ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة ايها الاحبة نتحدث ونتشرف بالكلام على ثلاثة اسماء من اسماء الله الحسنى وهي مرتبطة في معناها وفي اصلها واشتقاقها وهي القادر والقدير والمقتدر وكما جرت العادة ايها الاحبة ان نتحدث اولا عن معاني هذه الاسماء ثم نتحدث بعد ذلك عن دلائلها ثم نتحدث ثالثا عما تدل عليه ثم نتحدث رابعا عن اثارها في الخلق ثم نتحدث خامسا عن اثر الايمان على المؤمن اما ما يتعلق بالمعنى فكما هو المعتاد ايها الاحبة ان نبين ذلك اولا من جهة اللغة فالقادر من القدرة على الشيء كما قال الله تبارك وتعالى قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم شيعا. وقد يكون بمعنى المقدر للشيء كما سيأتي كما في قوله تبارك وتعالى فقدرنا فنعم القادرون يعني فنعم المقدرون كما قال بعض المفسرين والقادر اسم فاعل كما يظهر من مبناه من قدر يقدر يقال قدرت الامر اقدره اذا نظرت فيه ودبرته ومعلوم ان قدر كل شيء ومقداره ومقياسه وكذلك ايضا القدير فهو من صيغ المبالغة وذلك يكون من القدرة وكذلك ايضا التقدير على ما ذكره بعض اهل العلم فيجمع في معناه بين هذا وهذا القدرة والتقدير والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير. وهو مقدر ايضا الاشياء والقدير ابلغ من القادر لان القدير من صيغ المبالغة وهكذا ايضا المقتدر فهو اسم فاعل من اقتدر وهو اكثر مبالغة من القادر والقدير ومعلوم ان زيادة المبنى لزيادة المعنى اذا زاد بالاسم حرف فذلك لزيادة في معناه والمقتدر على الشيء هو المتمكن منه باحاطة تامة وقوة و المهيمن عليه ب كمال الاقتدار فهو التام القدرة لا يمتنع عليه شيء هذا من جهة اللغة. اما المعنى الذي يرجع الى الله تبارك وتعالى من هذه الاسماء فالقادر من القدرة على الشيء وكان الله على كل شيء قديرا بمعنى انه قادر لا يرد عليه العجز ولا الفتور ولا الضعف يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله وهو القدير وليس يعجزه اذا ما رام شيئا قط ذو سلطان وقال في موضع اخر وهو القدير فكل شيء فهو مقدور له طوعا بلا عصيان وهكذا القادر جل جلاله وتقدست اسماؤه فهو الذي يقدر المقادير في علمه قبل خلق الاشياء فالله تبارك وتعالى قدر مقادير الخلق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء. ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ ثم شاءه واراده ثم خلقه وكما هو معلوم في مراتب القدر التي اولها العلم. والله عز وجل يقول وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم. ويقول وكان امر الله قدرا مقدورا ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا فهذا كله ايها الاحبة يدل على هذا المعنى وعبارات اهل العلم في ذلك متقاربة فالله هو القادر المطلق الذي لا يتعصى عليه شيء قادر وقدير ومقتدر على كل شيء لا يحتاج الى المعين او المشير او العضيد او النصير اما العبد فان قدرته ناقصة ولا يمكن ان يتحول من حال الى حال الا بعون الله تبارك وتعالى وتوفيقه لا حول ولا قوة الا بالله وكذلك ايضا فالله تبارك وتعالى قادر بمعنى انه مقدر كل شيء وقاضيه وهو على كل شيء قدير لا يفوته مطلوب ولا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء جل جلاله وتقدست اسماؤه هو القادر الذي يقدر على ايجاد المعدومات واعدام الموجودات الى عجز ولا ضعف ولا واسطة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا يخرج عن قبضته احد من خلقه ولا يتعصى عليه شيء فهو وكامل القدرة بقدرته اوجد هؤلاء الخلائق بقدرته دبر شؤونهم وسوى احوالهم وبقدرته يحيي ويميت وبقدرته يبعث العباد للجزاء ويجازي المحسن باحسانه والمسيء باساءته فهو تبارك وتعالى اذا اراد شيئا قال له كن فيكون يقلب القلوب في صرفها من الايمان الى اضداده ويصرفها من الكفر الى الايمان وفق حكمته وعلمه كما يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله هو القدير الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء. ويضل من يشاء بقدرته يجعل المؤمن مؤمنا وبقدرته يجعل الكافر كافرا بقدرته يجعل البرا والمطيع مطيعا والفاجر فاجرا هو الذي جعل هؤلاء الانبياء الكبار والرسل العظام عليهم الصلاة والسلام ائمة يدعون اليه دون بامره وجعل فرعون واشباهه ائمة يدعون الى النار ولكمال قدرته لا يحيط احد بشيء من علمه الا بما شاء ان يعلمه اياه. بقدرته خلق هذه الافلاك قام العظيمة في العالم العلوي وفي العالم السفلي خلق السماوات والارض في ستة ايام وما مسه من لغوب وكذلك ايضا فان العباد والمخاليق لا يفوتونه بل هم في قبضته اين كانوا فان فر العبد منه فانما يطوي المراحل في يديه كما قيل وكيف فيفر المرء عنك بذنبه اذا كان يطوي في يديك المراحل. كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى. والقدير الفاعل لكل ما شاء على قدر ما تقتضيه حكمته بالقدر الذي اراده من غير زيادة ولا نقصان ولا ولا ابطاء فهذا كله من معنى اسمه القدير وكذلك هو المقتدر كامل القدرة لا يمتنع عليه شيء فهو المتناهي في الاقتدار المتحكم المسيطر بقدرته البالغة على جميع الخلق هو المتمكن بسلطانه من ملكه يقدر الاشياء على وفق ارادته ويخلق ما يشاء يهلك ما شاء هذه جمل في معاني هذه الاسماء الثلاثة. اما ثانيا فذلك في ذكر دلائل هذه الاسماء من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم اسم الله القادر جاء في القرآن في اثنتي عشر موضعا بسبعة منها بصيغة المفرد قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم شيعة ويذيق بعضكم بأس بعض. وفي خمسة مواضع بصيغة الجمع كما في قوله تعالى وانا على ان نريك ما نعدهم لقادرون فجاء بصيغة الجمع وهذه الصيغة بمعنى التعظيم. فالله تبارك وتعالى يعظم نفسه ويعبر بمثل ذلك لقادرون لقادرون وهكذا القدير جاء في القرآن في نحو من خمسة واربعين موضعا. كما في قوله تعالى اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا. ان الله على كل شيء قدير وهكذا المقتدر فقد جاء في كتاب الله عز وجل اربع مرات واحدة منها بصيغة الجمع فان عليهم مقتدرون وثلاث بصيغة المفرد كما في قوله تبارك وتعالى ان المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. اسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم منهم اما دلائل ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء من حديث انس رضي الله تعالى عنه قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال ان الذي امشاهم على ارجلهم قادر على ان يمشيهم على وجوههم وكذلك في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقالوا مما تضحك يا رسول الله؟ قال من ضحك رب العالمين والحديث في صحيح والحديث المشهور الطويل وفيه قال اتستهزأ مني وانت رب العالمين اخر من يخرج من النار ويدخل الجنة فيقول اني لا استهزئ منك ولكني على ما اشاء قادر فهذا فيه ذكر القادر وكذلك القدير فقد جاء في الصحيح من حديث معاوية رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. واما المقتدر فانه لم في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وانما جاء في الرواية التي فيها سرد الاسماء الحسنى ولا يصح رفع ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا في مقدمات هذه المجالس لكن المقتدر كما سمعتم ثبت في كتاب الله تعالى. دل عليه القرآن هذه الاسماء ايها الاحبة الثلاثة جاءت مفردة وجاءت مقترنة بغيرها من الاسماء. فالقدير جاء مقترنا بسم الله العفو وذلك في قوله ان تبدوا خيرا او تخفوه او تعفو عن سوء فان الله كان عفوا قديرا وجه هذا الاقتران كما يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله كان عفوا يعفو عن زلات العباد وعن ذنوبهم العظيمة فيسدل عليهم الستر ويعاملهم بالعفو التام الصادر عن قدرته. بمعنى ان هذا العفو لا يكون عن عجز وضعف عن المؤاخذة بل هو عفو مع مع كمال القدرة. فهذا وجه الارتباط. ويمكن ان يقال ايضا اضافة الى ذلك بان ذكر القدير قد يورث شيئا من الخوف والرهبة. فاذا قرن مع العفو كان ذلك تطمينا القلوب فهو مع قدرته تبارك وتعالى الا انه عفو كثير العفو. يعفو عن عباده يعفو عن السيئات فلا وعاجلهم بالعقوبة مع قدرته عليهم. فهذا هو العفو الذي يمدح ويحمد العفو الذي يكون مع القدرة. هذا الذي يكونوا كمالا. اما العفو مع العجز والضعف فان ذلك لا يكون من الكمالات. ولهذا يقال العفو مع القدرة. يعني العفو الكامل العفو المعتبر العفو الذي يكون كمالا هو الذي يكون مع الاقتدار كذلك اسم القدير جاء مقترنا بالغفور الرحيم كما في قوله تبارك وتعالى عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم. هذه الاية في المشركين ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة كابي سفيان وكبار المشركين هؤلاء الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وسلم. وقد جعل الله هذه المودة فاسلم هؤلاء وصاروا يجاهدون في سبيل الله وصاروا اولياء للمؤمنين. ومعلوم ان ابا سفيان اول من حارب المرتدين. وذلك انه قدم من اليمن. والنبي صلى عليه وسلم في المدينة قد قبض وابو سفيان في الطريق فلقي ذا الخمار مرتدا عن الاسلام فقاتله ابو سفيان قبل ان يشرع ابو بكر رضي الله عنه في حروب الردة فهذا من المودة التي جعلها الله عز وجل مع هؤلاء فهذا لكمال قدرته وذلك ايضا من رحمته وغفره وجه هذه المناسبة يمكن ان يقال باعتبار ان تحويل قلوب هؤلاء من الكفر الى الايمان مع شدة العداوة من العداوة الشديدة الى الموالاة عسى الله وعسى من الله واجبة يعني اذا كانت في كلام الله صدرت عنه الله قال عسى ان يحصل كذا هي للترجي في الاصل لكن الترجي لا يرد على الله فهذه يقولون واجبة يعني متحققة الوقوع كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. عسى من الله واجبة. فتقليب القلوب تحويل القلوب من العداوة الى الموالاة تحويل القلوب من الكفر الى الايمان هذا لكمال قدرته تبارك وتعالى. وكذلك ايضا ذكر الغفر والرحمة اذا كان ذلك عن قدرة فهذا هو الكمال. يعني هذه الرحمة وهذا الغفر ليس عن عجز بي المؤاخذة وانما مع كمال قدرته تبارك وتعالى وذلك كما قيل في العفو فهو غفور ورحمة مع القدرة. بعد ذلك ننتقل الى وجه الاقتران بين اسمه القدير والعليم كما قال الله عز وجل او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير. فان القدرة لا تكون تامة كاملة الا اذا كان معها العلم فانه اذا اجتمع العلم والقدرة فذلك الكمال. قد يوجد العلم من غير قدرة فيبقى صاحب العلم عاجزا عن الوصول الى مبتغاه. وقد توجد القدرة لكن من غير علم. فيبقى صاحب القدرة حبيسا مع قدرته لا يتوصل الى مطلوبه نقصي العلم فالكمال هو اجتماع العلم مع القدرة ننتقل الى الامر الثالث وهو ما يدل عليه ما تدل عليه هذه الاسماء بانواع الدلالة كما هو المعتاد ايها الاحبة ان هذه الاسماء تدل بالمطابقة يعني انها تدل على تمام المعنى حينما يراد بها الذات والصفة وتدل بالتضمن على الذات او الصفة التضمن هي الدلالة على بعض المعنى. وتدل دلالة الاقتضاء على ما لا يتحقق ذلك الا به دلالة اللزوم فان القدير لا بد ان يكون حيا لابد ان يكون قيوما لابد ان يكون سميعا بصيرا عليما حكيما غنيا عزيزا الى غير ذلك من اوصاف الكمال كما هو معلوم. اما رابعا فذلك في ذكر اثار هذه الاسماء في الخلق. يعني فيما اوجده الله تبارك وتعالى فيما يدبره من امر هذه الخليقة فصفحة هذا الكون ايها الاحبة من اولها الى اخرها هي اثر من اثار قدرته وذلك انظر الى العالم العلوي والعالم السفلي مما يمكن للبشر ان يصلوا اليه النظر في الافاق النظر في الانفس النظر في الايات الباهرة الدالة على كمال قدرته مما اعطاه لانبيائه ورسله من المعجزات مما يكون خرقا لسنته الكونية وكذلك ايضا ما يقع من الايات العظام كالزلازل والخسف والخسوف والبراكين وما الى ذلك من دلائل قدرته في تدبيره لامر هذا الكون ومن ذلك ايضا نصر اهل الايمان على قلة العدد والعدد على اعدائه الكافرين الذين يفوقونهم في ذلك كله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله. ان ينصركم الله فلا غالب لكم. وان يخذلكم فمن ما الذي ينصركم من بعده؟ ولما ذكر تنزيل الملائكة في غزوة بدر وهم الف كما قال الله تبارك وتعالى اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين يتبعهم غيرهم من مدد الملائكة ومع ذلك يقول وما جعله الله الا بشرى. ولا يتعدى البشرى. وما النصر الا وما النصر الا من عند الله فلا الملائكة تأتي بالنصر ولا الجموع الغفيرة والعدد الكبيرة ليس شيء من ذلك يتحقق به النصر انما النصر من عند الله تبارك وتعالى فهو الذي يقدر على نصر اوليائه وخذلان اعدائه وهزيمتهم وهكذا ايها الاحبة ما نشاهده ومما اخبر الله تبارك وتعالى عنه من تعذيب الكفار في الدنيا والاخرة بالنار ومن اهل الايمان واجعل العاقبة لهم وكذلك ايضا في الاخرة تكون لهم الجنة فالله تبارك وتعالى كل هذه الموجودات التي نشاهدها انما وجدت بقدرته قدرته اوجدها وبقدرته دبرها وبقدرته رزقها واعطاها بقدرته يصرفها كيف يشاء بقدرته يحيي وبقدرته يميت وبقدرته يجمع الخلائق ويحشرهم للحساب والجزاء ويحاسبهم جميعا من اولهم الى اخرهم على كثرتهم وكثرة اعمالهم كنفس كنفس واحدة وهو السريع سريع الحساب لا يحتاج الى احصاء ولا الى اعوان ولا يحتاج الى الات ولا يحتاج الى عقد كما يحتاجه البشر يعقدون ذلك باصابعهم او بوسائط من الالات الحاسبة ونحو ذلك سريع الحساب. يحاسبهم كما يحاسب النفس الواحدة ومن ايضا قدرته تبارك وتعالى انه يقلب قلوب العباد فيتحول من الهدى الى الضلال ويتحول من الاستقامة الى الانتكاسة والانحراف ويتحول من الكفر الى الايمان من الشرود عن الله تبارك وتعالى الى التوبة والاقبال على الله تبارك وتعالى. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فهو تبارك وتعالى اذا اراد شيئا قال له كن فيكون ويقول الله عز وجل اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير كل ما نشاهده ايها الاحبة هو من اثار من اثار قدرته على كثرة هؤلاء الخلائق من الذي يصرفهم؟ من الذي يدبرهم؟ من الذي يحيط بهم علما لا تقع تحريكة ولا تسكينة في هذا الكون الا ارادته سبحانه وتعالى يرزقهم على كثرتهم ويحاسبهم ويجازيهم ويجمعهم ويحشرهم لا يفوت منهم لا يفوت منهم احد ولا تخفى عليه من احوالهم خافية اما خامسا ففي ذكر اثار الايمان بهذه الاسماء على المؤمن فاول ذلك كما هو المعتاد ايها الاحبة ان نذكر الدعاء بها والله عز وجل يقول ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها. دعاء المسألة ودعاء العبادة. اما دعاء المسألة فقد جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال لما نزلت قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعوذ بوجهك قال او من تحتي ارجلكم قال اعوذ بوجهك او يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأسا بعض. فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا اهون او هذا ايسر كذلك ما جاء في الصحيح من حديث جابر رضي الله تعالى عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامور كلها كالسورة من القرآن اذا هم بالامر فليركع ركعتين ثم يقول اللهم اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا اقدر ولا اعلم وانت علام الغيوب اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر الى اخره ما ذكر وفيه فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وهكذا ايضا فان الدعاء باسمه القدير كما في قوله تبارك وتعالى قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير وفي الصحيح من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من تعار من الليل فقال تعار يعني انتبه استيقظ فقال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. الحمد لله وسبحان الله ولا اله اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله. ثم قال اللهم اغفر لي او دعا استجيب له. فان توضأ وصلى قبلت صلاته. وكذلك في الصحيح من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يدعو بهذا الدعاء رب اغفر لي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري كله وما انت اعلم به مني اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهي وهزلي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخررت وما اسررت وما اعلنت انت المقدم وانت المؤخر وانت على كل شيء قدير وفي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا امسى قال امسينا وامسى الملك لله الحمد لله ولا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم اسألك خير هذه الليلة واعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها. اللهم اني اعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. اللهم اني اعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر اما الدعاء باسمه المقتدر فلا اعلم فيه حديثا صحيحا الى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه جاء عن سعيد ابن المسيب وهو من كبار التابعين انه كان يدعو يقول اللهم انك مليك مقتدر وانما تشاء من امر يكون يقول فما سألت الله شيئا بها الا استجاب لي. لكن على كل حال مثل هذه الادعية قد يسرع اليها كثير من الناس ويتركون الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا قد يكون من استبدال الذي هو ادنى بالذي هو خير فينبغي ان نحرص على الافكار والادعية المأثورة في كتاب الله تبارك وتعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم. فذلك فيه جوامع الكلم وهو من قبيل الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه اما دعاء العبادة فذلك يظهر من خلال ايمان العبد بعلم الله السابق وتقديره الاشياء وان ذلك القدر هو سر الله في خلقه لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل الا ما شاء من اطلاعهم عليه وان هذا العلم هو مفتاح الغيب فتقدير الامور كل ذلك الى الله جل جلاله وتقدست اسماؤه ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. قال وعرشه على الماء. ومن حديث عبادة ابن الصامت ان النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ان اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال ربي وماذا اكتب؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة اذا حصل ذلك للمؤمن امن بعلم الله السابق وكتابته ومشيئته وخلقه فانه يطمئن كل الاطمئنان ويسكن الى ربه تبارك وتعالى فلا يأخذه القلق ولا ينتابه الجزع والهلع مما يتخوفه في مستقبله او ما يحصل له في هذه الحياة الدنيا من المكاره. فان ذلك جميعا قد علمه الله تبارك وتعالى وقدره وقضاه وكتبه وخلقه ولا يمكن للانسان ان الصلة غير ما قدره الله تبارك وتعالى له كذلك ايضا من امن بان الله هو القادر والقدير فانه لا يأتي الى العرافين ولا المنجمين ولا الكهنة ولا من يدعي الغيب لان التقدير سر بيد الله تبارك وتعالى لا فهؤلاء ليس لهم من علم الغيب شيء فلا يذهب الى هؤلاء الذين يتنبأون بالغيب تحت اي اسم كان. ربما كان ذلك عبر ما يسمى بقراءة الكف او عبر قراءة كما يقال او النظر في الابراج ونحو ذلك وهذا كله من اعظم المنكرات ومن اعتقد ان احدا يعلم الغيب سوى الله تبارك وتعالى فهو كافر بذلك وهكذا ايضا من علم ان الله على كل شيء قدير فانه يحصل له التوكل الكامل على الله تبارك وتعالى فيتعلق به ويثق بكفايته وان الله يفرج كربته وهمه وانه تبارك وتعالى هو وحده القادر على تحويل حاله من شدة الى رخاء ويسر ومن معاناة والم الى عافية وراحة هذا كله بيد الله عز وجل ان التوكل ايها الاحبة لا يكون على العاجز. انما يكون على من كان قادرا على كل شيء. والله عز وجل لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الارض اما المخلوق فهو عاجز عن ان يدفع عن نفسه فكيف بغيره وقدرة المخلوق محدودة ضعيفة وقدرة الله تبارك وتعالى كاملة وتوكل على الحي الذي لا يموت وتوكل على العزيز الرحيم فهو مع عزته هو ايضا رحيم يكفي من توكل عليه فينبغي على العبد ان يتوجه بكليته الى ربه وفاطره جل جلاله وتقدست اسماؤه فيثق بتدبيره وكفايته له ويركن اليه ويلتجأ اليه في كل ما الم به وما اقلقه وازعجه وتخوفه فان الله تبارك وتعالى بيده مقاليد السماوات والارض كذلك ايضا اذا امن العبد بان ربه على كل شيء قدير انه القدير المقتدر والقادر فانه يثق به الثقة الكاملة. فاذا رأى شيئا من اثار هذه القدرة فيما يكرهه في علم ان ذلك لحكمة بناء على علمه جل جلاله وتقدست اسماؤه. كذلك حينما يرى اثار القدرة فيما يحبه الانسان من لاعداء الله تبارك وتعالى وكبتهم وما الى ذلك. فهذا كله بناء على حكمته فالعبد يثق بربه تبارك وتعالى وان حصل للكفار شيء من القوة المؤقتة وان حصلت لهم انتصارات مؤقتة فان الله تبارك وتعالى لا يجعل لهم الادلة الدائمة على اهل الايمان. فلا ينبغي للعبد بحال من الاحوال ان يسيء ظنه بربه وانما يكون ظنه حسنا وهكذا ايضا فان الايمان بان الله تبارك وتعالى هو القدير والقادر ان الانسان يتواضع ويخضع لربه ومولاه فلا يتعاظم ولا يتكبر ولا يظلم احدا من الناس فان قدرة الله تبارك وتعالى فوق قدرته. مهما تصور الانسان ما عنده من الامكانات والقدر وما الى ذلك فان الله تبارك وتعالى فوق الجميع وهو على كل شيء قدير فينتقم للمظلوم من الظالم واذا دعت الانسان قدرته الى ظلم العباد فليتذكر قدرة الله عليه كذلك من هذه الاثار ان يؤمن الانسان بما اودع الله تبارك وتعالى من القدرة والقوة بالانسان ان ذلك جميعا من الله تبارك وتعالى. ان هذه القدرة التي اعطاها الله عز وجل لبعض خلقه فهذا من الله فيحمله ذلك على تسخير هذه القدرة وهذه الامكانات وهذه القوى ونحو ذلك فيما يرضي الله تبارك وتعالى لا في الفساد والافساد وظلم العباد كذلك ايضا فان ذلك الايمان يحمل العبد على تعظيم الله عز وجل والخوف منه والاجلال له لانه على كل شيء قدير فيرعوي من معصيته ويحاسب نفسه ولا يجترئ عليه ربنا تبارك وتعالى قادر على اخذ عبده ومعاقبته وتعجيل هذه العقوبة له في الدنيا قبل الاخرة فيخاف من سطوته ومن اخذه واليم عقابه هذا وغيره ايها الاحبة من الاثار التي تكون نتيجة للايمان كمال قدرة الله عز وجل والايمان بهذه الاسماء وما تظمنتها من الاوصاف هذا واسأل الله تعالى ان يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب احزاننا وجلاء همومنا اللهم ذكرنا منه نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولاخواننا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه. نعم تفضل لا في كون الله تبارك وتعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر بمعنى يضيق يضيق عليه الرزق يعني لا يكون رزقه واسعا وانما يكون رزقه ضيقا بمعنى يكون فقيرا فيغني من شاء ويفقر من شاء وهو احد المعاني في قوله تبارك وتعالى عن يونس ابن متى صلى الله عليه وسلم فظن ان لن نقدر عليه اسرت ان لن نقدر عليه ان لن نضيق عليه حينما ترك قومه قبل ان يأذن الله له في تركهم ففارقهم ان لن نقدر اي الا نضيق عليه نعم