المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثاني والتسعون عن عائشة رضي الله عنها انها قالت دخلت هند بنت عتبة امرأة ابي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني الا ما اخذته من ما له بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه اخذ العلماء من هذا الحديث فقها كثيرا ساشير الى ما يحضرني منه ان المستفتي والمتظلم يجوز ان يتكلم بالصدق فيمن تعلق به الاستفتاء تظلم وليس من الغيبة المحرمة وهو احد المواضع المستثنيات من الغيبة ويجمع الجميع الحاجة الى التكلم في الغير فان الغيبة المحرمة في ذكرك اخاك بما يكره فان احتيج الى ذلك كما ذكرنا وكما في النصيحة الخاصة او العامة او لا يعرف الا بلقبه جاز ذلك بمقدار ما يحصل به المقصود ومنه ان نفقة الاولاد واجبة على الاب وانه يختص بها لا تشاركه الام فيها ولا غيرها وكذلك فيه وجوب نفقة الزوجة وان مقدار ذلك الكفاية لقوله خذي ما يكفيك ويكفي بنيك وان الكفاية معتبرة بالعرف بحسب احوال الناس في زمانهم ومكانهم ويسرهم وعسرهم ان وان المنفق اذا امتنع او شح عن النفقة اصلا او تكميلا فلمن له النفقة او يباشر الانفاق ان يأخذ من ماله ولو بغير علمه وذلك لان السبب ظاهر ولا ينسب في هذه الحالة الى خيانة فلا يدخل في قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تخن من خانك وهذا هو القول الوسط الصحيح في مسألة الاخذ من مال من له حق عليه بغير علمه بمقدار حقه وهو المشهور من مذهب الامام احمد انه لا يجوز ذلك الا اذا كان السبب ظاهرا النفقة على الزوجة والاولاد والمماليك ونحوهم وكحق الضيف ومنه ان المتولي امرا من الامور يحتاج فيه الى تقدير مالي يقبل قوله في التقدير لانه مؤتمن له الولاية على ذلك الشيء ومنه ان المستفتي فتوى لها تعلق بالغير وغلب على ظن المسؤول صدقه لا يحتاج الى احضار ذلك الغير وخصوصا اذا كان في ذلك مفسدة كما في هذه القضية فانه لو احضر ابا سفيان لهذه الشكاية لم يؤمن ان يقع بينه وبين زوجه ما لا ينبغي وليس في هذا دلالة على الحكم على الغائب فان هذا ليس بحكم وانما هو استفتاء والله اعلم