الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فمرحبا بكم معاشر الاخوان والاخوات ايها الاحبة تحدثت في السنة الماضية عن مقدمات تتصل بالامثال وذكرت ضمن ذلك الحديث ان اهل العلم لم يتفقوا على المعنى المراد تحديدا بالمثل. وانهم قد اختلفوا في ذلك وان من اقرب هذه الاقوال ان المثل هو ما يحصل به تقريب المعنى بصورة محسوسة وذكرت حينها ان هذا المعنى ايضا يرد عليه اشكالات وان المثل جاء استعماله في القرآن بمعنى الصفة. وان اعترض بعض اهل العلم على هذا التفسير. تفسير المثل بالصفة في بعض المواضع وان من اوسع ما فسر به الامثال وما ذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله حيث قال بان هي ما يحصل به الاتعاظ والاعتبار مما يذكره الله جل جلاله في القرآن. من قصص الانبياء واخبار الامم الغابرة الى غير ذلك مما سماه الله عز وجل بالامثال. وتلك الامثال نضربها للناس واضرب لهم مثل الرجلين جعلنا لاحدهما جنتين في ذكر واقعة ويسمي ذلك مثلا وكثيرا ما اتأمل هذا المعنى. ما المراد بالامثال في مدد طويلة وسنين متقادمة لا لا احصيها في كل حين. ما المراد بالمثل؟ وحينما يتأمل الانسان كلام اهل العلم ويتأمل ما يذكره الله تبارك وتعالى في كتابه يرجع احيانا الى ان ما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هو اقرب ما يمكن ان يفسر به الامثال في القرآن. وذلك ان هذا الاطلاق في كتاب الله تبارك وتعالى جاء بصورة اوسع مما نتصوره فنحن نتبادر الى اذهاننا اذا ذكرت الامثال تلك الامثال المضروبة التي تقرب المعنى معقول بصورة محسوسة كما في المثل الذي سنتحدث عنه هذه الليلة مثلهم كمثل الذي استوقد نارا. ولكن الاطلاق في القرآن اوسع من ذلك. كما ان الذين قالوا بان الامثال ترجع الى معنى المشابهة قد وسعوا المراد بها ولكن التشبيهات في القرآن فيما يبدو والله تعالى اعلم اوسع من الامثال فالامثال لا تخلو من تشبيه في مجملها حتى ما يذكره الله تبارك وتعالى في قصص الانبياء والاخبار التي قصها الله عن الامم الغابرة انما يذكر ذلك من اجل الاتعاظ والاعتبار ولهذا يقولون بان الله عز وجل قص على نبيه صلى الله عليه وسلم قصص الانبياء تسلية وتصبيرا وما الى ذلك من اجل ان يرجع الى حاله بعد ان يطلع على احوالهم فهذا فيه اعتبار وكما قلنا من قبل بان معنى العبرة حاصل في ذلك وان اصل هذه المادة عبر من العبور وهو المجاوزة. ولهذا يقال عبارة ومعبر وعبر عن كذا بمعنى انتقل من المعنى الذي في نفسه الى السامع اوصله بقالب لفظي بالفاظ مصنوعة وهكذا حينما يقال العبرة فهي انتقال بين العين والخد استعبر فبكى. على كل حال لا يمكن ان نتحدث عن هذا المعنى الواسع. الذي ارتعاه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير الامثال فنتحدث عن القصص والاخبار التي ذكرها الله عز وجل في كتابه فهذا باب يطول انما ساتحدث عن جانب من هذه الامثال وهي ما يتبادر الى اذهاننا غالبا عند الاطلاق وهو ما يذكره الله من المعاني المعقولة التي تصور بصور محسوسة فهذا من جملة الامثال وهي من الامثال التي قال الله تبارك وتعالى فيها وما يعقلها الا العالمون. والعجيب ايها الاحبة انك حينما تنظر في اختلاف اهل العلم في المراد بالمثل ابتداء وحينما تنظر كما ساذكر لكم في بعض التفاصيل اذا اتينا اليها ولكل مقام مقال تجدون اختلاف الصحابة فمن بعدهم؟ في تفسير الامثال المضروبة وهم ائمة كبار علماء. فهل كانوا لا يعقلون او ان بعضهم لا يعقل الامثال المضروبة الجواب لا فعقل ذلك اوسع من مجرد الاختلاف في بعض التفصيلات وهذا امر اذكره لانه لا بد منه ايها الاحبة امثال الله يقول وما يعقلها الا العالمون. فهل هذا يقف على فهم مجرد المعنى للمثل او ان المقصود به ما يحصل به من وراء ذلك ومن جرائه من الاتعاظ والاعتبار قد يتضح معنى المثل ولكن لا تحصل العبرة به لمن صرف الله عز وجل قلبه عنه وانظر مثلا بما يذكره الله تبارك وتعالى من قصص الانبياء وما وقع للامم المكذبة انظر الى احوال الناظرين فيها. تجد ان بعظهم ينشغل حينما يذكر الله عز وجل قبرا نوح صلى الله عليه وسلم وما حصل لقومه من الغرق. فينشغل عن العبرة وعن موطن العبرة بنوع السفينة وبطوابقها ومن اي الاخشاب صنعت من اي الاشجار وكم كان فيها من الناس؟ واين رست؟ وهل اودي جبل واين هو؟ وهل بقي من حطامها واثارها شيء؟ هل هذا هو موطن العبرة هل قص الله عز وجل هذه الامثال والاخبار من اجل ان ننشغل بخشب السفينة والطوابق السفينة وحينما يذكر الله عز وجل خبر اصحاب الكهف اين موطن العبرة في هذا تجد ان بعضهم ينشغل بلون هذا الكلب الذي كان معهم. واين موقع الكهف؟ ويبحثون عنه ويعملون بعض التطبيقات على الشمس وعلى الظل والفي واين ينتقل ومن اي جهة هل هذا هو المطلوب؟ هل هذا موطن العبرة؟ هؤلاء ولو فهموا معنى الايات الا انهم لم يحصل لهم التعقل الذي من اجله ساق الله عز وجل هذه الامثال المضروبة اذا وما يعقلها الا العالمون. لا يختص ذلك بفهم المعنى المجرد ثم ان التفصيلات التي قد يختلف فيها بعض اهل العلم قد لا تؤثر في تعقل المثل اذا حصل الاعتبار به في نهاية المطاف فنحن بحاجة اولا الى فهم ثم بحاجة الى اتعاظ واعتبار. فيرجع الانسان الى نفسه وينظر في عمله وما يحصل من تقصير في حق الله تبارك وتعالى وما شابه ذلك بعد هذا اقول نتحدث عن تفسير هذا المثل الاول في كتاب الله تبارك وتعالى على الوصف الذي ذكرته انا فاقول ايها الاحبة الان نبدأ بالمثل الاول في كتاب الله تبارك وتعالى لما ذكر الله صفة المنافقين في صدر سورة البقرة. ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم مؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا انؤمن كما امن السفهاء؟ الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون تلقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون. ثم ذكر المثل مثلهم هذا السياق كله قطعا بالاجماع في المنافقين. لا خلاف في هذا ثم ذكر لهم مثلين المثل الاول وهو المثل الناري في سورة البقرة والمثل الثاني هو المثل المائي. وسيأتي المثل المائي والناري ايضا في موضع اخر ان شاء الله هذا المثل الناري هنا مثلهم كمثل الذي استوقد نارا والمثل المائي هو الذي بعده. في قوله او كصيد من فما فيه ظلمات ورعد وبرق. الصليب هو المطر. ففي هذه الليلة ابدأ الحديث عن هذا المثل الناري فالله تبارك وتعالى ذكر ان مثلهم قال مثلهم كمثل الذي استوقد نارا والنار هي مصدر الضياء والنور كما ان الماء هو مصدر الحياة. المثل الثاني فذكر هذين المصدرين مصدر النور والضياء ومصدر الحياة والله تبارك وتعالى وصف الكتاب والوحي بانه نور وضياء. ولقد اتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين. وقال ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فالوحي نور مادة الضياء ومادة النور هي النار مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله فحصلت الاظاءة حصل الضوء من مادة النار كما ان الله تبارك وتعالى وصف الهدى والوحي بانه حياة وان من حصل له هذا الهدى حصلت له الحياة ولهذا يصف الله تبارك وتعالى الكافر بالميت ومن حصلت له الهداية بالحي. يقول الله تبارك وتعالى اومن كان ميتا فاحييناه. وجعلنا له نورا يمشي به في الناس فذكر الاحياء حياة وذكر النور الذي يحصل به الابصار فالوحي ايها الاحبة نور وضياء يتعرف به الانسان على حقائق الاشياء ويميز بين الحق والباطل ومعدن الشبهات ومعدن الحق ويميز به بين الاصيل والدخيل يميز به بين الاشياء المزيفة المبهرجة. وان استهوت الكثيرين ويميز به بين الهدى الذي بعث الله به رسله عليهم الصلاة والسلام فالذين رزقهم الله عز وجل الهداية حصلت لهم الحياة الحقيقية وذلك ان الوحي رح والذي جاء به وهو جبريل صلى الله عليه وسلم هو روح القدس تحصل بذلك حياة الارواح وعلى قدر ما يحصل لها من هذا الوحي والهدى على قدر ما يكون فيها من الحياة وعلى قدر ما تشرق في النفس تلك الانوار فانه يحصل في الصدر من الانفساح والاتساع فتشرق نفس الانسان واذا اشرقت نفسه اقبل على كل علم نافع وعمل صالح. فاستقامت احواله واشتغلت جوارحه بطاعة المعبود جل جلاله وصار صالحا بكل شأن من شؤونه وعلى قدر ما يحصل له من هذه الحياة وعلى قدر ما يحصل له من هذا الضياء والنور على قدر ما يكون له من الكمال والسعادة واللذة والنعيم الذي يذوقه في الدنيا قبل الاخرة وكما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بان في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة والجزاء من جنس العمل بعد هذه المقدمة في هذا المثل اقول الله تبارك وتعالى شبه اعدائه المنافقين بقوم اوقدوا نارا لتضيء لهم وينتفعون بها مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فالنار اذا اشعلها الانسان في مكان مظلم قضاءت ما حوله فابصر الاشياء ويحصل له بهذه النار ايضا منافع يستدفئ فيتقي اذى البرد ويحصل له بها الوان المنافع الاخرى من صنع لطعامه ونحو ذلك مما لا يخفى. هؤلاء لما اضاءت لهم هذه النار فابصروا في ضوئها ما ينفعهم وما يضرهم وابصروا الطريق بعد ان كانوا حيارة تائهين تصور اناسا في سفر ضلوا عن الطريق فاوقدوا النار فلما ابصروا وعرفوا ثم بعد ذلك انطفأت تلك النار وبقوا في الظلمة بل انطفأت تلك الانوار وبقوا في الظلمة لا يبصرون بل سدت عليهم الابواب الثلاثة فان الانسان يحصل له الهدى من طرق ثلاث كما سيأتي السمع والبصر فهما ميزابان يصبان في القلب. فيعقل الاشياء ويفهمها ويدركها فاذا سد عليه سمعه لا يسمع اصم وشد عليه بصره فهو اعمى. ثم بعد ذلك هو ابكم لا ينطق فهذا يكون في غاية العمى والضلال يكون تائها متحيرا لا يدري الى اين يتجه فاذا اجتمع مع ذلك الظلمة فانه يبحث عن الطريق وعن المخرج. يريد ان يميز الاشياء وانى له ذلك؟ فقلوبهم لا تسمع شيئا ولا ابصر ولا تعقل ما ينفعها هذه الاسماع والابصار موجودة ولكن لما كانت كالعدم كما سيأتي ايضاحه ان شاء الله كانت بمنزلته نسأل الله العافية فهذا اخبار عن حال المنافقين ايها الاحبة بالنسبة الى حظهم من الوحي فهم بمنزلة هذا الذي استوقد النار فهم اظهروا الدخول في الاسلام فحصل لهم نور اضاء لهم هذا فابصر الاشياء حولهم وانتفعوا وخالطوا المسلمين ولكن لم يكن لهم تلك المادة التي يحصل منها النور انما كانت مستعارة مثلهم كمثل الذي استوقد نارا السين والتاء للطلب والا فالاصل او قد نارا استوقت كانه استعارها ليست منه. منبع هذا النور لا يملكه هو شيء مستعار مقتبس من غيره فانطفأ فلما انطفأ صاروا في ظلمة فهذا حالهم في خروجهم من النور بعد ان اضاء لهم حيث شاهدوا اعلام الاسلام ومناره. صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا الوحي وعرفوا دلائل صدقه يرون الايات النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في غزوة ويستسقي وليس في السماء سحاب ثم بعد ذلك تأتي سحابة تمطر ثم يقول قائلهم انما هو سحاب عال يشاهدون الايات والبراهين ويصحبون النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر ومع ذلك لم يحصل لهم الايمان والانتفاع وقد رأوا النور عيانا فهذا مثل من لم يصحبه نور الايمان في الدنيا قد خرج منه وفارقه بعد ان استضاء به عرفوا ثم انكروا اقروا ثم جحدوا فهم في حال من العماية والضلالة صم بكم عمي كما قال الله عز وجل في حق الكفار والذين كذبوا باياتنا صم وبكم في الظلمات مثل الذين تفضوا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء. صم بكم عمي فهم لا يعقلون اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس. لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها. ولهم اذان لا يسمعون نبيها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون والذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى. اولئك ينادون من مكان بعيد نسأل الله العافية الوحي عليهم عمل لا يزيدهم الا ضلالا اذا المعنى العام خلاصته هو ان هؤلاء حينما ادعوا الايمان حصل لهم شيء من الانتفاع بمنزلة ذلك الذي استوقد نارا اقتبس شعبة من نار في مكان مظلم فحصل له ضياء فابصر ما حوله وانتفع بهذه النار مدة من الزمان. ثم بعد ذلك انطفأت فرجع الى ظلمه هذه الظلمة تكون عادة اشد من الظلمة التي تكون قبل الضياء والنور قبل ان يوقد النار كما هو معروف حينما تدخل في غرفة مظلمة وتتلمس وتبحث عن الموضع الذي تضيء منه هذه الغرفة هل هذا بمنزلة اذا كنت فيها؟ ثم بعد ذلك انطفأت كنت في مكان مظلم ثم انطفأ السراج فان الانسان يصير الى ظلمة اشد كما هو معروف فهؤلاء اظهروا الدخول في الاسلام فحصل لهم انتفاع. نكحوا المسلمين حصل لهم من مال الفيل من مال الغنيمة حقنوا دماءهم لا يقاتلون. باعتبار انهم اظهروا الاسلام. وحصل لهم ايضا احراز الاموال احرزوا اموالهم فلم يكن ذلك من السبي للمسلمين مثلا كما تؤخذ اموال الكافرين المحاربين حصلت لهم هذه المنافع مؤقتة فرحوا بها والمنافق هش ضعيف ذليل والا فانه لا يمكن ان يقدم على هذه الاساليب الملتوية وفي كل يوم يغير جلده من اجل ان يحقن دمه ان يحفظ ما له الا نفس ضعيفة. هو النفاق مبني على ماذا؟ على الكذب. يظهر الاسلام ويبطن الكفر فهذا المنافق انما يقوم امره على الكذب. الكذب ضعف قور الان الذي يكذب في حديثه مع الناس لماذا يكذب يكذب لانه لا يستطيع ان يواجه بالحق يجب ان يضعف فيقول غير الحقيقة. يقال هل انت فعلت هذا؟ يقول لا ما فعلته الكبير والصغير تسأل الطفل المميز تقول له انت الذي فعلت هذا الشيء؟ يقول له ما فعلته. وقد تكون رأيته وهو يفعل هذا لماذا؟ لانه ضعيف. اذا كان يحمل قدرا من الشجاعة يقول نعم انا الذي فعلت هذا فهذا المنافق يختلف عن الكافرين المكاشرين. فانهم يبارزون بالعداوة ولا يبالون وماتوا دون مبادئ ولهذا فان السبيل الى استصلاح هؤلاء الكافرين انما يكون اولا باصلاح عقائدهم. فيتحولون الى حال كحال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير اخلاقهم واعمالهم واحوالهم جميعا. لكن المنافق لا مثل الحرباء كما قال الله عز وجل ولو دخلت عليهم من اقطارها يعني المدينة ثم سئلوا الفتنة لاتوها يعني الكفر وما تلبثوا بها الا يسيرا يعني لا يتمهلون لا يترددون يبادرون باعطاء العدو ما يريد على دين من غلب هذا التلون الذي يحصل لهم هو ما يصفه الله تبارك وتعالى في الدنيا اظهر الايمان فحصل لهم انتفاع وقتي محدود باظهار الاسلام لكنه بمجرد ان يموت تتحول الحال الى شيء اخر ينطفئ ذلك النور لانه لا يمكن في الاخرة ان يمرر هذا التلاعب. والخداع والاستهزاء ولا يمكن ان ينطلي على الله تبارك وتعالى. فلما اضاءت ما حوله في الدنيا يعني انتفع بها ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون كما سيأتي ايضاحه انهم لا ينتفعون بذلك في الاخرة وانهم يصيرون الى حال اسوأ من حال الكافرين ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار فهم بهذه المثابة نسأل الله العافية ولهذا قال الله تبارك وتعالى بهم فهم لا يرجعون هؤلاء عرفوا الاسلام وحقائقه عرفوا دين الله تبارك وتعالى ثم نكصوا فهم لا يرجعون لا يرجعون الى الهدى ثانية ولذلك كانت عقوبة المرتد عن الاسلام القتل لماذا يقتل؟ من بدل دينه فاقتلوه لانه عرف ما لم يعرفه غيره ثم بعد ذلك يدير ظهره للاسلام فهذا عقوبته ان يقام عليه حد الردة والله قال في حق الكافرين فهم لا يعقلون. لانهم لم يعقلوا الاسلام اصلا ولا دخلوا فيه ولا استناروا به بل لا يزالون في ظلمات الكفر. اما هؤلاء لا يرجعون اظهروا الدخول فيه استناروا ثم بعد ذلك حصل لهم هذا النكوس فهذا حال من ابصر نسأل الله العافية ثم عمي. وعرف ثم انكر. ودخل في الاسلام ظاهرا ثم فارقه اذا هذا معنى مجمل لهذا المثل على ما اظنه اقرب الاقوال في تفسيره والا فهناك تفصيلات وخلافات بين اهل العلم في المراد ببعض ما ذكره الله عز وجل في هذه الاية وهو حديثنا في الليلة القادمة ان شاء الله تعالى في الغد عن اقوال العلماء بمعنى هذا المثل لكن الان يكفي هذا القدر في تصوير المثل. وما المراد به لكن اريد ان اؤكد على جانب نحتاج اليه فيما بعد ان شاء الله بتفسير هذه الاية وهو ان دخولهم هذا هذه الاستظاءة استوقد نارا ان ذلك لم يكن بالدخول الحقيقي انما هو شيء مصنوع مزيف دعوة فارغة حصل لهم بها انتفاع ثم بعد ذلك عاينوا الحقائق وذهب عنهم هذا الانتفاع بعد ان انتقلوا من هذه الدار الى الدار الاخرى اذا فهم هذا المعنى العام بعد ذلك يكون الانسان مهيئا لمعرفة بعض التفصيلات فبقي جانبان الجانب الاول ذكر اقوال بعض الائمة الكبار ببعض التفصيلات في المثل فهم لجلالة قدرهم وعظيم منزلتهم في التفسير نحتاج ان نعرف ماذا فهموا وان اختلفت افهمهم والامر الثاني الذي نحتاج اليه وساورده وهو الجانب الثالث في الحديث عن هذا المثل وهي جوانب ثلاثة فحسب وهو الكلام على بعض الملح واللطائف المتعلقة بهذا المثل في لفتات جميلة لطيفة تؤخذ من بعض العبارات المضمنة في هذا المثل هذا واسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بالقرآن العظيم وان يجعلنا واياكم ممن يعقل ما فيه من العبر والامثال ان يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب احزاننا وجلاء همومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه