ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة. وخلق منها زوجها فمنهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله له فقد فاز فوزا عظيما. اما بعد معاشر المؤمنين روى الشيخان في صحيحيهما عن ابي موسى الاشعري رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان مثلي ومثل ما جئت به كمثل رجل اتى قوما فقال اني رأيت الجيش بعيني واني انا النذير العريان فالنجاة النجاة فقبلت طائفة قوله فادلجوا على مهلهم فنجوا ومكثت طائفة حتى صبحهم العدو فهلكوا فهذا مثل من اطاعني وقبل ما جئت به ومثل من لم يقبل ما جئت به من الحق هذا المثل الذي صوره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المشهد يلخص وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة وهي الانذار من الاخطار في هذا المثل يصور لنا النبي صلى الله عليه وسلم قوما امنين ولكن خطرا داهما ات لهم في الطريق لم يروه باعينهم ربما ولم يسمعوه لكن سمعه احد الناس ورآه بعينه وفي رواية للحديث في مسند احمد وغيره انهم هم الذين بعثوا هذا الرجل فقالوا انظر لنا الجيش فجاء هذا الانسان وقد رأى جيشا جرارا يزحف بهدوء الى هذه القرية او الى هؤلاء الناس والناس لاهون ويلعبون ولا يعلمون عن هذا الخطر الداهم فيقول عليه الصلاة والسلام ان مثلي ومثل ما جئت به كمثل رجل اتى قوما اتاهم فقال يا قوم اني رأيت الجيش بعيني وهذا فيه ان هذا الرجل عنده يقين بما انذر به ليست القضية قضية ظنون او اوهام وانما هي قضية حق ويقين اني رأيت الجيش بعيني والنبي صلى الله عليه وسلم قد اراه ربه عز وجل ما اعد الله للمؤمنين من النعيم وما اعد للكافرين من العذاب كما في احاديث كثيرة لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم عذاب المعذبين اني رأيت الجيش بعيني واني انا النذير العريان النذير هو المحذر هو الذي ينذر قومه الخطر يحذرهم من الاخطار. يقول لهم انتبهوا احذروا استعدوا او اهربوا العريان فيها معنيان المعنى الاول ان هذا النذير من شدة حرصه واستعجاله في تحذير وانذار قومه لا ينتظر وصوله اليهم حتى ينذرهم بل اذا وصل الى مسافة يمكنهم ان يروه من خلالها نزع ثيابه ولوح بها من بعيد حتى يعلموا ان هناك خطرا وكانوا يفعلونها قديما انه اذا صار مع قومه في مرمى النظر وربما اذا مشى اليهم حتى يصل قد تأخذ المسافة ساعة ربما او اقل او اكثر فمن باب الاستعجال والحرص ينزع ثوبه ويلوح به من بعيد علامة على الانذار من الخطر النذير العريان والمعنى الثاني ان من عادة العرب ايضا ان هذا النذير اذا جاء ينذر قومه من الخطر ووصل اليهم شق ثيابه ونزعها اشارة الى خطورة الوضع والى فداحة الخطب وعلى كلا المعنيين فالمقصود ان الامر قادم وخطر حقيقي كبير وانه قريب ليس ببعيد فشبه النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بالنذير العريان لهذه المعاني الثلاثة ان الخطر قريب. ما في وقت لهذا النذير ان ينتظر وصوله الى قومه حتى لوح من بعيد بثوبه. وان الخطر كبير وليس مما يتساهل به وانه متحقق فانقسم الناس امام هذا النذير قسمين قسم اتاه الله عز وجل فطنة وعقل وكياسة فانتبه وجمع اغراظه وحمل متاعه واهله واولاده وادلج يعني سار بالليل فانجاه الله عز وجل وقوم استهتروا واستهانوا بهذه النذارة اما لغباء في عقولهم وعدم تقدير لحقائق الامور او عدم تصديق وعدم تكليف النفس بالتحقق من الخبر او غير ذلك من الاسباب المهم انهم لم يرفعوا رأسا بهذه التحذيرات التي اطلقها هذا النذير العريان الذي لا مصلحة له في هلاكك ولا في نجاتك ليس له مصلحة ان قبلت النذار هو هو سينجي نفسه. هذا النذير في النهاية سمعته او لم تسمعه فلا ظرر عليه هو سينجي نفسه طبعا وانما اتاك كان بامكانه ان ينجي نفسه من بعيد دون ان يخبرك شيئا لكنه اتاك وتحمل المشاق وانذرك وحذرك ثم تركك لم يجبرك على ان تخرجوا فهؤلاء لم يرفعوا رأساه لاي سبب من الاسباب واستمروا في لهوهم وفي غفلتهم وفي لعبهم حتى جاءهم الجيش فاجتاحهم واهلكهم فلما رأوا الجيش تمنى الواحد منهم ان لو كان قد سمعا كلام النذير البارحة وتمنى انه اتبعه في هروبه. وتمنى انه عمل مثل عمل جيرانه ربما الذين شدوا ورحلوا لكن هذا التمني قد فات اوان النجاة به فات الاوان لان هذا الجيش قد وصل ودخل عندك الى دارك فالتمني هنا لا يزيد الوضع الا حسرة وندامة فوق العذاب الجسدي سيصيب هذا الانسان عذابا نفسيا لانه لم يسمع هذا الكلام المثل واضح وضوح الشمس ومع ذلك وظحه النبي صلى الله عليه وسلم فقال انا النذير فمن اطاعني واتبعني نجا ومن عصاني ولم يغير شيئا من امره هلك هذا المثل اخواني الكرام يلخص لنا موقفنا من النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وانذرها وحذرها وبشرها اذا هي اطاعت بالنجاة والناس كاهل القرية كاهل تلك القرية قوم اتبعوا كلام هذا النذير وساروا خلفه حاولوا النجاة ومن حاول النجاة نجا وقوم لم يرفعوا بذلك رأسا ولم يغيروا ساكنا يأتيهم الامر من امر هذا النذير عليه الصلاة والسلام. احذر كذا وابتعد عن كذا وكأن الامر لا يعنيه فالناس امام هذه الدعوة وهذه النذارة كاهل تلك كاهل تلك القرية نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من المتبعين للنبي صلى الله عليه وسلم. المقتفين لاثاره المهتدين بهديه حتى نحشر تحت لوائه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ناجين فائزين. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد اخواني الكرام قال النبي صلى الله عليه وسلم كل امتي يدخلون الجنة الا من ابى طريق الجنة اخواني الكرام والفوز من النار سهل لمن وفقه الله عز وجل وسهله عليه قال سبحانه فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى هذا الحديث يطابق معنى هذا المثل فامامنا طريقان اخواني الكرام لا ثالث لهما طريق النجاة وطريق الهلاك اما طريق النجاة فهو طريق النبي صلى الله عليه وسلم. واتباع اثره واقتفاء هديه وطريق وطريق الهلاك هو اجتناب ذلك ونحن مخيرون لسنا بمجبرين لم يجبرنا الله سبحانه وتعالى على ان نسلك هذا الطريق او هذا الطريق قال سبحانه وهديناه النجدين هذه الهداية في هذه الاية بمعنى هداية الدلالة يعني اوضحنا له طريق النجاة واوضحنا له طريق الهلاك هناك لافتات لهذا الطريق ولافتات لذلك الطريق وانت صاحب القرار في سلوك اي الطريقين وهذا القرار ستسأل وتحاسب عليه هو اعظم واخطر قرار في حياتك كلها قرار النجاة وهو سهل ان شاء الله تعالى ولا يمنعك عن شيء هو ان تتبع كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا تتكبر عليهما اذا جاءك الامر من امر الله عز وجل تقول سمعنا واطعنا قال الله سبحانه وتعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم لا خيار في اناس في هذه الحياة لم لا يرفعون بذلك رأسه يقرأون القرآن فيه اوامر ونواهي يقعون في النواهي ويعرضون عن الاوامر وربما يقرأون القرآن يقرأ احدهم قول الله عز وجل فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم وهو قاطع لرحمه مصارم لارحامه يقرأ هذه الاية ولا يعمل بها يقرأ ايات التحذير من الربا ويتعامل بالربا وغيرها كثير من الامثلة في القرآن والسنة اذا اخواني الكرام خلاصة الامر ان نحن في هذه الحياة كاهل تلك القرية نعم لم نرى الجيش بعد لم نرى الخطر بعد لم نعلم متى سيأتينا هذا الجيش؟ لا ندري لا ندري متى سنقابله لكننا نعلم وندري انه قادم لا محالة وان بامكاننا النجاة وطريقها معروف وسبيلها واضح لا لبس فيه ولا غموض قد تعوقنا عن هذا الطريق عوائق وهذه هي المجاهدة ان نزيل العوائق عن اتباع هذا الطريق ذلك الرجل الذي جاءنا محذرا منذرا ثم ترك القرية وذهب. هل نتبعه لننجو ام نترك اتباعه ونمكث هنا الخيار نتبع ذلك الرجل الذي نجا بنفسه وطريقه معروف طريق النجاة معروف ام نمكث فيه مكاننا ننتظر قدوم الاجل المحتوم الخيار لك نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجنبنا واياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن. وان يبصرنا بالحق ويرزقنا اتباعه. وان يبصرنا بالباطل ويرزقنا اجتنابه، انه ولي ذلك والقادر عليه اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم لا لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا الا غفرته. ولا عيبا الا سترته، ولا هما الا فرجته، ولا حاجة الا قضيت انتهى ويسرتها واتممتها يا رب العالمين. اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين. واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين وارحم موتانا وموتى المسلمين. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا ووفق للحق امامنا وولي امرنا يا رب العالمين. عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان. وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم. ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون