الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا على نعمه ونشكره على فضله ومنه واحسانه اما بعد فهذا هو اللقاء الاول من دروسنا في تفسير سورة الحج فليتفضل القارئ مشكورا بقراءة اوائل السورة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى ارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. ومن من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريض. كتب عليه فيه انه من تولاه فانه يضله. ويهديه الى عذاب السعير يا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فان خلقناكم فانا خلقناكم من تراب ثم من نطف ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل ذلك بان الله هو الحق انه يحيي الموتى وانه على كل شيء قدير وان الساعة اتية لا ريب فيها. وان الله يبعث ومن في القبور يوجه الخطاب رب العزة والجلال الى الناس اجمعين فيقول يا ايها الناس بما يشمل جميع افراد الناس صغارا وكبارا ذكورا واناثا على اختلاف بلدانهم واختلاف ازمانهم واختلاف الوانهم يوجه لهم النداء من رب العزة والجلال فيقولوا اتقوا ربكم اي ليكن منكم مخافة من ربكم سبحانه وتعالى فهذا الرب الذي رزقكم ولا زال يعطيكم من نعمه ما تتربون به فكما يعطيكم هذه النعم وترجونه جل وعلا فعليكم ان تحذروا منه وان تخافوه وان تستعدوا للقائه فانكم عما قريب ستنتقلون من هذه الدار الى دار الى دار اخرى دار القيامة في يوم عظيم الشأن فيه اشياء ووقائع كونية عظيمة منها تلك الزلزلة العظيمة التي تحرك الارض كلها وتهيئها وتجعلها تتغير معالمها. الزلزلة العظيمة التي تزلزل الارض تحت اقدامكم في ذلك اليوم تتغير احوال الناس وتختلف اهتماماتهم فانهم تبقى نفوسهم متعلقة بشأن ذلك اليوم وما فيه من اهوال عظيمة لدرجة ان الام المرظعة التي في العادة صبيها يقدم عندها على كل شيء الا انها في ذلك اليوم العظيم ترون المرظعة تذهل وتغفل وتتناسى رضيعها الذي لا يستغني عنها بل ان المرأة الحامل التي في بطنها جنينها من شدة هول ذلك اليوم ومن شدة ما فيه من الاحوال العظيمة يسقط حملها هذه الحالة المفزعة تشمل جميع افراد الناس فتغيب اذهانهم فتجدهم يتصرفون تصرفات ويتحركون تحركات لا تعهد من العقلاء وانما شأنهم يماثل شأن اولئك الذين ذهبت عقولهم بسبب كونهم سكارى فقد شربوا المسكر وليسوا بسكارى ولكن عذاب الله شديد مؤلم قوي وكل منهم يحاول ان يهرب منه فانه لما رأى احداث يوم القيامة وما فيها من تغيير لي معالم الكون تغيرت الجبال وتغيرت السماوات وتغيرت الشمس والقمر حينئذ ايقنوا بوجود العذاب الذي اعده الله لاعدائه. وبالتالي تغيرت احوالهم ومن اما اصبحوا يتصرفون تصرفات من فقد عقله ومع قدرة الله الهائلة التي لا يستبعد معها ايقاع هذه الحوادث الكبيرة الا ان هناك من يجادل في الله يخاصم ويحاور مشككا في قدرة رب العزة والجلال درجة البعث فيحاسبكم على اعمالكم واما الدليل الاخر فهذه الارض اليابسة تكون لا نبات فيها ولا اثر فيها لحياة ثم ينزل الله جل وعلا عليها ماء المطر وبالتالي تتغير احوالها وفي قوته سبحانه وفي قدرته على البعث وعلى ايجاد الخلق مرة اخرى بعد موتهم وهذه المحاجة والمجادلة لم تستند الى علم وانما هي على ظنون مجردة مجرد وساوس الشيطانية القتها الشياطين في الاذهان فاصبحوا يتلقفونها بدون تأمل ولا تفكر فيها اصبحوا يتبعون ويسيرون على طريقة كل شيطان ابتعد عن الحق وكان من اهل الضلال وحينئذ يجعل الله عز وجل مصير اولئك المتمردين من شياطين الانس والجن ومن يتبعهم ومن يتولاهم ويصدقهم الظلال البعد عن طريق الحق ويجعله يذهب الى عذاب عذاب نار جهنم تلك النار العظيمة التي تتسعر بمن فيها وحينئذ على الانسان الا ينخدع بتلك الدعوات المضللة وبتلك الوساوس الشيطانية التي تجعله لا يستعد لاخرته فيا ايها العقلاء هذا طريق الاستعداد لامر الاخرة تقوى رب العزة والجلال. فعليكم ان تسلكوها ثم وجه الخطاب مرة اخرى الى عموم الناس باقامة الادلة الدالة على قدرة الله عز وجل على البعث بعث الخلق بعد الموت واول ذلك التأمل في حال الانسان وفي تقلباته من حال الى حال فانها تدل على قدرة الله سبحانه فان الله الذي قلبك يا ايها الانسان لتسير على هذه الاطوار المختلفة. فانه قادر على بعثك مرة اخرى واما الدليل الاخر فهو الاستدلال بهذه الارض التي يغير الله احوالها في اوقات يسيرة فالقادر على تغيير احوال هذه الارض قادر على بعثك يا ايها الانسان كما قدر على احياء هذه الارض فقال تعالى يا ايها الناس ان كنتم في ريب ان كنتم في ريب من البعث اي اذا جاءت الشياطين والقت في نفوسكم التردد والشك بقدرة الله عز وجل على بعثي الاجساد واحياء الاموات فاليكم دليلين نسوقهما على قدرة رب العزة جلال اول ذلك خلق الانسان فاول خلقه عندما خلق ابوهم ادم خلق اول ما خلق من تراب. ثم اصبح بشرا سويا فيه حياة عظيمة فهكذا اذا تحولت اعضاء الميت لتكون ترابا فانه لا يبعد ان يحولها الله الى كائن حي يحاسب ويجازى. ثم انظر يا ايها الانسان في خلقك في خلقك عندما ابتدأ خلقك من نطفة اي قطعة مني تقذف من قبل الرجل في رحم المرأة وها انت الان انسان متكامل فيك حياة وفيك اعضاء ثم تلك النطفة تحولت لتكون علقة. بمعنى انها اصبحت بمعنى انها اصبحت دما يعلق في الرحم ثم ذلك الدم الجامد الذي علق في الرحم تحول ليكون مضغة قطعة لها لحم كأنها قد مضغت بالاسنان مخلقة اي فيها اعضاء ادمية وغير مخلقة اي ان المضغة مرة تسقط من الرحم قبل ان يستوي خلقه وقبل ان يوجد فيها اعضاء ادمية. ومرة تخلق وتشكل على شكل انسان ويصبح ويخرج او تتهيأ لتكون مشتملة على اعضاء ادمية افليس هذا من الادلة على قدرته وبالتالي يبين الله لكم بهذا الذي يخرج من رحم المرأة ويسقط منها قدرته جل وعلا على تخليق الانسان مرة اخرى. وعلى تقليب اطوار حياته ثمان الله عز وجل يقر في الارحام ما يشاء. بمعنى انه يجعل الجنين يبقى في رحم امه مستقرا في ذلك الرحم الى ما يشاء رب العزة والجلال الى اجل مسمى الى وقت محدد في قدر الله جل وعلا ومنهم من يبقى الى ستة او سبعة اشهر ومنهم الى تسعة ومنهم فوق ذلك باجال مسماة عنده سبحانه. ثم بعد ذلك تلد امهاته تلدكم امهاتكم فتصبحون اطفالا صغارا لا تستطيعون شيئا ولا شيئا وتتعلمون شيئا فشيئا ثم تكون حياتكم حينئذ متقلبة من ذلك الضعف الى ان تبلغوا اشدكم ان الله من القوة والعقل ما تصلون به الى اقوى مراحل حياتكم ثم بعد ذلك منكم من يتوفى منكم من لا يصل الى اشد العمر ومنكم من لا يصل الى اواخره فيموت قبل ذلك ولكن هناك طائفة منكم يقدر الله عز وجل عليهم ان يبقوا في الحياة بحيث يستستمر بهم الحياة الى ان يصلوا الى ارذل العمر اواخره التي اواخر العمر بحيث تضيعوا قواكم وتصبحون على ظعف شديد ويكون منكم ظياع او ضعف لعقولكم حتى يصل الانسان في مرات الى درجة ان تضيع جميع معلوماته و اه لا ويبقى لا يحسن شيئا بحيث يكون اضعف من حاله الاول فهذا دليل عظيم على قدرة رب العزة والجلال على البعث فكما قدر على تحويلكم من حال الى حال فهو قادر على تحويلكم الى ان تصلوا الى تتفتح عن النبات ويرتفع نباتها وينبت فيها انواع عظيمة يوجد فيها من انواع الازهار وانواع النباتات وانواع النباتات ما هو منظر بهيج جميل تسر له النفوس. فالقادر على تغيير حال هذه الارض من كونها جدباء شهباء لا اثر للحياة فيها الى ان تشتمل على انواع كثيرة من انواع النبات تبتهج النفوس وتسر برؤيتها ويوجد فيها من الالوان الوان الزهور وانواع والوان الاشجار. ما يجعل نفوس الناس تبتهج هذا دليل على قدرة الله على تغيير احوال هذه الارض. فالقادر على قادر على احياء النفوس بعد موتها وبعثها بعد وفاتها زلك اي هذه الادلة السابقة وتلك الاحوال المذكورة وتلك التغيرات التي يحدثها رب العزة والجلال في الكون انما نشأت لان الله هو الحق. هو الذي يعبد بحق ولا يصح ان يعبد احد سواه وهو سبحانه الذي يحيي الموتى يجعل النفوس تحيا بعد وفاتها وموتها وهذه الادلة السابقة دالة على قدرة رب العزة والجلال على كل شيء فهو لا يعجزه شيء سبحانه وهذه الادلة تدل بدلالة قاطعة على ان الساعة اتية. اي ان يوم البعث ات قادم لا محالة بدون اي شك في ذلك هذه الادلة تدل ايضا على ان الله يحيي الموتى ويبعثهم من قبورهم التي دفنوا فيها ليجازيهم على اعمالهم. وحينئذ احذركم من ان تستجيبوا للشياطين التي تظلكم عن الحقائق وتغطي البراهين والادلة ونحذركم من ان يكون عندكم مخاصمة في توحيد الله عز وجل بدون ان تستندوا الى دليل وبدون ان تستندوا الى هداية وبدون ان يكون عندكم دهل يدلكم على الحق وليس لديكم كتاب منزل من عند رب العزة والجلال فهذه ايات عظيمة فيها فوائد كثيرة. فمن فوائد هذه الايات توجيه الخطاب الى الناس جميعا بوجوب ايمانهم بقدرة الله عز وجل. وبالبعث بعد الموت وبالاستعداد لملاقاة رب العزة والجلال. ليجازيهم على افعالهم وفي هذه الايات عظم علامات الساعة اعظم وقائع يوم الساعة وشدة الهول في هذه العلامات وفي هذه الايات ان رب العزة والجلال يجعل عند الناس من الفزع في ذلك اليوم ما يغير احوالهم ويقلب وامزجتهم واهوائهم وفي هذه الايات ان المرضعة تهتم برضيعها وتقوم به وفيها وجوب ان تعتني المرأة الحامل بحملها والا تعرضه الى ما يمكن ان يؤدي الى سقوطه وفي هذه الايات ان ذهن الانسان قد يضيع باسباب غير اسباب ذكر وفي هذه الايات تحريم مجادلة الانسان بالباطل او بغير علم والواجب على الانسان الا يجادل عن رأي ولا قول الا اذا قامت الادلة عنده بذلك وعدم العلم بالاشياء لا يعني لا يعني انها قد علمت بظدها فكونك تسترشد وتطلب الحق لا يسوغ لك ان تجادل بغير علم. وانما تكون مسترشدا سائلا وفي هذه الايات التحذير من اتباع الشياطين والسير على طريقتهم فليس كل شبهة تلقى في النفوس تكون صحيحة وبالتالي يحذر الانسان من عدوه الشيطان الرجيم ومن شياطين الانس والجن خشية من ان يلقوا في ذهنه او عند مسامعه شيئا من الشبهات فيعلق فيعلق في ذهنه تلك الشبهات وفي هذه الايات ان سنة الله كأن سنة الله جارية بان من استمع للشياطين فانه يقع في الظلال ويكون مصيره الى العذاب وفي هذا وجوب ان يتحذر الانسان من الوساوس التي يلقيها عليه عدوه الشيطان الرجيم وفي هذه الايات ان الانسان ينبغي ان يبني معتقده على يقينيات والا يجعل اموره مبنية على الشكوك والترددات وفي هذه الايات تذكير الانسان باصل خلقته وانه خلق خلق من التراب وفي هذه الايات ان خلق الانسان في بطن امه يتقلب الى احوال متعددة ومختلفة. وبالتالي على الانسان ان يتذكر حاله ولا يتكبر على عباد الله فتذكيره بان اصله نطفة يجعله يدع ما قد يكون في نفسه من تكبر وترفع على عباد الله وفي هذه الايات التفريق بين ما يسقط من الارحام من الاجنة فان الجنين الذي يسقط من بطن امه قد يكون مخلقا فيه اعضاء ادمية وقد يكون غير مخلق اي لا توجد فيه اعضاء ادمية. ولذلك فرق العلماء بينهما فاذا سقط ما فيه سقط المخلق فان المرأة حينئذ تعد ما يأتيها من دم من النفاس بخلاف ما اذا كان الساقط غير مخلق فانه لا يعد ما نزل منها نفساء وفي هذه الايات تذكير الانسان بانه لم يكن يعلم شيئا وفي هذه هذه الايات فضل الله جل وعلا على العباد بما اتاهم من القوى في ابدانهم وفي هذه الايات تخويف الانسان من ان الوفاة قد تأتيه في اي لحظة فلا يغتر بشبابه ولا بقوته وقدرته فان الموت قد يأتيه وهو على تلك الحال وفي هذه الايات ان الانسان في قد يعمر حتى يكون ذلك من اسباب زوال عقله وزوال معلوماته وفي هذه الايات ان تقليب الانسان من حال الى حال دليل على قدرة الله عز وجل وانه قادر على بعث الاجساد واحياء الموتى وفي هذه الايات التذكير بفظل الله عز وجل بانزال الامطار فهي نعمة عظيمة ينعم الله بها على عباده وفي هذه الايات التذكير بنعمة الله على العباد بانبات انواع النبات مما يكون من اسباب ابتهاج النفوس ومن اسباب انتفاعها بذلك النبات وفي هذه الايات ان الاصل فيما تنبته الارض هو الجواز والحل وفي هذه الايات الاستدلال بالاقيصة العقلية لاثبات القضايا الكلية اليقينية فانه قد قاس احياء الانسان بعد الممات على احياء الارض بعد مماتها بانبات او بانزال الامطار وانبات النبات وفي هذه الايات جواز ابتهاج النفوس وسرورها بانواع النبات الذي ينبت على الارض حيث اقر الله عز وجل ذلك في قوله وانبتت من كل زوج بهيج وفي هذه الايات وجوب افراد الله بالعبادة وعدم جواز صرف شيء منها لغير الله سبحانه وتعالى وفي هذه الايات ان احياء الموتى مما ينفرد الله عز وجل به وفي هذه الايات اثبات عموم قدرة الله فهو قادر على كل شيء ومن ذلك احياء الموتى وبعث الاجساد بعد موتها وفي هذه الايات الجزم بوجود يوم اخر يجازى فيه العباد على اعمالهم ويحاسبون فيه وفي هذه الايات الجزم بان الله جل وعلا يحيي اولئك الموتى الذين دفنوا في قبورهم فهذه الايات قد اشتملت على معان كثيرة ذكرت شيئا من احكامها اسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم الاستعداد ليوم الميعاد وان يجعلنا واياكم ممن ممن قدم عملا صالحا يرحمه الله به ويغفر بسيئاته ويتجاوز عن اخطائه كما اسأله جل وعلا ان يجعلنا واياكم ممن نجح وفاز في ذلك اليوم فما اسأله سبحانه ان يرفع درجاتنا في جنان الخلد وان يعيذنا من السعير كما اسأله سبحانه ان يحمينا من وساوس الشياطين شياطين الانس والجن وان يعطينا من اليقين والعلم ما يكون سببا لرد شبهاتهم اسأل الله جل وعلا للجميع توفيقا وهداية وصلاحا. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين