الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله تنزيه الله عز وجل عن العبث وعن ظن السوء فان الله جل وعلا هو المتصرف في الكون هذه الكائنات تدل على قدرته سبحانه وتعالى وتنزهه جل وعلا من الظنون الفاسدة. كما به واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فهذا هو الدرس السادس من دروسنا في تفسير سورة النور لعلنا نستمع الى ايات من هذه السورة قل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم المتر ان الله يسبح له من في السماوات والارض والطير صافة كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون. ولله ملك السماوات والارض والى الله المتر ان الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله كما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقي يذهب بالابصار. يقلب الله الليل ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار. والله خلق كل داء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم ميت يمشي على رجليه ومنهم من يمشي على اربع يخلق الله ما يشاء. ان الله على كل شيء قدير. لقد انزلنا ايات مبينة والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ويقولون امنا بالله وبالرسول واطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك بالمؤمنين واذا الى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون. وان لهم الحق يأتون اليه مذعنين. افي قلوبهم مرض ام ارتابوا. ام يخافون ان يحيف الله عليهم ورسوله. بل اولئك هم الظالمون ذكر الله جل وعلا في هذه الايات عددا من المشاهد الكونية التي تدل على قدرة رب العزة والجلال ثم انتقل من ذلك الى ذكر مواقف الناس تجاه الايات القرآنية وتجاه الشرع واحكامه ومدى الالتزام به فقال سبحانه الم ترى المراد هنا الرؤية القلبية والخطاب موجه الى كل قارئ للقرآن الم تر اي الم تعلم ان الله يسبح له من في السماوات والارض فجميع الكائنات تسبح لله عز وجل. والتسبيح على نوعين اولهما تسبيح من جهة ان ظواهر النصوص معمول به ولذا فالذي يظهر انه تسبيح حقيقي فان قال قائل هل لها السنة؟ قيل بان امور الغيبيات لا تعتمدوا على الامور المشاهدات ولذا ورد ان الحصى كان يسبح في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله والطير صافات. اي ان الطيور بانواعها يجدها الانسان تصف اجنحتها في الهواء فتطير وترتفع الى مواطن عالية. كل قد علم صلاته وتسبيحه اي هذه الكائنات الموجودة في السماوات والارض ومنها الطيور التي بين السماء والارض. قد علم الله صلاتها تسبيحها ثم ان كل واحد منهم قد علم صلاة نفسه وتسبيحه واشار الى ذكر الطير هنا لانها اذا طارت كانت بين السماء والارض ولذا خشي من ان يفهم من اللفظ الاول عدم شموله للطير فخصه بالذكر ثم قال تعالى والله عليم بما يفعلون. اي لا يخفى عليه شيء من افعال المخلوقات ثم فهو الذي قدرها وهو الذي خلقها وخلق افعالها وهو المطلع عليها. ثم قال سبحانه ولله ملك السماوات والارض اي ان الله جل وعلا هو المتصرف في هذه الكائنات وهو المالك لها وهو الذي انشأها ابتداء وهو الذي يتصرف فيها سبحانه وتعالى. ولذلك كانت ملكا له سبحانه وتعالى. ومن كان مالكا لها فانه حينئذ ينبغي الا يستعمل شيء مما في السماوات والارض الا اذنين منه سبحانه وتعالى والى الله المصير. اي سيعود العباد الى الله فيحاسبهم على اعمالهم ويجازيهم عليها. ثم وجه خطابا اخر. فيه لفت للانظار صرف للقلوب من اجل ان تلاحظ حادثة كونية. فقال سبحانه الم تر ان الله يجدي سحابا اي يقوم بسوق هذا السحاب ثم يؤلف بينه اي يجعل بعظه يتداخل في بعظه الاخر. ثم يجعله ركاما اه اي يجعله متراكما. بعظه يركب فوق بعظه الاخر. فحينئذ تشاهد الودق الذي هو المطر يخرج من داخل ذلك السحاب من بين خلله وينزل من السماء من جهة العلو من جبال فيها باء من برد. اي من سحاب يماثل الى الجبال في عظمتها فيها من برد اي يأتي فيها قطع متجمدة فهي كانت سحابا ثم اصبحت ثم اصبحت متجمدة كانها الحصى به من يشاء اي هذا البرد يأتي لاناس فيؤثر عليهم. ويصرفه عمن يشاء. فلا يؤذيهم ولا يفسد شيئا من امورهم. وهكذا اسأ المطر. يصيب بعض عباد الله بتقدير رب العزة والجلال ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه اي ان البرق الذي يخرج من هذه من هذا السحاب وهو ذلك النور الذي ينشأ من احتكاك السحاب بعضه ببعض يكاد ضوء هذا البرق يذهب بالابصار ان يزيل قدرة الانسان على الرؤية من شدة ابصار ذلك البرق ثم قال تعالى يقلب الله الليل والنهار الليل ذلكم الوقت المظلم الذي يزول فيه الظوء والنور والنهار بعكسه والله جل وعلا يقلب الليل والنهار مرة يجعل الوقت وقت ليل ومرة يجعل الوقت وقت نهار كما انه سبحانه يغاير ما بين اوقاتهما. فمرة يطول الليل ومرة يقصر ومرة يطول النهار. ومرة يقصر وهذا فيه دليل وبرهان لاصحاب العقول والبصائر ليهتدوا الى قدرة رب العزة والجلالة وقوله ان في ذلك لعبرة اي طريقا يعبر الانسان فيه من مشاهدة هذا الموجود الى معرفة قدرة رب العزة والجلال على باقي الافعال فمن صرف الليل والنهار فانه قادر على ان يتصرف في الكون سبحانه وتعالى ثم ذكر الله جل وعلا اية عظيمة فيها عبرة للمعتبرين تدل على قدرة رب العزة والجلال. فيما يتعلق بخلق هذه الحيوانات فقال والله خلق كل دابة من ماء اي ان الله وحده هو الذي اوجد هذه الحيوانات التي تدب على الارض واوجدها من ماء وهو ماء النطفة وانظري اليها حيث غاير الله بينها. فمصدرها واحد ولكنها في صفاتها وفي بطريقة حياتها متغايرة. ومن امثلة هذا التغاجر ان منهم ان من هذه الدواب من امشي على بطنه يزحف على البطن كما نشاهده في الثعابين والحيات ومنهم من يمشي على رجلين ثنتين وكالانسان والطير. ومنهم من يمشي على اربع من امثال بهيمة الانعام وهذا يدلك على قدرة رب العزة والجلال على الخلق. ولذا فان الله يخلق ما يشاء مما ذكر ومما لم يذكر. وهذا يدلك على عموم قدرة الله عز وجل. وانه لا يعجز شيء سبحانه وتعالى وحينئذ ذكر الله جل وعلا بقيمة هذا الكتاب الذي انزل على النبي صلى الله عليه وسلم لما في من الايات العظيمة ودلائل والبراهين. فقال لقد انزلنا ايات مبينات. اي ان هذا القرآن قد اشتمل على دلائل وبراهين ترشد الناس الى الحق وتجعلهم استبشرون الامور ويعرفون الحقائق ويزول عنهم ويزول عنهم الجهل سائل آآ الامور التي ذكرت في الايات السابقة فيما يتعلق بمثل الذين كفروا سواء اولئك الذين يماثل ما عندهم السراب. او اولئك الذين لا زالوا في جهل مطبق. ولذا قال تعالى والله يهدي من يشاوي الى صراط مستقيم. اي ان امور العباد مرتبطة بمشيئة الله سبحانه وتعالى. وهو الذي يوفق من عباده. لان يسلك الطريق الذي لعوجاج فيه الطريق الحق الذي يوصل الى خيري الدنيا والاخرة ثم لما عرظ الله هذه الايات ذكر تقسيم الناس تجاه هذا الشرع من جهة قبوله والتسليم باحكامه فقال سبحانه ويقولون امنا بالله وبالرسول واطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وهذه الايات نزلت في سورة النور التي تتكلم عن امور الحجاب وامور الاستئذان ونحو بذلك من الامور مما يدل على ان شأن اهل النفاق ان ينازعوا في امور الستر والعفة وان يكون منهم منازعة ومناقضة في هذا الباب. فقال عنهم ويقولون ان يقول اهل امنا بالله وبالرسول واطعنا ان اي انهم يظهرون من جهة الدعوة الاجمالية بهذا الدين ثم بعد ذلك اذا جاءت بعض الاوامر تجدهم يتولون ولا لامر الله عز وجل وهذا يتناقض مع دعواهم التي ادعوها من الايمان والطاعة ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك. وما اولئك بالمؤمنين اي هذا الشأن بعدم الاستجابة ابت لما جاء في الشرع ليس من شأن اهل الايمان. واذا نظرت الى حال هؤلاء المنافقين وجدتهم انهم اذا دعوا الى الله ورسوله اي طلب منهم ان يأتوا الى حكم الله والى حكم رسوله صلى الله عليه وسلم فيما وقع فيه النزاع والخلاف سواء في امور الستر والحجاب او في امور التنازع راضي اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرظون يعرظون عن حكم ولا يستجيبون لحكم الله وان يكن لهم الحق اي اذا علموا ان ما يختارونه وما يهوونه يكون موافقا لما في شرع الله ودينه وجدت انهم حينئذ يأتون اليه مذعنين اي مقادين خاضعين وتجدهم يستدلون بالايات القرآنية وبالاحاديث لم فرقوا بين البابين ينبغي ان يكون من شأن المؤمن ان يقدم حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم على رغباته واهوائه لا يكون من شأنه اذا وافق حكم الله هواه استدل به واذا كان حكم الله ثالثا لهوى اعرظ عنه. قال افي قلوبهم مرض يعني هل عندهم مرض مرض حسي وقلبي بحيث يجعلهم لا يسلمون بحكم الله ان ارتابوا اي ام انهم يشكون في حقيقة هذا الدين او يشكون في صدق الله وجل وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم ام يخافون ان يحيف الله عليهم ورسوله اي هل من شأنهم ان يخافون ان يظلمهم الله عز وجل وان يظلمهم رسوله صلى الله عليه وسلم بل اولئك هم الظالمون. اي الذي جعلهم يعرضون عن حكم الله وعن حكم رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما لديه من النفاق ولذا قال في مقابلة هؤلاء هناك اهل الايمان اهل الايمان الذين يسلمون لله ولرسوله حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم على اهوائهم ورغباتهم يقدمون حكم الله وحكم على عصبياتهم وعلى انتماءاتهم. قال انما كان قول المؤمنين اي شأن المؤمن ان يسلم لحكم الله اذا انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم سواء في قضايا الخصومات او او في قضايا النزاعات او فيما يختلف فيه الناس ان يقولوا سمعنا واطعنا. فنحن نسمع ونصدق ما يأتي عن الله عز وجل ونطيع اوامره ونمتثلها وحينئذ يكون الانسان من اهل الفلاح الذي يفوز فوزا دائما في الدنيا والاخرة ومن يطع الله ورسوله اي يسلم لحكم الله ولحكم رسوله ويخشى الله اي ويخاف من الله ان يعاقبه في دنيا والاخرة ويحذر من عقوبات المعاصي ويتقيه اي اي يكون عنده تقوى من الله فاولئك هم الفائزون اي الذين ينالون خير الامور واصلحها واحسنها وحينئذ نعلم شأن اهل النفاق الذين اقسموا بالله جهد ايمانهم لان امرتهم ليخرجن فهم يظهرون الطاعة ويبطنون ويبطنون ضدها. وهذا شأنهم ومن ذلك ما بامرهم للالتزام باحكام الله واحكام رسوله او الجهاد او نحو ذلك وحينئذ على الانسان ان يحذر من ان يكون من اهل النفاق وان يكون عنده ايمان يجعله لاحكام الله عز وجل ولاحكام رسوله صلى الله عليه وسلم بدون شك ولا امتراء ولا تردد فهذه ايات عظيمة فيها فوائد كثيرة من فوائد هذه الايات ان ما في الكون يسبح لله عز وجل بسماواته وارضه وطيره وجميع كائناته. وفي هذه الايات سعة علم الله عز وجل بحيث لا يخفى عليه شيء من احوال العباد. سواء الافعال التي فعلوها انتهت او ما يستمرون على فعله. ولذا قال بما يفعلون والله عليم بما يفعلون دم الفعل المضارع الدال على الاستمرار وفي هذه الايات ان الله يملك جميع الكائنات ويملك السماوات والاراضين وفي هذه الايات اثبات المعاد ورجوع العباد الى رؤى الرب سبحانه وتعالى. وفي هذه الى ايات التذكير بقدرة الله جل وعلا في انزال الامطار في هذه الايات قدرة الله جل وعلا بسوق هذا السحاب العظيم. وهذه المياه التي تنزل من السماء وفي هذه الايات تذكير الانسان بقدرة الله جل وعلا بذكر مراحل سوق السحاب وما فيه من من البرق العظيم. وفي هذه الايات ايضا التذكير بقدرة الله جل وعلا من خلال التعريف بفعله في الليل والنهار من جهة تقليبهما وتكوين بعضهما على بعضهما الاخر. وفي هذه الايات تذكير العباد بان يكون من شأنهم ان يتدبروا في قدرة الله عز وجل وفي وفيفه لشؤون الكون. وفي هذه الايات من الفوارق ان رب العزة والجلال يصرف الخلق تصاريف عجيبة وينوع فيما بينهم. ذلك ان يبدي الاشياء من مبدأ واحد متماثل ومتقارب ثم يخالف بينها ما بينها. وفي هذه الايات تذكير لله عز وجل بانزال هذا الكتاب الذي فيه الدلائل الدلائل وفي هذه الايات التذكير ان نعمة الله بيد رب العزة والجلال. ومن ثم نتوجه اليه سبحانه ان ان يهدينا الى الصراط المستقيم وفي هذه التحذير من شأن اهل النفاق الذين يقبلون من الشر بما يوافق اهواهم ورغباتهم ويردون منها لا يوافق اهواءهم. وفي هذه الايات انه يجب ان يسلم لاحكام الله عز وجل وان يقبل عن رب العزة والجلال من الاحكام والا يكون عنده شيء من الدد في ذلك وفي هذه الايات من الاحكام ايضا انه يجب على الانسان ان يحذر من مرض القلب الذي يجعله ينتقي من احكام الشرع ما يتوافق مع هواه. وفي هذه الايات ان الله عز وجل عادل لا يظلم احدا ولا يتصور ان يكون هناك ظلم من الله ورسوله بل اهل الظلم هم اهل النفاق. وفي هذه الايات وجوب اليقين بخبر الله عز وجل بحيث لا يكون عند الانسان ارتياب ولا شك ولا تردد في لقبول ما ياتي عن رب العزة والجلال. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلنا الله اياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين