من اهل الكتاب وغيرهم وذكر جوابهم ذكر هنا ان اهل الكتاب والعلماء منهم يعلمون انك في ذلك على حق واضح لما يجدونه في كتبهم يعتدون عنادا وبغيا. اذا كانوا يغمون اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول الا لنعلم من يتبع الرسول وان كانت كبيرة الا على الذين هدى الله. وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولين انك قبلة فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرة ان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه الايات يقول تعالى وما جعلنا القبلة التي كنت عليها وهي استقبال بيت المقدس اولا الا لنعلم اي علما يتعلق به الثواب والعقاب الا فهو تعالى عليم بكل الامور قبل وجودها ولكن هذا العلم لا يعلق عليه ثوابا ولا عقابا لتمام عدله واقامة الحجة على عباده بل اذا وجدت اعمالهم ترتب عليها الثواب والعقاب اي شرعنا تلك القبلة لنعلم ونمتحن من يتبع الرسول ويؤمن به فيتبعه على كل حال لانه عبد مأمور مدبر ولانه قد اخبرت الكتب المتقدمة انه يستقبل الكعبة فالمنصف الذي مقصوده الحق مما يزيده ذلك ايمانا وطاعة للرسول. واما من انقلب على عقبيه واعرض عن الحق واتبع هواه. انه يزداد كفرا الى كفره الى حيرته ويدلي بحجة الباطلة المبنية على شبهة لا حقيقة لها ان كانت اي صرفك عنها لكبيرة اي شاقة الا على الذين هدى الله فعرفوا بذلك نعمة الله عليهم واقروا له بالاحسان. حيث وجههم الى هذا البيت العظيم. الذي فضله على سأر بقاع الارض. وجعل قصده ركنا من اركان الاسلام. وهادما للذنوب والاثام. فلهذا خف عليهم ذلك وشق على من سواهم. ثم قال تعالى ما كان الله ليضيع ايمانكم اي ما ينبغي له ولا يليق به تعالى بل هو من الممتنعات عليه. فاخبر انه ممتنع عليه ومستحيل ان يضيع ايمانكم وفي هذا بشرف عظيمة لمن من الله عليهم بالاسلام والايمان. وان الله سيحفظ عليهم ايمانهم. فلا يضيعه وحفظه حفظ عن الضياع وبطلان بعصمته لهم عن كل مفسد ومزيد له ومنقص من المحن المقلقة والاهواء الصابة وحفظ بتنميته له. وتوفيقهم لما يزداد به ايمانهم. ويتم به ايقانهم. فكما ابتدأكم بان هداكم للايمان فسيحفظه لكم ويتم نعمته بتنميته وتنمية اجره وثوابه. وحفظه من كل مكدر. فاذا وجده المحن المقصود منها تبين المؤمن الصادق من الكاذب. فانها تمحص المؤمنين وتظهر صدقهم. وكان في هذا احترازا عما قد يقال ان قوله ما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب عقبيه قد يكون سببا لترك بعض المؤمنين ايمانهم فدفع هذا الوهم بقوله وما كان الله ليضيع ايمانكم بتقديره لهذه المحنة او غيرها ودخل في ذلك من مات من المؤمنين قبل تحويل الكعبة فان الله لا يضيع ايمانهم لكونهم امتثلوا امر الله وطاعة رسوله في وقتها فطاعة الله وامتثال امره في كل وقت بحسب ذلك وفي هذه الاية دليل لمذهب اهل السنة والجماعة ان الايمان تدخل فيه اعمال الجوارح. فقوله ان الله بالناس رؤوف رحيم اي شديد الرحمة بهم عظيمها. فمن رأفتي ورحمتي بهم ان يتم عليهم نعمته. التي ابتدأهم بها. وان ميز عنهم من دخل الايمان بلسانه دون قلبه. وان امتحنه امتحانا زاد به ايمانهم. وارتفعت به درجتهم. وان وان انهم الى اشرف البيوت واجلها وان وجههم الى اشرف البيوت واجلها. ثم يقول الله لنبيه قد نرى تقلب وجهك في السماء. اي كثرة تردده في جميع جهاته شوقا وانتظارا لنزول الوحي لاستقبال الكعبة وقال وجهك ولم يقل بصرك ازدياد اهتمامك ولان تقليب الوجه مستلزم تقليب البصر ولنولينك اي نوجهك لولايتنا اياك. قبلة ترضاها اي تحبها وهي الكعبة وفي هذا بيان لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم. حيث ان الله تعالى يسارع في رضاه. ثم صرح له باستقبالها فقال فولي وجهك شطر المسجد الحرام والوجه ما اقبل من من بدن الانسان وحيثما كنتم من بر وبحر وشرق وغرب جنوب وشمال فولوا وجوهكم شطرة اي جهة ففيها اشتراط استقبال الكعبة بالصلوات كلها فرضها ونفلها وانه ان امكن استقبال عينها والا فيكفي شطرها وجهتها والالتفات بالبدن مبطل للصلاة. لان الامر بالشيء نهي عن ضده. ولما ذكر تعالى فيما تقدم المعترضين على بخطأهم فلا تبالوا بذلك ان الانسان انما يهمه اعتراض من اعترض عليه اذا كان الامر مشتبها وكان ممكنا ان يكون معه صوابا اما اذا تيقن ان الصواب والحق مع المعترض عليه وان المعترض معاند عارف ببطلان قوله فانه لا محل لمبالاة بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والاخروية ولهذا قال تعالى وما الله بغافل عما يعملون. بل يحفظ عليهم اعمالهم ويجازيهم عليها. وفيها وعيد للمعترضين وتسلية المؤمن وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته