بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير سورة النحل الصحيفة الثانية والسبعون بعد المئتين نسأل الله فضله ورحمته قال الله تعالى وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وما ارسلنا من قبلك ايها الرسول الا رجالا من البشر نوحي اليهم فلم نرسل رسلا من الملائكة وهذه سنتنا المطردة وان كنتم تنكرون ذلك اسألوا اهل الكتب السابقة يخبروكم ان الرسل كانوا بشرا ولم يكونوا ملائكة ان كنتم لا تعلمون انهم بشر اذا اخبر الله تعالى انه بعث الرسل وكان عاقبة من كذبهم الهلاك بالدلالة اثارهم وكانوا قد قدحوا ثسارا بكون الرسول بشرا ثم بكونه ليس معه ملك يؤيده رد ذلك بقوله مخاطبا لاشرف خلقه صلى الله عليه وسلم لكونه افهمهم عنه مع انه اجل من توكل وصبر عائدا الى مظهر الجلال بيانا لانه يظهر من يشاء على من يشاء فقال ربنا وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم اي ما ارسلنا الانبياء من قبلك يا محمد الا رجالا بشرا من بني ادم ليسوا ملائكة وهؤلاء المرسلون نوحي اليهم الشرائع والاحكام والايات في هذا كثيرة جدا فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون اي فاسألوا ايها المشركون اهل الكتاب الذين قرأوا الكتب من قبلكم في التوراة والانجيل ان كنتم لا تعلمون ان رسل الله كانوا رجالا من البشر ليسوا ملائكة فاسألوهم هل كان الانبياء والرسل بشرا ام كانوا ملائكة قال الله تعالى بالبينات والزبر وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون ارسلنا هؤلاء الرسل من البشر بالدلائل الواضحة وبالكتب المنزلة وانزلنا اليك ايها الرسول القرآن لتوضح للناس ما يحتاج يعني ما يحتاج منه الى توضيح ولعلهم يعملون افكارهم فيتعظ بما تظمنه وهذه الاية الكريمة تبين منزلة السنة النبوية بالبينات والزبر اي ارسلنا الانبياء السابقين بالحجج والكتب وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم اي وانزلنا اليك يا محمد. القرآن لتوضح للناس ما نزل الله اليهم فيه لفظا بتلاوته ومعنى بتفسيره وبيان ما اشكل عليهم منه وتفصل لهم بالسنة النبوية القولية والسنة الفعلية والسنة التقريرية ما اجمل من احكامه قال ولعلهم يتفكرون. اي وانزلنا اليك القرآن كي يتفكر الناس في اياته ويعتبر بها ويتعظ فيهتدوا بالعمل بها قال الله تعالى افأمن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم الارض او يأتيهم العذاب من حيث لا يشعر افأمن الذين دبروا المكايد ليصدوا الناس عن سبيل الله ان يخسف ان يخسف الله بهم الارضين. يعني افأمن افأمنوا ان يخسف الله بهم الارض كما خسفها بقارون او يجيئهم العذاب من حيث لا ينتظرون مجيئه. فالانسان عليه ان يتخوف ان يتخوف من عذاب الله افأمن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم الارض هي اي افأمن الذين كفروا بالله وعصوه ومن ذلك سعيهم في ابطال الاسلام وكيدهم بالمسلمين لايذائهم ان تبتلعهم الارض فيغيب في بطنها قال او يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون اي او يأتيهم عذاب الله غرة من حيث لا يشعرون بمجيئه اليهم ولا يذرون من اين يأتيهم قال او يأخذهم في تقلبهم. فما هم بمعجز او يصيبهم العذاب في حال تقلبهم في اسبارهم. وسعيهم لمكاسبهم فليسوا بفائتين ولا ممتنعين فربنا هو القادر سبحانه وتعالى او يأخذهم في تقلبهم. اي ويهلك الله الكافرين بالعذاب في حال سفرهم. وتصرفهم في معايشهم واشغالهم قال فما هم بمعجزين اي ليسوا بفائتين الله ولا ممتنعين عليه بل هم في قبضته يهلكهم متى شاء ولا مهرب لهم ابدا قال او يأخذهم على تخوف فان ربكم لرؤوف رحيم اوامنوا ان يناله عذاب الله حال خوفهم منه فالله قادر على تعذيبهم في كل حال ان ربكم لرؤوف رحيم لا يعاجل بالعقوبة لعل عباده يتوبون اليه او يأخذهم على تخوف اي او يهلكهم بنقص من اطرافهم ونواحيهم شيئا بعد شيء حتى يهلك جميعهم قال فان ربكم لرؤوف رحيم اي فان ربكم لا يعادل الكافرين والعاصين بالعقوبة لانه رؤوف رحيم بعباده يرزقهم ويعافيهم ويمهلهم ليتوبوا فربنا جل جلاله يختبر العباد ويبتليهم. وربنا جل جلاله هو القادر على كل شيء ولذلك هذا الامهال يجعله الانسان امامه وان الساعات والايام التي يعيشها الانسان عليه ان يعلم بان الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء وهذه المهلة يضعها الانسان للتوبة والعمل الصالح والرجوع الى الله قال او لم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون اولم ينظر هؤلاء المكذبون نظر تأمل الى مخلوقاته تميل ظلالها يمينا وشمالا تبعا لحركة الشمس وسيرها نهارا وللقمر ليلا خاضعة لربها ساجدة له سجودا حقيقيا. وهي ذليلة الانسان يخضع لربه ومولاه في النظر الى يده لانه كل ذرة من ذرات هذا الكون تدل على الخالق سبحانه. فكيف بالايات العظيمة كالشمس والقمر اولم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داحرون. اي او لم ينظر هؤلاء الذين مكروا السيئات الى مخلوقات الله القائمة التي لها ظل كالاشجار والجبال وغيرها ترجع ظلالها من موضع الى اخر فتميل ذات اليمين اول النهار وذات الشمال في اخره من قادة لامره قاضعة لعظمته بميلانها ودورانها من جانب الى جانب اخر وهم صاغرون تحت تسخيره وتدبيره وقهره سبحانه وتعالى قال ولله ولله يسجد ما في السماوات وما في الارض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ولله وحده يسجد جميع ما في السماوات وجميع ما في الارض من دابة وله وحده يسجد الملائكة وهم لا يستكبرون عن عبادة الله وطاعته وهنا لما ذكر الله تعالى في الاية السابقة السجود القسري ذكر بعد هنا سجودا اخر بعضه اختيار وبعضه شبه فقال ولله يسجد ما في السماوات وما في الارض من دابة اي ولله وحده يسجد جميعه ما في السماوات وجميع ما في الارض من كل ما يدب ويتحرك سجود ذل وخضوع وكل احد خاضع لربوبيته ذليل لعزته مقهور تحت سلطانه قلب الملائكة وهم لا يستكبرون ايها الملائكة يسجدون لله وهم لا يستكبرون عن عبادتك والتذلل له بالطاعة قال يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون وهم مع ما هم عليه من العبادة والطاعة الدائمة. يخافون ربهم الذي هو فوقهم بذاتك وقهرك وسلطانك ويفعلون ما يأمرهم به ربهم من الطاعة وتأمل هنا لما مدح الله الملائكة بكثرة الطاعة والخضوع لله. مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الاوصاف فهم اذلاء تحت قهره سبحانه قال يخافون ربهم من فوقهم اي يخاف الملائكة من الله الذي هو فوقهم بذاته وقهره وكمال صفاته قال ويفعلون ما يؤمرون. اي يفعل الملائكة ما يأمرهم الله بفعله ولا يعصونه ابدا وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياي فارهبون وقال الله سبحانه لجميع عباده لا تتخذوا معبودين اثنين انما هو معبود بحق واحد لا ثاني له ولا شريك له ولا شريك فاياي تخافوني ولا تخافوا غيري وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياي فارحمون اي وقال الله لعباده لا تعبدوا معبودين اثنين فتجعل لي شريكا في العبادة. انما هو اله واحد اي انما المعبود صدق للعبادة واحد وهو الله وحده فلا تعبدوا غيره قال فاياي فارهبون. اي فخافوني وحدي وامتثلوا امري. واجتنبوا نهي ولا تشركوا بي شيئا وله ما في السماوات والارض وله الدين واصبا. افغير الله تتقون وله وحده ما في السماوات وما في الارض خلقا وملكا وتدبيرا وله وحده الطاعة والخضوع والاخلاص. ثابتا افغير الله تخافون؟ لا بل خافوه وحده وتأمل هذه الاية العظيمة التي فيها بيان العظمة. وله ما في السماوات والارض. اي ولله وحده ملك ما في السماوات وملك ما في الارض من من خلقك وكلهم عبيده وله الدين واصبا. اي ولله وحده الطاعة والاخلاص والخضوع والذل دائما في جميع الاوقات. وطاعته واجبة وثابتة على عباده ابدا لا تنقطع ولا تزول بخلافة طاعة غيره سبحانه افغير الله تتقون؟ اي افغير الله ايها الناس تخافون وتطيعون وهو المعبود الحق المتفرد بالخلق والملك والتدبير وما بكم من نعمة فمن الله. ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون وما بكم ايها الناس من نعمة دينية او دنيوية. فمن الله وحده لا من غيره ثم اذا اصابكم بلاء او مرض او فقر فاليه وحده تتضرعون بالدعاء ليكشف عنكم ما اصابكم فمن يمنح النعم ويكشف النغم هو الذي يجب ان يعبد هو الذي يجب ان يعبد وحده وما بكم من نعمة فمن الله. ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون اي كل ما لديكم ايها الناس من نعم ظاهرة وباطنة فهذه النعم من الله وحده لا من غيره ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون اي ثم اذا اصابكم مرض او فقر او شدة او بلاء فالى الله تصرخون بالدعاء وبه تستغيثون ليكشف عنكم ما اصابكم من شدة لعلمكم انه وحده القادر على اغاثتكم ثم اذا كشف الظر عنكم اذا فريق منكم بربهم يشركون ثم اذا استجاب دعوتكم فصرف ما بكم من ضر اذا طائفة منكم بربهم يشركون حيث يعبدون معه غيره فاي لؤم هذا وهذه الاية العظيمة تجعل الانسان يخظع لربه دائما ابدا في جميع الاحوال. ثم اذا كشف الظر عنكم اذا فريق منكم بربهم يشركون اي ثم اذا ازال الله عنكم الشدة ورفع البلاء اذا جماعة منكم ايها الناس يجعلون لربهم شريكا في عبادته على الانسان ان يحقق التوحيد لله سبحانه وتعالى وان يحذر الشرك ومظاهره من فوائد الايات على المجرم ان يستحي من ربه ان تكون نعم الله عليه نازلة في جميع اللحظات ومعاصيه صاعدة الى ربه في كل الاوقات ينبغي لاهل الكفر والتكذيب وانواع المعاصي الخوف من الله تعالى ان يأخذهم بالعذاب على غرة وهم لا يشعرون جميع النعم من الله تعالى سواء المادية كالرزق والسلام والصحة. او المعنويا في الامان والجاه والمنصب ونحوها لا يجد الانسان ملجأ لكشف الظر عنه في وقت الشدائد الا الله الا الله تعالى فيضج بالدعاء لعلمه انه لا يقدر احد على ازالة الكرب سواه. فعلى الانسان ان يلجأ الى ربه به دائما ابدا هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته