بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى يا يحيى خذ الكتاب بقوة واتيناه الحكم صبيا فولد له يحيى فلما بلغ سنا يخاطب فيها قلنا له يا يحيى خد التوراة بجد واجتهاد واعطيناه الفهم والعلم والجد والعزم وهو في سن الصبا اذا تفسير هذه الاية الكريمة كما فسرت هنا ومع ذلك فولد لزكريا يحيى وقال الله له يا يحيى خذ التوراة بجد واجتهاد وعزم فهما لمعانيها وعملا بما فيها وحملا للناس على اتباعها لان الانسان مطالب بالدعوة الى الله تعالى واتيناه الحكم صبيا اي واعطيناه يحيى الفهم بما انزله الله تعالى في التوراة والعلم باحكامها والعمل بها والحكم به في حال صغره وصباه قبل بلوغه وهذه من اعظم النعم ان الانسان يؤتى امر الدين وحنانا من لدنا وزكاة وكانة غيا ورحمناه رحمة من عندنا وطهرناه من الذنوب وكان تقيا يأتمر بامر الله ويجتنب نواهيه وحنانا من لدنا اي واعطينا يحيى رحمة من عندنا ومن جعله الله تعالى رحيما فقد رحمه ومن رحمه الله تعالى بالعلم فقد اعطاه اعظم الرحمات وزكاة اي وطهارة من الذنوب والافات ونقاء من الخبائث. لان التزكية ان الانسان يطهر نفسه من الذنوب ويترقي قاعة وكان تقيا اي وكان ممتثلا لامر ربه مجتنبا للنواهي راضيا بمقدورات الله تعالى وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وكان برا بوالديه لطيفا بهما محسنا اليهما ولم يكن متكبرا عن طاعة ربه ولا عن طاعتهما ولا عاصيا لربه او لوالديه وهذا من اعظم الرحمات ان الله سبحانه وتعالى قد جعله برا بوالديه. فقال وبرا بوالديه اي وكان مسارعا في طاعة والديه كثير الاهتمام بهما والاكرام لهما والاحسان اليهما قولا وفعلا وتركا ولم يكن جبارا عصيا. اي لم يكن متكبرا عن عبادة الله ولم يكن مترفعا على ابويه او غيرهما من الناس ولم يكن خفا بحقوق العباد بل كان متواضعا متذللا طائعا لا يعصي ربه ولا يعصي والديه ولا يظلم عباد الله ولا يهضم الناس حقوقهم وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا وسلام عليه من الله وامان له منه يوم ولد ويوم يموت ويخرج من هذه الحياة ويوم يبعث حيا يوم القيامة وهذه المواطن الثلاثة هي اوحش ما يمر به الانسان فاذا امن فيها فلا خوف عليه فيما عداها وسلام عليه يوم ولد اي وتحية من الله ليحيى يوم ولد. وسلام وامانا وسلاما من كل مكروه ويوم يموت اي وتحية من الله على يحيى يوم يموت. وامانا وسلامة له من شربات الموت وعذاب القبر وفتنة القبر ويوم يبعث حيا اي وتحية من الله ليحيى وامان وسلام له حين نبعثه حيا يوم القيامة فيأمن من الفزع والاهوال وعذاب النار واذكر في الكتاب مريم اذ انتبدت من اهلها مكانا شرقيا اي واذكر ايها الرسول في القرآن المنزل عليك خبر مريم عليها السلام اذ تنحت عن اهلها وانفردت بمكان على جهة الشرق منهم فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا فاتخذت لنفسها من دون قومها ساترا يسترها حتى لا يروها حال عبادتها لربها اي انها كانت تريد الاخلاص فبعثنا اليها جبريل عليه السلام فتمثل لها في صورة انسان سوي الخلقة فخافت انه يريدها بالسوق قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا فلما رأته في صورة انسان سوي الخلق يتجه اليها قالت اني استجير بالرحمن منك ان ينالني منك سوء يا هذا ان كنت تقيا تخاف الله هي ارادة ان تدفعه وان تعظه وان تخوفه بالله تعالى وطلبت من الله برحمته ان يقيها الشر قال انما انا رسول ربك قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما ذكيا قال جبريل عليه السلام انا لست بشرا انما انا رسول من ربك ارسلني اليك لاهبلك ولدا طيبا طاهرا قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسنى بشر ولم اك بغيا قالت مريم متعجبة كيف يكون لي ولد ولم يقربني زوج ولا غيره ولست زانية حتى يكون لي ولد قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله اية للناس ورحمة منا وكان امرا مقظيا قال لها جبريل الامر كما ذكرت من انك لم يمسسك زوج ولا غيره ولم تكوني زانية لكن ربك سبحانه قال قلق يعني خلق ولد من غير اب سهل القبلة من غير اب سهل عليه وليكون الولد الموهوب التي علامة للناس على قدرة الله ورحمة منا لك ولمن امن به وكان خلق ولدك هذا قضاء من الله مقدرا مكتوبا في اللوح المحفوظ فحملته فانتبدت به مكانا قصيا فحملت به بعد نفخ الملك فتنحت به الى مكان بعيد عن الناس فاجائها المخاض الى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فضربها المخاض والجأها الى ساق نخلة قالت مريم عليها السلام يا ليتني مت قبل هذا اليوم وكنت شيئا لا يذكر حتى لا يظن بي السوء فناداها من تحتها ان لا تحزني قد جعل ربك تحتك سرية فناداها عيسى من تحت قدميها لا تحزني قد جعل ربك تحتك جدول ماء تشربين منه ومع هذه الشدائد يسر الله تعالى لها ان ينطق لها هذا الابن وهذا من رحمة الله تعالى وربنا جل جلاله ينزل الاعانة برحمته وفضله ومنه وكرمه وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا وامسكي بجذع النخلة وهزيه تساقط عليك رطبا طريا جني من ساعته وهنا في قوله وهزي اليك معناه ان الانسان لابد ان يسعى لاجل الكسب من فوائد الايات الصبر على القيام بالتكاليف الشرعية مطلوب. فالانسان يصبر بالتعلم ويصبغ في العمل ويصبر في بث الدعوة فيصبر الانسان على ما كلف به فالتكاليف الشرعية سهلة ومطاقة لكن لابد ان يكون فيها كلفا علو منزلة بر الوالدين ومكانته عند الله. فالله قرنه بشكره فعلى الانسان ان لا يفرط في حق والديه وليعلم الانسان ان شكره لوالديه من شكر الله تعالى وان طاعة الوالدين بالمعروف من طاعة الله تعالى مع كمال قدرة الله في اياته الباهرة التي اظهرها لمريم. الا انه جعلها تعمل بالاسباب ليصلها ثمرة النخلة فينبغي على الانسان ان يأخذ بالاسباب وان يتوكل على الله تعالى في حياته هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته