قال ربي انا يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء الله الله يقول كيف ومن اين يكون لي غلام؟ وقد اشتعلت رأسي بالشيب وقد ادركني الكبر الذي يمنع من ذلك وامرأتي عاقر عقيم لا تحمل ولا تلد ويأتيه الجواب ممن عظمت قدرته وجلت مشيئته وعظمت حكمته قال كذلك الله يفعل ما يشاء مثل هذا الفعل الجليل العظيم البعيد الرتبة لا يعجز الله الملك الحق ومن شدة سرور زكريا وعظيم فرحتي بهذه البشرى سأل ربه تبارك وتعالى ان يجعل له اية اي علامة دالة على تحقق البشرى وعلى حمل امرأته قال رب اجعل لي اية انها البشرية الرب رب والعبد عبد ولو كان رسولا نبيا كما قال ابراهيم قال بلى ولكن ليطمئن قلبي زكريا يريد ان يطمئن قلبه لانه لا يستوعب هذا الاعجاز الخارق قال رب اجعل لي اية فجاءه الجواب من ربه العظيم الكريم سبحانه ايتك الا تكلم الناس ثلاثة ايام الا رمزا هنالك في مريم ثلاث ليال سويا ما موضع الاية اين الاية هنا تدبروا اي سيحبس لسانك عن كلام الناس ثلاثة ايام لا تقدر ولا تستطيع ان تكلم احدا الا بالاشارة الا بالرمز من غير افة ولا سوء في اللسان بل مع توفر كل اسباب الكلام لتنشغل في هذه الايام وهذه المدة بذكر الله جل جلاله وتسبيحه وتهليله وطاعته وشكره على هذه النعمة العظيمة الاية انت تملك لسانك واللسان ليس عاجزا عن النطق ولا عن البيان ولا عن البلاغ ومع ذلك سنحبس لسانك عن الكلام ان اردت ان تكلم الخلق. وان اردت ان تذكر الخالق الخالق انطلق لسانك اية جليلة لذا قال له سبحانه واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار اي اية اعظم من ان يعقل ويحبس لسانه عن كلام الناس وان ينطلق بالذكر والتسبيح ومن اللطائف قال احد اهل الفضل ولو رخص لاحد في ترك الذكر لرخص لزكريا لان الله قد حبس لسانه لكنه حبسه فقط عن كلام الخلق ولن يحبسوا عن الذكر والتسبيح الذكر يدع القلب الحزين مسرورا بل ويجعل الذاكر مذكورا اذكروني اذكركم والذكر هو باب الله الاعظم المفتوح دوما بينه وبين عباده ما لم يغلقوه بغفلتهم عن سيدهم ومولاهم وبالذكر يتحول الخوف الى امان بل واذا ترك العبد ذكر ربه جل وعلا اصبح كالجسد الميت الذي لا روح فيه ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابي موسى الاشعري مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت وبالذكر يا اخواني واخواتي يصبح العبد في معية الله جل جلاله في معية الحفظ والمدد والفضل والاحسان والنصر والتأييد كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى في الحديث القدسي انا عند ظن عبدي بي وانا معه اذا ذكرني فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرتوه في ملأ خير منه وان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا وان تقرب الي ذراعا تقربت اليه باعا وان اتاني يمشي اتيته هرولة ذكر الثناء وذكر الالاء والنعماء وذكر الدعاء كل هذا اعظم دواء لتخليص النية عن كل خاطر يصرف العبد عن الله ولتخليص القلب عن كل شاغل يشغل العبد عن سيده ومولاه ولتخليص النفس من كل هم وحزن وتعلق بالخلق بذكر الله تكشف الكربات وتستمطر الرحمات وتتنزل البركات وتقال العثرات وتستجاب الدعوات وتطمئن القلوب وتسكن النفوس الى الرضا بالملك القدوس قال ايتك الا تكلم الناس ثلاثة ايام الا رمزا. واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار