ومرة في سورة ابراهيم وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار فشأن شأن الانسان انه ظلوم لنفسه كفار لنعم الله وربنا جل جلاله كما في هذه الاية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصرة في التفسير الصحيفة التاسعة والستون بعد المئتين سورة النحل نسأل الله فضله ورحمته قال الله تعالى والقى في الارض رواسي ان تميل بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون والقى في الارض جبالا تثبتها التلاتة واجرى فيها انهارا لتشربوا منها وتسقوا انعامكم وزروعكم وشق فيها طرقا تسلكونها فتصلون الى مقاصدكم دون ان تضلوا والقى في الارض رواسي ان تميل بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون اي ومن نعم الله عليكم ايها الناس ان جعل في الارض جبالا تثبت الارظ لان لا تضطرب بكن ولان لا تتحرك يمينا وشمالا وربنا قال وجعلنا في الارض رواسي ان تميد بهم وهنا قال والقى في الارض رواسي ان تميل بكم وانهارا. اي وجعل الله في الارض انهارا تجري بالماء من موضع الى اخر لسقي الناس والانعام والحرث وهي شرايين الحياة وسبلا لعلكم تهتدون. اي وطرقا ميسرة وممتدة تسلكونها بيسر وسهولة في قضاء حوائجكم وطلب معايشكم وغيرها رحمة بكم لتهتدوا بهذه الطرق الى كل موضع تريدون الوصول اليه فلا تضلوا ولا تتحيروا قال وعلاماتي وبالنجم هم يهتدون وجعل لكم في الارض معالم ظاهرة تهتدون بها في السير نهارا وجعل لكم النجوم في السماء رجاء تهتدوا بها ليلا وهذا كان نافعا في مدد من الزمن والان تيسرت الامور ثم تيسرت ثم تيسرت ثم تيسرت وعلامات وبالنجم هم يهتدون اي وجعل لكم ايها الناس معالم كالجبال وغيرها يستدلون بها نهارا ونجوما تستدلون بها ليلا على طرقكم في اسفاركم افمن يخلق كمن لا يخلق افمن يخلق هذه الاشياء وغيرها كمن لا يخلق شيئا افلا تتذكرون عظمة الله الذي يخلق كل شيء وتفردوه بالعبادة ولا تشركوا به ما لا يخلق شيئا وتأمل ان الاستدلال بالنعم مستدل بها على وحدانية الله سبحانه وتعالى. افمن يخلق كمن لا يخلق اي افمن يخلق هذه المخلوقات العجيبة التي انعم عليكم بها وهو الله سبحانه وتعالى كمن لا يخلق شيئا لا قليلا ولا كثيرا ولا ينعم عليكم بشيء فتشركون معه في العبادة غيره افلا تذكرون اي افلا تتذكرون ايها المشركون نعم الله عليكم وعظيم سلطانه وقدرته وعجز معبوداتكم وانها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا فتعرف بذلك خطأ ما انتم عليه من الشرك بالله وتعرف ان المنفرد بالخلق احق بالعبادة كلها فتخلص له العبادة سبحانه وتعالى قال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. ان الله لغفور رحيم وان تحاول ايها الناس عد نعم الله الكثيرة التي انعم بها عليكم وحصرها لا تستطيعون ذلك لا تستطيع ذلك من كثرتها وتنوعها. ان الله لغفور حيث لم يؤاخذكم بالغفلة عن شكرها. رحيم حيث لم يقطعها عنكم بسبب المعاصي والتقصير في شكره وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. اي وان تعدوا ايها الناس نعم الله عليكم. لا تطيقوا احصاء عددها فضلا عن اداء شكرها وربنا جل جلاله قال الم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وهذه النعم ظاهرة وباطنة من الذي يستطيع ان يحصيها؟ ابدا لا يستطيع احد ان يحصيها وتأمل كم في جسد الانسان من مخلوقات وتأمل هذا التنفس الذي يذهب ويعود وعمل الكليتين فقط في الكليتين قرابة مليون نصفي فنسأل الله ان يحفظ هذه النعم وان يجعلنا ممن يؤدي شكرها قال ان الله لغفور رحيم اي ان الله يتجاوز عن عباده تقصيرهم في شكر نعمه رحيم بهم لا يقطع عنهم احسانه. من رحمته ومن اخرته انه لا يقطع عنهم احسانا ولا يعذبهم بسبب تقصيرهم يرضى من عباده الشكر القليل ويجازيهم عليه الثواب الكبير فالسعيد هو الذي يعمل بطاعة الله سبحانه وتعالى ويستغل الانسان مواسم الخير في طاعة الله تعالى ولا يقصر ابدا غفور رحيم. فينبغي على الانسان ان يتوب الى ربه دواما. قال والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والله يعلم ما تخفون ايها العباد من اعمالكم ويعلم ما تظهرون منها. لا يخفى عليه شيء منها. وسيجازيكم عليها. ينبغي دائما على الانسان ان يعلم بان الله يعلم عمله وان الله مطلع على ظاهره وباطنه وان هذا العلم بعده حساب فيحاسبنا ربنا جل جلاله على كل لحظة وعلى كل خضرة من الخضرات وعلى كل كلمة وما من كاتب الا سيفنى. ويبقى الدهر ما كتبت يداه والله يعلم ما تسرون وما تعلنون. اي والله يعلم ايها الناس الذي تخفونه في انفسكم ويعلم الذي تظهرونه امام الاخرين من الاقوال والافعال فيحصيها عليكم ويجازيكم بها يوم القيامة. ان خيرا فخير وان شرا فشر والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون والذين يعبدهم المشركون من دون الله لا يخلقون شيئا ولو كان قليلا ومن عبدوهم من دون الله هم الذين يصنعونهم فكيف يعبدون من دون الله ما يصنعونه بايديهم من الاصنام والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون. ايها الاصنام التي يعبدها المشكون من دون الله لا استطيع ان تخلق شيئا بل هي مخلوقة فكيف يكون الها ما كان مخلوقا لا يملك نفعا ولا ضرا اموات غير احياء وما يشعرون ايانا يبعثون ومع كوني عابديهم صنعوهم بايديهم فهم جمادات لا حياة فيها ولا علم فهم لا يعلمون متى يبعثون مع ابديهم يوم القيامة ليرموا معهم في نار جهنم اموات غير احياء اي الاصنام التي يعبدها المشركون جمادات لا ارواح فيها فلا تسمعوا ولا تبصروا ولا تعقلوا شيئا فكيف تتخذ هذه الهة وما يشعرون ايانا يبعثون ايوه ما تدري هذي الاصنام متى يبعثها الله؟ فكيف يرتجى عند هذه نفع او ثواب او جزاء الهكم اله واحد. فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون معبودكم بحق هو معبود واحد لا شريك له. وهو الله والذين لا يؤمنون بالباعثين بالجزاء. قلوبهم جاحدة قلوبهم جاحدة وحدانية الله لعدم خوفها واتاه العذاب من حيث لا يشعرون اي اتاهم عذاب الله بغتة من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون اذ ظنوا انهم في امان منه. فالانسان يحذر الذنوب ويحذر التقصير والتفريط من فوائد الايات فهي لا تؤمن بحساب ولا عقاب. وهم متكبرون لا يقبلون الحق ولا يخدعون له الهكم اله واحد فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون الهكم اله واحد اي معبودكم ايها الناس الذي يستحق العباد دون سائر الاشياء معبود واحد فلا تشركوا به شيئا فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون اي فالذين لا يؤمنون بيوم القيامة والجنة والنار قلوبهم تنكر ما اخبر به من قدرته وعظمته ونعمه وتنكر افراد الله بالعبادة وان الالوهية لا تصلح لغيره لكنهم ممتنعون كبرا عن قبول الحق والانقياد اليه ولذلك كل من يعصي ربه فهو يعصيه كبرا على امر الله تعالى لا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون انه لا يحب المستكبرين حقا ان الله يعلم ما يسره هؤلاء من الاعمال ويعلم ما يظهرونه منها لا يخفى عليه شيء. وسيجازيهم عليها انه سبحانه لا يحب المستكبرين عن عبادته والخضوع له بل يمقتهم اشد الموت لا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون اي حقا وهذا التعبير لا جرم يؤتى به للتأكيد بمعنى حقا ان الله يعلم ما يسره المشركون في قلوبهم من انكارهم الحق واعتقادهم الباطل ويعلم حقا ما يعلنونه من الكفر والمعاصي ثم انه سيجازيهم على اعمالهم الظاهرة والباطنة انه لا يحب المستكبرين اي ان الله لا يحب المستكبرين عن توحيده وافراده بالعبادة فهو يبغضهم وسيعاقبهم واذا قيل لهم ماذا انزل ربكم؟ قالوا اساطير الاولين واذا قيل لهؤلاء الذين ينكرون وحدانية الخالق ويكذبون بالبعث ماذا انزل الله على محمد؟ قالوا لم ينزل عليه شيئا وانما جاء من نفسه بقصص الاولين واكاذيبهم واذا قيل لهم ماذا انزل ربكم؟ اي واذا قيل لهؤلاء المشركين ما الذي انزله ربكم من الوحي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قالوا اساطير الاولين. اي قال المشركون لم ينزل عليه شيء وهذا القرآن الذي يزعم محمد ان الله انزله عليه هو ما سطره الا قدمون في كتبهم من الاكاذيب والاباطيل والقصص التي يتناقلها الناس جيلا بعد جيل قال الله تعالى عنهم ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون ليكون مآلهم ان يحملوا اثامهم دون نقص ويحمل من اثام الذين اضلوهم عن الاسلام جهلا وتقليدا. فما اشد قبحا ما يحملونه من اثامهم واثام اتباعهم وتأمل انهم حينما كذبوا جاء هذا البيان هذا البيان عام يشمل لكل من كان سببا في ذنب واوقع اخر في ذنب لكن هؤلاء وقفوا امام الدعوة وصاروا يصدون عن عبادة الله فجاء هذا الذكر لبيان خطورة الامر. هو ان افضل عمل يقوم به الانسان الدعوة الى الله وان اخطر شيء ان يصد الانسان عن سبيل الله ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة اذ يحملوا ذنوبهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم اي وليحمل المشركون المتبوعون ايضا بعض ذنوب اتباعهم الذين فيقلدونهم بغير علم. ولذلك هذا خطير جدا ان الانسان يكون سببا في بل بغيره الا ساء ما يزرون اي الا بئس ما يحمله المشركون على ظهورهم من الذنوب الثقيلة فالانسان يا اخواني يحذر الذنوب لنفسه ويحذر الدم الذي يقتدي به الاخرون فكثير من الناس يرتكب الذنب ثم يقتدي به الاخرون بهذا الذنب ويحذر الانسان ايضا باب الشرع حينما يفعل الانسان الشر فيقتدي به الاخرون بالشر قد مكر الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من من حيث لا يشعرون لقد اتى الكفار من قبل هؤلاء بالمكائد رسلهم. فهدم الله ابنيتهم من اسسها فسقطت عليهم سقوفهم من فوقهم وجاءهم العذاب من حيث لا يتوقعون. فقد كانوا يتوقعون ان ابنيتهم تحميهم واهلكوا وهنا يتنبه الانسان على ان من كاد كاده الله قد مكر الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد اي قد ما شر الكفار الذين كانوا من قبل مشركي قريش بالرسل واتباعهم وصدوا الناس عن دين الله فاتاهم عذاب الله الذي اجتث بنيانهم من اصله واساسه قال فخر عليهم السقف من فوقهم. اي فسقط السقف على اولئك الكفار من فوق رؤوسهم. فاهلكهم الله في الايات من اصناف نعم الله على العباد شيء عظيم مجملا ومفصل يدعو الله به العباد الى القيام بشكره وذكره ودعائه طبيعة الانسان الظلم والتجرؤ على المعاصي والتقصير في حقوق ربه كفار لنعم الله لا يشكرها ولا يعترف بها الا من هداه الله مساواة المضل الضال في جريمة الضلال اذ لولا اضلاله اياه لاهتدى بنظره او بسؤال ناصح اخذ الله للمجرمين فجأة اشد نكاية لما يصحبه من الرعب الشديد بخلاف الشيء الوارد تدريجا فالانسان احذر احذروا غضب الله ويحذر عذاب الله ويعيش الخوف والرجاء محبا لربه عاملا بضاعته هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته