هذه الشذرة برعاية الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بعسير تذكرة السلام عليكم هذه هي الاغراض البلاغية العشرة التي جاءت بها الاخبار في فواتح سور الخبر وهي ثلاث وعشرون سورة فرغت من الحديث عن فواتح سور التعظيم والتصبير والتبشير. وساحدثكم في هذه الشذرة عن فواتح سور التشويق والعتاب سورتان من القرآن بدأتا بخبر تشويقي هما الرحمن والنور. فاتحة سورة الرحمن في رواية حفص عن عاصم كلمة واحدة هي الرحمن. قال ابن عاشور افتتح باسم الرحمن فكان فيه تشويق جميع السامعين الى الذي يخبر به عنه اذ كان المشركون لا يألفون هذا الاسم. قال تعالى واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمان فهم اذا سمعوا هذه الفاتحة الرحمن ترقبوا ما سيرد من الخبر عنه والمؤمنون اذا طرق اسماعهم هذا الاسم استشرفوا لما سيردوا من الخبر المناسب لوصفه هذا مما هم متشوقون اليه من اثار رحمته. وفاتحة سورة النور هي قوله تعالى سورة انزلناها وفرظناها وانزلنا فيها ايات بينات لعلكم تذكرون لم يقل هذه سورة بل حذف اسم الاشارة وقال سورة ليطلقها ويطلق معها خيالات السامعين فهي سورة كن ذات صفات ثلاث. الاولى انا انزلناها. الثانية انا فرضناها وقرأ فرظناها. الثالثة ان انزلنا فيها ايات بينات ثم التفت الى المخاطبين فقال لعلكم تذكرون. وقرأ لعلكم تذكرون فظمن اهذه الالتفاتة الجاذبة لقلوبهم المسترعية لاهتمامهم صفة رابعة لهذه السورة هي ان اياتها البينات مبعث للعظة والعبرة والتذكر. وفي هذا الحشد من التنويهات تشويق عظيم للقلوب. للاقبال على سماع هذه المنزلة المفروضة المنزلة اياتها البينات للتذكر والتدبر. وسورتان من القرآن بدأت ابخبر عتابي هما الانفال وعبسا. من الله تعالى على المؤمنين في غزوة بدر بالنصر العظيم مع عدم امتلاكهم لاسبابه المادية. ولذلك قال الله تعالى عن هذا الفضل العظيم. ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة. فاتقوا الله لعلكم تشكرون. وبعد هذا النصر غير المتوقع جاء منهم من يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الانفال. وهي غنائم معركة فعاتبهم الله تعالى على ذلك بهذا المطلع العجيب الذي قال فيه لرسوله صلى الله عليه وسلم يسألونك عن الانفاس قال ثم لم يجب عن احكام قسمتها الا في الاية الحادية والاربعين حين قال واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبد هنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير. قال يسألونك عن الانفال ثم انصرف عن الجواب عن السؤال ليصرف انظار الصحابة البدريين رظوان الله عليهم الى ما هو اهم من الغنائم واعظم واليق بهم واكرم فقال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين وفي بهذا العتاب الرقيق الانيق بتأخير الجواب وصرف الالباب الى ما هو اعلى واغلى من الاسباب تربية من الله تعالى لعباده بان تنصرف هممهم الى اشرف الغايات واكرم المقاصد. وحين عاتب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في امر الاعمى عبد الله ابن ام مكتوم رظي الله عنه في سورة عبس جاءت فاتحة السورة عبس وتولى ولم لم يقل عبست وتوليت فكأنما الذي عبس والذي تولى غيره صلى الله عليه وسلم. وفي هذا ملاطفة عظيمة لتخفيف وطأة العتاب الالهي على قلبه عليه السلام. قال ابن عاشور رحمه الله عن العتاب في هذا المطلع وهذا طوف من الله برسوله صلى الله عليه وسلم ليقع العتاب في نفسه مدرجا وذلك اهون وقعا هذا قوله تعالى عفا الله عنك لما اذنت لهم فاخبره الله بالعفو قبل ان يخبره بالذنب حتى سكن صلى الله عليه وسلم تقبل الله صيامكم وقيامكم وغفر لي ولكم ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين