بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس الخامس وتسعون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قد كنا نلتقي بكم من خلال هذا البرنامج لنلقي بعض الاضواء الفقهية على معاملاتنا وتصرفاتنا حتى نكون فيها على بينة من ديننا ونستمر على الصالح منها ونتجنب غير الصالح واننا في هذه الحلقة ان شاء الله سنتناول موضوع الحوالة لكثرة وقوعها في التعامل التجاري وغيره فالحوالة لغة مشتقة من التحول لانها تحول الدين من ذمة الى ذمة اخرى ومن ثم عرفها الفقهاء بانها نقل دين من ذمة الى ذمة اخرى وهي ثابتة بدليل السنة والاجماع قال صلى الله عليه وسلم اذا اتبع احدكم على مليء فليتبع وفي لفظ من احيل بحقه على مليء فليحتل. وقد حكى غير واحد من العلماء الاجماع على ثبوتها وفيها ارفاق بين الناس وتسهيل لسبل معاملاتهم وتعاون على قضاء حاجاتهم وتسديد ديونهم وتوفير راحتهم. وقد ظن بعض الناس ان الحوالة على غير وفق القياس قال لانها بيع دين بدين وبيع الدين بالدين ممنوع لكنه جاز في الحوالة على غير وفق القياس. وقد رد هذا القول العلامة ابن القيم رحمه الله وبين ان الحوالة جارية على وفق القياس لانها من جنس ايفاء الحق لا من جنس البيع قال وان كانت بيع دين بدين فلم ينهى الشارع عن ذلك. يعني في الحوالة. بل قواعد الشرع تقتضي جوازه. فانها اقتضت نقل الدين وتحويله من ذمة المحيل الى ذمة الى ذمة المحال عليه انتهى كلامه ولا تصح الحوالة الا بشروط الشرط الاول ان تكون على دين مستقر في ذمة المحال عليه لان مقتضاها الزام المحال عليه بالدين المحال به واذا كان هذا الدين غير مستقر فهو عرظة للسقوط. فلا تثبت الحوالة عليه ولا تصح الحوالة على ثمن مبيع في مدة الخيار لعدم استقرار الدين الذي هو الثمن ولا تصح الحوالة من الابن على ابيه الا برضا الاب لانه ليس للابن ان يطالب اباه بدينه. الا برضاه الشرط الثاني اتفاق الدينين المحال به والمحال عليه اي تماثلهما في الجنس كدراهم على دراهم وتماثلهما في الوصف كأن يحيل بدراهم مضروبة على دراهم مضروبة او نقود سعودية مثلا على نقود سعودية مثلها وتماثلهما ايضا في الوقت اي في الحلول او التأجيل ولو كان احد الدينين حالا والاخر مؤجلا او احدهما يحل بعد شهر والاخر يحل بعد شهرين لم تصح الحوالة اذا وكذلك يشترط تماثل الدينين في المقدار. لا تصح الحوالة بمائة مثلا على تسعين لانها عقد انفاق كالقرض فلو جوز التفاضل فيها لخرجت عن موضوعها وهو الارفاق الى طلب الزيادة بها وهذا لا يجوز كما لا يجوز في القرض. لكن لو احال ببعض ما عليه من الدين او احال على بعض ما له من الدين جاز ذلك ويبقى الزائد بحاله لصاحبه الشرط الثالث رضا المحيل لان الحق عليه فلا يلزمه ان يسدده عن طريق الحوالة ولا يشترط رضا المحال عليه لان للمحيل ان يستوفي الحق منه بنفسه او بوكيله وقد اقام المحتال مقام نفسه في القبر فلزم المحال عليه الدفع اليه كما لا يشترط ايضا رظا المحتال اذا احيل على مليء غير مماطل بل يجبر على قبول الحوالة ومطالبة المحال عليه بحقه لقوله صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع متفق عليه وفي لفظ من احيل بحقه على مليء فليحتم اي ليقبل الحوالة والمليء هو القادر على الوفاء الذي لا يعرف بمماطلة فان كان المحال عليه غير مليء لم يلزم المحال قبول الحوالة عليه. لما في ذلك من الظرر وانني بهذه المناسبة اتقدم بالنصيحة لمن عليهم حقوق للناس وعندهم المقدرة على تسديدها ان بابراء ذممهم باداء هذه الحقوق لاصحابها او لمن احيل عليهم بها والا يلطخوا سمعتهم بالمماطلة والمراواة فكثيرا ما نسمع التظلمات من اصحاب الحقوق بسبب تأخير حقوقهم وتساهل المدينين بتسديدها من غير عذر شرعي كما اننا كثيرا ما نسمع مماطلة الاغنياء بتسديد الحوالات الموجهة اليهم واتعاب المحالين حتى اصبحت الحوالة شبحا مخيفا ينفر منها كثير من الناس بسبب ظلم الناس ايها المستمعون الكرام اعلموا وفقني الله واياكم انها اذا صحت الحوالة بان اجتمعت شروطها المذكورة فان الحق ينتقل بها من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه وتبرأ ذمة المحيل من هذا الحق لان معناها تحويل الحق من ذمة الى ذمة فلا يسوء للمحال ان يرجع الى المحيل لان حقه انتقل الى غيره فعليه ان يصرف وجهته ومطالبته الى المحال عليه ويستوفي منه حقه او يصطلح معه على اي شكل من الاشكال في نوعية الاستيفاء فالحوالة الشرعية وفاء صحيح وطريق مشروع وفيها تيسير على الناس اذا استغلت استغلالا صحيحا واستعملت استعمالا حسنا ولم يكن فيها مخادعة ولا مراوغة هذا ونسأل الله ان يوفق المسلمين للتعامل على منهج الشريعة ومقتضى العدالة والى الحلقة القادمة باذن الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه