بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم ديني اما بعد الاية السادسة عشرة واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم وحين تنحيتم عن قومكم وتركتم ما يعبدون من دون الله فلم تعبدوا الا الله وحده تلجأ الى الكهف فرارا بدينكم يبسط لكم ربكم سبحانه من رحمته ما يحفظكم به من اعدائكم ويحميكم وييسر لكم من امركم ما تنتفعون به مما يعوضكم عن العيش بين ظهراني قومكم هذه الاية الكريمة واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله فاقضوا الى الكهف اي قال بعض الفتية لبعض ولاجل انكم انفردتم وتباعدتم عن مخالطة قومكم الكافرين وتركتم ما يعبدون من الالهة سوى الله تتخذ الكهف مأوى لكم لتفتفوا فيه من قومكم وتعبد الله وحده واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله فاؤوا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته اي فان اعتزلتم قومكم وما يعبدون من دون الله وصرتم الى الكهف يبسط لكم ربكم من رحمته فيحفظ لكم دينكم وينجيكم من قومكم وفي سورة الحج ان الله يدافع عن الذين امنوا ان الله لا يحب كل خوان كفور ولذلك الانسان عليه ان يبتعد عن الخيانة ومن ذلك العين الخائنة حتى ينال الانسان دفاع الله تعالى عنه ويهيئ لكم من امركم مرفقا اي ويسهل لكم ربكم من امركم الذي انتم فيه ما تنتفعون به في امر معيشتكم فيأتيكم باليسر والرفق واللطف. نسأل الله ان يلطف بنا في هذه الساعة وفي جميع الساعات وفي سورة الطلاق ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه وربنا قال ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا وانبه فهذا يدل على ان اعتزال المؤمن قومه الكفار ومعبوديهم هو من اسباب لطف الله تعالى بالعبد ورحمته به وكذلك حينما يعتزل المؤمن المحرر الشائع فهو على باب خير عظيم وانت تشاهد الكثيرين يخوضون في الحرام وينظرون الى الحرام ويتجولون في الحرام فاعتزل المحرم دائما ابدا وليكن لك في هؤلاء اسمع والمشروع عند وقوع الفتن في الناس ان يفر العبد منهم خوفا على دينه كما جاء في الحديث الصحيح يوشك ان يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعث الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن في هذه الحال تشرع العزلة عن الناس ولا تشرع فيما عداها لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع فالله تعالى مدح في هذه الاية من فر بدينه خشية الفتنة عليه وتنبه لتعمل اخذا العبرة ممن ذكرهم الله فقوله تعالى على لسان بعض الفتية فؤوا الى الكهف تأخذ منه شدة صلابتهم في دينهم حيث عزموا على ترك ما كان فيه من النعمة العظيمة واستبدلوا بها كهفا في رأس جبل وانت بالمقابل تجد موظفين من مهندسين وغيرهم يوافقون على اشياء محرمة ويخونون الامانة خوفا على مناصبهم فتأمل ان اخلاص من اخلص لله فقد ذكر في القرآن لاجل ان يؤتى به فاعمل بطاعة الله وتوكل على الله واحسن الظن به ففي الاية حسن ظن اصحاب الكهف بربهم ومعرفتهم ثمرة الطاعة وهكذا ينبغي على الانسان ان يطلب رحمة الله تعالى. تأمل ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من امركم مرفقا. فنسأل الله ان يهيئ لنا ولكم الخيرات والبركات. والمسرات الاية السابعة عشرة وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين واذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه. ذلك من ايات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. فامتثلوا ما امروا به والقى الله النوم عليهم وحفظهم من عدوهم وترى ايها المشاهد لهم الشمس اذا طلعت من مشرقها تميل عن كهفهم جهة يمين الداخل فيه واذا غابت عند غروبها تعدل عنه جهة شماله فلا تصيبه وهم في ظل دائم لا يؤذيهم حر الشمس وهم في متسع من الكهف ينالهم من الهواء ما يحتاجون اليه ذلك الحاصل لهم من ايوائهم الى الكهف والقاء النوم عليهم وانحراف الشمس عنهم واتساع مكانهم وانجائهم من قومهم من عجائب صنع الله الدالة على قدرته من يوفقه الله لطريق الهداية فهو المهتدي حقا ومن يخذله عنها ويضله فلن تجد له ناصرا يوفقه للهداية ويرشده اليها لان الهداية بيد الله وليست بيده هو وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين اي وترى الشمس اذا اشرقت تميل عن الكهف الذي اوى اليه الفتية الى جهة يمينه لئلا تصيبهم اشعتها واذا غربت تقرضهم ذات الشمال اي وترى الشمس اذا غربت تعدل عن الفتية وتتركهم جهة شمال الكهف فلا يصيبهم شعاعها وتأمل ان الله اذا اراد شيئا هيأ له اسبابه. وتأمل هذا الاخلاص جعل هذا التدبير يحصل لهم فكرا مخلصا لله دواما حتى تنال من تدبير الله تعالى قال وهم في فجوة منه اي والفتية في مكان متسع داخل الكهف ذلك من ايات الله اي فعلنا الذي فعلنا بهؤلاء الفتية من تيسير الكهف لحفظهم فيه وميل الشمس عنهم عند طلوعها وتركها لهم عند غروبها من عجائب صنع الله الدالة على عظيم قدرته وسلطانه ولطفه بعباده ثم قال ربنا بعد ان ساق قصة هؤلاء في هذا التدبير قال من يهد الله فهو المهتدي حتى تعلم ان هذا التدبير يدبره الله تعالى لكل من سار على صراط المنعم عليهم قال من يهد الله فهو المهتد اي من يرشده الله ويوفقه للاهتداء الى الحق فهو المهتدي حقا مثل هؤلاء الفتية الذين هداهم الله اه من بين قوم ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. اي ومن يخذله الله فلن تجد له خليلا ولا معينا يتولى ارشاده الى الحق وفي سورة النساء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا وفي سورة الرعد ومن يضلل الله فما له من هاد وفي سورة الاسراء ومن يضلل فلن تجد لهم اولياء من دونه الاية الثامنة عشرة وتحسبهم ايقاظا وهم ركعون ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيف لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا وتظنهم ايها الناظر اليهم مستيقظين لانفتاح اعينهم والواقع انهم نيام ونقلبهم في نومهم تارة يمينا وتارة شمالا حتى لا تأكل الارض اجسامهم وكلبهم المرافق لهم ماد ذراعيه في مدخل الكهف. لو اطلعت عليهم وشاهدتهم لادبرت عنهم هاربا خوفا منهم ولا امتلأت نفسك رعبا منهم وتحسبهم ايقاظا وهم رقود اي وتظن هؤلاء الفتية لو رأيتهم ايقاظا ولكن الحال انهم نائمون قال ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. اي ونقلبهم على جنوبهم مرة للجنب الايمن. ومرة للجنب الايسر وكلبهم باسط لراعيه بالوصيد. اي وكلب هؤلاء الفتية جالس على بطنه ماد يديه عند مدخل الكف بفناء لاجل حراستهم قال لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا اي لو اشرفت على اصحاب الكهف فرأيتهم وهم رقود لفررت منهم هاربا ولملئت منهم رعبا اي ولا امتلأت نفسك خوفا وفزعا منهم الاية التاسعة عشرة وكذلك بعثناهم ليتساءلون بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم قالوا ربكم اعلم بما لبثتم فبعثوه احدكم بورقكم هذه الى المدينة فالينظر ايها ازكى طعاما اليوم انظر ايها ازكى طعاما فليأتكم رزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم احدا وكما فعلنا بهم مما ذكرنا من عجائب قدرتنا ايقظناهم بعد مدة طويلة ليسأل بعضهم بعضا عن المدة التي مكثوها نائمين فاجاب بعضهم ما شفنا نائمين يوما او بعضهم واجاب بعض منهم ممن لم تظهر له مدة مكثهم نائمين ربكم اعلو بمدتي مكثكم نائم ففوضوا اليه علم ذلك. وانشغلوا بما يعينكم فارسلوا احدكم من وقودكم الفضية هذه الى مدينتنا المعهودة فلينظر اي اهلها اطيب طعاما واطيب مكسبا. فليأتكم بقوة منه وليتأنى في دخوله وخروجه ومعاملته وليكن لبغا ولا يدع احدا يعلم بمكانكم لما يترتب على ذلك من ضرر عليكم وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم ايوة كما اننا هؤلاء الفتية فحفظناهم في الكهف كذلك ايقظناهم من نومهم الطويل بذات الحالة التي كانوا عليها دون ان يتغير من احوالهم وهيئاتهم شيء ليسأل بعضهم بعضا عن مدة نومهم فاذا تبين طول الزمان عليهم وهم بنفس هيئتهم التي رقدوا بها ازدادوا معرفة بعظيم سلطان الله وعجائب قدرته وبحسن دفاع الله عن اوليائه وازدادوا بصيرة في امرهم الذي هم عليه من التبرأ من عبادة الالهة واخلاص العبادة لله وحده لا شريك له قال قائل منهم كم لبثتم؟ اي قال قائل من الفتية لاصحابه كم كانت مدة نومكم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم اي فاجابه الاخرون بما يظنون لبثنا في نومنا يوما كاملا او بعضا منه قالوا ربكم اعلم بما لبثتم. اي قالوا مفوضين العلم لله. ربكم اعلم منكم بمدة نومكم فجاعوا والانسان بحاله يجوع على طول الايام فابعثوا احدكم بوالدكم هذه الى المدينة. اي قال الفتية فارسل واحدا منا بهذه الدراهم الفضية التي بحوزتنا الى مدينتنا التي فررنا منها فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه اي فلينظر من سترسلونه اي اهل المدينة اطيب واحل واطهر طعاما من غيره فليشتري لكم قوتا منه وليحضره اليكم لاجل ان تأكلوه وليتلطف ويا ليتنا جعلنا التلطف في حياتنا كلها وليتلطف اي وليترفق الذي ستفسدونه لشراء الطعام كي يتخفى ويتحيل في دخوله المدينة. وشرائه وخروجه منها ومجيئه الى الكهف ولا يشعرن بكم احدا. اي ولا يعلمن احدا من الناس بمكانكم الذي تختبئون فيه فلا يقولن او يفعلن ما يؤدي من غير قصد منه الى الشعور به. لان الانسان لا بد ان يحفظ نفسه ويحفظ من معه الاية العشرون ملتهم ولا تفلحون اذا ابدا. ان قومكم ان يطلعوا عليكم ويعلم بمكانكم يقتلوكم بالرجم بالحجارة او يرجعوكم الى ملتهم المنحرفة التي كنتم عليها قبل ان يمن الله عليكم بالهداية الى دين الحق وان رجعتم اليها فلن تفوزوا ابدا. لا في الحياة الدنيا ولا في الاخرة بل ستخسرون فيها الخسران العظيم بسبب ترككم دين الحق الذي هداكم الله اليه ورجوعكم الى تلك الملة المنحرفة انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم. اي وذلك لان قومكم الكفار ان يعلموا بمكانكم في الكهف ويظفر بكم يقتلوكم رجما بالحجارة ان ثبتم على ما انتم عليه من الحق او يعيدوكم في ملتهم اي او يرجعوكم لتدخلوا قهرا في دينهم فتصبحوا حينذاك كفارا مثلهم عياذا بالله تعالى. ولن تفلحوا اذا ابدا. اي ولن تفوزوا بالخير ابدا في الدنيا ولا في الاخرة. ان عدتم في ملته من فوائد الايات اولا من حكمة الله وقدرته ان قلبهم على جنوبهم يمينا وشمالا بقدر ما لا تفسد الارض اجسامهم وهذا تعليم من الله لعباده جواز اتخاذ الكلاب للحاجة والصيد والحراسة انتفاع الانسان بصحبة الاخيار ومخالطة الصالحين حتى لو كان اقل منهم منزلة فقد حفر ذكر الكلب لانه صاحب اهل الفضل دلت الايات على مشروعية الوكالة وعلى حسن السياسة والتلطف في التعامل مع الناس هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة