بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في تفسير القرآن الصحيفة السابعة والثمانون بعد المائتين مع سورة الاسراء نسأل الله فضله ورحمته واحسانه الاية الخمسون قل كونوا حجارة او حديدا. قل لهم ايها الرسول كونوا ايها المشركون ان استطعتم حجارة في شدتها او كونوا حديدا في قوته ولن تستطيعوا ذلك ربنا يقول قل كونوا حجارة او حديدا هذا تلقين للنبي صلى الله عليه وسلم في محاجة منكري البعض اي قل يا محمد لهؤلاء المنكرين للبعث بعد الموت ان كنتم تعجبون من قدرة الله على احيائكم فكونوا ان استطعتم حجارة او حديدا فسيبعثكم ايضا وربنا جل جلاله هو الذي خلقه اولا وهو قادر على احيائهم الاية الحادية والخمسون او خلقا مما يكبر في صدوركم. فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم اول مرة فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون متاه قل عسى ان يكون قريبا او كونوا خلقا اخر اعظم منهما مما يعظم في صدوركم فان الله معذكم كما بدأكم ومحييكم كما خلقكم اول مرة فسيقول هؤلاء المعاندون من يعيدنا احياء بعد بعد موتنا قل لهم يعيدكم الذي خلقكم اول مرة على غير مثال سابق فسيحركون رؤوسهم ساخرين من ردك عليهم ويقولون مستبعدين متى هذه الاعادة قل لهم لعلها قريبة فكل ما هو ات قريب يأتي تلقين العقيدة او خلقا مما يكبر في صدوركم اي او كونوا ايها المنكرون البعث خلقا مما يعظم في نفوسكم. ان استطعتم مما تستبعدون معه قدرة الله على احيائكم فاعلموا انه لا بد من بعدكم على اي خلقة كنتم. مهما بلغت من القوة والشدة فسيقولون من يعيدنا اي فسيقول المنكرون للبعث من يبعثنا بعد موتنا ان كنا حجارة او حديدا او خلقا مما يكبر في صدورنا قل الذي فطركم اول مرة اي قل لهم يا محمد سيعيدكم الله الذي ابتدأ خلقكم اول مرة حينما خلقكم من العدم على غير مثال سبق فالذي قدر على البداءة قادر على الاعادة فسينغضون اليك رؤوسهم اي فاذا اجبتهم بذلك فسيحركون اليك رؤوسهم برفع وخفض استهزاء منهم ويقولون متى هو اي ويقول هؤلاء المنكرون للبعث تعنتا واستكبارا واستبعادا منهم لوقوعه متى يقع هذا البعث الذي تتزعمه قل عسى ان يكون قريبا. اي قل لهم هو قريب سيأتيكم لا محالة فاحذروا الاية الثانية والخمسون يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون الا بثم الا قليلا يعيذكم الله يوم يناديكم الى ارض المحشر. فتستجيبون من قادين لامره حامدين اياه وتظنون انكم ما مكثتم في الارض الا زمنا قليلا اذا كيستمر التلقين يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده اي وذلك البعث الذي تنكرونه ايها المشركون واقع يوم يدعوكم ربكم للحساب والجزاء والقصاص يوم القيامة فتستجيبون كلكم لله يستجيبون بالخروج فورا من قبوركم احياء وتنقادون لدعوته بحمده وتظنون ان لا بتم الا قليلا اي وتظنون ايها الناس حين تبعثون يوم القيامة انكم لم تمكثوا في الدنيا الا وقتا يسيرا يعني مدة الحياة ومدة البرزخ حينما كان كفاية في الارض احياء وامواتا يظنون ان هذه المدة كانت يسيرة امام ما يشاهدون من الاهوال الاية الثالثة والخمسون وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن. ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسن عدوا مبينا وقل ايها الرسول لعبادي المؤمنين بي يقول الكلمة الطيبة عندما يحاورون ويجتنب الكلمة السيئة المنفرة لان الشيطان يستغلها فيسعى بينهم بما يفسد عليهم حياتهم الدنيوية والاخروية ان الشيطان كان للانسان عدوا واضح العداما فعليه ان يحذر منه وهذه الاية الكريمة من الايات التي يقال فيها القواعد القواعد القرآنية وقد صنف في هذا الدكتور عمر المقبل فرج الله عنه واسبغه الله ثوب العافية وبارك الله له في الاهل والذرية الف كتاب سماه قواعد قرآنية وذكر في القاعدة الاولى هذا المعنى وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ايوا قل يا محمد فالامر للنبي صلى الله عليه وسلم ابتداء وهو امر لكل من يدعو الى الله وكل مؤمن ينبغي ان يدعو الى الله تعالى وقل امرا عبادي المؤمنين بان يقول بعضهم لبعض في محاضراتهم ومخاطباتهم الكلام الاحسن من الكلمات الطيبة اللينة اللطيفة التي هي احسن مما سواها يعني لا نأتي بالحسن فقط بل بما هو احسن ثم عدل ربنا ذلك. قال ان الشيطان ينزغ بينهم في قل لهم يقول التي هي احسن لان الشيطان الشيطان البعيد من رحمة الله والبعيد من كل خير فانه يقوم بالافساد بينهم وتهييج العداوات والشرور من المخاصمة والمقاتلة وغير ذلك من القضاء ثم قال ربنا ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا اي ان الشيطان ينزغ بينهم لانه كان لادم وذريته عدوا مظهرا لشدة عداوته ومتى كان هذا من حين امتناعه من السجود لادم وحسده له حتى اخرجه من الجنة الاية الرابعة والخمسون ربكم اعلم بكم ان يشأ يرحمكم او ان يشأ يعذبكم وما ارسلناك عليهم وكيلا ربكم ايها الناس اعلم بكم فلا يخفى عليه منكم شيء. ان يشأ ان يرحمكم رحمكم بان يوفقكم للايمان والعمل الصالح وان يشاء ان يعذبكم عذبكم بان يخذلكم عن الايمان ويميتكم على الكفر وما بعثناك ايها الرسول عليهم مكيلا تجبرهم على الايمان وتمنعه من الكفر وتحصي عليهم اعمالهم. انما انت مبلغ عن الله ما امرك بتبليغه. اي مبلغ عن الله الذي امرك بتبليغه اذا ربنا يقول ربكم اعلم بكم ان يشأ يرحمكم او ان يشأ يعذبكم اي ربكم اعلم بمن يستحق منكم الرحمة وبمن يستحق الهداية ومن لا يستحقها ان يشأ رحمتكم بان يوفقكم لاسبابها. تهتدوا او ان يشأ تعذيبكم بان يخذلكم عن اسباب الرحمة تضلوا وما ارسلناك عليهم وكيلا. باعتبار ان الداعي يدعو الى الله ليس مطالب بالنتائج. انما عليه ان يؤدي حق الله في الدعوة وان يقيم الحجة على الناس وما ارسلناك عليهم وكيلا اي وما ارسلناك يا محمد على من ارسلناك اليه حافظا وكفيلا فما وكل اليك ايمانهم ولا مجازاتهم انما ارسلناك اليهم لتبلغهم رسالاتنا والله تعالى ان شاء هداهما رحمهم وان شاء خذلهم وعذبهم الاية الخامسة والخمسون وربك اعلم بمن في السماوات والارض ولقد فضلنا بعضا النبيين على بعض واتينا داوود زبورا وربك ايها الرسول اعلم بكل من في السماوات والارض واعلم باحوالهم وبما يستحقون ولقد فضلنا بعض الانبياء على بعض بكثرة الاتباع وبانزال الكتب واعطينا داوود كتابا هو الزبر اذا ربنا يقول وربك اعلم بمن في السماوات والارض. اي وربك يا محمد اعلم بمن في السماوات ومن في الارض من خلقه في علم نياتهم ويعلم احوالهم ويعلم اعمالهم ويعلم اجالهم وما يصلحهم ويعلم من يستحق الرحمة منهم فيهديه ومن يستحق منهم العذاب فيضله ويسقيه وذلك بحسب ما تقتضيه حكمته سبحانه ولقد فظلنا بعض النبيين على بعض. اي ولقد فضلنا بعض الانبياء على بعض كتفظيلهم بالعلم والكتب والشرائع والمعجزات والخصائص والشمائل ودلائل النبوة واتينا داوود زبورا ايوة اعطينا نبينا داود كتابا اسمه الزبور. وفضلناه به وكان يقرأه فليس للمكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم ان ينكروا تفضيلنا له بالنبوة والقرآن وهنا تنبيه الله قد اعطى داوود الملك لكن ذكر هنا الكتاب باعتبار ان العلم النافع هو خير من حطام الدنيا الفاني والمؤمن لديه هذا الكتاب القرآن الكريم عليه ان يكثر من القراءة والتدبر والعمل والحفظ وعليه ان ينافح في حياته عن القرآن باثا لعلومه وباثا لما فيه الاية السادسة والخمسون ولدوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا قل ايها الرسول لهؤلاء المشركين ادع ايها المشركون الذين زعمتم انهم الهة من دون لله ان نزل بكم ضر لا يملكون دفع الضر عنكم ولا يملكون نقله الى غيركم لعجزهم ومن كان عاجزا لا يكون الها قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الظر عنكم ولا تحويلا. اي قل لهم قل لهم ايها النبي الكريم قل للمشركين ادع الذين زعمتم انهم الهة من دون الله عند حلول الشدائد بكم فانظروا هل يقدرون على ان يزيلوا الضر عنكم بالكلية او يحولوه من حال الى حال في غير صفته او يحولوه الى غيركم فانهم لا يقدرون على ذلك وانما يقدر عليه الله وحده فاذا كانوا بهذه الصفة فلاي شيء تدعونهم من دون الله الاية السابعة والخمسون اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا اولئك الذين يدعونهم من الملائكة ونحوهم هم انفسهم يطلبون ما يقربهم الى الله من العمل الصالح ويتنافسون ايهم اقرب اليه بالطاعة ويرجون ان يرحمهم ويخافون ان يعذبهم. ان عذاب ربك ايها الرسول مما ينبغي ان يحذر وتأمل في هذه الاية وما فيها من المعاني حتى تعيش في هذه الدنيا طالبا الوسيلة بالعمل الصالح تعالى حينما تؤدي العبادات كما ينبغي ربنا يقول اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ما هي الوسيلة الوسيلة هي المنزلة والقربى بالاعمال الصالحة يعني تعمل الاعمال الصالحة تتوسل وتتقرب بها الى الله تعالى واصل وسلة يدل على التوصل الى الشيء برغبة وتفسير الاية اي اولئك الذين يزعم المشركون انهم الهة من دون الله من الملائكة والانبياء والصالحين من الانس والجن هم انفسهم يطلبون التقرب الى الله بطاعته من الواجبات والمستحبات ويدعونه ويستعيذون به وحده فلماذا يعبدهم المشركون من دون الله ايهم اقرب اي يتنافسون في عبادة الله والاجتهاد في طاعته منافسة من يطلب ان يكون اليه اقرب من الاخرين. وهكذا المؤمن يسعى لان يتقرب دواما الى ربه ويرجون رحمته ويخافون عذابه ايوة يرجون بعبادتهم الله رحمته فيبدلون ما يقدرون عليه من الاعمال الصالحة المقربة الى الله والى رحمته ويخافون عذابه فيجتنبون كل ما يوصل الى عذابه فكيف يعبدهم المشركون وتلك هي حالهم وهنا في الاية ذكرت المحبة والخوف والرجاء. هذه ركائز العبودية حينما يعني يؤديها الانسان تجعل الانسان يستثمر الوقت وتجعل الانسان يؤدي الاعمال الصالحة ان عذاب ربك كان محظورا. اي ان عذاب ربك كان متقا مخوفا. لا امان لاحد منه فملازمة الحذر من الوقوع في اسبابه تنبغي لكل احد من ملك مقرب ونبي مرسل فضلا عن غيرهم فينبغي على الانسان ان يعيش بالحب والخوف والرجاء الاية في الثامنة والخمسون وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة او معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا. وما من قرية او مدينة من القرى الكافرة الكافر اهلها. الا نحن منزلون بها العذاب والهلاك في الحياة الدنيا بسبب كفرها. او مبتلها بعقاب قوي من القتل او غيره بسبب كفرها كان ذلك الاهلاك والعذاب قضاء الاهيا مكتوبا في اللوح المحفوظ وان من قرية الا نحن مهلوكوها قبل يوم القيامة او معذبوها عذابا شديدا اي وما من قرية من القرى الا سنهلك اهلها. بعذاب الاستئصال قبل وقوع يوم القيامة او نعذبهم عذابا شديدا بتسليط عدو عليهم او باصابتهم بالجوع او بالخوف او بالامراض وغيرها وذلك بسبب كفرهم او عصيانهم كان ذلك في الكتاب مستورا. اي ان هلاك كل قرية او تعذيبها بعذاب شديد قبل يوم القيامة امر مكتوب في اللوح المحفوظ. لا بد من وقوعه لا محالة من فوائد الايات القول الحسن داع لكل خلق جميل. وعمل صالح فان من ملك لسانه ملك جميع امره. اذا على الانسان ان يستخدم القول الحسن في كل زمانا وفي كل مكان بان هذا سيقوده الى العاقبة الحسنة فاضل الله بين الانبياء بعضهم على بعض عن علم منه وحكمة. فربنا فاضل بين الانبياء فاختص نبينا بالاسراء واختص ابراهيم بالخلة واختص موسى بالتكليم وذكر في هذه الايات في اتيان داوود الزبور. فعلى الانسان ان يهتم بهذا الوحي الذي بين ايدينا بكتاب الله وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الله لا يريد بعباده الا ما هو الخير ولا يأمرهم الا بما فيه مصلحتهم. اذا جميع ما في الكتاب وجميع ما في السنة يؤول بالانسان الى خيري الدنيا والاخرة علامة محبة الله ان يجتهد العبد في كل عمل يقربه الى الله. كلنا يدعي انه يحب الله. لكن المحبة الحقيقية ان الانسان يسارع في محاب الله ويبتعد عما لا يحبه الله اذا علامة محبة الله يعني علامة المحبة الصادقة حينما يقول الانسان اني احب الله علامة محبة الله ان يجتهد العبد في كل عمل يقربه الى الله ويناهز في قربه باخلاص الاعمال كلها لله والنصح فيها. فالانسان يتنافس مع الاخرين بكثرة القرب الى ربه ومولاه محبة وتعظيما وخوفا ورجاء هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام