بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير الصحيفة الثامنة والخمسون بعد المئتين مع سورة يوسف نسأل الله فضله ورحمته قال الله تعالى المتر ان الله خلق السماوات والارض بالحق ان يشأ يذهبكم ويأتي بخلق جديد الم تعلم ايها الانسان ان الله خلق السماوات وخلق الارض بالحق فلم يخلقهما عبثا ان يشأ اذهابكم ايها الناس والاتيان بخلق اخر يعبده ويطيعه بدلا منكم لاذهبكم وجاء بخلق اخر يعبده ويطيعه فهو امر سهل يسير عليه في هذه الاية الكريمة حث على النظر والاعتبار المتر ان الله خلق السماوات والارض بالحق اي الم تر ايها الانسان فهذا خطاب لجميع الناس ودعوة للتفكر بهذا الخلق العظيم. ان الله خلق السماوات والارض وحده من غير ظهير ولا معين وقد خلق ذلك لاجل امر عظيم ولاجل ان يعبده الخلق ولاجل ان يعرفوه وان يعرفوا ما له من صفات الكمال وانه القادر على اعادة الخلق يوم القيامة فهو سبحانه وتعالى لم يخلق السماوات والارض ومن فيهن عبثا ولن يترك المخلوقات سدى الم ترى ان الله خلق السماوات والارض بالحق ان يشأ يذهبكم ويأتي بخلق جديد اي ان القادر الذي تفرد بخلق السماوات والارض ان شاء ان يفنيكم ايها الناس ان عصيتموه افناكم ويأتي بقوم غيركم افضل واطوع لله منكم فربنا جل جلاله هو القادر على ذلك فهذا فيه تهديد وبيان وتحذير وفيه الماح الى اضرار الذنوب والمعاصي قال وما ذلك على الله بعزيز وليس اهلاككم هو الاتيان بخلق غيركم بمعجز له سبحانه فهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء وما ذلك على الله بعزيز. اي وما اذهابكم ايها الناس والاتيان بخلق اخر مكانكم بممتنع على الله ولا متعذر بل هو سهل يسير عليه سبحانه. فربنا جل جلاله هو القادر على كل شيء وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل انتم مغنون عنا من عذاب الله من قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا اجزعنا ام صبرنا ما لنا من محيص وخرج الخلائق من قبورهم الى الله يوم الميعاد فقال الاتباع الضعفاء للسادة الرؤساء انا كنا لكم ايها السادة اتباعا نأتمر بامركم وننتهي بنهيكم فهل انتم دافعون عنا من عذاب الله شيئا قال السادس الرؤساء لو وفقنا الله للهداية لارشدناكم اليها فنجونا جميعا من عذابه ولكن ظللنا فاضللناكم يستوي علينا وعليكم ان نضعف عن تحمل العذاب او ان نصبر ليس لنا مهرب من العذاب اذا لما ذكر الله تعالى اصناف عذاب هؤلاء الكفار ثم ذكر عقيبه ان اعمالهم تصير محبطة باطلة اكثر في هذه الاية كيفية خجالتهم عند تمسك اتباعهم وكيفية اتظاحهم عندهم وهذا فيه تذكير بما سيحصل لهم من العذاب الروحاني بسبب الفضيحة والخجالة فتأمل الاية الكريمة وبرزوا لله جميعا اي وظهروا جميعا من قبورهم لله وحده يوم القيامة مجتمعين في ارض مستوية لا يخفى فيها احد منهم والايات في هذا كثيرة في سورة غافر يومهم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار تأمل انهم كانوا في هذه الدنيا يرتكبون المعاصي بالخفاء قال الله تعالى فقال الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا اي قال الاتباع لقاعدتهم وسادتهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن اتباع دين الله تعالى ويتكبرون عن امتثال امر الله انا كنا لكم في الدنيا اتباعا نطيعكم ونقلدكم فاضللتمونا فهل انتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء؟ اي فهل انتم دافعون عنا اليوم شيئا ولو قليلا من عذاب الله قالوا لو هدانا الله لهديناكم. اي قال القادة المتبوعون لاتباعهم لو هدانا الله الى الحق لهديناكم اليه فلما اظلنا اظللناكم فحق علينا وعليكم عذاب الله وفي هذا تذكير الى الذي سيحصل سواء علينا اجزعنا ام صبرنا ما لنا من محيص. اي سواء علينا. اجزعنا من من العذاب ام صبرنا عليه ما لنا في تشذي الحالين من مهرب ولا ملجأ نفر اليه من عذاب الله وانت حينما ترى في هذه الدنيا يأتي ظالم من الظلمة فتجد الاتباع يكونون على ما يهوى. بغض النظر عن ان يكون هذا الشيء حلالا ام حرام وفي القرآن تذكير بجميع ما يمرنا في هذه الدنيا وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخي اني كفرت بما اشركتموني من قبل ان الظالمين لهم عذاب اليم فقال ابليس حين دخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار ان الله وعدكم الوعد الحق فانجزكم ما وعدكم ووعدتكم وعد الباطل فلم اث بما وعدتكم وما كان لي من قوة اقهركم بها في الدنيا على الكفر والضلال لكن دعوتكم الى الكفر وزينت لكم المعاصي فسارعتم الى اتباعي فلا تلوموني على ما حصل لكم من الضلال ولوموا انفسكم فهي اولى باللوم ما انا بمغيثكم بدفع العذاب عنكم وما انت بمغيثي بدفعه عني اني كفرت بجعلكم اياي شريكا لله في العبادة ان الظالمين بالشرك بالله في الدنيا والكفر به لهم عذاب موجع ينتظرهم يوم القيامة اذا تأمل اخي الكريم لما ذكر الله محاولة الاتباع لما ذكر تعالى محاورة الاتباع لرؤسائهم الكفرة ذكر محاضرة الشيطان واتباعه من الانس وذلك لاشتراك الرؤساء والشياطين في التلبس بالاطلال فقال تعالى حاكيا عن خطبة ابليس لاهل النار وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم اي قال ابليس وابليس هو اول المتكبرين على امر الله وهو اول المتكبرين المتبوعين في الضلال قال لاتباعه لما ادخل الله اهل الجنة الجنة وادخل اهل النار النار ان الله وعدكم على السنة رسله وعدا صادقا متحققا لا يخلف بوقوع البعث واثابة المضيع بالجنة والعاصي بالنار ووعدكم ان في اتباع هؤلاء الرسل النجاة والسلام. فوفى بوعده ووعدتكم ان لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب ووعدتكم النصرة فاخلفت وعدي لكم وكذبت عليكم وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي. اي قال ابليس لاهل النار وما اظهرت لكم اي حجة تدل على صدقه فيما وعدتكم به ولكن دعوتكم الى الكفر بالله والاشراك به ومعصيته فاطعتموني واتبعتموني بلا محرم فلا تلوموني ولوموا انفسكم اي فلا تلوموني هذه الساعة على طاعتكم واتباعكم لي بلا حجة ولكن لوموا انفسكم على ذلك فانتم السبب في دخولكم النار لانكم مؤاخذون بكسبكم ولكم قدرة واختيار ولكنكم اخترتم الشر على الخير ما انا بمصرفكم وما انتم بمصرخي اي ما انا بمغيثكم ومنقدكم من النار وما انتم بمغيثين ومنقرين لي من النار فكل منا له قسطه من العذاب اني كفرت بما اشركتموني من قبل اي اني جحدت وتبرأت من جعلكم لي شريكا لله في العبادة والطاعة من قبل في الدنيا وهكذا يتبرأ الظالمون من الظالمين ان الظالمين لهم عذاب اليم اي ان الكافرين الذين ظلموا انفسهم بوظعهم العبادة والطاعة في غير موظعها لهم عذاب موجع ولذلك الظلم هو وضع الشيء في غير محله وادخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها باذن ربهم تحيتهم فيها سلام وبخلاف مصير الظالمين ادخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري الانهار من تحت قصورها واشجارها ما كنتين فيها ابدا باذن ربهم وحوله يحيي بعظهم بعظا وتحييهم الملائكة ويحييهم ربهم سبحانه بالسلام اذا لما جمع الله تعالى الفريقين في قوله وبرزوا لله جميعا وذكر شيئا من احوال الكفار ذكر ما ال اليه امر المؤمنين من ادخالهم الجنة. فقال تعالى وادخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار اي ادخل الذين امنوا وعملوا الصالحات واضاعوا الله تعالى واجتنبوا معصيته بساتين تجري الانهار سارحة من تحت ما علا منها. كالغرف والمباني والاشجار وغيرها خالدين فيها باذن ربهم اي ماكثين في الجنة بامر ربهم تحيتهم فيها سلام اي تحية بعضهم لبعض وتحية وتحية الله لهم وتحية الملائكة اياهم. سلام ولذلك هذه الكلمة العظيمة يتداولها المؤمنون. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وفي الصلاة حينما نصلي نقول السلام عليكم ورحمة الله وآآ في التشهد ايضا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فالمؤمن يدعو لنفسه ولاخوانه بالسلامة ومن منا لا يريد السلامة فنسأل الله ان يسلمنا جميعا وان يدفع عنا كل ضر نسأل الله ان يسلمنا في اجسادنا في اعمالنا في الليل والنهار وفي كل شيء فربنا هو السلام ومنه السلام. واليه يعود السلام الم تر كيف ظرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء الم تعلم ايها الرسول كيف ظلم الله مثلا لكلمة التوحيد التي هي لا اله الا الله حين مثلها بشجرة طيبة هي النخلة يدعوها ضارب في قرار الارض تشرب الماء بعروقه الطيبة. وفرعها مرتفع الى السماء يشرب من الندى ويستنشق الهواء الطيب وهذه اية عظيمة لما شرح الله تعالى احوال الاسقياء وحال السعداء ذكر مثالا يبين الحال في حكم هذين القسمين وهو هذا المثل وكذلك لما ذكر تعالى مثل اعمال الكفار وانها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ذكر مثل اقوال المؤمنين وغيرها من الاعمال فقال تعالى مرغبا بالعمل الصالح وعدم التفريط بهم الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة. اي الم تعلم يا محمد كيف مثل الله مثلا وشبه شبها كلمة طيبة وهي كلمة التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله كشجرة طيبة التمرة كالنخلة اصلها ثابت وفرعها في السماء اي جذور هذه الشجرة الطيبة ثابتة في الارض واغصانها مرتفعة نحو السماء فكذلك كلمة التوحيد اصلها ثابت راسخ في قلب المؤمن اما فرعها من الاعمال الصالحة قاعدة الى السماء مرفوعة الى الرب سبحانه وتعالى من فوائد الايات. اولا بيان سوء عاقبة التابع والمتبوع ان اجتمعا على الباطل عياذا بالله تعالى بيانوا ان الشيطان اكبر عدو لبني ادم وانه كاذب مخدول ضعيف لا يملك لنفسه ولا لاتباعه شيئا يوم القيامة اعتراف ابليس ان وعد الله تعالى هو الحق. وان وعد الشيطان انما هو محض الجذب تشبيه كلمة التوحيد بالشجرة الطيبة الطيبة التمر. العالية الاغصان الثابتة الجذور وهذا الانسان عليه ان يعمل. هذه الفوائد ذكرها الاخوة في مركز تفسير ونزيد عليها خمسا من الفوائد اولا حينما يكون المؤمنون في الجنة في شغل فاكهين في نزل الكرامة تغمرهم رحمة الله في دار السلام يتجادل اهل الضلال مع قادتهم بسبب خسرانهم فالذكي الفطن الحريص يتدارك الشأن قبل الفوات ثانيا كلما نظرت في السماء والارض فانظر نظر تأمل. وتدبر وتفكر لينشأ عنه العلم الدال على عظمة الخالق ووحدانيته ثالثا كل شيء في هذا الكون يدل على قدرة الله الباحرة. وحكمته البالغة وانه سبحانه وتعالى الجدير ان يعبد ويخاف عقابه ويرجى ثوابه في دار الجزاء رابعا مواعظ القرآن وسياقة القصص والحكايات والمجادلات لتنبيه السامعين والقارئين على النظر في العواقب والاستعداد بما يلزم قبل ان لا يكون الا الندم وقرع السن وعظ اليد خامسا المؤمن مأمور بمعاداة الشيطان ومحاربته بفعل الطاعات وترك المحرمات هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته