من برهانه ولاحسن من حكم ولا احسن منه حكما ولا اقوم قيلا. لان احكامه مشتملة على الحكمة والرحمة واهل الكتب السابقة من اليهود والنصارى يعترفون بذلك ويعلمون انه منزل من ربك بالحق. ولهذا تواطأت الاخبارات فلا تشكن في ذلك ولا تكونن من ثم وصف تفصيلها فقال وتمت كلمة ربك صدقا ووعدنا صدقا من الاخبار وعدلا في الامر والنهي فلا اصدق من اخبار الله تعالى التي اودعها في هذا الكتاب العزيز ولا اعدل اوامره ونواهيه لا مبدل كلمته حيث حفظها واحكمها باعلى انواع الصدق وبغاية الحق فلا يمكن تغييرها ولا اقتراح احسن منها. وهو السميع الاصوات باختلاف اللغات على تحويل الوحدات العليم الذي احاط عينه بالظواهر والباطني والماظي والمستقبل قوله تعالى لانهم اعمالهم علوم فديان فاسدة اعمالهم. تبع لاهوائهم وعلومهم ليس بها تحريض ولا ايصال لسواء الطريق بالغاية وانهم يتبعون الظن الذي لا يظلم الحق شيئا ويتخلصون في القول على الله ما لا يعلمون. ومن كان بها مثل هذه المثابة فحريما ليحذر الله منه عباده ويصفا لهم احواله لان هذا وان كان خطاب النبي صلى الله عليه وسلم فانهم اتوا اسوة الاحكام التي ليست من خصائصه. والله تعالى اصدق ان واصدق حديثا وهو اعلم من يضل عن سبيلي واعلم من يهتدي ويهدي فيجب عليكم ايها المؤمنون تتبعون صحيحه وامره ونواهيه لانه اعلم من صالحكم وارحم بكم من انفسكم. ودلت هذه الاية على انه لا يستدل على الحق بكثرة اهله ولا يدل قلة السالكين لامر من الامور ان يكون غير غير حق بل واقع بخلاف ذلك فان اهل الحق هم الاقلون عددا اعظمنا عند الله قدرا واجرا بل الواجب ان يستدل على الحق والباطل بالطرق الموصلة اليه قوله تعالى فكل مما ذكر اسم الله عليه كتب المؤمنين الايتين يأمر تعالى عباده المؤمنين مقتضي الايمان بمقتضى الايمان وانهم كانوا مؤمنين فليأكلوا مما ذكر اسم الله عليهم بهيمة العالم بغيرها من الحيوانات المحللة حلها ولا يفعل كما يفعله اهل الجاهلية من تحريم كثير من الحلال ابتداعا من عند انفسهم واضلالا من شيطانهم فالشياطين فذكر الله وان علامة المؤمنين مخالفة اهل الجاهلية في هذه العادات الذمية المتهمة لتغيير شرع الله وانه اي شيء يمنعهم من اكل ما ذكر اسم الله عليه وقد خصه الله ما حرم عليه وبينه ووضحه فلم يبقى فيه اشكال ولا شبهة توجب ان يمتنع من اكل بعض الحلال. خوفا من الوقوع في الحرام ودلت الاية الكريمة على ان الاصل في الاشياء فاطمة الاباحة وانه اذا لم يرد الشرع بتحريم شيء منها فانه باق عن الاباحة ما سكت الله عنه الله فليس بحرام ومع ذلك فالحرام الذي قد فصله الله واوضحه وقد اباحه عند الضرورة والمخمصة كما قال تعالى حرمت عليكم ولحم الخنزير الاية الى قال فمن اضطرب في مخمصة غير متجانب الاثم فان الله غفور رحيم. ثم حذر عن كثير من الناس فقال وان كثيرا ليضلون باهوامهم بمجرد ما تهوى انفسهم بغير علم ولا حجة بل يحذر العبد من امثال هؤلاء علاماتهم كما وصفهم الله تعالى لعباده ان دعوتهم غير مبينة على برهان ولا لهم حجة شرعية. وانما يوجد لهم شبهة بحسب اهوائهم وارائهم القاصرة فهؤلاء معتدون على شرع الله وعلى عباد الله والله لا يحب المعتدين بخلاف الهادين المهتدين انهم يدعون الى الحق والهدى ويؤيدون دعوتهم بالحجج العقلية والنقلية ولا يتبعون في دعوتهم الا رضا ربهم القرب منه. قوله تعالى وذروا ظاهرة وباطنه ان الذين يكسبون ما سيجزون بما كانوا يقترفون المراد بالاثم جميع المعاصي التي تؤثم العبد اي توقعه في الاثم والحرج من الاشياء المتعلقة بحقوق الله العباد فنهى الله عباده عن اقتراب الاسم الظاهر والباطني السر والعناية المتعلقة بالبدن والجوارح المتعلقة بالقلب ولا يتم للعبد ترك المعاصي ظاهرة البطن الا بعد معرفتها والبحث عنها. فيكون البحث عنها ومعرفة معاصي القلب والبدن والعلم بذلك واجب متعين على المكلف وكثير من الناس تخفى عليه كثير من المعاصي خصوصا خصوصا معاصي القلب كالكبر والعجب والرياء ونحو ذلك حتى انه يكون به الكثير منها وهو لا يحس به ولا يشعر هذا من الاعراض عن العلم وعدم البصيرة ثم قال تعالى ان الذين يكسبون الاسم الظاهر والباطنة سيجزون على حسب كسبهم وعلى قدر ذنوبهم قلت او كثرت. وهذا الجزاء يكون في الاخرة وقد يكون في الدنيا يعاقب العبد سوف يخفف عنه بذلك من سيئاته قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكروا اسم الله عليه وانه لفسق وان الشياطين لوحون الى اوليائهم ليجادلوكم وان اطعتمهم انكم لمشركون ويدخل تحت هذا المنهي عنه ما ذكر عليه اسم غير الله كالذي يذبح الاصنام المشركين فان هذا مما اهل لغير الله المحرم بالنص عليه خصوصا. ويدخل في ذلك متروك الضحايا والهدايا والهدايا واللحم والاكل اذا كان الذابح متعمدا تلقي التسمية عند كثير من العلماء ويخرج من هذا عموم الناس بالنصوص وفي النصوص الاخرى الدالة على رفع الحرج عنه. ويدخل في هذه الاية ما مات من غير زكاة من ميتات فانها مما لم يذكر اسم الله عليه نص الله عليها بخصوصها في قوله حرمت عليكم الميتة ولعلها سوء نزول هذه الاية. ولعلها تنزل الاية لقوله وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلك فان المشركين حين سمعوا تحرير الرسول تحريم الله ورسوله للميتة وتحليلها تحليله للمزكاة وكانوا يستحلون اكل الميتة قالوا معاندة لله مجالس بغيره ذو الحجة ولا برهان تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله يعلم بذلك الميتة. وهذا رأي فاسد لا يستند على حجة والديه يستند الى رهن الفاسدة التي لو كان الحق تبعا لها لفسدت السماوات والارض وما فيهن قدم هذه العقول على شرع الله واحكامه ثقة المصالح العامة والمنافع الخاصة ولا يستغرب هذا منهم فان هذه الاراء واشباهها صادرة عن وحي اوليائهم الخلق عن دينهم ويدعوهم ليكونوا من اصحاب السعير سعير وان اطعتموهم في شركهم وتحليل حرام وتحريمهم حلال انكم لمشركون اتخذتم وهم اولياء من دون الله ووافقتم على ما به فارقوا المسلمين فلذلك كان طريقكم طريقهم ودلت هذه الاية الكريمة على ان ما يقع في القلوب من الالهامات والكشوف التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوه وهم لا تدل مجرد على انها حق ولا تصدق تترى كتاب كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فان شهدا لها بالقبول قبلت وانها قضتهما ردت وان لم يعلم شيء من ذلك اوقف فيها ولم تصدق ولم تكذب لان الوحي والالهام يكون من الرحمن ويكون من الشيطان. فلا بد من التمييز بينهما والفرقان الامرين حصل من الغلط غلط والضلال ما لا يحصيه الا الله. يقول احدهم حدثني قلبي عن ربي. طيب كيف علمت ان الله حدثك كيف يحدثك الله وانت لست نبيا هذا من الكذب على الله عز وجل ما يقع في القلوب من الافكار ومن الفهومات فلا يجب القبول ولا الرد الا بشاهدي عدل الكتاب والسنة نعم قوله تعالى ومن كان ميتا فحيناه الايات يقول تعالى ومن كان من قبل هداية الله له ميتا في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي فاحنا بنور العلم والايمان والطاعة يمشي بين الناس في النور متبصرا متبصرا في امورهم مهتدية للسبيل عارف الخير مؤثرا لا مؤثرا له مجتهدا في تنفيذه في نفسه وغيره عارفا بالشر مغيضا له وازالته عن نفسي وعن غيره. افيستوي هذا بمن هو في الظلمات ظلمات الجهل والغيب والكون والمعاصي ليس بخارج منها. قد التبست عليه الطرق وانظمت عليه المسائل حضره الهم والغم والحزن والحزن والشقاء فنبه تعالى العقول بما تدركه وتعرفه انه لا يستوي هذا ولا هذا والظلمة والاحياء والاموات فكأنه قيل فكيف فكيف يؤثر من له ادنى مسكت من عقل ان يكون بهذه الحالة وهو ان يبقى وان الظلمات متحيرا فاجاب بانه زين الكافرين ما كانوا يعملون فلم يزل الشيطان يحسن لهم اعمالهم ويزينها في قلوبهم حتى استحسنوا ورأوها حقا وصار ذلك عقيدة في قلوبهم وصفة راسخة ملازمة لهم. فلذلك رضوا بما هم عليه من الشر والقبائح وهؤلاء الذين في الظلمات يعمهون وفي باطلهم يترددون غير متساوين منه فمنهم القادة والرؤساء والمتبوعون ومنهم التابعون والمرؤوسون والاولون من الذين فازوا الاحوال ولهذا قال وكذلك جعلنا في كل قبيلة اكابر مجرم هذه الرؤساء الذين قد كبر جرمهم واشتد طغيانهم ليمكروا فيها بالخديعة والدعوة الى سبيل شيطان محاربة الرسل واتباعهم بالقول والفعل وانما مكروه وكيدهم يعودوا على انفسهم لانهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين يناضلون هؤلاء المجرمين ويردون عليهم اقوالهم ويجاهدون في سبيل الله ويشركون بذلك السبل الموصلة الى ذلك ويعينهم الله ويسددوا رأيهم ويثبت اقدامهم ويداول الايام بينه وبين اعدائهم حتى يداول حتى يدول الامر في عاقبته بنصرهم وظهورهم والعاقبة للمتقين وانما ثبت كابر المجرمين على باطنه وقاموا برد الحق الذي جاءت به الرسل حسدا منه وبغية فقالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثلما اوتي رسول الله من النبوة والاسلام في هذا الاعتراض منهم على الله وعدوا بانفسهم تكبر على الحق الذي انزله على ايدي رسله. وتحجر على فضل الله واحسانه. فرد الله عليهم اعتراضا اخبر انهم لا يصلحون للخير ولا فيه ما يجب ان يكونوا من عباد الله الصالحين فضلا يكونوا من النبيين والمرسلين فقال الله اعلم حيث ويجعل رسالته فمن علمه فمن علمه يصلح لها فمن علمه يصلح لها ويقوم باعبائها وهو متصل بكل خلق جميل ومتبر كل خلق دنين اعطاه الله ما تقتضيه حكمته اصلا وتبعا. ومن لم يكن كذلك لم يضع افضل مواهبه عند من لا يستأهله ولا يشكو عنده في هذه الاية الدليل على احكمها لحكمة الله تعالى. لانه وان كانت على رحيما واسع الجود كثير الاحسان فانه حكيم لا يضع جوده الا عند اهله. ثم توعد المجرمين فقال ولسيصيب الذين اجرموا صغار عند الله اهانة وذل وكما تكبروا على الحق اذلهم الله. وعذاب شديد بما كانوا يمكرون افساد مكرهم لا ظلما من الله تعالى قولوا تعالى فمن يرد الله ان يهديه ويشرح صدره للاسلام الاية. يقول تعالى وبين عباده على متى سعادة العبد وهدايته وعلامة شقاوته وضلاله ان من انشرح الصدر الاسلام اتسع وفسع فاستنار بنور الايمان ووحي وحي بضوء اليقين فاطمئنت بذلك نفسه احب الخير وطوعت له نفسه فعله او متألم به غير مستثقل. فان هذا علامة على الله على ان الله قد هداه ومن عليه بالتوفيق وسلوك اقوم طريق وان علامة من يرد الله ان له انه يجعل صدره ضيقا حرجا في غاية الضيق عن الايمان والعلم واليقين. قد انغمس قلبه في الشبهات والشهوات فلا يصل اليه خير لا ينشرح قلبه لفعل الخير انه من ضيق من ضيقه وشدته يكاد يتصعد في السماء اي كانه يكلف الصعود الى السماء الذي لا حيلة فيه وهذا سببه وايمانهم هو الذي اوجب ان يجعل الله الرجس عليهم لانهم سد. لانهم سدوا على انفسهم باب الرحمة والاحسان وهذا ميزان لا يعول وهذا ميزان يعول وطريق لا يتغير فان من اعطى واتقى وصدق بالحسنى يسره الله لليسرى وان بخل واستغنى وكذا بالحسنى فسييسره للعسرى قوله تعالى وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الايات لقوم يتذكرون الاياتين اي معتد اي معتدلا موصلا الى الله والى دار كرامته قد بينت احكامه وفصلت شرائعه. وميز الخير من الشر ولكن هذا التفصيل والبيان ليس لكل احد انما هو لقوم يتذكرون فانه فانتفعوا بعلمهم واعد الله لهم الجزاء الجزيل والاجر الجميل فلهذا قال لهم دار السلام عند ربهم وسميت الجنة دار السلام لسلامتها من كل عيب وافة وكدر وهم وغم ذلك ان يكون نعيمها في غاية الكمال ونهاية التمام من حيث لا يقدر على وصفه واصفون ولا يتمنى فوقه متمنون من نعيم الروح والقلب والبدن على طاعته ويسر لهم كل سر الى محبته. وانما تولاهم بسبب اعمالهم الصالحة مقدماتهم التي قصدوا بها رضا مولاهم بخلاف من طبعا مولاه واتبع هواه فانه سلط عليه الشيطان فتولاه فافسد عليه دينه ودنياه. قوله تعالى ويوم يحشر الجميع يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس ايات يقول تعالى ويوم يحشرون جميعا ويخلي الجن الذين اضلوا الانس وزينوا لهم الشر واز وازوه من المعاصي احسن الله اليك. يا معشر الجن قد استكثرتم من النساء من الضلالهم وصدهم عن سبيل الله فكيف على محارم وتجرأتم على معاينة رسله وقمتم بمحاربين لله ساعين في صد عباد الله عن سبيله الى سبيل الجحيم وسنزيدكم من العذاب حسب كفركم واظهاركم لغيركم وليس لكم عذر به تعتذروا ولا ملجأون اليه تلجون ولا شافع يشفع ولا دعاء يسمع مما يحل بهم من النكال والخزي والوبال ولهذا لم يذكر الله تعالى لهم اعتذارا واما اولياؤه من الاستغفار عذرا غير مقبول فقالوا ربنا نستمتع بعضنا بعضنا يتمتع من الجن والانس بصاحبه وانتفع به. فالجني له عبادته وتعظيمه واستعادته به ولسه يستمتع بنيل اغراضه وبلوغه بحسب الجميلة وفي بعض شهواته فان الان فيخدمه الجني ويحصل له بعض الحوائج الدنيوية حصل اي حصل منا من الذنوب ما حصل ولا يمكن يرد ذلك. وبلغنا اجل الذي اجلت لنا اي قد وصلنا المحل الذي تجازي فيه بالاعمال فافعل بنا الان احكم فينا بما تريد قد انقطعت حجتنا ولم يبقى لنا عذر والامر امرك والحكم حكمك وكان في هذا الكلام منهم نوع تضرع وترفق ولكن في غير اوانه ولهذا حكم فيه بحكمه العادي الذي لا جور فيه فقال النار مثواك خالدين فيها. ولما كان هذا الحكم المقتضى حكمته وعلمه ختم الايات بقوله ان ربك حكيم عليم فكما ان علمه وسع الاشياء كلها وعمها فحكمة الغائية شملت الاشياء عمتها وسعتها قوله تعالى وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ما كانوا يكسبون اي وكما ولينا الجن بالمردة وسلطناهم على اضلال اولياءه من الانس وعقد وعقدنا بينهم عقد الموالاة والموافقة بسبب كاتبين وسعيهم بذلك كذلك من سنتنا ان نولي كل ظالم ظالما مثله يؤزه الى الشر ويحث عليه ويزهده في الخير وينفره عنه وذلك عقوبات الله العظيمة الشنيع اثرها البليغ خطرها. والذنب الذنب الظالم فهو الذي ادخل الضرر على نفسه وعلى نفسه جنى وما ربك بظلام ومن ذلك ان العباد اذا كثروا ظلما وفساده حقوق الواجبات ولي عليهم ظلمة يسوونه سوء العذاب ويأخذون منهم بالظلم والجور اضعف ما يمنعوا من حقوق الله حقوق عباده على وجه غير على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسب محتسبين كما ان العباد اذا صلحوا واستقاموا اصبح الله رعاتهم وجعلهم ائمة عدل وانصاف الله لا تظلم الاعتساف لذلك قال الحسن البصري اعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم نريد العدل فلابد ان نعدل. نريد الاحسان لابد ان نحسن. نعم ثم وبخ الله تعالى جميع من اعرض عن الحق وردهم للجن وليس وبين خطأ فاعترفوا بذلك فقال يا معشر الذن والانشغال لم يأتك الرسل منكم يقصون عليكم ايات البينات التي فيها تفاصيل الامر والنهي والخير والشر والوعد والوعيد. وينذرونكم لقائمكم هذا ويعلمونكم ان النجاة فيه والفوز انما هو بامتثال اوامر الله بنواهي وان الشقاء خصم في تضييع ذلك فاقروا بذلك واعترفوا فقالوا بلى شهدنا على انفسنا وغرة الحياة الدنيا بزينتها وزخرفها ونعيمها وبها ورضوا والهتهم عن الاخرة وشهدوا على انفسهم انهم كانوا كافرين فقامت عليهم حجة الله وعلم حينئذ كل احد حتى هم بانفسهم عدل الله فيه قالهم حاكما عليهم بالعذاب الاليم. ادخلوا في جملة ام قد خرجت من قبلكم من الجن والانس صنعوا كصنيعكم واستمتعوا بخلاقهم كما استمتعتم وخاضوا بالباطل كما خضتم انهم كانوا الاولون منهم من هؤلاء والاخرون اي واي خسران اعظم من خسران جنات النعيم جوار اكرم الاكرمين. ولكن لهم من اشتركوا في الخسران فانهم يتفاوتون في مقداره وتفاوتا عظيما ولكل منهم درجات مما عملوا بحسب اعمالهم ولا يجعل قليل الشر منهم الكثير ولا التابع كالمتبوع ولا المرؤوس كما ان اهل الثواب والجنة وان اشتركوا في الربح والفلاح ودخول الجنة فان بينهم من الفرق ما لا يعلمه الا الله مع انه قد كلهم قد رضوا بما اللهم اقنعوا بما حباهم. فنسأله تعالى ان يجعلنا من اهل الفردوس الاعلى التي اعدها الله للمقربين من عباده المصطفين من خلقه واهل الصفة من اهل وداده وما ربك بغافل عما يعملون فيجازي كلا بحسب عمله وبما يعلمه من مقصده وانما امر الله العباد اعمال صالحة ونهاهم عن اعمال السيئات رحمة بهم وقصدا لمصالحهم والا فهو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته فلا تنفعه طاعة الطعين كما لا تضر معصية العاصين بالاهلاك ويستخدم من بعدكم ما يشاء كما انشأكم من ذريته ومن اخر فاذا اردتم بانكم لابد ان تنتقلوا من هذه الدار الى كما انتقل غيركم. وترحلون منها وتخلونها لمن بعدكم كما رحل عنها من قبلكم لو ها لكم فلما اتخذتموها قرارا وتوطنتم بها؟ ونسيتم انها دار مريم الدار مقر وان امامكم دار هي الدار التي جمعت كل نعيم وسلمة كل افة نقص وهي الدار التي يسعى اليها الاولون والاخر ويرتحل نحو السابقون واللاحقون التي اذا وصلوها فثم الخلود والاقامة اللازمة والغاية التي لا غاية وراءها والمطلوب الذي ينتهي اليه كل مطلوب المرغوب الذي يضمحل دونه كل كل مرغوب. هنالك والله تشتهي له فسوف تلازل اعين ويتنافس فيه المتنافسون من لذة الارواح وكثرة الافراح ونعيم الابدان والقلوب من علام الغيوب. فلله همة تعلقت تلك الكرامات وارادة سمت الى اعلى الدرجات وما ارخص حظ من رضي بالدون وادنى همة من من اختار صفقة ولا يستبعد ولا يستبعد المعرض قوافل السرعة الوصول الى هذه الدار فانما توعدون لا توعدون لاتي وما انتم بمجزين لله من عقابه فان نواصيكم تحت قبضته وانتم تحت تدبيره وتصرفه. قل يا ايها الرسول لقومك اذا دعوتهم الى الله وبينت لهم اله ما عليهم من حقوقه ما امتنعوا به انقياد الامر واتبعوا اهواهم واستمروا على شركهم يا قوم اعملوا على مكانتكم اي على حالتكم التي انتم عليها ورضيتموها لانفسكم اني عامل على امر الله ومتبع لمراد الله فسوف تعلمون ما تكون عاقبة الدار انا او انتم وهذا من صاحب موضع عظيم حيث بين اعماله وعامليها وجعل الجزاء مقرونا بنظر البصير ضاربا فيها صفحا عن التصريح الذي يغني عنه التلويح وقد علم ان علم ان العاقبة الحسنة في الدنيا والاخرة للمتقين وان المؤمنين لهم عقبى الدار وان كل معرض عما جاءت به الرسل وعاقبة سوء وشر ولهذا قال انه لا يفلح الظالمون فكل ظالم وان تمتع في الدنيا ما تمتع به. فنهايته فيه الاطمحلال والتلف. ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم قوله تعالى وجعلوا لله ما درى من حرث والانعام نصيبا الايات العقل وخفة الاحلام والجهل البليغ وعدد تبارك وتعالى شيء من خرافاتهم لينبه بذلك على ضلالهم والحذر منهم. للحق الذي جاء به الرسول لا تخدعو فيه اصلا فانهم لا لهم في مقابلة الحق فذكر من ذلك انهم جعلوا لله نصيبا ما درى من الحرث والانعام ولشركائه من ذلك نصيبا. والحال ان الله تعالى هو الذي يراه للعباد اوجده رزقا فجمعوا بين محظورين بين فجمعوا بين محظورين محظورين بل ثلاثة فحاذر منتهم والله في جعلهم له نصيبا مع اعتقادهم ان ذلك منهم تبرع واشراك الشركاء الذين لم يرزقوهم ولم يجددوا لهم شيئا في ذلك المجاهر بان ما كان لله لم يبالو به ولم يهتموا ولو كان واصلا الى الشركاء وما كانوا شركاء ما اعتنوا به واحتفظوا به شيء وذلك انهم اذا حصل لهم من زروعهم وثمار وانعامهم التي اوجدوها اوجدها الله لهم شيء جعلوه قسمين قسما قالوا هذا لله قولهم وزعمهم والا فالله لا يقبل الا ما كان خالصا لوجهه ولا يقبل عمل من اشرك به. وقسما جعلوه حصة شركائه من الاوثان والانداد فان وصل شيء مما جعلوه لله واختلط بما جعلوه لغيره لم يبالوا بذلك وقال الله غني عنه فلا يردونه وان وصل شيء مما جعلوه لالة ما جعلوه لله ردوه الى محله وقالوا انا فقراء لا بد من رد نصيبها فهلسوا من هذا الحكم واظلم اكثر مما يفعل بحق الله. ويحتمل ان يتى ولاية ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عن الله تعالى انه قال معي شيء تركته وشركه انهي شركة بلكونة حظ الشركاء والانداد؟ لان الله غني عنه لا يقبل العمل الذي اشرك به معه احد من خلقه. ومن سفه المشركين وضلالهم انه زين لكثير من المشركين شركاء رؤساء وشياطين اولادهم وهو الواد الذي يدفنون اولاد الخشائر في التقارير والاناث خشية العار كل هذا من خدع الشياطين الذي يريدون ان يردوهم بالهلاك ويلبسوا عليه دينه فيفعل الافعال التي بغاية القبح ولا يزال شركاؤهم يزينونها لهم حتى يكون عندهم الامور الحسنة والخصال المستحسنة ولو شاء الله ان يمنعهم ويحول بينهم وبين هذه الافعال الابوين لهم ما فعلوا ولكن اقتضت حكمته التخلية بينه وبين افعالهم استدراجا منه لهم وامهالا لهم عدم مبالاتهم بما هم عليه ولهذا قال فذرهم ويفترون ادعهم مع كلمة ولا تحزن فانه لا يضر الله شيئا. ومن انواع السفهات من الانعام التي احلها الله لهم عموما وجعلها رزقا ورحمة يتمتعون بها وينتفعون قد يخترعوا فيها بدعا وقال عندهم اصطلاح في بعض الانعام والحرث فانهم يقولون فيها. هذه انعام وحرص حجر محرم لا يطعمها لا يطعمه الا من نشأ ولا يجوز ان يطعمه احد احد الا ما يؤذن ان يطعمه او وصفناه عندنا وانعام الله محرمة من كل وجه فليحرمون ظهورها بالركوب والحمل عليها ويحمون ظهرها ويسمونها الحام وانعام لا يذكرون اسم الله عليها بل يذكروا اسماء اصنام وكانوا يعبدون من دون الله عليها وانسبوا الى تلك افعال الله وهم كذبة فالدار في ذلك سيجزيهم ما كانوا يفترون على الله من حلال الشرك وتحريم الحلال من الاكل والمنافع. ومنها ويعينونها حلال لهم لا يشارك فيها النساء محرم على ازواجنا نسائنا هذا اذا ولد حياكم لما في بطنها يولد ميتا فهو في شركاء فيهم فهو حلال للذكور والاناث يجزيهم الله وصفهم حيث وصف الله اذ وصفوا ما احله الله بانه حرام. ووصفوا الحرام بالحلال فناقضوا شرع الله وخالفوا ونسبوا ذلك الى الله انه حكيما حيث امثل لهم ولم مكنه مما هم فيه من الضلال. عليم بهم لا تخفى عليه خافية وتعالى يعلم بهم وبما قالوا عليه وافتروه وهو يعافيهم ويرزقهم جل جلاله ثم بين خسرانهم وسفاهة عقولهم فقال قد حصر الذين قتلوا اولادهم بسبب غير علم اي خسروا دينهم واولادهم وعقولهم وصاروا السوء بعد العقول الرزينة السفهاء والمردية والضلال قال وحرموا ما رزقهم الله ما جعلوا رحمة لهم وساقه رزقا لهم فردوا الكرامة ربهم. ولم يكتفوا بذلك بل انصحوها بانها حرام وهي من احل الحلال وكل هذا على الله اي كذب ويكذب بهم كل متعاند كفر. كل معاند كفاه كفار قد ضلوا وما كانوا مهتدين اي قد ضلوا ضلالا بعيدا ولم كونوا مهتدين في شيء من امورهم. قوله تعالى تبارك وتعالى شاة وغير معروشات ببعض تلك الجنات مجعول لها عريش تنتشر علينا الشهر يعاونها في النهوض عن الارض وبعضها خال من العروش تنبت على ساقا وتنفرج الخشوع في الارض وفي هذه تهيانة تنبيه على كثرة منافعها وخيراتها وانه تعالى علم العباد كيف يعيشونها وينمونها وانشأ تعالى النخل والزروع مختلفا كله في محل واحد. ويشرب من ماء واحد يفضل الله بعضه على بعض في الاكل وخصت على النخلة والزرع واختلاف انواعه ولكونها هي القوت الاكثر لاكثر الخلق وانشأ تعالى الزيتون والرمال متشابه في شجره وغير متشابه في ثمره وطعمه كأنه قيل لا شيئا شاء الله منها لا لاي شيء ان شاء الله وهذه الجنات وما عطف عليها فاخبر انه انشأ لمنافع العباد فقال كلوا من ثمن اي النخلة والزرع واذا اثمر واته حقه يوم حصادها يعطوا حق الزرع والزكاة ذات الاصباء المقدرة بالشرع امرهم ان يعطوها يوم حصادها وذلك لان حصاد الزرع منزلة حولان الحول لانه الوقت الذي تتشوف اليه نفوس الفقراء ويسهل حينئذ اخراجه على اهل الشرع ويكون الامر فيها ظاهرا لما اخرج حتى يتميز المخرج ممن لم من لا يخرج. وقوله ولا تسرفوا يعم في الاكل وهو مجاوزة الحد والعادة وان يأكل صاحب الزرع اكلا يضر بالزكاة والاسراف والاسراف في اخراج حق الزرع بحيث لا يخرج فوق الواجب عليه او يضر نفسه وعائلته فكل هذا من الاسراب الذي نهى الله تعالى عنه الذي لا يحبه الله بل يبغضه ويمقت عليه وفي هذه الاية دليل على وجوب الزكاة من ثمار وانه لا حول لها بل حولها حصادها في الزروع وجلال النخيل وانها ولا تتكرر فيها الزكاة ولو مكثت عند العبد في احوال كثيرة اذا كانت لغير التجارة لان الله لم يأمر بالاخراج منه الا وافتح صدري وانه لو اصابها فتن قبل ذلك بغير تبرير من صاحب الزرع والتمر لانه لا اضمنها وانه يجوز الاكل من النخل والزرع قبل اخراج زكاة منه وانه لا يحسب ذلك من الزكاة. بل يزكي المال الذي يبقى بعده وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث خالصا رصوا للناس ثمارهم ويأمره ان يدع لاهلها الثلث او الربع. بحسب ما يعتريها من الاكل وغيره من اهلها وغيرهم قوله تعالى ومن انعام حمولة وفرشا او اي وخلق وانشأ منعام حمولة وفرشها بعضها تحملون عليه وتركبونه وبعضها لا تصلح للحمل والركوب عليها كالفصلان ونحوها وهي الفرس فهي من جهة الحمل والركب تنقسم لاذان قسمين واما من جهة الاكل او انواع الانتفاع فانها كلها تؤكل وينتفع بها ولهذا قال كلوا مما رزقكم الله ولا تبعوا خطوات الشيطان اذ طرق اعماله التي من جملتها ان تحرموا بعض ما رزقكم الله انه لكم عدو مبين فلا يأمركم الا بما فيه مضرتكم شغائكم الابدي الاثنين كذلك باقي اربعة كلها داخلة فيما احل الله لا فرق بين شيء منها فقل لهؤلاء المتكلفين الذين يحرمون منها شيئا دون شيء ويحرمون بعضا ثالثا الناس دون الذكور ملزما لهم بعدم وجود الفرض. بعدم وجود الفرق بين اباحوا منهم وحرموا الذكرين من الضأن والمعز حرم الله وبذلك تطردونه ام الاثنين ام الانثيين حرم الله من الظاهر والعسر اليس هذا قولكم لا تهريم الذكور يخلص والاناث يخلص من الصنف ان بقي اذا كان الرحم دليل على ذكر وانثى او على مجهول فقال ام تحرمون ما اشتملت عليه من غير الفرق بين ذكر وانثى فلستم ايضا بهذا القول فاذا كنتم لا تقولون لاحد من هذه الاقوال الثلاثة التي حصلت اقسام قيلت في ذلك فالى اي شيء تذهبون نبئوني بعلمي ان كنتم صادقين في قولكم ودعواكم ومن المعلوم انهم لا يمكنه من يقول قول السائق في العقل الا واحدة من هذه الثلاثة وهم لا يقومون بشيء منها انما يقولون ان بعض الانعام التي يصطلحون على الاصطلاحات من عند انفسهم ينازلون الذكور محرمة في اوقات دون في وقت دون الاوقات. او محرمة في وقت من الاوقات ونحو ذلك من الاقوال التي يعلم علم لا شك فيه ان مصدره من الجهة المركبة والعقول المختلة المنحرفة والاراء الفاسدة. وان الله ما انزل بما قالوه من سلطان ولا لهم عليه حجة ولا برهان. ثم ذكر في الابل والبقر مثل ذلك فلما بين بطلان قوله يبقى عليكم الا دعوة لا سبيل لكم الى صدقها وصحتها وهي ان تقول ان الله وصانا بذلك اوحى الينا كما اوحى الى رسله بل اوحى الينا مخالفة لما دعت اليه الرسل ونزلت اليه الكتب وهذا افتراء لا يجهله احد ولهذا قاله من الله من افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم مع كذب او افتراء على الله رصده بذلك اضلال عباد الله عن سبيل الله بغير بينة منه ولا برهان ولا عقل ولا نقل. ان الله لا يهدي القوم الظالمين الذين لا ارادة لهم في غير الظلم والجور والافتراء على الله قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحي اليه ذم المشركين على ما حرموا الى الله وابطل على رسولان بين الناس ما حرمه الله عليهم ليعلموا ان ما في عد ان ما عدا ذلك حلال من من من احسن الله اليك من نسب تحريمه الى الله فهو كاذب مبطل لان التعليم لا يكون الا من عند الله على لسان رسوله لرسوله قل لا اجد فيما اوحي اليه محرما في محرم اكله بقطع النظر عن تهريب الانتباه بغير الاكل وعدمه. الا ان يكون ميتة وميتة ما مات بغير زكاة فان ذلك لا يحل كما قال تعالى ولحم الخنزير يعود مسح عنه وهو الدم الذي يخرج من الذبيحة عند ذكاتها فانه الدم الذي يضر احتباسه في البدن اللحم مفهوم هذا اللفظ ان الدم الذي الذي يبقى في اللحم والعنقي بعد الذبح انه حلال طاهر. يعني قوله بقطع النظر تحريم الانتفاع بغير الاكل وعدمه دليل على ان الالتفاع اعم. فقد يجوز الانتفاع بالشيء ولا يجوز اكله ولا عكس كل ما جاز اكله جاز الانتفاع به. نعم قال وما مفهوم هذا اللفظ؟ لان الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح انه حلال طائر او لحم خنزير فانه رتس فان هذه الاشياء الثلاثة رجس خبث نجس مجلس مضر حرمه الله تعالى لطفا بكم ونزاهة لكم عن مقاربة الخبائث. او الا ان يكون فسقا اهل لغير الله به اي الا ان تكون لغير الله من الاوثان والايات التي يعبدها المشركون فان هذا من الفسق الذي هو خروج عن طاعة الله الى معصية ومعاذة فهذه الاشياء المحرمات ممن اضطر اليها اي الحاجة والضرورة الى اكل شيء منها بان لم يكن عنده شيء وخاف على نفسه التلف غير بال ولا عاد غير باغ اي مريد لاكلها من غير اضطرار ولا متعدلا متجاوز الحد من ان يكون زيادة عن حاجته فان ربك غفور رحيما واختلف العلماء رحمه الله تعالى في هذا الحصر المذكور في هذه الاية مع مع ان ثم محرمات لم تذكر فيها كالسباع وكل ذي مخلب من الطير ونحو ذلك فقال بعضهم ان هذه الاية ناجلة قبل تهنئة زاد على ما ذكر في اهلينا في هذا الحصر المذكور فيها التحريم المتأخر بعد ذلك الوقت وقال بعض ان هذه الاية المشتملة على سائر المحرمات بعضها صريحا وبعضها يؤخذ من المعنى وعموم العلة فان قوله تعالى في تعليم الميتة والدم ونحن خنزير والاخير منها فقط انه رجس وصف شامل لكل محرم فان المحرمات كلها رزق وخبث وهي من الخبائث المستقذرة التي حرمها الله تعالى على عباده صيانة عن مباشرة الخبيث تؤخذ تفاصيل محرم من السنة فانها تفسر القرآن وتبين المقصود منه فاذا كان الله تعالى ودل ذلك على ان المشركين الذين حضروا ما رزقهم الله مفترون على الله متقولون عليه ما لم يقل. القول الثاني اقرب ان قوله فانه رجس هذا مجمل بينتها السنة بالتفصيل. نعم قال في هذه الاية احتمال قوي لولا ان الله ذكر فيها الخنزير وهو ان السياق في نقض اقوال المشركين المتقدمة في تحريمهم لما احله الله وخوضهم بذلك بحسب ما انفسهم مثل الانعام خاصة وليس منها محرم الا ما ذكر في الايات الميتة منها وما هو لغير الله به وما سوى ذلك فحلال ولعل مناسبة للخنزير هنا هذا الاحتمال ان بعض الجهال قد يدخله في بهيمة الانعام وانه نوع من انواع الغنم. كما قد يتوهمه جهلة النصارى واشباهه فينموا لها كما ينمون اول شيء يستحيلون ولا يفرقون بينها وبين الانعام. فهذا المحرم على هذه الامة كلها من باب التنزيل والصيانة واما ما حرم على انه حرم عليه عقوبة لهم ولهذا قال وعلى الذين هادوا حرمنا كل الذي ظفر وكذلك الابل وما اشبه وحرمنا عليه من البقر والغنم بعض اجزائها وهو شحومها وليس المحرم جميع الشحوم منها بل شحم الية والسرب ولهذا استثنى الشحن حلال من ذلك الا ما حملت ظهورهما او الحوايا بعظم ذلك التحريم على اليهود جزيناه ببغيهم اي بظلمهم وتعديهم في حقوق الله فحرم الله عليهم الاشياء عقوبة ثم نكال وانا لصادقون في كل ما نقول ونفعل ونحكم به ونرجو من الله حديثا ونحسن من الله حكما للقوم يوقنون. يعني قوله جل وعلا طيبات حرمنا عليهم طيبات هذا دليل على ان اهل الكتاب حرم الله عليهم بعض الطيبات عقوبة وهذا موجود حتى في هذه الامة نجد ان بعض اهل البدع يحرمون على انفسهم طيبات وذلك بسبب ذنوبهم وعصيانهم ومخالفتهم لشرع ربهم. نعم قوله تعالى فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد باسوء القوم جميلا فان كذبك هؤلاء يشركون فاستمر على دعوتهم بالترغيب تريب اخبرهم ان الله تعالى ذو رحمة واسعة عامة لجميع المخلوقات كلها فسارعوا الى رحمته باسبابها التي تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ولا يرد بأس الذين كثروا اجرهم ودنهم فاحذروا الجرائم الموصلة لبيس الله التي اعظمها ورسولها تكفي محمد صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى والذين يشركوا لو شاء الله وما يشركنا ولا اباؤنا الاية هذا اكبر من الله تعالى ان المشركين سيحتجون على شركهم وتحريم ما احل الله بالقضاء والقدر ويجعلون مشيئة الله شامئة لكل شيء من من الخير والشر حجة لهم في دفع اللوم عنهم وقد قالوا ما اخبر الله انهم سيقولون كما في اية اخرى وقال الذين اشكوا لو شاء الله وما عبدنا من دونه من شيء الاية فاخبرت على ان هذه حجة لم تزل او المكذبة تدفع بها عنهم دعوة الرسل ويحتجون بها فلم فيهم شيئا ولم تفعل فلم يزل هذا دأبهم حتى اهلكم الله تعالى واذاقهم بأسه. فلو كانت حجة صحيحة لدفعت عنهم العقاب ولما احل الله بهم العذاب لانه يحل بسوء الله بمن استحقه فعلم انها حجة فاسدة وشبهة كاسدة من عدة اوجه. منها ما ذكر الله ومنها ان الحجة لابد ان تكون حجة مستندة للعلم والبرهان فاما اذا كانت مستندة الى مجرد الظن والخرس الذي لا يغني عنه من الحق شيئا فان باطله لهذا قال قل هل ثم العلم فتخرجوه لنا فلو كان لهم علم وهو خصوم وهم خصومنا للداء لاخرجوا فلما لم يخرجوه علم انه لا علم عندهم ومن بنى على البغي والعناد والشر والفساد ومنها ان الحجة لله التي لم تبقى لاحد يبقي لاحد عذرا التي اتفقت عليها الانبياء والمرسلين والكتب والالهية والاثار النبوية والعقول الصحيحة والفطر المستقيمة والاخلاق القويمة فبذلك ان كلما خالف هذه الاية القاطعة باطل لان نقيض الحق لا يكون الا باطلا. ومنها ان الله تعالى اعطى كل مخلوق قدرة وارادة يتمكن بها من لما كلف به فلا اوجب على الله على احد ما لا يقدر على فعله ولا حرم على احد ما لا يتمكن على تركه. فالاحتجاج بعد هذا القضاء بالقضاء والقدر ظلم محض معناد صرف. ومنها ان الله تعالى لم يجبر عباد الافعال بل جعل افعالهم تبعا لاختيارهم لا ينكره الا من كافر وانكر المحسوسات فان كل احد يفرق بين الحركة الاختيارية والحركة القسرية وان كان الجميع داخلا بمشيئة الله مندلل تحت ارادته ومنها ان المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر يتناقضون في ذلك فانهم لا يمكنهم ان يطردوا ذلك بل لو اساء اليه ضربنا اخذ ماله ونحو ذلك واحتج بالقضاء وقدره لما لما قبلوا من لما قبلوا من هذا الاحتجاج ولغضبوا من ذلك اشد الغضب. فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله مساخطه ولا يرضون من احد ان يحتج به في مقابلة مساخطهم ومنها ان احتجاجهم للقضاء والقدر ليس مقصودا ويعلمون انه ليس بحجة وان المقصود من دفع الحق ويرون ان الحق بمنزلة الصائل فهم يدفعون بكل ما يخطر ببالهم من الكلام كانوا يعتقدونه خطأ. قل هل هم شهدائكم الذين يشهدون ان الله حرم هذا فان يشهدوا ولا تشهد معهم ولا تبعهم الذين كذوبياتنا والذين يؤمنون بالاخرة بربهم يعدلون ما يقول لمن حرم احل الله ونسب ذلك الى الله احضروا شهداءكم الذين يشهدون ان الله حرم هذا فاذا قيل لهم هذا الكلام فهم بين امرين اما الا يحضروا واحدا يشهد بهذا فتكون دعواهم اذا باطلة قال خلية من الشهداء واما ان يحضروا احدا يشهدوا لهم بذلك ولا يمكن ان يشهدهم بهذا الا كل فاكهة من غير مقول الشهادة وليس هذا من الامور التي يصح ان يشهد بها العدول ولهذا قال تعالى نهي عن النبي اوتب اتباعهم عن هذه الشهادة ولا تشهد معهم ولا يتبع هو الذي كذبوا باياتنا والذين لا يؤمنون باخرتهم بربهم يعدلون ان يسوون به غيره من الامداد والاوسان. فاذا كانوا كافرين باليوم الاخرين كانت هوية مناسبة لعقيدتهم وكانت دائرة بين الشرك والتكبير بالحق. فحري بهواها بهوا هذا شأنه ان ينهى الله خيار يعني اتباعه وعن الشهادة مع اربابه وعلم حين ذنب تحريمه لما احل الله صادرا عن تلك الاهواء المضلة. احسنت بارك الله فيك قراءة مع الشيخ غنام يعني هذه الاية من الايات الشديدة التي يجعل العالم وطالب العلم يتوقف في تحليل الحرام او في تحريم الحلال. وايهما اشد؟ جمع من اهل العلم يقول تحريم الحلال اشد تحريم الحلال اشد من تحليل الحرام لان التحليل الحرام قد يكون له وجه عند الضرورة اما تحريم الحلال ليس له اي وجه لا عقلا ولا نقلا. نعم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. قال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى قل تعالى واتلوا فاحرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا الايات. قال يقول تعالى النبي صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء الذين حرموا ما احل الله تعالى لو انتما حرم ربكم عليكم تحريما عاما شاملا لكل احد محتويا على سائر المحرمات من المآكل والمشارب من المآكل والمشارب والافعى لا تشركوا به شيئا اي لا قليلا ولا كثيرا. وحقيقة الشرك بالله ان يعبد المخلوق كما يعبد الله او يعظم كما يعظم الله يصرف له نوع من خصائص الربوبية والالهية اذا ترك العبد الشرك كله صار موحدا مخلصا لله في جميع احواله فهذا حق الله على عباده ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ثم بدا باكد الحقوق بعد حقه فقال وبالوالدين احسانا من الاقوال الكريمة الحسنة والافعال الجميلة المستحسنة فكل قول وفعل يحصل فيه منفعة للوالدين او سرور لهما فان ذلك من الاحسان فاذا وجد الاحسان انتفى العقوق ولا تقتلوا اولادكم من ذكور او اناث من املاق اي بسبب الفقر وضيقكم ومن رزقهم كما كان ذلك موجودا في الجاهلية القاسية الظالمة واذا كانوا منهيين عن قتلهم في هذه الحال وهم اولادهم فنهيهم عن قتلهم لغير بموجب اوقات اولاد غيرهم من باب اولى واحرى. اي قد تكفلنا برزق الجميع فلستم الذين ترزقون اولادكم ولا انفسهم فليس عليكم منهم ضيق ولا تقربوا الفواحش وهي الذنوب العظام المستفحشة ما ظهر منها وما بطن اي لا تقربوا ظاهر من اول الخطيئة والمتعلقة منها بالظاهر والمتعلق بالقلب والباطن. والنهي عن قربان الفواحش ابلغ من النهي عن مجرد فعلها فانه يتناول النهي عن مقدماتها ووسائلها الموصلة اليها. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله وهي النفس المسلمة من ذكر وانثى صغير وكبير بر من وفاجر والكافرات التي قد عصمت بالعهد والميثاق الا بالحق كالزاني المحصن والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجمال ذلكم المذكور وصاكم الله به لعلكم تعقلون عن الله وصيته ثم تحفظونها ثم تراعونها وتقومون بها ودلت الاية على انه بحسب عقل العبد يكون قيامه بما امر الله به. ولا تقربوا مال اليتيم باكل او معارضة على وجه المحاباة لانفسكم او اخذ من غير سبب الا بالتي هي احسن اي الا بالحال التي تصلح بها اموالهم. وينتفعون بها فدل هذا على انه لا يجوز قربانا التصرف بها على وجه يضر اليتامى او على وجه الله مضرات به ولا مصلحة حتى يبلغ اليتيم اشده اي حتى يبلغ ويرشد ويعرف فاذا بلغ اشده واعطيها حينئذ ما او اعطي حينئذ ما له. وتصرف وتصرف فيه على وفي هذه دلالة على ان اليتيم قبل بلوغ وبالاشد مهجور عليه وان وليه يتصرف في ماله بلا حظ وان هذا الحجر ينتهي ببلوغ الاشد. واوفوا الكيل والميزان بالقسط اي بالعد والوفاء التام فاذا اجتهدتم في ذلك فلا تكلفوا نفسا الا وسعي بقدر ما تسعوا ولا تضيق عنه فمن فمن حرص على الايتاء في الكيل والوزن ثم منه تقصير لم يفرط فيه ولم يعلمه فان الله غفور رحيم. وبهذه الاية ونحوها استدل الاصوليون بان الله لا يكلف احدا ما لا يطيق على ان من اتقى الله فيما امر وفعل ما يمكنه من ذلك فلا حرج عليه. فيما سوى ذلك واذا قلتم قولا تحكمون به بين الناس وتفصل وتفصلون بينهم الخطاب وتتكلمون به على المقالات والاحوال تعدلوا في قولكم الصدق في من تحبون ومن تكرهون والانصاف وعدم كتمان ما يلزم بيانه فان الميل على من تكره بالكلام فيه او في مقالته من الظلم المحرم بل اذا تكلم العالم على مقالات اهل البدع فالواجب عليه ان يعطي كل ذي حق حقه وان يبين ما فيها من الحق والباطل ويعتبر قربها من الحق وبعدها منه وذكر الفقهاء وذكر الفقهاء ان القاضي يجب عليه العدل بين الخصمين في لحظه ولفظه. وبعهد الله انفوا هذا يشمل العهد الذي عاهدت عليه العباد من القيام بحقوقه والوفاء بها ومن العهد الذي يقع التعاهد به بين خلقه فالجميع يجب الوفاء به ويحرم نقضه ويحرم نقضه الاخلال به ذلكم الاحكام المذكورة وصاكم الله به لعلكم تذكرون ما بينه لكم من الاحكام وتقومون بوصية الله لكم حق قيامة وتعرفون ما من الحكم والاحكام ولما بينت ولما بين كثيرا من الاوامر الكبار والشرائع المهمة اشار اليها والى ما هو اعم منها فقال الى صراطي مستقيما اي هذه الاحكام ما اشبهها مما بينه الله في كتابه وضحوا لعباده صراط الله الموصل اليه والى دار كرامته المعدن المعتدل السهل المختصر لتنال الفوز والفلاح وتدرك الامال والافراح ولا تتبعوا السبل اي الطرق المخالفة لهذا الطريق وتفرقوا وبكم عن سبيل اي تدلكم عنه وتفرقكم يمينا وشمالا فاذا ضللتم عن الصراط المستقيم فليس ثم الا طريق توصل الى الجحيم. ذلكم وصاكم لعلكم تتقون فانكم اذا قمتم بما بينه الله لكم علما وعملا صرتم من المتقين وعباد الله المفلحين. ووحد الصراط واهوى وحد الصراط واضافوا اليه لانه سبيل واحد موصل اليه والله هو المعين للسالكين على سلوكه. ثم اتينا موسى الكتاب تماما على الذي احسن وتفصيلا الايات ثم في هذا الموضع ليس المراد منه الترتيب الزمني فان زمن موسى عليه السلام متقدم على تلاوة الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب انما مراد الترتيب الاخباري فاخبر انه اتى موسى الكتاب وهو التوراة تماما لنعمته وكمالا يحسانه على الذي احسن من امة موسى فان الله انا مال المحسنين منهم بنعم لا تحصى من جملة اتى وتمامها انزال التوراة عليهم فتمت عليهم نعمة الله وجب عليهم القيام شكرها وتفصيلا لكل شيء يحتاجون هنا الى تفصيل من الحلال والحرام والامر والنهي والعقائد ونحوها. ان يهديهم الى الخير ويعرفهم بالشر بالاصول والفروع ورحمة يحصل بهم لهم السعادة والرحمة والخير الكثير لعلهم بسبب ميزاننا الكتاب والبينات عليهم بلقاء ربهم يؤمنون فانه اجتمع من القاطعة على الايمان والجزاء بالاعمال ما يوجب لهم الايمان بلقاء ربهم والاستعداد لهم. والاستعداد له. وهذا القرآن العظيم والذكر كتاب انزلناه مبارك اي فيه الخير الكثير والعلم الغزير وهو الذي تستمد والذي وهو الذي تستمد منه سائر العلوم وتستخرج منه البركات فما من خير الا وقد دعا اليه ورغبتي وذكر الحكم والمصالح التي تحث عليه وما من شر الا وقد نهى عنه وحذر منه وذكر الاسباب المنفرة عن فعله قبال وخيمة فاتبعوه فيما يمر به وينهى وابنوا اصول دينكم وفروعه عليه واتقوا الله التي اتقوا الله تعالى ان تخالفوا له امر لعلكم ان اتبعتموه ترحمون فاكبر سبب لنيل رحمة الله اتباعه. وهذا الكتاب علما وعملا الكتاب على طائفتين من قبلنا وان كنا من دراستهم لغافلين. اي انزلنا اليكم هذا الكتاب المبارك قطعا لحجتكم وخشية ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا اي اليهود والنصارى. وان كنا عن دراستهم لغافلين اي تقولون لم تنزل علينا كتابا التي انزلتها على والكتب التي انزلتها على الطائفتين ليس لنا بها علم ولا معرفة فانزلنا اليكم كتابا لم لم ينزل من السماء من السماء كتاب اجمع ولا اوضح ولا ابين منه. او تقولوا ان لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم. اي اما ان تعتذروا بعدم وصول اصل الهداية اليكم اما ان تعتذروا بعدم كمالها وتمامها فحصلكم بكتابكم اصل الهداية وكمالها وهذا اسم جنس يدخل فيه كل ما يبين الحق وهدى من الضلالة ورحمة اي سعادة لكم في دينكم ودنياكم. فهذا يوجب لكم القيادة لاحكام والايمان باخباره او ان من لم فهذا يجيب لكم الانقياد لاحكام الايمان باخبارهم وان من لم يرفع به وكذب به فانه اظلم الظالمين ولهذا قال فمن اظلم ممن كذب بايات الله وصدف عنها اي اعرض ونأى بجانبه سنجزي الذي نصف العذابي العذاب الذي يسوء بصاحبه ويشق ما يشق عليه بما كانوا يصرفون لانفسهم ولغيرهم جزاء لهم على عملهم وما ربك بظلام للعبيد وفي هذه الايات دليل على ان علم القرآن اجل العلوم وابركها واوسعها وانه به تحصل الهداية الى الصراط مستقيم هداية تامة لا يحتاج معه الى تحرص المتكلمين ولا الى افكار متفلسفين ولا الى غير ذلك من علوم الاولين والاخرين. وان المعروف لو لم ينزل ولم ينزل جنس الكتاب الا على الطائفتين. الى اليهود والنصارى فهم اهل الكتاب عند الاطلاق لا يدخل فيهم سائر الطوائف للمجوس ولا غيرهم فيما كان عليه الجاهية قبل نزول القرآن من الجهل العظيم وعدم العلم بما عند اهل الكتاب الذين عندهم مادة العلم ورثتهم عن دراسة من كتبهم هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة ويأتي ربك ويأتي بعض ايات ربك الاية يقول تعالى لينظروا هؤلاء الذين مرض المؤمن الا ان يأتيهم مقدمات للعذاب مقدمات الاخرة ان تأتيهم الملائكة لقبض ارواحهم فانهم اذا وصلوا الى تلك كالحال لم ينفعهم الايمان ولا صالح الاعمال او يأتي ربك لفصل القضاء بين العباد ومجازاة المحسنين والمسيئين. او يأتي بعض ايات ربك الدال على قرب الساعة يوم يأتي بعض ايات ربك الخانق للعادة التي يعلم بها ان السعادة قد مات التي يعلم بها ان السعد قد دنت وان القيام قد اقتربت لا ينفع نفسا ايمانا ولم تكن من قبله كسبت في ايمانها خيرا اي اذا وجد بعض ايات الله لم ينفع الكافر ايمانه ان امن ولم المؤمن المقصر ان يزداد خيره بعد بعد ذلك بل ينفعه ما كان معه من الايمان قبل ذلك وما كان له من الخير الموجود قبل ان يأتي بعض الايات والحكمة في هذا ظاهرة فانه انما كان الايمان ينفع اذا كان ايمانا بالغيب وكان اختيارا من العبد. فاما اذا وجدت الايات صار الامر سادة ولم يبقى للايمان الفائدة لها الى انه يشبه الايمان الضروري كايمان الغريق والحريق ونحوهما فممن اذا رأى الموت اقلع عما هو فيقال كما قال تعالى ما قالوا امنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين وقد كثرت الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان المراد ببعض ايات الله طلوع الشمس من مغربها وان الناس اذا رأوها امنوا فلم ينفعهم ايمانهم حينئذ باب التوبة ولما كان هذا وعيدا للمكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم منتظرا وهم ينتظرون بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه طوارئ الدار ومصائب الامور قال قل انتظروا انا منتظرون فستعلمون اينا احق بالامن؟ وفي هذه الاية دليل لمذهب اهل السنة باثبات الافعال الاختيارية لله تعالى كالاستواء والنزول والاتيان لله تبارك وتعالى من غير تشويه له بصفات المخلوقين وفي الكتاب والسنة من هذا شيء كثير وفيه ان من جملة اشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها وان الله تعالى حكيم قد جرت عادته وسنته ان الايمان انما واذا كان اختيارين لا اضطراريا كما تقدم وان الانسان بايمانه فالطاعة والبر والتقوى انما تنفع وتنمو اذا كان من اذا خلا القلب من الايمان لم ينفعه شيء من ذلك ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيئا لست منهم في انشاء الايتين. يتوعد تعالى الذين فرقوا اي شتتوه وتفرقوا فيه وكل وكل اخذ لنفسه نصيبا من الاسماء التي لا تفيد الانسان في دينه شيئا. كاليهودية والنصرانية والمجوسية او لا يكفن بها ايمانه بان يأخذ من الشريعة شيئا ويجعله دينه يدع مثله او ما هو اولى منه كما هو حال اهل الفرقة من اهل البدع والضلال المفرقين للامة من اهل البدع والضلال والمنفرقين ثم دلت الاية الكريمة على او دلت الاية الكريمة ان الدين يأمر بالاجتماع ان الدين يأمر بالاجتماع خلافه ينهى عن التفرق والاختلاف في اهل الدين وسر سائر مسائله الاصولية والفروعية وامر وامر ان يتبرأ ممن فرقوا وامره ان يتبرأ ممن فرقوا دينا فقال لست منهم في شيء اي لست منهم وليسوا منك وليسوا منك لانهم خالفوك وعاندوك انما امرهم الى الله يردون اليه فيجازيهم ويجازيهم باعمالهم ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون. ثم ذكر صفة الجزاء فقال من جاء بالحسنة القولية والفعلية الظاهرة والحسنة. الظاهر والباطن المتعلقة بحق الله وحق خلقه فله عشرا من سألها. هذا اقل ما يكون من التضريب ومن جاء بالسيد فلا يجزى الا مثلها وهذا من تمام عدله تعالى واحسانه ولا يظلم مثقال ذرة من لهذا قال انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا الايات يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقول ويعلن بما هو عليه من الهداية الى الصراط المستقيم الدين المعتدل المتضمن للعقائد النافعة والاعمال الصالحة والامر بكل حسن بكل حسن والنهي عن كل قبيح الذي عليه الانبياء والمرسلون خصوصا امام الحنفاء ووالد من بعث من بعد موته من الانبياء خليل الرحمن خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الدين الحنيف المائل عن كل دين غير مستقيم اهل الانحراف كاليهود والنصارى تروى المشركين وهذا عموم ثم خصص من ذلك اشرف العبادات فقال ذبحي وذلك وفي هاتين العبادتين وفضلهما ودلالتهما على محبة الله تعالى واخلاص الدين له والتقرب اليه بالقلب واللسان والجوارح بالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال لما هو احب اليها وهو الله تعالى من ومن اخلص في صلاته ونسكه استلزم ذلك اخلاصه لله ومن سائر في سائر اعماله وقوله ومحياي ومماتي اي مآتيهم في حياتي وما يجريه الله عليه وما يقدر علي في مماته لا شريك له في العبادة كما انه ليس له شريك في الملك والتدبير وليس هذا الاخلاص لله ابتداء مني وبدع اتيته من تلقاء نفسي بل بذلك امرا حتما لا لا اخرج من التبعة الا بامتثاله وانا اول المسلمين من هذه الاية. قل اغير الله من المخلوقين ابغي ربا اي اي يحسن ذلك ويليق بان اتخذ غيره مربيا ومدبرا والله رب كل شيء. فالقلق كلهم داخلون تحت ربوبيتي منقادون لامره فتعين علي وعلى غيره ان يتخذ الله ربا ويرضى به والا يتعلق باحد من المربوبين الفقراء العاجزين. ثم رغب ورغب بذلك قال ولا تكسبوا كل نفس من خير وشر الا عليها كما قال تعالى من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها ولا وزر اخرى بل كل عليه وزر نفسه. ان كان احد قد تسبب في ضلال غيره ووزر ووزر ووزره فان عليه وزر التسبب من غير ان ينقص من وزر المباشر شيء. ثم الى ربكم مرجعكم يوم القيامة فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون من خير وشر يجازيك على ذلك اوفى الجزاء وهو الذي جعلكم خلائف الارض ان يخلفوا بعضكم بعضا واستخلفكم في الارض وسخر لكم جميع ما فيها وابتلاكم لينظر كيف تعلمون ورفع بعضكم فوق بعض درجات في القوة والعافية والرزق والخلق والرزق والخلق والخلق ليبلوكم فيما اتاكم فتفاوتت اعمالكم ان ربك سريع العقاب لمن عصاه وكذب باياته وانه لغفور رحيم لمن امن بي وعمل صالحا وتاب من من الموبقات اخر تفسير سورة الانعام وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين احسنت بارك الله فيك. القراءة مع الشيخ عبد السلام. اه طبعا من هنا انتهى المجلد الثاني بحسب ما طبع كتاب في ايام الشيخ رحمه الله في حياته سنة خمس واربعين وثلاث مئة والف من الهجرة ونبدأ الان في المجلد ان شاء الله على حسب ما طبع في حياة الشيخ نبدأ بسورة الاعراف. نعم قال رحمه الله تعالى تفسير سورة الاعراف مكية بسم الله الرحمن الرحيم الف لام ميم صاد الايات يقول تعالى لرسول صلى الله عليه وسلم بينا لعظمة القرآن كتاب انزل اليك اي كتاب جليل حوى كل ما يحتاج اليه العباد وجميع المطالب الاهية المقاصد الشرعية محكما مفصلا فلا يكون في صدرك حرجا وضيقا وشك واشتباه بل لتعلم انه تنزيل من حكيم حميد لا يأتي الباطل من بين يديه ولا من خلفه فلينشرح له صدرك لتطمئن به نفسك ولتصدع باوامره ونواهي ولا تخشى نائما ولا معارضا لتنذر به الخلق وتعظ وتعظهم وتذكرهم وتقوم الحجة على المعاندين فليكن ذكرى المؤمنين كما قال تعالى وذكر فان ذكرى تنفع المؤمنين يتذكرون به الصراط المستقيم واعماله الظاهرة الباطنة وما يحول بين العبد وبين سلوكه ثم خاطب الله العباد ولفتهم الى الكتاب فقال اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم الى الكتاب الذي اريد انزالوا ليدكما ومن ربكم الذي يريد ان يتم تربيته لكم فانزل هذا الكتاب الذي اتبعتموه وكملت تربيتكم واتمت عليكم النعمة وهديتم لاحسن الاعمال والاخلاق ومعاليها ولا تتبعوا من دون اولياء وتتبعون وتتركون لاجل ان يلحق قليلا ما يتذكرون فلو تذكرتم وعرفتم المصلحة لما اثرتم الضار على النافع والعدو على الولي. ثم حذر عقوبته لاول الذين كذبوا وما جاءتهم به رسل فلا يشابهون فقال وكم من قرية افناها فجاءها بأسنا اعذابنا الشديد بياتا وهم قائلون في حين غفلتهم وعلى غرتهم غافلون. لم يخدر الهلاك على قلوبهم فحين جاءهم العذاب لم يدفعوا عن انفسهم ولا اغنت عنهم واليتهم التي كانوا يرجونهم ما كانوا يفعلون من الظلم والمعاصي. فما كان دعواهم اذ جاءهم بأسنا الا ان قالوا انا كنا ظالمين كما قال تعالى وكم من وكم قصمنا من قريتك الظالمة واشينا بعد قوم اخرين فلما احسب يركضون لا تركضوا ارجعوا الى ما اترفدتم في مساكنكم لعلكم تسألون. ما زالت تلك دعواهم حتى ارسل الله اجبت مرسلين الايات ونسألن المرسلين عن تبليغهم لرسالات ربهم عما اجابتهم به اممهم. فلنقصن عليهم اي على الخلق عما عملوا بعلم منه تعالى لاعمالهم وكنا راغبين في وقت من الاوقات كما قال تعالى ولقد خلقناهم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ثم ذكر الجزاء عن الاعمال فقال والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه الايتين اي الوزن يوم القيامة يكون بالعدل والقسط الذي لا جور فيه ولا ظلم بوجه من ثقلت موازينه بان رجعت كفة حسناته على سيئاته فاولئك هم مفلحون يناجون من المكروه والمدركون المحبوب الذين حصل لهم الربح والعظيم والسعادة الدائمة ومن خفت موازينه بان رجحت سيئاته وصار الحكم لها فاولئك الذين خسروا انفسهم اذ فاتهم النعيم وحصلهم عذاب الاليم ما كانوا بايات لا يظلمون فلم ينقادون كما يجب عليهم ذلك. ولقد مكناكم في الارض وجعلنا لكم يا معاش قليلا ما تشكرون. يقول تعالى امتن على عباده بذكر مسكن ومعيشة ولقد مكناكم في الارض هيأناها الكم بحيث يتمكنون من ابنائي عليها وحرثها ووجهه الانتفاع بها وجعلنا لكم يا معايشا ما يخرج من الجهل والنبات من معادن الارض والمواعيد الصنائع التجارة فانه هو الذي هيأها وسخرت الله الذي انعم عليكم من اصناف النعم وصرف عنكم النقم. قوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم الايات قوله تعالى مخاطب بني ادم لو اتخلق غنيكم بخلق اصلكم ومادتكم التي منها خرجتم ابيكم ادم عليه السلام ثم صورناكم في احسن صورة واحسن تقويم علمه الله تعالى ما به تكمل صورته الباطنة ثم امر الملائكة الكرام ان يسجد لادم اكراما واحتراما اظهارا لفضله وامر ربهم فسجدوا كل مجمعون الا ابليس ابا ان يسجد له تكبرا عليه واعجاب نفسه فوبخه الله على ذلك وقال ما ملك ان تسجد بيدي ان شربت وفضلت بهذه الفضيلة التي لم تكن لغيري فعصيت امري وتهاونت بي. ثم برهن على هذه الدعوة الباطلة بقوله اغتنم النار وخلقته من طين فاوجب وموجب هذا ان المخلوق منا لن افضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين وصعودها وهذا القياس من افسد لقيس انه باطل من عدة اوجه منها انه في مقابلة امر الله له بسجود القياس اذا عارض النص فانه قياس باطل لان المقصود بالقياس يعني يكون الحكم الذي لم يأتي به نص يقارب الامر امور النصوص عليها ويكون تابعا لها. فاما قياس يعارضها ويلزم منه ويلزم من اعتباره الغاء النصوص في هذا القياس من اشنع ومنها ان قوله وانا خير منهم فمجرد بمجردها كافية لنقص ابليس الخبيث فانه برهن على نقصه اعجابه بنفسه وتكبره وقوله على الله علم واي نقص اعظم من هذا ومنها انه كذب في تفضيل مادة النار على مد على مادة الطين والتراب فان مادة الطين فيها الخشوع والسكون والرزانة ومنها فتظهر بركات الارض من الاشجار وانواع النبات على اختلاف اجناسه وانواعه ومن نار فيها الخفة والطيش والاحراق. وفي هذا القياس من المفاسد انه يعترض على الله وهو الذي يعلم الحقائق وما يستحق وما ينبغي ان يكرم. نعم القياس بمقابل النص قياس باطل. وهذه مسألة متفق عليها من حيث الجملة بين الفقهاء. لان اي قياس في قابل النص يعني الاعتراض على الله. نعم قالوا لهذا لما جرى من ابليس ما جرى الحق في مرتبته العالية الى اسفل سافلين فقال الله له هبط منها اي من الجنة بما يكون لك ان تتكبر فيها لانها دار الطيبين الطاهرين فلا تليق باقبض خلق الله واشرفهم فاخرج منك من الصابرين المهانين الاذلين. جزاء على كبره وعجبه بالاهانة والذل. فلما اعلن عدو الله بعداوة الله وعدوه ادم وذريته اسأل الله ان النظرة والامهال الى يوم البعث ليتمكن من ارضاء ما يقدر عليه بني ادم. ولما كانت حكمة الله اختبارهم ليتبين الصادقون والكاذب وان يطعوا من يطيعوا عدوه واجابه لما سلف قال انك من المنظرين قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صلاتك المستقيمة قال لما لما ابلس وايس من رحمة الله فما اغويتني لاقعدن له من خلق صراطك المستقيم فالزمنا الصراط ولا اسعى في غاية جهدي على صد الناس عنه وعدم سلوكهم اياه. ثم لاتينهم بين ايديهم الخلف مع الامام وعن شمائلهم من جميع الجهات بكل طريق يتمكن فيه من ادراك بعض مقصوده قد تغلب الغفلة على كثير من وكان جازم ببدء مجهوده على ابراهيم ظن وصدق وانه فقال ولا تجد اكثرهم شاكرين فان القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم وهو يريد صدهم عنه وعدم قيامهم به قال تعالى انما يدعو حزبه ليكن من اصحاب وانما نبهنا الله على ما قال وعزم على فعله. لنأخذ منه حذرنا ونستعد لعدونا ونحترز منه بعلمنا بالطرق التي يأتي منها ومداخله التي ينفذ منها حفظه تعالى علينا بذلك اكملوا نعمة. قال اخرج منها مذموما مدحورا لم يتبعك منهم اجمعين قال الله لابليس لما قال ما قال اخرج منها خروج الصغار بل مذؤومة مذمومة مدحورا مبعدا الله وعن رحمة وعن كل خير لاملأن جهنمك ومن تبعك منهم اجمعين وهذا قسم من الله تعالى ان النار دار العصاة لابد ان يملأها من ابليس واتباعه من الجن والانس ثم فقال ان النار دار الكافرين كان آآ اقرب لان الدار تنسب الى من يخلد فيها لا الى من يدخلها ويخرجها. نعم ثم حذر ادم شره وفتنته فقال ويا ادم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما اي امر الله تبارك وتعالى ادم وزوجة حواء التي انعم الله بها عليها اليه ان يأكل من الجنة حيث شاء ويتمتع فيها بما اراد الا انه عين لهما شجرة ونهاهما عن نكرها والله اعلم ما هي وليس في تعيينها فائدة لنا وحرم عليهم بدليل القول فتكون من الظالمين فلم يزلين لامر الله تعالى حتى تغلغل اليهما عدوهم ابليس ومكره فوسوس لهما وسوسة وسوسة خدع بها وموه عليهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا تكون ملكين من جنس الملائكة وتكونا من الخالدين كما قال في الاية الاخرى. هل ادلك على شجرة قلد وملك لا يبلى ومع قوله هذا اقسم لهما بالله اني لكما من الناصحين اي من جملة الناصحين حيث قلت لكما ما قلت فاغترا بذلك وغلبت في تلك الحال على العقل فدلاهما ان ينزلهما عن الرتبة التي هي البعد عن الذنوب والمعاصي الى التلوث باوضارها واقدم على اكلها فلما ذاق شجرة ظهرت عبرة كل منهما بعدما كانت مستورة فصار العري الباطن من التاء فصار العري الباطن من التقوى في هذه الحال اثر في اللباس الظاهر تنخلع فظهرت عوراتهما ولما ظهرت عوراتهما خجلا وجعلا يخسفان على وعوراتهما من اوراق شجر الجنة ليستترا بذلك وناداهما ربهم بتلك الحال موبخا ومعاتبا تلكم الشجرة واقول لكما ان الشيطان لكم عدو مبين. فلما اقترفتم المنهي قاطعت واطعتم واطعتما عدوكما قال فحينئذ من الله عليهما بالتوبة وقبولها ما اعترف بالذنب وسائر من الله مغفرته فقال ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قد الذنب الذي نبهتنا عنه واضررنا بانفسنا باقتراف الذنب. وقد فعلنا سبب الخسارة ان لم تغفر لنا بمحو اثر الذنب وعقوبته وترحمنا بقبول التوبة والمعافاة من امثال هذه الخطايا فغفر الله لهما ذلك وعصى ادم ربه فغوى ثم اتبعه ربه فتاب عليه وهدى. هذا وابليس مستمر على طغيانه مع غير مقلع فمن اشبه ادم بالاعتراف والسؤال المغفرة والندم والاقلاع اذا صدرت من الذنوب وربه وهداه من اشبه ابليس اذا صدر منه الذنب لا يزال يزداد من المعاصي فانه لا يزداد من الله الا بعدا قوله تعالى قال اهبطوا بعضكم لبعض عدونا الايات اي لما اهبط الله عدم زوجته وذريتهما الى الارض اخبرهما بحال اقامتهما فيها وان ما في الحياة ويتلوها الموت مشحونة بالامتحان والابتلاء. وانهم لا يزالون فيها يرسل اليهم رسلا وينزل عليهم كتبه حتى يأتيهم الموت فيدفنوا ويدفنون فيها ثم يستكملوا بعثهم الله واخرجهم منها الى الدار التي هي الدار حقيقة هي دار الحقيقة هي التي هي دار المقامة ثم امتن عليه ما يسر له من لباس ضروري واللباس الذي المقصود منه الجمال وهكذا سيرى الطعام والشراب والمراكب والمناخ ونحوها قد يسأل الله العباد ضروريها ومكمل ذلك وبين لهم ان هذا ليس مقصودا بالذات وانما انزله الله ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته. ولهذا قال ولما اشتقى ذلك خير من اللباس الحسي فان لباس التقوى يستمر مع العبد ولا يبلى ولا يبيد وهو جمال القلب والروح واما اللباس الظاهر فغايته ان يستر العورة الظاهرة في وقت من الاوقات ويكون جمالا وليس وراء ذلك منه منفعة. وايضا فبتقدير عدم هذا اللباس تنكشف عورتها الظاهرة التي لا يضر كشفها مع الضرورة واما بتقدير عدم لباس التقوى فان اتكشف عورة الباطنة وينال الخزي والفضيحة وقوله ذلك من ايات الله لعلهم يذكرون لذلك مذكور من اللباس ما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتستعينوا باللباس الظاهر على الباطن يعني في بعض الكتب ان الانسان الاول كان بدائيا يعني اذا كان يقصد بالبداية ما عنده علم الحضارة هذا يقبل. اما اذا كان المقصود بالبداية انه لا يفهم شيء هذا لا يقبل لان ادم عليه السلام معلم وتأملوا معي انه كان في الجنة رأى كل ما فيها في الجنة. رأى كل ما في الجنة من النعيم. او على الاقل المكان الذي انزل في الجنة رآه من اللباس ومن المآكل والمشارب والمساكن فاذا اهبط اقل احواله عنده علم مشاهدة بما كان مع العلم الذي اعطاه الله في قلبه وعلم ادم الاسماء كلها فان قال الناس فمن اين جاء الانسان البداية؟ الانسان البداية جاء بعد خروجه عن دين الله عز وجل وبعده عن دين الله تبارك وتعالى نعم قوله تعالى يا ادم قوله تعالى يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم الايات يقول تعالى بني ادم ان يفعل بهم الشيطان كما فعل بابيهم يا بني ادم لكم الشيطان بان يزين لكم العصيان ويدعوكم اليه ويراقبكم فيه فتقاضون له. كما اخرج ابويكم من الجنة وانزلها من المحل العالي الذي انتم يريدوا ان يفعل بهم كذلك ولا يألو جهده عنكم حتى يفتنكم الاستطاعة فعليكم وتجعلوا الحذر منه في بالكم وان تلبسوه لا متى الحرب بينكم وبينه؟ والا عن مواضعي التي يدخل منها اليكم فانه يراقبكم على الدواء ويراكم هو قبلوا من الشياطين الجن من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين اولياء الذين لا لا يؤمنون فعدم الايمان فعدم الايمان هو الموجب العقد الولاية بين النساء والشيطان انه ليس له سلطان على الذين امنوا على ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولون والذين هم المشركون قوله تعالى واذا فعلوا فائشة قالوا وجدنا عليها ابانا الايات يقول تعالى بين قبح حال المشركين الذين يفعلون الذنوب وينسبون ان الله امرهم بها الى افعلوا فاحشة وهي كل ما يستفح ويستقبح. ومن ذلك طوافه من بيت عراة قالوا وجدنا عليها ابانا وصدقوا في هذا والله وكذبوا في هذا ولهذا رد الله عليهم هذه نسبة قال يقل ان الله لا يأمر بالفحشاء لا يليق بكمال وحكمته ان يأمر عباده بتعاطي الفواحش يفعله مشركون ولا غيره تقولون على الله ما لا تعلمون اي يفترون اعظم من هذا ثم ذكر ما يؤمر بما يأمر به فقال قل امر ربي بالقسط اي بالعدل في العبادات وجوهكم عند كل مسجد وتوجهوا لله واجتهدوا بتكميل العبادات خصوصا الصلاة واقيموها ظاهرا وباطن اقوها من كل منقص ومفسد وادعوا مخلصين له الدين اي قاصدين بذلك وجهه وحده لا شريك له كما بدأكم اول مرة تعودون للبعث والقادوا على بدء خلقكم قادر على اعادته وفقهم الهداية ويسر واسبابها وصرف عنهم موانعها وفريقا حق عليهم الضلالة وجبت عليهم الضلالة بما اكتسبوا لانفسهم وعملوا باسباب غواية. فانهم اتخذوا من اولياء من دون الله ومن اتخذ الشيطان وليمدوا الله فقد خسرهم صلاة المؤمنين فحين انسلخوا من ولاية الرحمن واستحبوا ولاية الشيطان حصل لهم النصيب الوافر من خذلان ووكلوا الى انفسهم فخسروا خسران وهم يحسبون انهم وتدون على فظنوا الباطل حقا وحق باطلا دليل على ان الاوامر والنواهي تابعة للحكمة ذكر الله تعالى انه لا يتصور ان يأمر بما تستفحشه وتنكره العقول وانه لا يأمر الا بالعدل والاخلاص وفيه دليل على ان هداية فضل الله بفظل الله ومنه وان الضلالة بخذلانه العبد اذا تولى بجهل وظلم الشيطان اذا تولى بجهله الشيطان وتسبب لنفسه بالضلال وان من حسب انه مهتد وهو ضال فانه لا عذر له لانه متمكن من الهدى وانما اتاه حسبانه من ظلمه بترك الطريق الموصل الى هدى قوله تعالى يا ابن ادم خذوا زينتكم عند كل مس وكلوا واشربوا الاية يقول تعالى بعد ما انزل على بني ادم لباسا يوالي سوءاتهم وريشا يا بني ادم خذ زينتكم عند كل ما سيستر عوراتكم عند الصلاة كلها فرضها ونفلها فان سترها زينة البدن كما انك شفها يدع البدن قبيحا مشوها. ويحتمل ان المراد بزينته هنا ما فقد ذلك من الباس النظيف الحسن ففيه هذا الامر بستر العورة في الصلاة واستعمال التجمل فيها ونظافة السترة من الاندناس والانداس ثم قال وكلوا واشربوا مما رزقكم الله من الطيبات ولا تسرفوا في ذلك والاسراف فيما ان يكون بزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات التي تضر بالجسم واما ان يكون بزيادة الترفيه والتنوق في المآكل والمشاريع واللباس واما من تجاوز الحلال الى الحرام انه لا يحب المسرفين فان الصرف يبغضه الله تعالى ويضر بدء الانسان معيشته حتى ان انه ربما ادت به الحال الى ان يعجز عن ما فيجب عليه من النفقات الكريمة الامر بتناول الاكل والشرب والنهي عن تركهما وعن الاسراف فيهما وفي الامر بي خذوا زينتكم بالامر بالاعلى في الامر بالاعلى اشارة الى ان الادنى امر لا بد منه اذا كان الله امرنا بالاعلى فالادنى لابد منه وهو ستر العورة. نعم قوله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من رزق الايات يقول تعالى منكر على من تعنت وحرم احل الله من الطيبات قل من حرم زينة الله التي اخرج ان هو يلبس اللباس على اختلاف اصنافه والطيبات من الرزق ما اكل والمشارب وجميع انواعها اي من هذا الذي يقدم على تحرير منع الله بها العباد ومن ذا الذي يضيق عليه ما وسعه الله وهذا التوسيع من الله للعباد بالطيبات جعله لهم ان يستعينوا به على عبادته فلم يبحه الا لعباده المؤمنين لهذا قال قل هي للذين امنوا بالحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ان من لم يؤمن بالله بالاستعانة بها على معاصيه فانها غير خالصة له ولا ملبى حتى بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها ويسأل عن نعيم يوم القيامة. كذلك بما حصله الله من الايات ويعلمون انها من عند الله فيعقلونها ويفهمونها. ثم ذكروا المحرمات التي حرمها الله في كل شريعة من الشرائع فقال وانما حرم ربي الفواحش اي ذنوب الكبار التي تستفحش وتستقوى لشناعتها وقبحها وذلك الزنا واللواط ونحوهما وقوله ما ظهر منها الفواحش يتعلق بحلقات البدن وهي التي تتعلق بحركات القلوب كالكبر والعجب والرياء والنفاق ونحو ذلك والاثم والبغي بغير الحق هي الذنوب التي تؤلم وتوجب العقوبة في حقوق الله والبغي الناس في دمائهم واموالهم واعراضهم فدخل فيها ذنوب المتعة لغد في حق الله والمتعلقة بحق العباد وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا اي حجة بل انزل الحجة والبرهان التوحيد والشرك هو ان يشرك مع الله بعبادته احد من خلقه وربما دخل فيها الشرك الاصغر. كالرياء والحلف بغير الله ونحو ذلك وان تقولوا على الله ما لا تعلمون في اسمائه وصفات افعاله وشرعه فكل هذه قد حرمها الله وانهى العبادة عن تعاطيها لما فيها من الفاسد الخاصة والعامة الظلم والتجري على الله والاستطالة على عباد الله وتغيير دين الله وشرعه. قوله تعالى ولكل امة اجل فاذا جاء اجل فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستخدمون اي وقد اخرج الله بني ادم الى الارض واسكنهم فيها وجعلهم اجلا مسمى لا تتقدم امة من الامور يقع على وقتها المسمى ولا الامور مجتمعة ولا افرادها يا بني ادم اما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم اياتي من اتقوا واصلح ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون لا يأتون ما خرج الله بني ادم من الجنة كتب عليهم يقصون عليهم ايات الله يبينوا لهم احكامه ثم ذكر فضل من استجاب لهم وخسارة من لم يستجب لهم فقال له من اتقى ما حرم الله من الشرك الكبائر الصغيرة والباطنة فلا خوف عليه من الشر الذي قد يخافه غيرهم ولا هم يحزنون على ما مضى. واذا انتفى الخوف والحزن صاح حصل الامن التام والسعادة والفلاح الابدي والذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها الا امنت بها قلوبهم ولو قالت لهم الها جوارحهم اولئك اصحاب النار هم يريدون كما استهانوا باياته ولازموا التكذيب بها اهينوا بالعذاب الدائم الملازم قوله تعالى الحق للحق المبين الهادية الى الصراط المستقيم فهؤلاء وان تمتعوا بالدنيا وناله نصيبهم مما كان مكتوبا لهم في اللوح المحظوظ ليس ذلك منع عنهم شيئا يتمتعون قليلا ثم يعذبون طويلا حتى اذا جاءتهم رسلنا يتوفون من الملائكة الموكلون بقبز ارواح قول في تلك الحالة توبيقا وعتابا. اينما كنتم تدعون من دون الله من اصنام والاوسار قد جاء وقت الحاجة ان كان فيها منفعة لكم ودفع مضرة قالوا ضلوا عنا يطمحن وبطلوا وليس مغنيين عنا من عذاب الله من شيء. وشهدوا على انفسهم انهم كانوا كافرين مستحقين للعذاب المهين الدائم قلوبنا قد خلت من قبلكم من الجن والانس مضوا على ما مضيتم عليه من كفر الاستكبار فاستحق الجميع الخزي والوباء والبوار امة مرؤ عاتية النار لعنة اختها كما قال تعالى ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا حتى اذا اداركوا فيها جميع اجتمعا في النار جميع الاولين والاخرين والقادة والرؤساء والمقلدين والاتباع والرؤساء والمقلدين الاتباع قالت اخراهم اي متأخرهم متبعون الرسائل الاولى شاكين شاكين الى الله اضلالهم اياهم ربنا هؤلاء يضلونا فاتهم عذابا ضعفا من النار. اي عذبهم عذابا مضاعفا لانهم اضلونا وزينوا لنا الاعمال الخبيثة. ما كان لكم علينا من فضله قد اشتركنا جميعا في الغيبة ضلال وفي فعل اسباب العذاب فاي فضل لكم علينا قال الله لكم منكم ضعف ونصيب العذاب فدقوا العذاب ما كنتم تكسبون ولكنهم لمعلومين عذاب الرؤساء وائمة الضلال ابلغ واشنع من عذاب الاتباع كما ان نعيم ائمة الهدى ورؤساءه اعظم من ثواب الاتباع قال تعالى الذين كفروا الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون فهذه الايات ونحوها دلت على ان سائر انواع الكذبات الله مخلدون في العذاب مشتركون في وفي اصله وان كانوا متفاوتين مقداره وحسب اعمالهم بحسب اعمالهم وعنادهم وظلم وافتراءهم وان مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة قوله تعالى ان الذين كذوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتحون ابواب السماء الايات مع انها ايات بينات واستكبر عنها فلم ينقض احكامها بل كذب وتولى انهم ايسون من كل خير. فلا تفتح له ابواب الارواح اذا ماتوا وصعدت تريد العروض الى الله وتستأذنه فلا يؤذن لها كما لم تصعد في الدنيا الى الايمان بالله ومعرفته ومحبته كذلك لا تصعد بعد الموت ان الجزاء من جنس العلم مفهوم لا يأتين لا ارواح المؤمنين من قادين لامر الله مصدقين باياته تفتح له ابواب السماء حتى تعرج الى الله وتصل الى حيث اراد الله من العالم العلوي وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه وقوله عن اهل النار ولا يدخلون الجنة حتى يرجى الجمل وهو البعير المعروف بسم اي حتى يدخل البعير الذي هو من اكبر الحيوانات جسمه في خلق الابرة الذي هو من اضيق الاشياء في هذا من باب تعليق الشيء بالمحالف كما انه محال دخول الجمل في سم الخياط فكذلك المكذبون بايات الله محال دخولهم الجنة قال تعالى انه من شرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار قال هنا وكذلك نجزي المجرمين الذين كثر اجرهم واشتد طغيانهم لهم من جهنم فراش من تحتهم وانفقهم غواش اي ظلم للعذاب تغشاهم وكذلك نجزي الظالمين لانفسهم جزاءهم جزاء وفاقا وما ربك وبظلام للعبيد. قوله تعالى والذين امنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا الا وسعها الايات ما ذكرتا على عقاب العصير ظالمين ذكر ثواب المطيعين فقال والذين امنوا وعملوا الصالحات وجوارح جمعوا بين الايمان والعمل وبين الاعمال الظاهرة والاعمال الباطلة بين الواجبات وترك المحرمات ولما كان قوله وعملوا الصالحات لفظا على من يشمل جميع الصالحات الواجبة المستحبة وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد فقال تعالى لا نكلف نفسا الا وسعها بمقدار ما تسعه طاقتها ولا يعسر على قدرتها لان تتقي الله بحسب استطاعتها واذا بعض الواجبات التي يقدر عليها غيرها سقطت عنها كما قال تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها الله نفسا الا ما اتاها ما جعل عليكم في الدين من حرج فاتقوا الله ما استطعتم. ولا محرم مع الضرورة. هذه قاعدة لا واجبة مع العجز محرم مع الضرورة هذه قاعدة من قواعد الفقه. نعم اولئك هم المتصفون بالايمان والعمل الصالح اصحاب الجنة هم فيها خالدون الى حول يحولون عنها ولا يبغون بها بدلا لانهم يرون فيها من انواع لذات واصناب المشتهيات ما تقف عنده الغايات ولا يطلب اعلى منه قوله تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل وهذا من كرمه واحسانه على اهل الجنة ان الغل الذي كان موجودا في قلوبهم والتنافس الذي بينهما حتى يكونوا اخوانا متحابين واخلاء متصافين. قال تعالى ونزعنا في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ويخلق الله لهم من كرامة ما به يحصل على كل واحد من الغبطة والسرور ويرى انه لا فوق اعمى هو فيه من النعيم نعيم فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض لانه وقد فقدت اسبابه وقوله تجري من تحتيم الانهار ويفجرونها تفجر حيث شاؤوا وان ارادوا ان شاءوا من خلال القصور او تلك الغرف العاليات او رياض الجنات من تحت تلك الحدائق الزاهرة انهار تجري في غير خدود وخيرات ليس لها حد محدود ولهذا لما رأوا ما انعم الله عليهم واكرموا به قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا بان من علينا واوحى الى قلوبنا فامنت به وانقادت الاعمال الموصلة الى هذه الدار وحفظ الله علينا ايماننا ما لنا حتى وصلنا بها الى هذه الدار. فنعم الرب الكريم الذي ابتدأنا بالنعم واسدى من النعم الظاهرة والباطنة ما لا يحصيه المحصون ولا يعده العادون. وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ليس لنا في نفوسنا نفوسنا قابلية للهدى لو ان تعالى ممن بهداية لولا انه تعالى من بهدايته واتباع رسله لقد جاءت رسل ربنا بالحق حين كانوا يتمتعون بالنعيم الذي ورد فيه الرسل وصار حق يقين لهم بعد ان كان علم يقين لهم. قالوا لقد تحققنا ورأينا ما وعدتنا به وما وعدتنا بالرسل وان جميع ما جاء حق اليقين لا مرية فيه ولا اشكال ونودوا ثانية لهم واكراما وتحية واحتراما ان تلكموا الجنة ورثتموها. اي كنتم الوارثين لها وصارت انكم اذ كان اقطاع الكفار النار اوردت اورثتموها بما كنتم تعملون. قال بعض السلف اهل الجنة نجوا من النار بعفو الله وادخلوا برحمة الله واقتسموا منازل ورثوها بالاعمال الصالحة وهي من رحمته بل من اعلى انواع رحمته قوله تعالى ونادى اصحاب الجنة اصحاب النار ان قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا الايات يقول تعالى بعدما ذكر استقرار كل من الفريقين في الدارين ما اخبرت به الرسل ونطقت به الكتب من الثواب والعقاب ان اهل الجنة نادوا اصحاب النار بان قالوا ان قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا على الايمان والعمل الصالح الجنة فادخلناها وارانا ما وصفه لنا فهل وجدتم ما وعد ربكم على الكفر والمعاصي حقا؟ قالوا نعم قد وجدناه حقا فتبين القول كله بيانا لا شك فيه صدق وعد الله ومن اصدق من الله قيلا وذهبت عنهم الشكوك والشبهة وصار الامر حق اليقين وفرح المؤمنون بعد الله ارتبطوا وليس الكفار من الخير واقروا على انفسهم بانهم مستحقون للعذاب. فاذن وازن بينهم بين اهل النار واهل الجنة بان قال واقصاؤه عن كل خير على الظالمين اذ فتح الله لهم ابواب رحمته فصدفوا انفسهم عنها وظهر ظلما وصدوا عن سبيل الله بانفسهم وصدوا غيرهم فضلوا واضلوا يعني اذن مؤذن اي صرخ صارخ او اعلن معلن نعم والله تعالى يريد ان تكون ان تكون مستقيمة ويعتدل سير السالكين اليه وهؤلاء يريدونها عوج منحرفة صادة عن سواء السبيل وهم بالاخرة هذا الذي اوجب لهم انحراف عن الصراط والاقبال على شهوات النفوس المحرمة. عدم ايمانهم بالبعث وعدم خوفهم من العقاب ورجاءهم مفهوم هذا النداء ان رحمة الله على المؤمنين وبره وبره وبره شامل لهم واحسانه متواتر عليهم. قوله تعالى الشريف على الدارين وينظر منحى من عليه حاء وينظر من عليه حال الفريقين. وعلى هذا الحجاب رجال يعرفون كلا من الجنة والنار البسي امام على علاماتهم التي بها يعرفون ويميزون فاذا نظروا الى الجنة نادوهم ان سلام عليكم ان يحينا ويسلمون عليهم وهم الى الان يدخلون الجنة ولكنهم يطمعون في دخولها ولم يجعل الله الطمع في قلوبهم الا لما يريد بهم من كرامته. واذا صرفت ابصارهم تلقاء اصحاب ولو منظرا شنيعا وهولا فظيعا قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين فاهل الجنة اذا رآهم اهل الاعراف يطمعون ان يكونوا معهم في الجنة ويحيونهم ويسلمون عليهم وعند انصراف ابصارهم بغير اختيارهم لاهل النار يستجيرون بالله من حالهم هذا على وجه العموم ثم ذكر الخصوص بعد العمر فقال يا اصحاب الاعراف رجالا يعرفونهم بسيما وهم من اهل النار وقد كانوا في الدنيا لهم ابأب لهم ابهة وشرف واموال واولاد فقال لهم اصحاب الاعراف نراهم منفردين في العذاب بلا ناصر ولا مغيث ما اغنى عنكم جمعكم في الدنيا الذي تستتبعون به المكاره وتوسلوا وتوسل وتوسلون به الى مطالبكم في الدنيا لا محل ولا اغنى عنكم شيئا وكذلك اي شيء نفعكم استكباركم على الحق وعلى ما جاء به وعلى من اتبعه ثم الى اناس من اهل الجنة كانوا في الدنيا فقراء ضعفاء يستهزأ يستهزئ بهم اهل النار فقالوا لاهل النار هؤلاء الذين ادخلهم الله الجنة الذين اقسمتم لا ينالوا الله برحمته احتقارا لهم وزيرا واعجابا بانفسكم قد حنثتم في ايمانكم وبدا لكم من الله ما لم يكن في حساب ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون اي قيل لهؤلاء الضعفاء اكراما واحتراما ادخلوا الجنة باعمالكم الصالحة لا خوف عليكم فيما يستقبل من المكاره ولا انتم تحزنون على ما مضى بل امنون مطمئنون فرحون بكل خير وهذا كقوله تعالى ان الذين اجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون واذا مروا بهم يتغامزون الى قوله فاليوم الذين امنوا من الكفار يضحكون على الارائك ينظرون واختلف اهل العلم المفسرون من هم اصحاب الاعراف وما اعمالهم والصحيح من ذلك انه قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ولا رجعت سيئاتهم ودخلوا النار ولا رجعت حسناتهم ودخلوا النار في الاعراف ما شاء الله ثم ان الله تعالى يدخلهم برحمته الجنة يعني اختلفوا من هم واختلفوا آآ متى يقال لهم ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون لان من اهل العلم من يقول ان هذا الخطاب هو الاعراف انفسهم. وليس من اهل الاعراف عن الفقراء. وهذا تفسير اخر للاية. نعم ثم ان الله تعالى يدخلهم برحمته الجنة فان رحمته تسبقه وتغلب غضبه ورحمته وسعت كل شيء لاصحاب الجنة ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله الايات اي ينادي اصحاب النار اصحاب الجنة حين يبلغ منهم العذاب كل مبلغ يمسهم الجوع المفرط والظمأ والموجع يستغيثون به فيقولون افيضوا علينا من الماء يوم ما رزقكم الله من الطعام فاجابهم اهل الجنة بقوله من الله حرمهما الجنة وطعامها على الكافرين وذلك جزاء لهم على كفرهم بايات الله واتخاذهم دينهم الذين واتخاذهم دينهم الذي امر استقيموا عليه وعدوا بالجزاء الجزيل عليه اللعي لهوا ولعبا اذات قلوبهم واعرضت عنه ولعبوا واتخذوا واتخذوه سخريا او انهم جعلوا لدينهم واللهو واللعب والاستعاذة بذلك عن الدين القيم وغرتهم الحياة الدنيا بزينتها وزخرفها وكثرة دعاتها اطمئنوا اليها ورضوا بها وفرحوا واعرضوا عن اخرها ونسوها فاليوم ننساهم ان نتركوا من عذاب كما نسوا لقاء يومهم هذا فكأنهم لم يخلقوا الا للدنيا وليس امامهم عرظ ولا اجزان وما كانوا بايات لا يجحدون والحال ان جحودهم هذا لا عن قصور في ايات الله وبيناته. بل قد جئناهم بكتاب فصلناه لبينا فيه جميع المطالب التي يحتاج اليه الي الخلق على علم من الله باحوال العباد في كل زمان ومكان وما يصلح له ما لا يصلح لهم تفصيله تفصيلا لا يصلح ليس تفصيل تفسيرا غير عالم بالامور فتجهله فتجهله بعض الاحوال فيحكم حكما غير مناسب. بل احاط علمه بكل شيء وسعت رحمته كل شيء هدى ورحمة لقوم يؤمنون اي تحصوا المؤمنين بها الكتاب هداية من الضلال وبيان الحق والباطل وغيره والرشد ويحصل لهم ايضا ويحصل ايضا لهم به الرحمة والخير والسعادة في الدنيا والاخرة ما ينتفي عنهم بذلك الضلال والشقاء وهؤلاء الذين حق عليهم العذاب لم يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم نواهي فلم يبق فيهم حيلة الا استحقاظ من يحل بهم ما اخبر به القرآن ولهذا قال هل ينظرون الى تأويلها وقوع ما اخبر به كما قال يوسف عليه السلام حين وقعت رؤياه وهذا تأويل الريان من قبل ويوم يأتي تأويله يقول الذين اسمه من قبل المتندمين متأسفين متأسفين على ما مضى مشفعين في مغفرة ذنوبهم. ما اخبرت به الرسل وقد جاءته صابنا بالحق. فهل لنا من شفعاء فيشفع لنا او نرد الى الدنيا فنعمل الذي كنا نعمل وقد فات الوقت عن الرجوع الى الدنيا فما تنفعهم شفاعة الشافعين وسؤالهم الرجوع الى الدنيا ليعملوا غير عملهم كذبوا منهم ومقصودهم به دفع ما حل بهم قال تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون قد خسروا فسامحين حين فوتوا الارباح وسلكوا بها سبيل هلاك ذلك كخسران الاموال والاثاث او الاولاد انما هذا خسران جبران لمصابه وضل عنه ما كانوا يفترون في الدنيا ما من مات قالوا قدموا على ما قدموا على ما لم يكن لهم في حساب. وتبين لهم باطلهم وضلالهم وصدق ما جاءت به الرسل. قوله تعالى ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام الايات يقول تعالى وبين انه الرب المعبود وحده لا شريك له ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض فما فيهما على عظمهما واحكام واتقانه وبدء خلقه في ستة ايام اولها يوم الاحد واخرها يوم الجمعة فلما قضاه تبارك وتعالى على العرش العظيم الذي يسعى السماوات وبينهما استوى استواء يليق بجلاله وعظمته وسلطانه واستوى على العرش واحتواء على الملك ودبر الممالك واجرى عليه محكمة كنيته واحكامه الدينية ولهذا قال يفشى الليل الليل المظلم النهار المضيئ في ظلم على ما على وجه الارض ويسكن الادميون وتاوي المخلوقات الى مساكنها ويستريحون الذهاب ثيابي الذي حصل لهم في النهار يطلبه حديث كلما جاء الليل ذهب النهار وكلما جاء النهار ذهب الليل هكذا ابدا على الدوام حتى يطوي الله هذا العلم ننتقل العباد الى دار غير هذه الدار. والشمس والقمر والنجوم سخرات بتسخيره وتدبيره الدال على ما على ما له من والكمال فخلقها وعظمها فخلقه فخلقها وعظمها دال على كمال قدرته وما فيها من الاحكام والانتظام والاتقان دال على كمال حكمة وما فيها من منافع المصانع الضرورية وما دونها دال على سعة رحمته وذلك دال على سعة علمه وانه لله الحق الذي لا تنفذ العبادة الا له اين هو الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها وسفلها اعينها وافعالها والامر المتضمن الشرع والنبأ والنبوات فالخلق يتضمن احكامه الكونية القدرية والامر يتضمن احكامه الدينية والشرعية وثم احكام الجزاء وذلك كونوا في دار البقاء. وكثر خيره وتبارك لنفسه لعظمة اوصافه وكمالها وبارك في غير محلال الخير الجزيل والبر الكثير اثار رحمتي ولهذا قال تبارك الله رب العالمين. سبحانه. ولما ذكر من عظمته وجلاله ما يدنيه ما يدل وذوي الالباب على انه وحده المعبود المقصود بالحوائج كلها امر بما يترتب على ذلك فقال ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب انه لا يحب الايات الدعاء يدخل فيه دعاء المسألة دعاء العبادة وخفية لا جهرا وعلانية يخاف منه الرياء بل خفية اخلاص الله تعالى انه لا يحب المعتدين المتجاوزين الحد في كل مأمورهم اعتداء يعني كون العبد يسأل الله مسائل او يبالغ في رخصة الداعية فكل هذا داخل بالاعتداء المنهي عنه ولا تفسده في الارض من عمل المعاصي بعد اصلاحها بالطاعات بين المعاصي تفسد الاخلاق والاعمال والارزاق كما قال تعالى صاروا فساد في البر والبحر ما كسبت ايدي الناس. كما ان الطاعات تصلح بها الاخلاق والاعمال والارزاق احوال الدنيا والاخرة وادعو خوفا وطمعا خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه طبعا في قبولها وخوفا من ردها لا دعاء عبد لا دعاء عبد مدل على ربه قد نفسه ونزل نفسه فوق منزلته او دعاء من هو غافل له. وحاصل ما ذكر الله من اداب الدعاء الاخلاص فيه لله وحده لان ذلك يتضمنه الخفية واخفاءه واصراره وان يكون القلب خائفا طامعا لا غافلا ولا امنا ولا غير مبالي بالاجابة. وهذا من احسان الدعاء فان الاحسان في كل عبادة بذل الجهد فيها ودى وكاملة لا نقص فيها يوجب الوجود فلهذا قال تعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين في عبادة الله المحسنين الى لله فكلما كان العبد اكثر احسانا كان اقرب الى رحمة ربه وكان ربه قريبا منه برحمته وفي هذا من الحث على الاحسان ما لا يخفى قوله تعالى رحبته الرياح المبشرات بالغيث التي تثيره باذن الله من الارض يشير الخلق برحمة الله وترتاح لها قلوبهم قبل نزولها حتى اذا قلت الرياح فساره بعضها والف والفه ريح اخرى والقحه ريح اخرى سقناه الى بلد ميت قد قد كادت تلتهلك كحيواناته وكاد اهله ان ييأسوا من رحمة الله. فانزلنا بها بذلك البلد الميت الماء الغزير من ذلك السحاب وسخر الله له ريحته ضره وريحه ان تفرقه باذن الله فانبثنا به من كل السماوات فاصبحوا مستبشرين برحمة الله راكعين بخير الله. وقوله كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون كما احيانا الارض بعد موتها بالنبات وكذلك نخرج الموتى من قبورهم بعدما كانوا رفات متمزقين وهاسلا وواضح بها فانه لا فرق بين الامرين. ومنكر البعث استبعاد له مع انه يرى ما هو نظيره من باب العناد وان كان المحسوسات في هذا الحث على التذكر والتفكر في الاء الله والنظر اليها بعين الاعتبار بعين الغفلة والاهمال ثم ثم ذكر تفاوت الاراضي التي ينزل عليها المطر ينزل عليها المطر فقال والبلد الطيبان طيب التربة والمادة اذا نزل عليه المطر يخرج نباته الذي هو مستعد له باذن ربه ارادة الله ومشيئته فليست الاسباب مستقلة بوجود الاشياء تخاسا لا نحفي ولا بركة كذلك نصلي ولاية القوم يشكرون فيها الامثال المسروق والقوم يشكرون الله بالاعتراف بنعمه وصرفها في مرضات الله فهم الذين يتبعون ما حصل الله في كتابه لانهم يرونها من اكبر النعم الواصلة اليه من ربهم مفترقين مفترقين مفتقرين اليها فرحين بها فيتدبرونها ويتأملونها فيبين لهم. فيبين لهم فيها بحسب استعدادهم. وهذا مثال للقلوب حين ينزل عليها الوحي الذي هو مادة الحياة كما ان الغيث مادة الحياة فان القلوب الطيبة اين يجيها الوحي تقبله وتعلم وتنبت بحسب طيب اصلها وحسن عنصرها. واما القلوب الخبيثة التي لا خير فيها فاذا جاءها الوحي يجد محلا قابلا بل يجدها غافلة معرضة او معارضة فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور فلا يؤثر فيها شيئا. وهذا كقوله تعالى انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا راميا الايات احسنت بارك الله فيك اسأل الله جل وعلا ان يبارك لنا في الوقت حتى نستطيع ان ننهي هذا الكتاب المبارك وان يوفقنا للعلم والعمل النافع سبحانك اللهم بحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك