بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصرة في التفسير الصحيفة التاسع والسبعون بعد المئتين ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر. لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين سورة النحل الاية الثالثة بعد المئة ونحن نعلم ان المشركين يقولون ان محمدا صلى الله عليه وسلم انما يعلمه القرآن انا انسان وهم كاذبون في دعواهم فلغة من يزعمون انه يعلمه اعجمية وهذا القرآن نزل بلسان عربي واضح في بلاغة عالية فكيف يزعمون انه تلقاه من اعجمي وفي هذه الاية الكريمة نقف عند كلمة يلحدون اي يميلون اليه ويزعمون انه يعلمك واصل الاحد يدل على ميل عن استقامة وتفسير هذه الاية الكريمة اي يقول الله تعالى تكذيبا لهم وردا على فريتهم لغة الرجل الذي يشير اليه مشركو قريش ويضيفون اليه ميلا وانحرافا عن الحق انه يعلم محمدا القرآن لغة اعجمية ليست بعربية وليست بالتي تبين المعاني وتفصح عن المراد باوضح بيان وهذا القرآن قد نزل بلغة عربية ذات فصاحة وبيان واضح عظيم فكيف يزعمون ان محمدا تلقى القرآن من اعجمي الاية الرابعة بعد المئة ان الذين لا يؤمنون بايات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب اليم ان الذين لا يؤمنون بايات الله انها من عنده سبحانه لا يوفقهم الله للهداية ما داموا مصرين على ذلك ولهم عذاب موجع بسبب ما هم فيه من الكفر بالله. والتكذيب باياته الاية الخامسة بعد المئة انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بايات الله. واولئك اولئك هم الكاذبون ليس محمد صلى الله عليه وسلم كاذبا فيما جاء به من ربه انما يخترق الكذب الذين لا يصدقون بايات الله لانهم لا يخافون عذابا ولا يرجون ثوابا واولئك المتصفون بالكفر هم الكاذبون لان الكذب عادتهم التي اعتادوا عليها الاية السادسة بعد المئة من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضبا. ولا من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره على الكفر. فنطق بكلمة الكفر بلسانه وقلبه مطمئن ان بالايمان موقن بحقيقته لكن من كان منفسح الصدر بالكفر فاختاره على الامام وتكلم به طائعا فهو مرتد عن الاسلام فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم الاية السابعة بعد المئة ذلك بانه مستحب الحياة الدنيا على الاخرة الله لا يهدي القوم الكافرين. ذلك الارتداد عن الاسلام بسبب انهم اثروا ما ينالونه من حطام الدنيا مكافأة لكفرهم على الاخرة وان الله لا يوفق القوم الكافرين. اذ الايمان بل يخذلهم وقف عند هذه الاية الكريمة ذلك بانه مستحب الحياة الدنيا على الاخرة اي ذلك الغضب من الله والعذاب الاخروي العظيم بسبب ان الذين كفروا بعد ايمانهم اختاروا نعيم الحياة الدنيا على نعيم الاخرة فارتدوا على ادبارهم طمعا في شيء من زهرة الدنيا الفانية اذا اخي الكريم تأمل ذلك حتى لا تغرك الدنيا وتأمل كيف ان الله سبحانه وتعالى قد جعل استحباب الدنيا على الاخرة هو الاصل الموجب للخسران والدنيا هذه مهما طالت فهي ذاهبة ويحرص الانسان للدار الاخرة الاية الثامنة بعد المئة اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم اولئك هم الغافلون اولئك المتصفون بالردة بعد الايمان الذين ختم الله على قلوبهم فلا يفهمون المواعظ وعلى اسماعهم فلا يسمعونها سماعا ينتفع به وعلى ابصارهم فلا يبصرون الايات الدالة على الايمان واولئك هم الغافلون عن اسباب السعادة والشقاء وعما اعد الله لهم من العذاب الاية التاسعة بعد المئة لا جرم انهم في الاخرة هم الخاسرون انهم يوم القيامة هم الخاسرون الذين خسروا انفسهم بسبب كفرهم بعد ايمانهم الذي لو تمسكوا به لدخلوا الجنة الاية العاشرة بعد المئة تجاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم ثم ان ربك ايها الرسول لغفور ورحيم بالمستضعفين من المؤمنين الذين هاجروا من مكة الى المدينة بعد ما عذبهم المشركون وامتحنوهم في دينهم حتى نطقوا بكلمة الكفر وقلوبهم مطمئنة بالايمان ثم جاهدوا في سبيل الله لتكون كريمة الله هي العليا والكلمة الذين كفروا السفلى وصبروا على مشاقه ان ربك من بعد تلك الفتنة التي فتنوا بها والتعذيب الذي عذبوا به حتى نطقوا بكلمة الكفر لغفور لهم رحيم بهم لانه ما نطقوا بالجريمة الكفر الا مكره ولذلك تأمل في هذه الاية الكريمة ثمان ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم من هاجر في سبيل الله وخلى دياره وامواله طلبا لمرضاة الله وفتن على دينه ليرجع الى الكفر فثبت على الامام ثم جاهد اعداء الله ليدخلهم في دين الله بلسانه ويده وصبر على هذه العبادة الشاقة على اكثر الناس. فهذه اكبر الاسباب التي تنال بها اعظم العطايا وافضل المواهب وهي مغفرة الله لذنوبهم صغارها وكبارها المتضمنة زوال كل امر مكروه ورحمته العظيمة التي بها صلحت احوالهم واستقامت امور دينهم ودنياهم وايضا تأمل في هذه الاية الكريمة. اوقف عندها مليا وانت تنظر الى الاعداد الكبيرة الذين هجروا بسبب دينها ثم ان ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم يدخل في معناها كل من فتنه الشيطان عن دينه او اوقعه في معصية ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وجاهد غير نفسه من العدو من الشياطين الانس والجن وجاهد المنافقين بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك وصبر على ما اصابه من قول او فعل يدخل في ذلك الانسان كلما جاهل السيئات كلما فتح له من ابواب الخيرات ولذلك اذا ظلمك احد فلا تلجأ الا الى الله وتأمل قصة الجارية التي في صحيح البخاري برقم اربع مئة وتسعة وثلاثين اذ اتهمت وهي بريئة فدعت الله ان يبرأها فجاءتها الحديات ببراءتها فصدق الله وهو يجيب المضطر اذا دعاه. قال امن يجيب المضطر اذا دعاه فاذا ظلمك الظالمون فلا بأس ان تخرج من البلد الذي ظلمت فيه ووقعت لك فيه المحنة فلعلك تتحول الى ما هو خير. قال تعالى ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الارض مراغما كثيرا وسعى فربنا يفتح لك ارغاما لانوف الذين اضطهدوك ويفتح الله تعالى لك من سعة الرزق من فوائد الايات اولا الترخيص للمكره بالنطق بالكفر ظاهرا مع اطمئنان القلب بالايمان طبعا هذا الاكراه الحقيقي الاكراه المؤذي وليس الانسان يسارع ويقول انا مكره لا الاكراه الذي فيه ظرر عظيم على الانسان المرتدون استوجبوا غضب الله وعذابه لانهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة وحرموا من هداية الله وطبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وجعلوا من الغافلين عما يراد بهم من العذاب الشديد يوم القيامة كتب الله المغفرة والرحمة للذين امنوا وهاجروا من بعد ما فتنوا وصبروا على الجهاد هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته