بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه المجلس الثاني من التعليق على ديوان حماسة ابي تمام وقد كان المجلس الاول مقدمة عامة وسندخل اليوم في التعليق او فيما تيسر من التعليق ان شاء الله على المقاطع الشعرية التي ذكرها ابو تمام في حماسته. قال رجل من بلعنبر يقال له قريط بن انيف لو كنت من مازن لم تستبحي بلي بنو لقيطة من ذهل ابن شيبانا اذا لا قام بنصر معشر خشن عند الحفيظة ان ذو لذة لانا لا يسألون اخاهم قوم اذا الشر ابدى ناجديه لهم طاروا اليه زرافات ووحدانا لا يسألون اخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا لكن قومي وان كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء وان هانا يجزون من ظلم اهل الظلم مغفرة ومن اساءة اهل السوء احسانا كان ربك لم يخلق لخشيته سوى همه من جميع الناس انسانا فليت لي بهم قوما اذا ركبوا شنوا الاغارة فرسانا وركبانا. هذه الابيات من بحر البسيط وقائلها كما قال رجل من بلعنبر اي من بني العنبر بن عمرو بن تميم والعرب تقول بل عنبر وبلحارث اذا كانت لفظة بني بعدها المظهرة فانهم ان الياء طبعا ستحذف لاتقاء الساكنين. يا بني هو الاصل بنين العنبر ثم حذفت النون نون جمع المذكر السالم تحذف للاضافة اذا اضيف جمع المذكر السالم حذفت نونو ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم حذفوا النون بعد ذلك وذلك لتقاربها في الصفات مع اللام وكرهوا اضغامها فحذفوها فقالوا بل عن بر وبلحارث ولا يفعلون ذلك في المدغمة فلا يقولون مثلا في بني النمر بن نمر. لان هذا سيلزم عنه اعلالان الحذف والادغام لان النون حينئذ ستدغم وكرهوا ذلك ففعلوه في ال المظهرة دون المدغمة وبنو العنبر بن عمرو بن تميم بن مر بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عمر بن عدنان هم بنو الجعراء امهم دغة بنت من عيش التي يضرب بها المثل في الحمق كما هو معلوم يقال احمق من دغة والشاعر يقال له قريط ابن انيف قريط تصغير قرط والقرط ما يحلى به اسفل الاذن الاذن تحلى في اسفلها بالاقراط وتحلى في اعلاها بالشنف يقال قرطت المرأة اذنها اذا حلتها في اسفلها وشنفت اذنها اذا حلتها في اعلاها فالشلف ما يعلق في اعلى الاذن والقرط ما يعلق في اسفل الاذن. فهو علم من قول من تصغير قرط وهو ما يحلى به اسفل الاذن هو ابن انيف تصغير انف وهذه الابيات قالها يعتب فيها على قومه وذلك ان بني ذهل ابن شيبان ابن ثعلبة ابن عكابة ابن صعب ابن علي ابن بكر ابن وائل ابن قاسط ابن همب ابن طبن دعمي بن جديلة بن اسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان كانوا قد اعتدوا على ابله واستاقوها كما سيقول لم تستبح ابلي بنو اللقطة من ذهل بن شيبانا ومن بني ذهل بن شيبان من بني بكر بن وائل من اعظم بيوتات العرب عددا وعدة قال البدوي رحمه الله تعالى في انساب العرب ومن بني البرشاء شيبان الاولى بذهلهم غصت سباسب الفلا عن ظهر ابن شيبان كانت تغص بهم الصحاري لكثرة عددهم وعدتهم اغاروا على ابل هذا الرجل فاستاقوها فندب قومه الى ان يردوا عليه ابله وان يغيروا معه عليهم فامتنعوا لضعفهم كما يراه ثم استنفر بني مازن وهم بنو مازن بن مالك بن عمرو بن تميم فانجدوه واغاروا على ابل بني ذهل بن شيبان وجاؤوا منها بمائة من الابل وهو اصلا ان ما اخذت له ثلاثون فقط فقال يمدح بني مازن ويثني على شجاعتهم لكونهم انجدوه ويعتب على قومه حين خذلوه لو كنت من مازن اي لو كنت من بني مازن بن عمرو بن مالك بن عمرو بن تميم لم تستبح ابلي اي لم ترى اه بنو ذهل بن شيبان ابلي مباحة المباح الشيء المتاح الذي ليس دونه حاجز المباح في كلام العرب هو الشيء المتاح الذي ليس دونه حاجز. ومنه سمى الفقهاء والاصوليون قسما من اقسام الاحكام التكليفية بالمباح انه لا حاجز دونه لا مانع منه لم تستمحي بلي بنو اللقيط من ذهل بن شيبانة هكذا في معظم الروايات بنوا اللقيطات وفي بعض الروايات بنو الشقيقة وهذا هو الاحسن لان معظم آآ اهل الانساب ينكرون ان بني اللقيط من ذهل ابن شيبان فبنو اللقيط في الحقيقة ليسوا من بني ظهر بن شيبان وانما هم من فزارة وفزارة بطن من ذبيانة بن بغيض بن غطفان والذين هم من بني ذهل ابن شيبان هم بنو الشقيقة فهذا هو الاصلب من جهة آآ الانساب فبنو الشقيقة من بني ذهل بن شيبان واما بنو اللقيطات فليسوا من بني ذهن بن شيباء ابن شيبان كما نسبناه بطن عظيم من بطون بني بكر بن وائل بن قاسط بن هند بن ابسة بن جعبي بن جريدة بن اسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان اذا اي لو كنت من مازن لقام بنصره مع شارون. جماعة خشن اي لهم شوكة وقوة عند الحفيظة الحفيظة شدة الغضب ان ذو لوذة لانا اذا لان اي ضعف ذو اللذة اي الضعف فهم اذا ضعف الضعيف لا يضعفون بل ينجدون ويكونون حينئذ اقوياء قوم اذا الشر ابدى ناجديه لهم ناجزيه تثنية ناجز والناجد احدى النواجز وهي مؤخرات الاضراس وقيل هي الانياب. والعرب تقول عض على هذا بناجديك او نواجزك اي الزمه وفي الحديث فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ قوم اذا اشر ابدى ناجديه لهم طاروا اي خفوا مسرعين اليه كأنهم يطيرون من شدة سرعة النجدة والحال انهم زرافات جمع زرافة كسحابة وهي الجماعة ووحدانا اي واحدا واحدا يعني انهم اذا استنجدهم مستنجد فانهم يسرعون اليه كالطير والحال انهم في جماعات وبعضهم يسير وحدانا اي واحدا واحدا لا يسألون اخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا لا يسألون اخاهم اذا دعاهم حين يندبهم ندبو الدعاء لامر مهم قالوا ندبه الى الامر دعاه اليه والغالب انه لا يطلق الا في الامر المهم ليقال في الدعوة التي ليس لها بال ندبة ومنه المندوب في اصطلاح الفقهاء وهو ما امر الشارع به امرا غير جازم لان الشارع قد ندب اليه ودعا اليه يعني ان هؤلاء ينجدون من استنجدهم قبل ان يسألوه براهين على انه مظلوم لا يسألونه فيما دعاهم بل يوجدونه على الفور ولا يلتفتون الى المعاذير لكن قومي فهم بل عنبر ابن عمرو ابن تميم وان كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء وانهانا يعني لكن قومي ليسوا من الشر اي لا يقبلون الدخول الدخول في الشر ولو كان هينا اي سهلا واعترض بقوله وان كانوا ذوي عادة لان القوم اذا كانوا ذوي عدد يسهل عليهم ان يجيبوا الى الشرع وان ينجدوا ولكن هم مع كثرة عددهم فانهم لا ينجدون يجزون من ظلم اهل الظلم مغفرة ومن اساءة اهل السوء احسانا كان ربك لم يخلق لخشيته سواهم من جميع الناس انسانا يهزون من ظلم اهل الظلم مغفرة اذا ظلموا فانهم يجازون ذلك بالمغفرة هنا يختلف آآ الادباء والمتكلمون في هذه القطعة منهم من يرى ان الشاعر انما عتب على قومه ولكنه لم يرد هجوه لانه الانسان اذا هجى قومه هجى نفسه ومنهم من يرى انه فعلا قصد فجاءه ويكون في هذا ما يسميه البلاغيون بتأكيد الهجاء بما يشبه المدح لان الانسان اذا قيل انه يقابل الاساءة بالعفو هذا ظاهره مدح ولكن اذا كان ذلك ناشئا عن ضعف ومذلة لكونه لا يستطيع ان يقابل الشر بالشر بضعفه وهوانه فانه حينئذ لا يكون مدحا بل يكون تعييرا بالمذلة والضعف لكن قومي وان كانوا ذوي حسب ليسوا من كانوا ذوي عدد وفي بعض الروايات وان كانوا ذوي حسب ولكن الانسب فان كانوا ذوي عددهم هي الانسب من جهة المعنى واذا خرجنا آآ هذا الشعر على هذا الوجه فانه يكون يكون شبيها بقصة بني العجلان حين هجاهم قيس بن عمرو الحارثي فقال اذا الله عاد اهله لؤم ورقة فعادى بني العجلان رهط بن مقبل قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل ولا يريدون الماء الا عشية اذا صدر الوراد عن كل من هلي تعافوا الكلاب الضاريات لحومهم وتأكل من كعب بن عوف ونهشل وما سمي العجلان الا لقولهم خذ الكعب واحلب ايها العبد واعجل واعجلي هذه الابيات قالها قيس بن عمرو الحارثي في بني العجلان وكانوا يفخرون بان اباهم سمي العجلان لتعجيل قرى الاضياف الشاعر اتى بتعليل اخر غير ذلك. قال وما سمي العجلان الا لقولهم خذ الكعبة واحلب ايها العبد واعجلي فشكوه الى عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه وكان عمر عالما باشعار العرب وبمعانيها ولكنه في مقام تعزير يدرأ بالشبهات فحاول اولا ان يحمل الكلام على محمل حسن ان امكنه ذلك فقالوا هج هنا فقال ماذا قال قالوا قال اذا الله عاد اهل لئم ورقة فعادى بني العجلان رهط بن مقبل قال انما دعا عليهم ولعله لا يجاب قالوا قال قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل قال عمر ليت ال الخطاب كذلك لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل قالوا انه قال ولا يريدون الماء الا عشية اذا صدر الوراد عن كل من هل قال ذلك اصفى للماء واقل للكدر. لا يردون الماء الا عشية اذا صدر الوراد عن كل منهج فقالوا له استشر حسان فدعا حسان ابن ثابت رضي الله تعالى عنه وانشدوه الابيات فقال ما هجاهم ولكن سلح عليه اذا هذا نوع من تأكيد آآ الذم بما يشبه المدح لكن قومي وان كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء وانهانا يجزون من ظلم اهل الظلم مغفرة ومن اساءة اهل السوء احسانا يعني انهم لمذلتهم وضعفهم يجزون من ظلم اهل الظلم مغفرة ومن اساءة اهل السوء احسانا كان ربك لم يخلق لخشيته سواهم من جميع الناس انسانا فليت لي بهم اي ليت لي مكانهم قوما اذا ركبوا اي ركبوا الخيل شنوا الاغارة ودلوقتي سنوا اي فرقوا فرسانا وركبانا اي ليت لي مكانهم فرسانا اذا ركبوا الخيل يشنون الغارات على كونهم فرسانا وركبانا وهذا البيت والشاهد فيه هو ان المفعول لاجله اذا كان محلا بال فالغالب في استعماله في كلام العربي ان يجر بحرب الجر وان لا ينصب قال ابن مالك رحمه الله تعالى في الالفية وقل ان يصحبها المجرد والعكس في مصحوب ال وانشدوا لا اقعد الجبن عن الهجاء ولو توالت زمر الاعداء المفعول لاجله له ثلاثة احوال ما يكون مجردا من الو الاضافة او ان يكون مضافا او ان يكون محلا بالة اذا كان مجردا من ادوية ضعفه فالغالب انه ينتصب ويجوز جره بالحرف ولكن الغالب انتصابه على المفعولية فعلى النحور لاجله واذا كان محلا بالد فان الغالب جره بالحرف وسمع نصبه وهذا البيت من شواهد ذلك قال فليتني بهم قوما اذا ركبوا شنوا لاغارة برسانا وركبانا. اذا نختصر على هالقدر ان شاء الله سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك