الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فادب عنوان سعادته وفلاحه وقلة ادبه عنوان شقاوته وبوارحه. فما استجلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب؟ ولست ادلب حرمانه هما بمثل قلة الادب. قاله ابن القيم وهذا حق فان طالب العلم اذا كان متحليا باداب العلم واخلاق بحملته كان حريا ان ينتفع بهذا العلم. وان يرفعه الله به. ولهذا كان السلف يوصون طالب العلم بالتحلي بالادب. حتى قال عبدالله بن المبارك رحمه الله كاد الادب ان يكون ثلثي العلم. وكان يقول نحن الى قليل من الادب احوج منا الى كثير من العلم. وقد كان السلف يعتنون بالادب كما يعتنون بالعلم قال المسيرين كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم. وقال ابراهيم النخاعي كانوا اذا اتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا الى هديه وسمته وصلاته ثم اخذوا عنه. وقال الامام ما لك كانت امي تعممني وتقول لي اذهب الى ربيعة فتعلم من ادبه قبل علمه. وقد كان يجتمع في مجلس الامام احمد زهاء خمسة الاف نحو خمسمائة يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الادب وحسن السمت. ولما كانت هذه طريقته في تحصيل العلم يتعلمون الادب مع العلم ظهر عليهم اثر العلم في سلوكهم وعبادتهم وتعاملهم قال الحسن البصري رحمه الله كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث ان يرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه وبصره وبره. وهذا يبين عظيم قدر الادب. وضرورة العناية به. وقد قال قام الشافعي رحمه الله من لم يصن نفسه لم ينفعه علمه. ومن اعظم ما تصاب به النفس التحلي بالاداب والاخلاق الفاضلة. ولهذا اعتنى العلماء بباب الادب عناية بالغة. حتى افردوه بمصنفات مستقلة الكتاب الادب للبخاري المسمى بالادب المفرد. ومكارم الاخلاق الخرائطي. ومساوئ الاخلاق له. وروضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان فينبغي لطالب العلم ان يولي هذا الباب عنايته وان يحرص على الاداب ومكارم الاخلاق وان يحذر سفسافها. وبهذا يسمي المرء ويعلو والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسد ونسب