استودعكم الله واسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة الثالثة من حلقات اشهار امثال العرب بعد ان وقفت في الحلقتين السابقتين مع تأليف اللغويين العرب في الامثال وقرأت جملة من منتخب اقوالهم عنها اقف في هذه الحلقة مع مفردة الامثال نفسها لايضاح معانيها في لغة العرب الامثال جمع مثل والعرب تقول مثل ومثل كقولهم شبه وشبه والمثل والمثل والمثال ترد في العربية باربعة معان هذا بيانها المعنى الاول نفس الشيء تقول مثلك لا يبخل اي انت بما انت عليه من كريم الصفات لا تبخل وتقول مثلك لا يغيب عن هذا المحفل اي انت بما انت عليه من الصفة والحال لا تتغيب وهكذا ومن ذلك قول الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير اي ليس كاياه شيء جل وعلا ومنه قوله تعالى فان امنوا بمثل ما امنتم به فقد اهتدوا اي فان امنوا بالذي امنتم به نفسه ويدل على ذلك قراءة ابي فان امنوا بالذي امنتم به وقراءة ابن عباس فان امنوا بما امنتم به ومنه قول الله تعالى وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله اي عليه هذا هو المعنى الاول والمعنى الثاني الشبه والشبيه والمشابه والنظير والمناظر يقال هو مثله ومثله ومثيله ومثاله ومن ذلك قول الله تعالى ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون وما يماثلها من الايات التي ذكر الله تعالى فيها ضربه للامثال اي للاشباه القياسية المحسوسة التي تعين الناس على تصور المعاني وادراكها بعمق ومن هذا الباب قول الله تعالى فلا تضربوا لله الامثال ان الله يعلم وانتم لا تعلمون اي لا تضربوا له الاشباه والنظائر ولا تقيسوه جل وعلا على غيره ومنه قوله تعالى انظر كيف ظربوا لك الامثال تظلوا فلا يستطيعون سبيلا اينظر كيف جعلوا لك اشباها يا محمد فشبهوك مرة بالشاعر ومرة بالساحر ومرة بالمجنون حين عجزوا عن مجاراة الكلام الذي انزلته اليك فظلوا فلا يستطيعون سبيلا ومنه قول الله تعالى قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا اي بشبه هذا القرآن ومناظره ومساويه ومن العلماء من حمل الايات التي ذكرت ان المثل فيها بمعنى نفس الشيء على معنى الشبيه والنظير فقالوا في قول الله تعالى فان امنوا بمثل ما امنتم به فقد اهتدوا قالوا المعنى فان صدقوا بمثل تصديقكم فقد اهتدوا اي بمشابه ايمانكم ومناظره وقال بعضهم المعنى فان صدقوا بمثل الوحي المنزل الذي امنتم به اي بمشابهه ومناظره وقالوا في قول الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير اي ليس كشيء وليس مثل شيء فلا شبيه له ولا نظير جل وعلا وقالوا في قوله تعالى وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله ان كان المراد بالظمير في مثله القرآن ان فمثله التوراة اي شبهه ونظيره فكلاهما كتاب منزل من عند الله وان كان المراد بالظمير في مثله محمد صلى الله عليه وسلم فمثله موسى عليه السلام رسول مرسل من عند الله ومن هذا الباب التمثال وهو الشيء المصنوع مشبها لخلق من خلق الله تعالى ومنه الاصنام ومن ذلك قول ابراهيم عليه السلام لابيه وقومه ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون ومن ذلك قول الله تعالى عن جن سليمان ابن داود عليهما السلام يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اي يعملون له منحوتات تشبه مخلوقات الله من الحيوان والانسان وغيرها. وكان ذلك في دينهم جائزا ومنه قالت العرب مثل امامه يمثل مثولا اذا وقف امامه منتصبا ثابتا انه تمثال ومن هذا الباب التمثل قال الله تعالى فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا اي تصور بصورة مشابهة ومناظرة ومماثلة للبشر السوي ومن هذا الباب الامتثال للامر يقال امتثل امره بمعنى اتبعه. اي جعل امره مثالا يحتذي به ان يتشبهوا به ويناظروه ويعملوا مثله ومن هذا الباب الامتثال من المعتدي وهو الاقتصاص يقال امتثل منه اي اقتص وانما سمي الاقتصاص امتثالا لانه يفعل بالمعتدي مثل ما فعله بالمعتدى عليه اي شبه فعله ومناظره ومساويه ولذلك قال الله تعالى الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين ولذلك سمت العرب العقوبة المستأصلة للمعاقب مثلى ومثله ومثوله وهي النكال والتنكيل والتشويه يقولون مثل بفلان مثلة ومثلة ومثلة ومثل به تمثيلا اذا قطع اعظاءه فاستأصلها ومن هذا قول الله تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وان ربك لشديد العقاب المثلات العقوبات المنكلات الشديدات التي تصبح مثالا تشبه به العقوبات اللاحقة في قسوتها واستئصالها وبلوغها ومن هذا الباب ايضا قولهم عن المريض تماثل للشفاء اي صار مشابها للصحيح مقاربا لحاله ومن هذا الباب كذلك قول الصرفيين امثلة الافعال وامثلة الاسماء اي الميزان الذي تقاس عليه الاسماء والافعال وتعرض ليعرف ما يشبهه منها ويناظره. وما يخالفه ويفارقه فكل هذه المعاني تعود الى اصل واحد بمعنى المثل والمثل وهو الشبيه والمناظر والمساوي المعنى الثالث الحالة والصفة يقولون مثله مثل كذا اي حالته وصفته حالة كذا وصفته ومن ذلك قول الله تعالى للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم اي لهم حالة السوء وصفة السوء وله حالة الكمال الاعلى وصفة الكمال الاعلى جل وعلا ومن هذا الباب كثير من امثال القرآن التفصيلية التي تشبه حالة كاملة بحالة كقوله سبحانه اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون اي حال اولئك كحال هؤلاء وصفتهم كصفتهم وقد حمل بعض العلماء على هذا المعنى قول الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فقالوا اي ليس كحاله وصفته حال او صفة جل وعلا المعنى الرابع الافضلية في المعنى ومن ذلك قولهم هو امثل قومه وهو الطالب الامثل وهي الام المثلى اي الافضل والفضل ومن ذلك قول الله تعالى نحن اعلم بما يقولون اذ يقولوا امثالهم طريقة ان لبثتم الا يوما اي افضلهم عدلا في الرأي ورجحانا في العقل وقوله تعالى قالوا ان هذان لساحران يريدان ان يخرجاكم من ارضكم بسحرهما ويذهب بطريقتكم المثلى اي بمذهبكم الذي هو افضل المذاهب وعادتكم التي هي افضل العادات ومن هذا الباب قولهم لو قلت كذا لكان امثل. اي لكان افظل ومن هذا الباب ايضا قولهم فلان مثل في العلم وفلان مثال في الادب اي انموذج يقتدى به وعلم يهتدى به نخلص مما مضى الى ان المثل له في لغة العرب اربعة معان هي نفس الشيء الشبه والشبيه والمشابه والنظير والمناظر الحالة والصفة الافضلية في المعنى والى ان التقيكم في الحلقة القادمة