هذه الشذرة برعاية الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بعسير تذكرة السلام عليكم فرغت من الحديث عن سور الثناء الثلاثة عشرة وعن سور النداء العشر وعن سور الدعاء الثلاث وعن سور الامر السبع واحدثكم اليوم عن سور الخبر وهي ثلاث وعشرون سورة بدأت باخبار. وقد جاءت هذه الاخبار لتحقيق عشرة اغراض بلاغية هي التعظيم في فواتح اربع سور. والتصبير في فاتحة سورة واحدة والتبشير في فواتح اربع سور والتشويق في فاتحتي سورتين والعتاب في فاتحتي سورتين والتحذير في فاتحة سورة واحدة والتذكير في فاتحتي سورتين والتحقير في فاتحتي سورتين والتوبيخ في فاتحة سورة واحدة والتهديد والوعيد في فواتح اربع سور. والسور الاربع التي جاءت فواتحها اخبارا يراد بها التعظيم هي الزمر وفاتحتها تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. والقيامة وفاتحتها لا اقسم بيوم القيامة. والبلد وفاتحتها لا اقسم بهذا البلد والقدر وفاتحتها انا انزلناه في ليلة القدر. فتنزيل القرآن عظيم. ويوم القيامة عظيم. ومكة بلد عظيم. والقرآن كتاب عظيم. قال الله تعالى تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. فهذه الفاتحة الانيقة ليس المراد منها اخبار السامع بان تنزيل القرآن من الله تعالى. بل تتعداه الى جملة من مظاهر التعظيم لتنزيل القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم منجما. اي مفرقا على نحو ثلاثة وعشرين عاما على قول المشركين لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة منها انه نسب هذا التنزيل اي التنجيم التفريق والتقسيم الى نفسه جل وعلا فقال تنزيل الكتاب من الله فهو من فعل الله وحده ثم اجرى على به الجليل الله الصفتين المناسبتين للحال فقال العزيز الحكيم. فهذا التنزيل من الله العزيز الذي يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وهذا التنزيل من الله الحكيم الذي كل شيء عنده بمقدار وحكمة. فهذا القرآن عظيم في نفسه. عظيم في طريقة تنزيله. مفرقا على مبلغه ومعلمه ومبينه صلى الله عليه وسلم. وهذا القرآن عظيم في وقت انزاله جملة واحدة الى السماء الدنيا انا انزلناه في ليلة القدر قال مبتدأ انا انزلناه فاتى بضمير العظمة ما مرتين مرة في ان ومرة في انزلنا تعظيما وتشريفا للقرآن الكريم ثم لم يقل انا انزلنا القرآن. بل قال انزلناه فهو معروف معلوم. حاضر مشهور. ثم قال في ليلة القدر التي فيها يفرق كل امر حكيم. وقد عبر بالتنزيل حين اراد الحديث عن تنجيمه وتفريقه به وتقسيمه وبالانزال حين اراد انزاله جملة واحدة الى السماء الدنيا في احكام عجيب معجز ودقة تنقطع دونها الهمم وتتهاوى القرائح. وافتتح الله تعالى سورتي القيامة بقوله سبحانه لا اقسم بيوم القيامة ولا اقسم بهذا البلد فلم يقل اقسم بل قال لا اقسم وفي هذا مبالغة في بيان حرمة المقسم به وعظمته عند المقسم سبحانه. فكأنه يقول هممت ان اقسم بيوم القيامة ولا يوم اعز واعظم منه عندي. وهممت ان اقسم بمكة ولا بلد اعز واعظم منها عندي ثم عدلت عن ذلك تعظيما لهما ومثل ذلك ان تقول لن اسألك بالله لكني اطلبك بوجهي فانه لا يسأل بوجه الله الا الجنة. فكأنك قلت هممت ان اسألك بوجه الله ثم احجمت لانه لا يسأل بوجه الله الا الجنة وفي هذا تعظيم لله وتشريف لوجهه جل وعلا. تقبل الله صيامكم وقيامكم. وغفر لي ولكم ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين