بسم الله الرحمن الرحيم اليوم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله اما بعد يقول ابن قدامة رحمه الله فصل في التقليد لما انتهى من الاجتهاد واحكامه وبعض المسائل التي تتعلق بالمجتهد شرع في الكلام عن عن ما يقابله وهو التقليد. وبدأ بالتعريف اللغوي بوجود الارتباط بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي. فقال التقليد في اللغة وضع القلادة في العنق او وضع الشيء في العنق لكن قال مع الاحاطة به يعني هذا الشيء المعلق لا يسمى قلادة الا اذا كان محيطا بالعنق. فاذا كان مجرد تعليقه فلا يقال له قلادة. يعني الاحاطة شرط في استعمال هذه الكلمة من الناحية اللغوية ويسمى ذلك قال قلادة والجمع قلائد واورد هذه الاية ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الخيل لا تقلدوها الاوتار لا لا تقلدوها الاوتار يعني لا تضعوا الاوتار في كالقلائد في اعناقها ما هي الحكمة من هذا النهي؟ قال اكثر العلماء حتى لا تختنق بهذه الاوتار اذا اذا جرت الخيل حتى لا تختنق بذلك وقيل المقصود بالاوتار هنا يعني الجرس. يعني لا تعلق الجرس على رقابها. اعتبار ان الملائكة لا تصحب اه قتل فيها جرس وقيل ان المقصود بهذا بهذا النهي هو النهي عما كان يعتقده اهل الجاهلية من تعليق التمائم والاوتار حتى على البهائم دفعا للعين او شرور الشياطين عنها فالمقصود من هذا ان الاوتار هنا في الحديث لا تقلدوها الاوتار هي بالمعنى اللغوي الذي اشار اليه قال الشاعر قلدوها تمائم خوف واش وحاسد ثم يستعمل في تفويض الامر الى الشخص استعارة كانه ربط الامر بعنقه كما قال لقيط الايادي وقلدوا امركم لله دركم رحب الذراع بامر الحرب مطلعا وهو يعني ان التقليد معناه في اصل اللغة هو وضع القلادة في العنق او وضع الشيء في العنق. هذا معناه الاصلي لكنه قد يستعار يعني يستعمل على سبيل الاستعارة في تفويض الامر الى الى الشخص. فنقول له قلدناك هذه الولاية يعني فوضنا هذه الولاية لك جعلناك صاحب الكلمة والقرار فيها لكن هذا على سبيل الاستعارة. نعم. وهو في عرف الفقهاء قبول قول الغير من غير حجة اخذا من هذا المعنى فلا يسمى الاخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم والاجماع تقليدا لان ذلك هو الحجة في نفسه. يعني هذا معنى التقليد في اللغة. اما معناه في اصطلاح الفقهاء فهو قبول قول للغير من غير حجة. قبول قول الغير من غير حجة. فقولهم من غير حجة هذا قيد يخرج امورا. اولها يخرج الاخذ بالنص او بالدليل نفسه فانه لا يسمى تقليدا. يعني من اخذ بالنص لا يقال لاخذه بالنص تقليد. من كذا بقول الله تعالى لا يقال له قلد الله تعالى. من اخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقال قلد النبي صلى الله عليه وسلم. من بالاجماع لا يقال له قلد الاجماع. فالاخذ بالدليل ليس تقليدا لان التقليد هو قبول الغير من غير حجة وهنا انما اخذ المكلف بالحجة نفسها. فالاخذ بالحجة لا يسمى تقليدا. نعم. قال ابو خطاب رحمه الله العلوم على دربين. منها ما لا يسوغ التقليد فيه. وهو معرفة الله ووحدانيته وصحة الرسالة ونحو ذلك. لان يذكر ابو الخطاب وجماهير العلماء ان العلوم نوعان هناك علوم لا يجوز فيها التقليد وعلوم يجوز فيها التقليد. العلوم التي لا يجوز فيها التقليد هي العلوم التي طلب فيها من المكلف الجزم والاعتقاد الجازم به. فكل ما طلب منه الاعتقاد الجازم فيها لا يجوز فيه التقليد لان التقليد لا يكسب الانسان الجزم. لانه في النهاية يقال لك هذا العالم الذي قلدته؟ ايحتمل ان انه يخطئ الا يحتمل انه يخطئ؟ الا يحتمل انه اخطأ في هذه المسألة؟ تقول نعم. لانه ليس نبيا ليس معصوما وما دام جوزت احتمال الخطأ فقد انتفى الاعتقاد الجازم الذي اوجبه الله سبحانه وتعالى في هذه الامور. فاعلم انه لا اله الا الله. فهذه الامور لا يجوز فيها التقليد. انما التقليد في القضايا التي يكتفى فيها بالظن المسائل الاجتهادية. لان المقلد في ذلك اما ان يجوز الخطأ على من يقلده او او يحيله او يحيله او يحيله فان اجازه فهو شاك في صحة مذهبه وان احاله فبما عرف استحالته ولا دليل عليها. وان قلده في ان قوله حق فبما عرف صدقه وان قلد غيره في تصديقه فبما عرف صدق الاخر؟ وان على سكون النفس في صدقه فما الفرق بينه وبين سكون انفس النصارى واليهود والمقلدين. وما الفرق بين قول مقلده انه صادق وبين قول مخالفه. واما التقليد في الفروع يعني هذا الكلام خلاصته ان ما المطلوب هو الجزم والتقليد لا يوصل الى الجزم لاحتمال ان يكون المقلد مخطئا في هذه المسألة. نعم. واما التقليد في الفروع فهو جائز اجماعا اما التقليد في الفروع وهي المسائل الظنية فهو جائز اجماعا. يقصد اجماعا يعني الاجماع القديم اجماع الصحابة رضي الله عنهم والا فقد خالف فيه بعض المعتزلة نعم. فكانت الحجة فيه الاجماع ولان المجتهد في الفروع اما مصيب واما مخطئ واما مخطئ مثاب غير مأثوم بخلاف ما كرناه فلهذا جاز التقليد فيها بل وجب على العامي ذلك. يعني يشير الى الفرق بين الاجتهاد في الاصول والاجتهاد في الفروع الاجتهاد في الاصول المخطئ فيها اثم. اما المخطئ في الاجتهاد في الفروع فهو مأجور اجور على اجتهاده فقال فبينهما فرق. فلهذا قبلنا التقليد في الفروع ولم نقبله في الاصول وذهب بعض القدرية الى ان العامة يلزمهم النظر في الدليل في الفروع ايضا. بعض القدر يعني بعض بعض معتزلة بغداد من الجعفريين ذهبوا الى ايجاب الاجتهاد على العامي وحتى في الفروع وليس في الاصول. فاوجبوا عليهم الاجتهاد مطلقا قالوا لان الحق لا يعرف الا بالاجتهاد. واما التقليد فلا يعرض به الحق. فاوجبوا عليهم الاجتهاد نعم. وهو باطل باجماع الصحابة. فانهم كانوا يفتون العامة ولا يأمرونهم بنيل درجة الاجتهاد. وذلك مع معلوم على الضرورة والتواتر من علمائهم وعوامهم. يعني اذا استقرأنا الاثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم نجد ان الصحابة كانوا رضي الله عنهم من كان منهم عاميا فانه كان يرجع الى اهل العلم ويقلد العلماء كما في حديث العسيف سألت اهل العلم فاخبروني بكذا وكذا. فالعامة من الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن الصحابة كانوا يستفتون العلماء ويقلدونهم. ويكتفون بفتاويهم حتى بدون السؤال عن الدليل في وهذا منقول كما ذكر نقلا متواترا يعني تواترا معنويا وهو معلوم بالضرورة من اثار الصحابة رضي الله عنهم فهو اجماع من الصحابة على ان العوام يجوز لهم ان يقلدوا العلماء. نعم. ولان الاجماع منعقد على تكليف العامي الاحكام وتكليفه رتبة الاجتهاد يؤدي الى انقطاع الحرث والنسل وتعطيل الحرف والصنائع فيؤدي الى خراب الدنيا. يعني ان العوام مأمورون مثل المجتهدين بالاحكام الشرعية. ولو كلفناهم الاجتهاد لضاعت مصالح الدنيا. لماذا؟ لان الاجتهاد مرتبة عليا لا يمكن ان يصل اليها الانسان الا بعد ان يستفرغ عمره في تحصيل العلوم والمعارف ولو قلنا لكل الناس واجب عليكم الاجتهاد معنى ذلك ان الناس جميعا سينفرون في طلب العلم الشرعي وادوات الاجتهاد وعلوم الاجتهاد كاللغة العربية وغيرها. وهذا نتيجته الطبيعية ضياع مصالح الدنيا وهذا لا تأتي به الشريعة. اعمار الحياة الدنيا مقصد من مقاصد الشرع. واستخلفكم فيها واستعمركم فيها. اي طلب منكم عمارته نعم ثم ماذا يصنع العامي اذا نزلت به حادثة ان لم يثبت لها حكم الى ان يبلغ رتبة الاجتهاد فالى متى يصير مجتهدا ولعله لا يبلغ ذلك ابدا فتضيع الاحكام. يعني يلزم على هذا القول ان نقول للعامي لا تفعل شيئا في هذه المسألة. الا بعد ان تصير مجتهدا. ويبدأ المسكين في طلب علوم الاجتهاد يقول كما قال ابن قدامة ربما لا يصل اليه بعد السعي الطويل وهذا هو المشاهد ليس كل طلبة العلم صاروا علماء مجتهدين وانما القلة منهم القلة القليلة هم الذين صاروا. هكذا. فتكليف العوام بالاجتهاد معناه تضييع مصالحهم وتضييع الاحكام الشرعية. نعم. فلم يبق الا سؤال العلماء وقد امر الله تعالى بسؤال العلماء في قوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون قال ابو الخطاب رحمه الله ولا يجوز التقليد في اركان الاسلام الخمسة ونحوها مما اشتهر ونقل نقلا متواترا لان العامة شاركوا العلماء في ذلك فلا وجه للتقليد. يعني هذه الامور ايضا لا تقليد فيها لانها امور اطلع حتى عوام على ادلتها. كل عام الان يعرف ان الصلوات الخمس واجبة. واذا سألته عن الدليل قالوا اقيموا الصلاة وان الزكاة واجبة ويعطيك الدليل واتوا الزكاة. فهؤلاء لما شاركوا العلماء المجتهدين في معرفة هذه الاحكام ادلتها لم يسمى مذهبهم فيها تقليدا فصل قال الامام ابن قدامة رحمه الله ولا يستفتي العامي الا من غلب على ظنه انه من اهل الاجتهاد بما يراه من انتصابه للفتية بمشهد من اعيان العلماء واخذ الناس عنه وما يتلمحه من سمات الدين والستر او يخبره عدل عنه. فاما من عرفه بالجهل فلا يجوز ان يقلده اتفاقا في هذا الفصل يذكر ابن قدامة رحمه الله ان الواجب على العامي ان يتحرى في السؤال. بمعنى انه لا يجوز له ان يسأل كل من هب ودب وان يسأل العوام ايضا كما يفعل بعض الحجاج والمعتمرين يسألون حتى حراس الابواب عن مسائل الحج والعمرة فهذا تضييع للدين. كما قال ابن سيرين رحمه الله ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون عنه دينكم واذا كان الواحد فينا يتحرى في امور الدنيا لا يسأل اي طبيب ولا يسأل اي مستشار فمن باب اولى ان يتحرى في مسألة الدين. فلا يسأل الا اهل العلم. يسأل من عرف بالعلم كيف يعرف ان فلان عالم بالامارات والعلامات او بخبر العدول. العدول من الثقات يخبرونه ان فلان من اهل العلم والفتية. او بما يراه من الامارات ان هذا الشخص منتصب للافتاء واهل علم يقرونه على ذلك. كما ذكر مالك رحمه الله من شهادة العلماء. قال والله ما جلست والتعليم حتى شهد لي سبعون من علماء المدينة اني اهل لذلك. لان الانسان يغتر في في الحكم على نفسه ويحتاج الى ان يستظهر بشهادة العلماء في هذا. فالعبرة في هذا بالامارات والعلامات والقرائن حتى لو اخبره انسان عدل ثقة ان فلان من اهل العلم والفتية فله ان يسأله. اما اذا عرف ان فلان ليس من اهل العلم والفتية فلا يجوز له باتفاق العلماء ان يسأله عن ذلك. هذا مثل ان تسأل غير الطبيب عن اه احكام الطب والعلاج. ان تذهب الى انسان عامي تقول له اجري لي هذه العملية الجراحية. هذه مثلها. لكن ما اذا وقع الشك يعني لا عرفه بالعلم ولا عرفه بالجهل شك في حاله ما الحكم في ذلك قال ابن قدامة فقد قيل يجوز لان العادة ان من دخل بلدة يسأل عن مسألة لا يبحث عن عدالة من استفتيه ولا عن علمه. من يستفتيه. من يستفتيه ولا عن علمه. وان منعتم من السؤال عن علمه فلا يمكن منع سؤالي عن عدالته وهو حجة لنا في الصورة الممنوعة. يعني يعني ان العالم اذا كان مجهول الحال لا يعرف هو من اهل الفتيا وليس من اهل الفتيا. فهنا بعض العلماء قال يجوز سؤاله بناء على العمل بالعرف والعادة التي جرى عليها المسلمون ان من دخل بلدة فانه لا يسأل لا يسأل عن آآ علمائها وعدالتهم وانما يكتفي بهذه الامارات. العامة والرأي الاخر وهو الذي عليه جمهور اهل العلم انه لا يجوز استفتاؤه. لان الاصل في الانسان الجهل وليس العلم. الاصل في الانسان هو الجهل. اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيء الاصل في الانسان انه جاهل وليس مجتهد. وبالتالي لا يسأل الا من عرف بالعلم اما قطعا او ظنا وان منعتم من السؤال عن علمه فلا يمكن منع السؤال عن عدالته وهو حجة لنا في الصورة الممنوعة يعني مسألة العدالة ايضا لان المفتي يشترط في قبول خبره العدالة كما عرفنا في اول الباب فلا يقبل فتواه الا اذا كان عدلا. لكن هو يعمل بفتواه المجتهد الفاسق. يعمل بفتواه في لا حرج في ذلك لكن لا يقبل الفتوى الا من عدل. طيب لو جاء بلدة وما عرف عدالته عرف علمه ولم يعرف عدالته. هل هو عدل او لا؟ فيستفتيه او لا؟ كذلك هي اه اه مسألة جرى فيها الخلاف والاصح فيها الذي عليه الجمهور انه يستفتي يجوز له ان يستفتيه. لماذا؟ لان الاصل في الناس الاصل في المسلمين العدالة. وخاصة العلماء. من ثبت علمه فالاصل انه عدل يعني عامل بعلمه هذا هو الاصل بخلاف مجهول العلم لان الاصل هناك الجهالة اما الاصل هنا وبالتالي لا يلزمه السؤال عن العدالة وله ان يبني على الاصل نعم. قلنا كل من وجب عليه قبول قول غيره وجب معرفة حاله. فيجب على الامة معرفة حال الرسول بالنظر في معجزاته ولا ولا يصدق كل ولا يصدق كل مجهول يدعي انه رسول الله ويجب على الحاكم معرفة الشاهد وعلى العالم بالخبر معرفة حال حال رواته. وفي الجملة كيف يقلد من كيف يقلد من يجوز ان يكون اجهل من السائل؟ يعني لا يجوز ان يستفتى مجهول لانه قد يكون اجهل من السعي اما العادة من العامة فليست دليلا وان سلمنا ذلك مع الجهل بعدالته فلان الظاهر من حال العالم العدالة لا سيما اذا اشتهر بالفتية. ولا يمكن ان يقال ظاهر الخلق نيل درجة الاجتهاد لغلبة الجهل وكون الناس عواما الا الافراد ولا يمكن ان يقال العلماء فسقة الا الاحاد فافترقا. فافترقا يعني افترقا العلم والعدالة فالاصل في الناس العدالة كما ان الاصل في الناس الجهل. وبالتالي مجهول والعلم لا يستفتى، لان الاصل الجهالة، واما مجهول العدالة فيستفتى لان الاصل فيه العدالة