انه كان بكم رحيما. اي سهل الله لكم سير السفن في البحار بنفعكم فهو رحيم بكم ولذلك ما من لحظة نعيشها في حياتنا هذه الا فهي رحمة من عند الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير الصحيفة الثامنة والثمانون بعد المائتين سورة الاسراء نسأل الله فضله ورحمته واحسانه الاية التاسعة والخمسون وما منعنا ان نرسل بالايات الا ان كذب بها الاولون واتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالايات الا تخويفا. وما انزال العلامات الحسية الدالة على صدق الرسول التي طلبها المشركون كاحياء الموتى ونحوه الا لاننا انزلناها على الامم الاولى فكذبوا بها فقد اعطينا ثمود اية عظيمة واضحة هي الناقة فكفروا بها فعاجلناهم بالعذاب وما نبعث بالايات على ايدي الرسل الا تخويفا لاممهم لعلهم يسلمون اذا تأمل حكمة الباري سبحانه وتعالى فربنا ما ارسل نبيا الا اعطاه من الايات ما امن على مثله البشر ولكن ما يطلبه الناس امره الى الله تعالى ليس كل شيء يطلب يستجاب لان في ذلك حكمة. فاذا لم يستجيبوا وقد اعطوا ما طلبوا فان سنة الله انه يعالجهم بالعذاب فربنا يقول وما منعنا ان نرسل بالايات الا ان كذب بها الاولون اي وما منعنا ان نأتي بالايات التي يقترحها كفار قومك الا تكذيب الاولين بها بعد ان سألوها فكذبوا فعجلنا بهلاكهم فاذا كذب بها قومك يا محمد استحقوا ما استحقه اولئك من الهلاك والعذاب فليس لهم مصلحة في الارسال بها بل حكمته سبحانه وتعالى تأبى ذلك ثم جاءنا القرآن الكريم بمثال ظاهر لذلك. فقال تعالى واتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وهنا مبصرة الى الاية فهذه المعجزة كانت معجزة ظاهرة بينة اذا ربنا يقول واتينا ثمودا الناقة مبصرة فظلموا بها. اي واتينا ثمودا الناقة اية وحجة واضحة موجبة للتبصر واليقين دالة على وحدانية الله وعلى قدرته وعلى صدق رسوله صالح ولكن ما الذي حصل كفروا بالله ووقعوا في الظلم بقتلها فلما لم يؤمنوا كان في اجابتهم الى ما سألوا من الايات هلاكهم واستئصالهم ولذلك لو اجيب اهل مكة على ما يريدون لحصل بهم ما حصل قال وما نرسل بالايات الا تخويفا. اي وما نرسل بالايات الموجبة للعبر والعظات الا تخويفا للعباد ليؤمنوا ويرتدعو عما هم عليه الاية الستون واذ قلنا لك ان ربك احاط وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس والشجرة ملعونة في ونخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا. واذكر ايها الرسول اذ قلنا لك ان ربك احاط بالناس قدرة فهم في قبضتك والله مانعك منهم فبلغ ما امرت بتبليغك وما جعلنا ما اريناك اعيانا ليلة الاسراء الا امتحانا للناس هل يصدقون به او يكذبون به وما جعلنا شجرة الزقوم المذكورة في القرآن انها تنبت في اصل الجحيم الا ابتلاء لهم فاذا لم يؤمنوا بهاتين الايتين فلن يؤمنوا بغيرهما ونخوفهم بانزال الايات فما يزدادون بالتخويف بانزالها الا زيادة في الكفر وتماديا في الضلال وتأمل في هذا الخطاب والتصبير للنبي صلى الله عليه وسلم وهو تصبير للمؤمنين وللدعاة في كل زمان ومكان وهو ان الله محيط بالناس وان الله سبحانه وتعالى مهيمن عليهم. ولا يحصل شيء في هذا الكون الا بارادة الله واذ قلنا لك ان ربك احاط بالناس اي واذ قلنا لك يا محمد ان ربك محيط بالناس قدرة وعلما فهم في قبضته وتحت مشيئته والله يعصمك منهم حتى تبلغ رسالته فلا تخشى منهم احدا وامض لما امرناك به من تبليغ الرسالة وما جعلنا الرؤية التي اريناك الا فتنة للناس اي وما جعلنا رؤيا عينيك التي اريناك ليلة الاسراء والمعراج حينما اراك الله تعالى من الغرائب والعجائب ما اراك الله تعالى ذلك الا اختبارا وبلاء للناس. ليتبين من يصدقك ومن يكذبك فربنا جل جلاله يبتلي عباده بالايمان بالغيب ثم عطف على ذلك فقال والشجرة الملعونة في القرآن اي وما جعلنا الشجرة الملعونة في القرآن وهي شجرة الزقوم النابتة في الجحيم الا فتنة للناس ليتبين من يصدق بها ومن يكذب ويستهزأ بها اذ قال المشركون حينذاك يخبرنا محمد ان في النار شجرة نابتة والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها ثم ختمت الاية بقوله ونخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا ايوة نخوف المشركين بما نتوعدهم به من العذاب ولكن النتيجة فما يزيدهم تخويفنا لهم الا تماديا في الكفر والضلال وذلك على الانسان ان يعتبر بالايات الاية الحادية والستون. اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس قال ااسجد لمن خلقت؟ طينا؟ واذكر ايها الرسول اذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم سجود تحية لا سجود عبادة فامتثلوا وسجدوا كلهم له لكن ابليس ابى تكبرا ان يسجد له قائلا ااسجد لمن خلقته من الطين وانا خلقتني من النار فانا اشرف منه وتتأمل الى الكبر وتأمل الى صفة ابليس حتى الانسان يحذر الشر واهله ويحذر الانسان صفات الشر فربنا يقول واذ قلنا اي واذكر اتقلنا واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس. اي اذكر حين قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجد الملائكة كلهم له الا ابليس وهو لم يكن من الملائكة وانما كان مع الملائكة في هذا الخطاب فابليس عصى امر الله فلم يسجد حسدا من ابليس لادم وكبرا على امر الله تعالى مع رؤيته لايات الله وعظمته وقدرته فلم ينفعه ما علمه ورأه ولذلك في العلم الذي ينفى هو العلم الذي يؤدي الى الخشية قال ااسجد لمن خلقت طينا؟ اي قال ابليس مخاطبا ربه باستنكار اتأمرني ان اسجد لمن خلقته من طين ولذلك على الانسان ان يحذر الكبر ويحذر من مداخل الشيطان وان يعادي الانسان الشيطان بالعمل الصالح ان لا يفطر الانسان خطوات الشيطان وان يعاديه بالعمل الصالح فكل عمل صالح هو حرب على الشيطان وربنا قال ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا الاية الثانية والستون قال ارأيتك هذا الذي كرمت علي لان اخرتني الى يوم القيامة لاحتنك ان ذريته الا قليلا. قال ابليس لربه ارأيت هذا المخلوق الذي كرمته علي بامر شذي بالسجود له لئن ابقيتني حيا الى اخر الحياة الدنيا لاستنيرن اولادهم ولاغوينهم عن صراطك المستقيم الا قليلا ممن عصمت منهم وهم عبادك المخلصون قال ارأيتك هذا الذي كرمت علي وتأمل في هذا الخطاب المتكبر من ابليس لرب العزة والجلال ارأيتك يعني ارأيت انت يعني هذه الجاف بمعنى انت ارأيت انت وتفسير الاية اي قال ابليس مخاطبا ربه بكل جرأة وكل كبرياء اخبرني اهذا هو الذي فظلته علي فلم تأمرني بالسجود له وانا خير منه؟ لان اخرتني الى يوم القيامة لاحتنكن ذريته الا قليلا اي قال ابليس اقسم بك لئن اخرت اهلاكي الى يوم القيامة لاستولين على ذرية ادم فاضلنهم عن طريق الحق واقودهم الى حيث اشاءوا من طرق الباطل الا قليلا منهم وقف هنا عنده لاحتن جنة اي لاستولين عليهم بالاغواء وهذا مأخوذ من قولهم حنك الدابة يحنكها اذا ربط حبلا في حنكها الاسفل يقودها به يعني يقودها به حيث يشاء واصل الحنك حنك الانسان اقصى فمه وهذا المعنى احذر ان تكون في غمضة الشيطان ومعناه يعني امسك بحنكهم ثم احركهم بعد ان اركب عليهم فليحذر الانسان ان يكون في شهوة بهيمية بحيث يحركه الشيطان كيف يشاء وهذا المعنى لاحتنكن يعني معناه الاستيلاء والاحتواء والانقياد ويعني هذه اللفظة بلاغة عالية بمعنى ان الشيطان يأخذهم يمينا وشمالا ولذلك على الانسان ان يحذر الشيطان وطرق الشيطان وللوقاية من الشيطان والسلم منه طرق اولا القرآن الكريم فان قراءة القرآن اعظم الوسائل لابعاد الشيطان ولذلك تأمل انت حينما تبدأ بالقراءة تبدأ بالاستعاذة وحينما تختم القرآن تنتهي بالاستعاذة بالمعوذتين وفيها معنى ان الاستاذة استأصل بالقرآن فان الله يعيذه من الشيطان وتأمل بان قراءة سورة البقرة تمنع من الشيطان والانسان يقرأ اخر ايتين من سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه. كفتاه كافة الشرور ومن ذلك في شرور الجن والشياطين اية الكرسي من قرأها كفي من الشيطان اذا احفظ وردك اليومي وحافظ عليه واعطه افضل الاوقات واول الاولويات ثانيا الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وليستذكر المرء صدق اللجأ الى الله في استعادته بانه يطلب من الله ان يقيه شر الشيطان وشر وسوسته وهذا يستدعي من المرء ان يحذر خطوات الشيطان وان يحارب الشيطان بالطاعات ويقول ابن جزيء يقول من استعاذ بالله صادقا اعاذه وما من شيء يسر لنا في هذا الوجود الا هو رحمة من عند الله تعالى ولذا هذه الاشياء وهذا الزمان وكل شيء علينا ان نستخدمه لاجل ان نستجلب الرحمة من عند الله حينما نضع الاشياء في محلها ثالثا سجود التلاوة والانسان يقرأ القرآن فاذا مرت به سجدة سجد والسجود ارقى احوال العبودية والمؤمن يأنس في سجوده لقربه من ربه وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا قرأ ابن ادم السجدة فسجد احتزل الشيطان يبكي. يقول يا ويله امر بالسجود فسجد فله الجنة وامرت بالسجود فعصيت فلي النار فعلى الانسان ان يحافظ على سجدات التلاوة وان يستذكر هذا المعنى رابعا ذكر الله وعلى الانسان ان يكثر من ذكر الله تعالى دواما وفي جميع احواله وفي جميع اموره فان ذكر الله تعالى بركة. تطرد الشيطان خامسا الدعاء يدعو يدعو الانسان ويكثر الانسان من الدعاء ان يقيه الشياطين ويعتصم الانسان بربه ويحسن ظنه بربه سادسا الانشغال بالعبادة والعمل بالطاعات امتثالا لامر الله وابتغاء مرضاته بحيث ان الانسان يجعل وقته بالقرب الى الله بل حتى المباحات ينوي بها النيات الحسنة حتى تتحول الى طاعات سابعا التسمية على الانسان ان يسمي الله في جميع اعماله. والمؤمن في كل شيء يقول بسم الله فيذكر اسم ربه ويستعين بالله تعالى ويتبرك باسم الله سبحانه وتعالى وهنا حينما تأتي لكل عمل وتقول بسم الله فهذه بركة تدفع عنك الشيطان اذا هذه سبعة اشياء على الانسان ان يحافظ عليها حتى يقيه ربه من الشيطان الاية الثالثة والستون قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاء جزاء مغفورا قال له ربه اذهب انت ومن اطاعك منهم فان جهنم هي جزاؤك وجزاؤهم. جزاء كاملا موفرا على اعمالكم قال اذهب فمن تبعك منهم فان جهنم جزاؤكم جزاء موفورا اي قال الله لابليس اذهب فقد اخرت اهلاكك فمن اضاعك من ذرية ادم فان جهنم جزاؤكم على اعمالكم جزاء متمما مكملا لا نقص فيه الاية الرابعة والستون واستفزز من استطعت منه بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشارك هم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا. واستخفف من استطعت ان تستخفه منهم. بصوتك الداعي الى معصية وصح عليهم لفرسانك ومشاركة الداعين لطاعتك وشاركهم في اموالهم بتزيين كل تصرف يخالف الشرع وشاركهم في اولادهم بادعائهم كذبا وتحصيلهم بالزنا وتعبيدهم لغير الله عند التسمية وزين لهم الوعود الكاذبة والاماني الباطلة. وما يعدهم الشيطان الا الوعود الكاذبة التي تخدعهم فتأمل في هذا الخطاب وتأمل في حال الناس واستفزز من استطعت منهم بصوتك اي قال الله تعالى لابليس امرا له على سبيل التهديد بعاقبته الوخيمة واستخف وازعج يا ابليس من استطعت ان تستخفه من بني ادم بدعائك لهم الى معصية الله واجلب عليهم بخيرك ورجلك. ايوة اجمع يا ابليس على بني ادم جنودك الركبان منهم المشاة الذين يدعونهم الى معصية الله فيحمل عليهم بكل ما يقدرون عليه من وسائل فتنة والكيد لاضلالهم وشاركهم في الاموال والاولاد. اي وليكن لك نصيب معهم في كل مال او ولد تعلقت به معصية الله واعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا اوعدهم يا ابيس بالوعود الكاذبة وما يعدهم الشيطان البعيد عن الرحمة وكل خير الا اماني باطلة في الحقيقة اذا على الانسان ان يحذر الشيطان وان يحذر طرقه الاية الخامسة والستون ان عبادي ليس لك عليهم سلطان. وكفى بربك وكيلا ان عبادي المؤمنين العاملين بطاعة ليس لك يا ابليس عليهم تسلط لان الله يدفع عنهم شرك وكفى بالله وكيلا لمن اعتمد عليه في اموره ان عبادي ليس لك عليهم سلطان اي ان عبادي الصالحين الذين يعبدونني وحدي مخلصين لي الدين ليس لك عليهم يا ابليس تسلط ولا حجة ولا تستطيع اغوائهم واضلالهم فالله سبحانه وتعالى يحفظهم ويحرسهم ويؤيدهم وكفى بربك وكيلا. اي وكفى بربك حافظا من كيد الشيطان ومكرهم. وناصرا ومؤيدا للمتوكلين المخلصين له بالعبادة المطبقين امر الدين على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ست وستون ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله انه كان بكم رحيما ربكم ايها الناس هو الذي يسير لكم السفن في البحر رجاء تطلب رزقه بارباح التجارة وغيرها انه كان بكم رحيما حيث يسر لكم هذه الوسائل ربكم الذي يسجي لكم الفلج في البحر لتبتغوا من فضله. اي ربكم هو وحده الذي يسوق لكم السفن في البحر لتطلبوا بركوبها الرزق من الله بالتجارة وطلب المعاش من فوائد الايات من رحمة الله بالناس عدم انزاله الايات التي يطلبها المكذبون حتى لا يعادلهم العقاب اذا كذبوا بها ابتلى الله العباد بالشيطان الداعي لهم الى معصية الله باقواله وافعاله. اذا الشيطان وشياطين الانس هؤلاء قد جعلهم الله تعالى ابتلاء واختبارا فعلى الانسان ان يعلم انه في هذه الدنيا في امتحان واختبار فعليه ان ينجح في كل فقرة من فقرات الحياة وفي كل شيء يمر به في هذه الدنيا وان لا يفرط الانسان في نفس من الانفاس. بل عليه ان يكون شحيحا على انفاس عمره ان لا يفرط في طاعة وان لا يقع في معصية وان يراقب الانسان نفسه. وان يملأ وقته بالطاعات وعلى الانسان ان يحفظ الامور التي تقربه الى ربه وتنجيه من الشيطان من صور مشاركة الشيطان للانسان في الاموال والاولاد ترك التسمية عند الطعام والشراب والجماع وعدم تأديب الاولاد اذا الاولاد على الانسان ان يؤدبهم على طاعة الله تعالى وان يحفظ عليهم دينهم وان يذكرهم بربهم وان يتابعهم في ايقاظهم للصلاة في تعليمهم للقرآن وان يتابعهم في امورهم وان يغرس في قلوبهم محبة الله والخشية من الله سبحانه وتعالى وكذلك المانع للانسان ان يجعله في طاعة الله تعالى على الانسان ان لا يدع التسمية عند شرب الماء وعند الاكل وعند كل عمل من الاعمال هذا وبالله