اعني انه لم يضجر ولم يجزع مما هو فيه من السجن. ولكن اعرتني اي اصابتني من هواك اي حبك صبابة اذا كنت قد رأيت بذلة وتخشعا فليس ذلك لسجني ولا لقيدي ايضا هديل الحمام وهديره. فالحمام صوته يشوق العرب. وهو بحسب سامعه كما قال الشاعر شجع قلب الخلية فقال غنى. وبرح بالشجي فقال ناحا صوت الحمام واحد. ولكن اذا سمعه الخلي سماه غناء بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين. ومن تبعهم باحسان سنبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه المجلس الخامس من مجالس التعليق على حماسة ابي التمام. قال جعفر بن علبة الحارثي هوايا مع باليمانيين مسعد جنيب وجثماني بمكة موثق. عجبت لمسراها وانا تخلصت الي وباب السجن مغلق المت فحيت ثم قامت فودعت فلما تولت كادت النفس تزهق فلا تحسبي اني تخشعت بعدكم لشيء ولا اني من الموت افرق ولا ان نفسي يزدهيها وعيدهم ولا انني بالمشي في القيد اخرق ولكن عرضتني من هواك صبابة كما كنت القى منك اذ انا مطلق قال هواي مع الركب اليماني مصعد جنيب. وجثماني بمكة موثق. عجبت لمسراه هو طبعا تقدم انه كان قد اصاب دما فحبس في مكة ثم قتل فيها. وهذا اللي عبر عنه بقوله والجثمان بمكة موثق وذكر خيال محبوبته الذي طاف به والذي عبر عنه بطيف الخيال في قوله عجبت لمسراها وان نتخلصت الي وباب السجن دوني مغلق. على عادة الشعراء من تعجبهم من الخيال وهو ما يتراءى لهم على صورة محبوبهم فيقدرونه انسانا يقطع الفيافي الصحاري لكي يزورهم وطيف الخيال من مشوقات العرب اي من الامور التي تبعث العربية على الشوك وتهجج قلبه وفؤاده والشوق هو حركة النفس ونزاع الهوى. فالخيال مما يهيجه كهذه الابيات. وللعرب مشوقات ومهججات تحرك اشواقهم. فمنها طيف الخيال كما ذكرنا ومن ذلك ايضا شيم البرق اذا لمع البرق احتاجت قلوبهم وتحركت لما تكرر في نفوسهم من حب قطر ومن تذكيره اياهم بعهود الصبا. ومرابع كانوا قد نشأوا فيها وذاقوا فيها حياة حلوة يقول محمد بن عبدالملك الفقعسي سقى الله حيا بين سارة والحمى حمى فيد صوب المدجنة المواطر امين فرد الله ركبا اليكم بخير ووقاكم حمام المقادير كاني طريف القلب كاني طريف العين يوم تعارض يوم تطالعت بنا الرملة سلاف المطي الدوامر حذارا على القلب الذي لا يضيره احاذر واشكال البين ام لم يحاذر اقول لقمقام بن عمرو اما ترى سنى البرق يبدو للعيون النواظر فان تبكي للبرك الذي هيج الهواء عنك وان تصبر فلست بصابر فان تبكي للبرق الذي هجج الهواء عنك وان تصبر فلست بصابر وقال رجل من نمير كان الحجاج قد ظفر به السيرة الا يا سنابركن على كل للحمى لهنك من برق علي كريم. لمحت اقتداء الطير والقوم هج فهيجت احزانا وانت السليم. فبت محد المرفقين كانني لبرق بدا لي نساري حميم. فهل من معير طرف عين خلية فانسان عين العامري كليم على كل للحمى لهنك من برق علي كريم. وقال جحدر بن عمرو الاسدي اليس الله ويعلم ان قلبي يحبك ايها البرق اليماني اليس الله يعلم ان طرفي ان قلبي يحبك ايها البرق اليماني فشيم البروك من مشوقات العرب كما هو معلوم ومن مشوكاتهم ايضا المرور بدور الاحبة واطلالها لارتباط المكان بالزمان الذي يتذكرونه حين يمرون على تلك الامكنة والمنازل التي كانوا قد تربعوا بها واقاموا بها في غبطة وسرور. والبكاء على الاطلال من اعظم ما يميز القصيدة من الشعر الجاهلي كما هو معلوم ويقولون ان اول من بكى الاطلال رجل يقال له ابن حزام او ابن خذام احال عليهم امرؤ القيس في بعض قصائده حين قال لمن الجار غشيتها بحسامي فغميت بزحامي فعمايتين فهضب ذي اقدامي فصفى الاطيط فصاحتين فغادر تمشي النعاج بها مع الارام دار لهند والرباب ولميس قبل حوادث الايام فوجى على الطلل المحيل لاننا نبكي الديار كما بكى ابن حزام وقد اكثر امرؤ القيس وغيره من بكاء الاطلال واعجب الشعراء مطلع قصيدته كيف نبكي من ذكرى حبيب ومنزلي بسقت اللواء بين الدخول فحوملي وقالوا انه بكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في شطر واحد وهذا كما قلنا راجع الى ارتباط المكان باذهانهم وبالازمنة التي يتذكرون فيها صباهم وشبابه ممن اودع كذلك ببكاء الاطلال من الشعراء من الاسلاميين غيلان بن عقبة التميمي للمكان في شعره ميزة خاصة وله قصائد جياد. افتتحها وقفات طلالية بديعة وبليغة. ومنزلتي مي سلام عليكما على الني والنائي يود وينصحه ولا زال من بالسماك عليكما ونوء الثريا وابل متبطح وان كنتما قد هشتما راجع الهوى للشوق حتى ولت العين تصفح اجل عبرة كادت لعرفان منزل لميت لو لم تسبل الدمعة تذبحه على حين راهقت الثلاثين. ورعوت لذاتي وكاد بالحلم يرجح اذا غير النأي المحبين لم يكد رسيس الهوى من حب من يت يبرح ومن مشوقات العرب ايضا هبوب ريح الصبا. وهي الريح الشرقية وكانت العرب تشتاق اليها لانها ريح لينة طيبة وسط بين برد الشمال وحر الجنوب وكانوا يصبون اليها وتذكرهم تهججهم بايام الصبا كما قال الهزلي اذا قلت هذا حين اسلو يهيجني نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر ويروى ان رجلا من اهل التهامة تزوج امرأة من اهل نجد فرحل بها الى تهامة فاشتاقتك الى اهلها وراجعت نفسها فيما يذكرها بصباها وباهلها وقالت ما بال ريح كانت تأتينا من هذه الجهة يقال له لها الصبا اليست عندكم؟ قال يحجبها عنك هذان الجبلان فالتفتت الى جبلين وتنفست الصعداء وانشدت ايا جبلين اعمال بالله خلي يا نسيم الصبايا خلص الي نسيمها اجد بردها او تشفي مني حرارة على كبد لم يبقى الا صميمها فان الصباريح اذا ما تنسمت على نفس مهموم تسلت همومها. والمشوقات واذا سمعه الشجي سماه بكاء. لذا تساءل ابو العلاء المعري تساؤله المشهور في قصيدته المشهورة غير مجد في ملة باعتقادي نوح باك ولا ترنم شادي وشبيه صوت النعي اذا قيس بصوت البشير في كل نادي ابكت تلكم الحمامة ام غنت على فرع غصنها المياد. ابكت لكم الحمامة ام غنت لا فرع غصنها الميات. وقال عوف بن محلم الخزاعي افي كل عام غربة ونزوح اما للنوى من ونية فتريح لقد طلح البين المشت ركائبي فهل ارينا البين وهو الطليح وارقني بالري نوح حمامة فنحت وذو الشجو الغريب ينوح على انها ناحت ولم تذر عبرة ونحت اسراب الدموع السفوح وناحت وفرخاها بحيث تراهما ومن دون افراخي مهامه فيح الا يا حمام الايك الفك حاضر وغصنك مياد. ففيما تنوح الا يا حمام يا حمام الايك الفك حاضر وغصنك مياد ففيمتى نوح وقال جحدر بن عمرو الاسدي ومما هاجني فاهتجت شوقا بكاء حمامتين للتجاوبان تجاوبتا بلحننا اعجمي على غصنين من غرب وباني فكان البان ام بانت سليمة وبالغرض اغتراب غير داني اليس الليل يجمع ام عمرو وايانا فذاك لنا تداني نعم وترى الهلال كما اراه ويعلوها النهار كما علاني فما دون التفرق غير السبع بقين من المحرم او ثماني ولو نعطى الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الزمان وقال عدي بن الرقاع العامري ومما شجاني انني كنت دائما اعلل من لفرط الكراب التنسمي الى ان بكت وارقاء في غصن ايكة تردد مبكاها بحسن ترنمي فلو قبل ما ابكاها بكيت صبابة بالسعدا شفيت النفس قبل التندم ولكن بكت قبلي فهيج لي البكاء بكاءها فقلت الفضل للمتقدم و مما يهيج العربية ايضا اذا كان نازحا اجتماع ظلمة الليل عليه. لان الغريب من شأنه ان يتعلل نهارا باعماله فيتسلى بها ما تشغله فاذا اجتمعت عليه ظلمة الليل فكر ولم يبقى له شغل يصرفه عن التفكير في تزايدت عليه الاحزان وتضاعفت عليه الاشواق بذلك يشكون من الليل وطوله كما قال امرؤ القيس وليل كموج البحر ارخى صدوله علي بانواع الهموم ليبتلي فقلت له لما تمطى بصلبه واردف اعجازا ونأبك الكلي الا ايها الليل الطويل النج لي بصبح وما المصباح منك بامثلي فيا لك من ليل كأن نجومه بكل مغاري الفتل شدت بي يذبل. كان ثريا علقت في بامراس كتان الى صم جندل. ونجد ايضا عند النابغة الذبياني مكانة الليل في قلبه وما يسوقه له من الاشواق والهموم كليني لهم يا اميمة ناصبي. هكذا الرواية يا اميمة تليني لهم يا اميمة ناصبي وليل اقاسيه بطيء الكواكب تطاول حتى قلت ليس بمنقض وليس الذي يرعى النجوم بايب وصدر اراح الليل عازب همه وصدر ايوكليني لصدر اراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب ويصف ايضا وعيد ابي قابوس النعمان بن المنذر حين وصل فقال فبت كاني ساورتني ضئيلة من الرقش في انيابها السم ناقع يسهد من ليل التمام سليمها لحدي النساء في يديه قعاقع تنادرها الراقون من سوء سمها تطلقه طورا وتورا تراجع اذا هو هنا ذكر تخيل الاحبة هو كما قلنا من المشوقات التي تشوق العرب وتبعث همومهم. قال هواي اي من اهواه مع الركب اليمني لجمع يماني منسوب الى اليمن على غير القياس مصعد يصعد الابعاد والارتفاع قال تعالى اذ تصعدون ولا تلوون على احد وجثماني اي جسمي بمكة موثوق عجبت لمسرعاها اي لمسرى طيفها وان نتخلصت اي وصلت الي وباب السجن الدوني مغلق المت الإلمام الزيارة الخفيفة الإلمام الزيارة الخفيفة المت فحيت ثم قامت فودعت فلما تولت كادت النفس تزهق او تزهق هذا البيت تمثلون بهاءات التأنيث المت فحيت ثم قامت فودعت فلما تولت كادت كادت النفس تزهق. فلا تحسبي فيه التفات والالتفات نكتته البلاغية هي تنشيط ذهن السامع لانك اذا كنت تتكلم عن غائب فتحولت الى مقام الخطاب او العكس اه انتبه السامع لان الكلام اذا جرى له على نسق واحد قد ينشأ عن ذلك سأم وغياب ذهن لكن اذا وقع تغيير في الكلام فان ذلك ينشط ذهن السامع فهو قال المت هذا حديث عن غائب فحيت ثم قامت فودعت فلما تولت كادت النفس تزهق ثم التفت الى مقام الخطاب فقال فلا تحسبي بالخطاب. اني تخشعت اي ضعفت او تذللت لشيء بعدكم ولا اني من الموت افرك اي اخاف ولان نفسي يزدهيها يستخفها واعيدهم ولا انني بالمشي في القيد اخرق وانما هو من الهوى والصبابة اي الحب صببت رقة الشكر وحرارته. قال ابن مالك رحمه الله تعالى رقة شوق وهوى صببا وسبب في جمعه صبابه منحدر الامكن والصبابة بقية الماء او الشراب كما كنت القى بك اذ انا مطلق اياعرتني اصابتني صبابة منك وانا سجين كما كانت تصيبني وانا مطلق غير السجين وهذه الابيات هي في معظمها موضعها من الغزل ومناسبتها للحماسة هي ما افتخر به من عدم الخوف وعدم الجزع فلا تحسبي اني تخشعت بعدكم لشيء ولا اني من الموت افرق ابن مالك ابن ابن اقصد ابو تمام رحمه الله تعالى اوردها في باب الحماسة ولم يردها في باب نسي بالغزل سيأتي له باب خاص به وجه مناسبتها لهذا الباب هو ما ذكرنا من انه افتخر بعدم جزعه وعدم فرقه عدم خوفه مما هو فيه فمناسبة الابيات للحماسة آآ هي افتخاره بعدم الجزع من الحبس والقيد ونقتصر على القدر ان شاء الله سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك