المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثالث والتسعون عن ابي بكرة رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث يدل على امور احدها نهي الحاكم بين الناس ان يحكم في كل قضية معينة بين اثنين وهو غضبان سواء كان ذلك في القضايا الدينية او الدنيوية وذلك لما في الغضب من تغير الفكر وانحرافه وهذا الانحراف للفكر يضر في استحضاره للحق ويضر ايضا في قصده الحق والغرض الاصلي للحاكم وغيره قصد الحق علما وعملا الثاني يدل على انه ينبغي ان يجتهد في الاخذ بالاسباب التي تصرف الغضب او تخففه من التخلق بالحلم والصبر وتوطين النفس على ما يصيبه وما يسمعه من الخصوم فان هذا عون كبير على دفع الغضب او تخفيفه الثالث يؤخذ من هذا التعليل ان كل ما منع الانسان من معرفة الحق او قصده فحكمه حكم الغضب وذلك كالهم الشديد والجوع والعطش وكونه حاقنا او حاقبا او نحوها مما يشغل الفكر مثل او اكثر من الغضب الرابع ان النهي عن الحكم في حال الغضب ونحوه مقصود لغيره وهو انه ينبغي للحاكم الا يحكم حتى يحيط علما بالحكم الشرعي الكلي وبالقضية الجزئية من جميع اطرافها ويحسن كيف يطبقها على الحكم الشرعي فان الحاكم محتاج الى هذه الامور الثلاثة الاول العلم بالطرق الشرعية التي وضعها الشارع لفصل الخصومات والحكم بين الناس الثاني ان يفهم ما بين الخصمين من الخصومة ويتصورها تصورا تاما ويدع كل واحد منهما يدلي بحجته ويشرح قضيته شرحا تاما ثم اذا تحقق ذلك واحاط به علما احتاج الى الامر الثالث وهو صفة تطبيقها وادخالها في الاحكام الشرعية فمتى وفق لهذه الامور الثلاثة وقصد العدل وفق له وهدي اليه ومتى فاته واحد منها حصل الغلط واختل الحكم والله اعلم