بالاسباب. اذا اصبح هناك معيار اخر لتصويب وتخطئة الافعال غير الشريعة وهذا امر في غاية الخطورة الاثر الثالث من اثار مفهوم سيادة الشعب ترويج العلمانية بعباءة اسلامية. فما هي العلمانية؟ ان تعبد الله في احوالك الشخصية كما تشاء السلام عليكم ورحمة الله. اخوتي الكرام في الحلقة الماضية بينا ان سيادة الشعب تعني ربوبية الشعب. اليوم سنناقش ستة اثار لمفهوم قيادة الشعب على عقائد المسلمين ومواقفهم لنرى اننا لم نبالغ حينما وصفناه بانه دين جديد غير دين سيادة الله عز وجل. اول وهذه الاثار الاعتراف بما يسمى الشرعية الشعبية. والتي تعني لدى الكثيرين اطفاء الشرعية على نظام الحكم او الحاكم لمجرد ان الشعب اختاره بغض النظر عما يحكم به واركز هنا على عبارتي بغض النظر عما يحكم به حتى لا يظن بان لا نقر بسلطة الشعب وقد وضحت في الحلقة الماضية ان الشعب مسلم له سلطة اختيار الامام الذي يحكمه بالشريعة. كلامنا هنا عن من يرى ان نظام الحكم او الرئيس يصبح شرعيا بمجرد وباختيار الشعب له دون نظر لالتزامه بالشريعة. ثم بعد ذلك يستخدم نصوص الشريعة الاسلامية في تطويع الناس لهذا الحاكم نقول لهؤلاء حددوا موقفكم ما مصدر الشرعية عندكم؟ هل المصدر هو كتاب الله القائل؟ يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ان كان كذلك فكتاب الله يقول ايضا ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون ان كان الاحتكام الى الله ورسوله فليكن احتكاما كليا صادقا. والا اصابكم قوله تعالى واذا دعوا الى الله ورسوله يحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق يأتوا اليه مذعنين. ام ان مصدر الشرعية عندكم هو اختيار الشعب لهذا الرئيس بغض النظر عما يحكم به ان كان كذلك عندكم فمن لم يطع امر الله بالحكم بشريعته فليس له ان يطوع الناس لحكمه بسم الله. فشريعة الله عقد ملزم للحاكم كما هو ملزم للمحكوم. اصدر ازهري فتوى فيها تخاليط بين دين آآ سيادة ودين سيادة الشعب فهو يحذر في فتواه من الخروج على الرئيس الفلاني. معللا ذلك بان الامة اختارته ببيعة مباشرة متمثلة في الانتخابات الحرة. فاستنتج ان الرئيس الشرعي الان هو فلان. ثم قال فهؤلاء الخارجون عليه يقومون الحرابة الكبرى وثورتهم هي ثورة خوارج وردة على الديموقراطية والحرية. ثم استخدم هذا الازهري نصوصا شرعية في كيفية التعامل معهم وتطبيق حد الحرابة عليهم. تناقض وتخبط وتخليط عجيب وتردد بين جعل المرجعية للشريعة وجعلها للشعب. اما ان تكون الشرعية مستمدة من شريعة الله وحينئذ فالرئيس ملزم بتطبيق الشريعة والشعب ملزم بطاعته بنص كلام الله وكلام رسوله. او ان تكون الشرعية عندكم مستمدة من اختيار الشعب فحسب. وحينئذ فلا تلجأ الى قال الله وقال رسوله بل كونوا منسجمين مع انفسكم وقولوا دين الديموقراطية يقول وجان جاك روسو يقول. ثم ان كانت الشرعية مستمدة من اختيار الشعب للرئيس حسب فيلزم من ذلك ان الشعب ان اختار رئيسا علمانيا فهو رئيس شرعي. وبمنطق هذه الفتوى يحق له ان يطبق حد الحرابة على الخارجين عليه لانهم ارتدوا عن الحرية والديموقراطية. فمثل هذه الفتاوى يلزم منها لوازم في غاية الفساد. الاثر الثاني من الاثار المشؤومة لشيوع مفهوم سيادة الشعب ان من الناس من يحكم على فعل بالخطأ لمخالفته امر الحاكم الذي يتمتع بالشرعية حتى وان كان عمله هذا يتمتع بالشرعية الالهية. فاصبحنا نسمع من يعارض قتال اليهود من خلال الحدود المصرية خطوط الغاز لان ذلك خروج عن سياسات الرئيس الذي يتمتع بالشرعية الشعبية. نعود فنقول هل وجه انتقادكم ان هذا ولي امر تجب طاعته وهل منعه من قتال اليهود مستند الى نصوص شرعية؟ فليظهر هذه النصوص لنا. ثم ان اظهرها فهل هو ملتزم بالشريعة التي يطوع الناس بها ام ان الادلة الشرعية ليست لغتكم؟ بل ترون ان من اعطاه الشعب الشرعي له الحق ان يعاقب من يقوم بافعال اعطاها الله الشرعية حددوا لنا تعريف هذا المفهوم المشوه الهجين الشرعية الشعبية الذي تحاكمون به الافراد والافعال. اذا فالشريعة لم تعد هي المعيار الاوحد ده في الحكم على الافعال والاشخاص لدى هؤلاء فانك ان سألت احدهم انت عندما تعارض جهاد اليهود لان النظام المنتخب الشرعي يمنع من ذلك. فهل تعني بذلك ان جهادهم محرم شرعا في هذه الحالة فلعله يتردد في ان يجيب بالنعم. لكن لو سألته هل تعني ان جهادهم خطأ؟ فلن يتردد وسيقول نعم خطأ وسيأتي لك لكن تحتكم في السياسات العامة الى القوانين التي صيغت بالاغلبية الشعبية ولا تتحدث بعد ذلك عن فرض سلطان الاسلام وتطويع الناس لربهم شهد خفافيش العلمانية في ترويج هذا المبدأ عقودا طويلة. كانوا فيها منبوذين تعرفهم في لحم قولهم ونشاز اشكالهم. اذيالا لانظمة الناس ويمقتون من لف لفيفها. ثم اذا بهذه المبادئ العلمانية تندس الى بيوت المسلمين بعباءة اسلامية وتطفى عليها مسحة اسلامية بمصطلحات هجينة تخلط بين النصوص الشرعية وسيادة الشعب. الاثر الرابع من اثار مفهوم سيادة الشعب طمس عقيدة الولاء والبراء والتسوية بين المسلم والكافر على اساس المواطنة حتى فيما فرق الشرع فيه. بل والتسوية بينهما تسوية قيمية ذاتية فالمسلم العالم التقي والنصراني والشيوعي الملحد والشاذو جنسيا هؤلاء كلهم افراد من الشعب ولكل منهم نصيب من السيادة الموزعة حسب الكثرة العددية. اي ان لكل منهم نصيبا من الربوبية. فقد بينا في الحلقة الماضية ان السيادة التي يتكلمون عنها هي من خصائص الربوبية. فما عاد مقبولا ذوقا ان يقال عن هذا الرب الصغير كافر او ضال او فاسق فقد يحصل هو وزمرته يوما ما الاغلبية وبالتالي الشرعية الشعبية فيصبح كفره وضلاله قانونا يكافئ الملتزم به ويعاقب مخالفه. والمسألة رقمية نسبية تلاحق مطلق ولا ضلال مطلقا الاثر الخامس من اثارها انك ترى من ينتسب الى الاسلام ومع ذلك يدافع عن قوانين تطبق في دول غربية. كتلك التي تمنع الحجاب في والجامعات على اعتبار ان هذه القوانين صيغت بالاغلبية وحصلت على الشرعية الشعبية. فمن ينادي بسيادة الشعب فليس له ان يحصر هذه السيادة في الشعوب المسلمة. اذ لو كان المبرر لسيادتها اسلامها فهذا يعيدنا الى تسييد الاسلام ذاته. وان كان المبرر الكثرة فكثرة اي بلد هي التي تضفي الشرعية على اي حكم مهما كان. الاثر السادس من اثار سيادة الشعب ابطال شرائع الاسلام كالجهاد جهاد الطلب. فلا ادري ما المبرر للفتوحات الاسلامية وجهاد الطلب ان كان فيه خروج على ارادة وسيادة الشعوب الرافضة للاسلام ده الجزئية وكيف يمكن التوفيق بين ويكون الدين كله لله واحترام سيادة هذه الشعوب وارادتها وديمقراطيتها. ثم انه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وردة اناس وامتناع اخرين عن الزكاة لم يكن ابو بكر الصديق رضي الله عنه يملك الشرعية الشعبية. فلو جريت انتخابات ديمقراطية نزيهة لفاز مسيلمة الكذاب الذي كان يحظى بتأييد مائة الف من بني حنيفة فمحاربة ابي بكر لمانعي الزكاة والمرتدين كانت في دين سيادة الشعب انقلابا على الشرعية الشعبية. وردة عن الحرية والديموقراطية ودكتاتورية دينية وفرضا لمفهومه الخاص عن الاسلام. وكان الاولى به حسب دين سيادة الشعب ان ينشر مفهومه للاسلام بطريقة سلمية ويحتكم هو وشرائح المجتمع كافة الى صناديق الاقتراع ويقبل بالنتيجة مهما كانت. اما في دين الله فتطبيق الشريعة هو العقد الملزم للطرفين. فان خرج الحاكم عن الشريعة خلعه الشعب. وان خرج جزء من الشعب عن الشريعة حارب اهم الحاكم حتى يعودوا هذه بعض لوازم سيادة الشعب. لكن اود ختاما ان الفت النظر الى ان مشكلتنا الحقيقية ليست مع الشعوب الاسلامية. ولا اريد ان يظهر من وكان الشعب ادعى السيادة فحاولنا انتزاعها منه. بل مشكلتنا في هذا الموضوع مع من مارسوا العمل السياسي باسم الاسلام وادخلوا اليه بممارساتهم الخطيرة مفاهيم غريبة شوشت ما كان من المسلمات الفطرية لدى الشعوب. ثم هم بعد ذلك لم يحترموا ولا حتى سيادة الشعب التي نادوا بها. بل قاموا بعد وصولهم الحكم بما يحرمه الله ويرفضه الشعب. فلا شريعة اقاموا ولا شعبا سودوا ولا تركوا عقائد الناس على نقائها الفطري بل نفذوا ما يريده النصارى والفساق والعلمانيون والدول الغربية. هذا ما سنبينه في الحلقة القادمة باذن الله والسلام عليكم ورحمة الله