فعلى الانسان ان يعمل ربنا يقول لا تجعل مع الله الها اخر فتقعد مذموما مخدولا. اي لا تجعل مع الله معبودا غيره فتبقى ان اشركت بالله مذموما لا حامد لك. مخدولا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد الاية الثامنة عشرة من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم فجعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا من كان يقصد باعمال البر الحياة الدنيا ولا يؤمن بالاخرة ولا يلقي لها بالا عجلنا له فيها ما نشاؤه نحن لا ما يشاؤه هو من نعيم لمن اردنا ان نفعل ذلك به ثم جعلنا له جهنم يدخلها ثم جعلنا له جهنم يدخلها يوم القيامة يعاني حرها مذموما على اختياره الدنيا وكفره بالاخرة مطرودا من رحمة الله اذا في هذه الاية الكريمة يقول ربنا جل جلاله من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد اي من كانت نيته الدار العاجلة وهي الدنيا ولها وحدها يعمل ولا يعمل لاخرته عجلنا له فيها اي في الدنيا ما نشاء من متاعها وارزاقها لمن نريد اعطاءه من ذلك ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا اي ثم جعلنا له في الاخرة عذاب جهنم فيدخلها ويحترق بنارها مذموما من الله مذموما من عباد الله بسبب فساد نيته وسوقي صنيعه مبعدا من رحمة الله نقصا ذليلا وهذا الذي جاء هنا مقيدا في هذه السورة قد جاء مطلقا في سورة هود في قوله تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ان وف اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطن ما كانوا يعملون وفي سورة الشورى ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الاخرة من نصيب ولكن ينبغي على الانسان ان يجعل نصب عينيه الله والدار الاخرة يقول اهل التفسير فمن الجهال من اذا ساعدته الدنيا اغتر بها وظن ان ذلك لاجل كرامته على الله تعالى وانه تعالى بين ان مساعدة الدنيا لا ينبغي ان يستدل بها على رضا الله تعالى لان الدنيا قد تحصل مع ان عاقبتها هي المصير الى عذاب الله واهانته اذا من رأى ان النعم تتوالى عليه وانه يملك ويملك عليه ان لا يظن ان هذا بسبب رضا الله عنه. فربنا جل جلاله يعطي الدنيا لمن يشاء من عباده. ممن له الاخرة وليس له الاخرة ولكن الاخر لا يعطيها الا لمن يحب اذا الذي ينبغي على الانسان انه كلما رأى من نفسه طموحا الى الدنيا وانشغالا واغترارا بها تذكر الموت وتذكر حال الاخرة لماذا؟ لان الموت والدار الاخرة هو المآل المتيقن وان ما يأمله الانسان في الدنيا قد يحصل وقد لا يحصل فالانسان عليه ان لا يجعل الدنيا وسيلة لكل عمل له لا يجعل عمله لاجل الدنيا فقط بل يجعل الدنيا وسيلة للاخرة ولا يجعل الانسان همه وقصده الدنيا فالانسان اذا اراد الدنيا فقط فانه يضيع الدنيا والاخرة. انما يجعل الانسان الدنيا بلاغا للدار الاخرة الاية التاسعة عشرة ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعي مشكورا ومن قصد ثواب الاخرة باعمال البر وسعى لها سعيها الخالي من الرياء والسمعة وهو مؤمن بما اوجب الله الايمان به فاولئك المتصفون بتلك الصفات كان سعيهم مقبولا عند الله وسيجازيهم عليه اذا ربنا جل جلاله يقول ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن وتأمل وسعى لها سعيها وهو مؤمن اي من نوى ثواب الدار الاخرة. وعمل للجنة الاعمال الصالحة باخلاص لله ومتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حال كونه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر ومصدقا للثواب والجزاء. قال الله فاولئك كان سعيهم مشكورا اي فاولئك الذين فعلوا ذلك كان عملهم بطاعة الله مقبولا غير مردود يضاعف الله لهم ثوابه ويحسن لهم جزاءه مع تجاوزه عن سيئاته اذا في قوله ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا فيه وجوب الاخلاص والنية في العبادات. ولذلك على الانسان ان يراقب نيته دواما الاية العشرون كلا نمدها وهؤلاء وهؤلاء من عطاء طاء ربك وما كان عطاء ربك محبورا نزيد كلا من هذين الفريقين الفاجر والبر من عطاء ربك. ايها الرسل دون انقضاء وما كان عطاء ربك في الدنيا ممنوعا عن احد برا كان او فاجرا اذا ربنا يقول كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك اي كل واحد من الفريقين الكافرين الذين يريدون الدنيا فقط والمؤمنين الذين يريدون الاخرة نزيد من فضل الله تعالى ورزقه قال وما كان عطاء ربك محظورا اي وما كان فضل ربك يا محمد ممنوعا عن احد من خلقه فلكل احد نصيب منه. ولذلك نستذكر ان الله سبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم فرحمته في الدنيا شملت الجميع الاية الحادية والعشرون انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض. وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا. تأمل ايها الرسول كيف فضلنا بعضهم على بعض في الدنيا فرزقه. والمراتب وللاخرة اعظم تفاوتا في درجات النعيم من الحياة الدنيا واعظم تفظيلا فليحرص المؤمن عليها انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض. اي انظر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو خطاب للجميع. على الانسان ان يتدبر هذا التفاوت الذي بين الناس انظر كيف فضلنا بعض الناس على بعض في عطاء الدنيا في الرزق والعلم والعقل والجمال والصحة الى غير ذلك من متع الدنيا وربنا قال في سورة الروم اولم يروا ان الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. ان في ذلك لايات لقوم ان يؤمنوا فالانسان يتفكر كيف ان الله فاوت بين العباد امتحانا واختبارا وكما ان الدنيا تتفاوت فالاخرة تتفاوت ولذلك على الانسان ان لا يفرط في الاعمال الصالحة حتى ينال اعلى المراتب عند الله تعالى وفي سورة الزخرف ربنا يقول نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات. وهل الرفعة والتفاوت اختبار وامتحان يمتحن الله تعالى الجميع تيمتحن الغريب الفقير والفقير بالغني وهكذا كل شيء حولنا فهو اختبار امتحان. فالسعيد الذي يجعل هذه النعم في مرضاة الله تعالى والسعيد الذي يجعل هذه النعم سببا للقرب الى الله قال وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا اي ولتفاوتهم في الدار الاخرة اكبر من الدنيا فتفاضل درجات العاملين في الاخرة اكبر واهل الاخرة يتفاضلون فيها اكثر مما يتفاضل الناس في الدنيا. اذا على الانسان ان يسعى لان يكون يوم القيامة من اصحاب الدرجات العالية الاية الثانية والعشرون لا تجعل مع الله الها اخر فتقعد مذموما مخذولا لا تجعل ايها العبد مع الله معبودا اخر فاعبده فتصير مذموما عند الله وعند عباده الصالحين لا حامد لك مخذولا منه لا ناصر لك وتتأمل ان هذه الكلمة الجليلة قال فتقعد مذموما مخذولا. مخذول اي غير منصور فالخذلان ترك من كان يؤمل منه النصر نصرته ومعونته واصل خذل يدل على ترك الشيء والقعود عنه. اذا الخذلان هو الترك والتخدير لا ناصر لك الاية الثالثة والعشرون وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهم ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. وامر ربك ايها واوجب ان لا يعبد غيره وامر بالاحسان الى الوالدين خاصة عند بلوغ الكبر فان بلغ احد الوالدين الكبر او بلغه كلاهما عندك فلا تتظجر منهما. للتفوه بما يدل على ذلك ولا تزجرهما ولا تغلظ عليهما في القول وقل لهما قولا كريما فيه لين ولطف اذا على الانسان ان يقرأ الايات وان يتدبر المعاني ولذلك هذه الكلمات الشديدة مؤذية وتأمل هنا فلا تقل لهما اف اف اسم فعل ينبع عن التضجر والاستثقال وما يكون فيه ادنى تبرج. فاتي باقل الاشياء لانها مؤذية فما بالك بما هو اشد. قال ولا تنهرهما اي لا تزجرهما. واصل نهر يدل على زجر يعني بشدة وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه اي وامر ربك ووصى واوجب الا تعبدوا الا الله وحده وبالوالدين احسانا. اي وامركم الله بان تحسنوا الى الوالدين. بجميع اوجه الاحسان من الاقوال والافعال والتركات وغير ذلك قال اما يبلغن عند الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف اي ان عاش والداك عندك وقد كبرت وقد كبرت سنهما وضعفت قواهما احدهما او كلاهما فلا تتأفف اظهارا لضجرك مما يؤذيك من هموم ولا تؤذهما باي نوع من الاذى. قال ولا تنهرهما اي ولا تزجر والديك وتغلظ لهما القوم وقل لهما قولا كريما اي وقل لهما قولا حسنا لينا رقيقا جميلا يفرحهما فيه تأدب وتلطف لهما الاية الرابعة والعشرون واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا لهما ذلا ورحمة بهما وقل يا رب ارحمهما رحمة لاجل تربيتهما اياي في صغري اذا يخفض لهما جناح الذل من الرحمة. اي وكن لوالديك ذليلا متواضعا رحمة منك بهما ولا تخالفهما فيما يأمرانك به وينهيانك عنه مما ليس فيه معصية لله تعالى وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. اي وقل ربي ارحم والدي في حياتهما. وبعد موتهما فالابن يدعو لوالديه في حياتهم وبعد وفاتهم رب ارحم والدي في حياتهما وبعد موتهما جزاء لهما على تربيتهما لي في صغري. وحال ظعفي وعجزي وافتقاري الاية الخامسة والعشرون ربكم اعلم بما في نفوسكم ان تكونوا صالحين فانه كان غفورا. ربكم ايها الناس اعلم بما في ضمائركم من الاخلاص له في العبادة واعمال الخير والبر بالوالدين فان كانت نياتكم في عبادتكم ومعاملتكم لوالديكم وغيرها صالحة فانه سبحانه وتعالى كان للرجاعين اليه. بالتوبة غفورا فمن تاب من تقصيره السابق في طاعته ربه او لوالديه غفر الله له اذا هكذا على الانسان ان يراقب ربه في جميع اعماله فربنا يراقبنا ويراقب الانسان نيته. ربنا يقول ربكم اعلم بما في نفوسكم اي ربكم ايها الناس اعلم بما في قلوبكم من تعظيم حق الوالدين والرحمة بهما او الاستخفاف به ومن ارادة البر بهما او الاساءة اليهما وعقوقهما لا يخفى عليه شيء من ذلك اذا لا يخفى عليه شيء الا هو يجازينا على ذلك فاحذروا ان تضمروا لهما سوءا قال ان تكونوا صالحين فانه كان للاوابين غفورا. اي ان انتم اصلحتم نياتكم ايها الناس فكنتم صادقين في نية البر بالوالدين ممتثلين امر الله بالاحسان اليهما والبر بهما والقيام بحقوقهما فان الله للتائبين اليه من الزلات والهفوات في حق الوالدين الرجاعين الى الله والى مرضاته مرة بعد مرة. غفور يغفر اساءاتهم فيسرها عليهم ويتجاوز عن مؤاخذتهم بها الاية السادسة والعشرون واعط ايها المؤمن القريب حقه من صلة رحمه واعطي الفقير المحتاج واعطي المنقطع في سفره. ولا تنفق ما لك في معصية او على وجه الاسراف واتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل. اي واعط القريب يا محمد النبي صلى الله عليه وسلم ولكل احد اعتى القريب حقه من الصلة والعطف والمواساة والمسكين حقه من الصدقة والمسافر المنقطع المجتاز بك حقه من الضيافة والاعانة على وصوله الى مقصده ولا تبذر تبذيرا اي ولا تفرق اموالك بانفاقها في غير حقها ومواضعها. التي تستحق الانفاق فيها وذلك في الانفاق في معصية الله. ولذلك على الانسان ان يحذر النفقة فيما لا يحل فهذا المال الذي عندك ليس ملكا لك انما هو ملك الله تعالى لا يحق لك ان تضعه في شيء غير نافع الاية السابعة والعشرون ان المنفقين اموالهم في المعاصي والمسرفين في الانفاق كانوا اخوان الشياطين يطيعونهم فيما يأمرونهم به من التبذير والاسراف وكان الشيطان لربه كفورا فلا يعمل الا بما فيه معصية. ولا يأمر الا بما يسخط ربه وتأمل هذه الايات الكلمات وهذه المواعظ الغاليات ليراقب الانسان نفسه في كل عمل وليراقب الانسان قلبه في كل خاطرة ربنا يقول ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين اي ان المفرغين اموالهم في غير حقها ووجهها يعني في غير حقها المشروع. كانوا اخوان الشياطين لماذا؟ لاتباعهم اياهم في التبذير والسفه ومعصية الله وكان الشيطان لربه كفورا. اي وكان الشيطان لربه جحودا لنعمه لا يشكرها فيترك طاعة الله ويقبل على معصيته اذا في هذه الاية الكريمة تنبيه على كل نفقة تنفقها ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين فالمراد بالاخوة المماثلة التامة وتجنب مماثلة الشيطان ولو فيه خصلة واحدة من خصاله واجب تجنب مماثلة الشيطان ولو في خصلة واحدة من خصاله واجب لانك مأمور بمعاداة الشيطان ان الشيطان عدو فاتخذوه عدوا اذا تجنب مماثلة الشيطان ولو في خصلة واحدة من خصاله واجب فكيف فيما هو اعم من ذلك كما يدل عليه اطلاق المماثلة والاسراف في الانفاق من عمل الشيطان فاذا فعله الانسان فقد اطاع الشيطان واقتدى به فليحذر المرء من عمل هو من شأن اخوان الشياطين وليبتعد الانسان عن ذلك من فوائد الايات ينبغي للانسان ان يفعل ما يقدر عليه من الخير وينوي ما لم يقدر عليه ليثاب على ذلك. اذا على الانسان ان يفعل الخير وان يستمر به وان لا يفتر في فعل الخير ولا يزال العبد في خير منتظر الخير تأمل حفظ القرآن مشروع لا يفشل ابدا تنوي هذه النية وتسير حتى لو كان سيرك بطيئا المهم لديك عمل تسير اليه وهدف تمضي اليه ان النعم في الدنيا لا ينبغي ان يستدل بها على رضا الله لانها قد تحصل لغير المؤمن وتكون عاقبته المصير الى عذاب الله يعني الانسان بعض الناس يعطى من المال الكثير ويعطى ويعطى ويعطى ويعطى ثم يتكبر على اقرانه او على الفقراء او يقطع الاخرين بسبب غناه فعلى الانسان ان يعلم ان ما عنده من متع الدنيا فهو امتحان واختبار الاحسان الى الوالدين فرض لازم واجب وقد قرن الله شكرهما بشكره لعظيم فضلهما فعلى الانسان ان يراعي حق الوالدين دواما في حياتهم وبعد وفاتهم يحرم الاسلام التبذير والتبذير انفاق المال في غير حقه. فليحذر الانسان انفاق المال في غير حقه هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام