يظل وجهه متغيرا من كآبته وكراهيته الشديدة لذلك قد امتلأ غما وغضبا وغيضا يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هول ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون قال تعالى وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل الى الله وما كان لله فهو يصل الى شركائهم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ليكفروا بما اتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون شركهم بالله جعلهم يكفرون نعم الله عليهم ومنها كشف الظر ولهذا قيل لهم تمتعوا بما انتم فيه من نعيم حتى يأتيكم عذاب الله الاجل والعاجل تأمل هذه الاية ليكفروا بما اتيناهم. اي ليكفر المشركون بما اتيناهم من نعمة كشف الظر لكن هؤلاء الذين يفعلون هكذا اي تهديد يهددون قال تعالى فتمتعوا فسوف تعلمون اي فتمتعوا في حياتكم الدنيا قليلا ايها المشركون. فسوف تعلمون عاقبة ولذلك هذه الدنيا مهما ظنها الانسان فانها قليلة قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا فمهما تمتع الانسان في هذه الدنيا فانها تذهب منه فربنا جل جلاله قد جعل لكل انسان انفاسا معدودا وساعات محدودة عند انقضائها تقف دقات قلبه ويطوى سجله ويحال بينه وبين هذه الدار قال تعالى ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون ويجعل المشركون لاصنامهم التي لا تعلم شيئا لانها جمادات ولا تنفع ولا تضر قسما من اموالهم التي رزقناهم يتقربون بها يتقربون به اليها والله لتسألن ايها المشركون يوم القيامة اما كنتم تزعمون من هذه الاصنام الهة وان لها قسما من اموالكم ربنا جل جلاله ابانا بالادلة الظاهرة القاهرة السادة اقوال اهل الشرك وربنا جل جلاله يقول ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم. تأمل ان الرزق رزق الله تعالى ان يجعل المشركون للاصنام التي لا يعلمون لها حقا ولا ظرا ولا نفعا ولا حجة لهم في عبادتها حظا مما رزقناهم من الاموال اي نصيبا كالحرث والانعام يتقربون بها اليها وهذا قد جاء مفصلا في سورة الانعام ساء ما يحكم اذا ساء ما يحكمون وساء هذا الصنيع صنيعون وربنا قد اقسم في هذه السورة قال تالله لتسألن عما كنتم تفترون. تالله اي والله الحرف التاء من احرف القسم لكن لا يدخل الا على اسم الجلالة ومعنى الاية اي والله ايها المشركون ليسألنكم الله يوم القيامة اما كنتم تختلقونه في الدنيا من الكذب عليه بادعائكم انه امركم بعبادة غيره وهذا السؤال يلحقه عقاب فسيعاقبكم على ذلك ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وينسب المشركون لله البنات ويعتقدون انها الملائكة فينسبون اليه البنوة ويختارون له ما لا يحبونه لانفسهم تنزه سبحانه وتقدس عما يجعلونه له منها ويجعلون لهم ما تميل اليه انفسهم من الاولاد الذكور فاي جرم اعظم من هذا ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون اي وينسب المشركون لله البنات اذ زعموا ان الملائكة بناته تعالى تنزه الله عن ان يكون له ذلك ولهم ما يحبون اي ينسبون لانفسهم ما يحبون وهم الذكور وهؤلاء قد اساءوا غايته السوء قال واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم واذا اخبر احد هؤلاء المشركين بميلاد انثى اسود وجهه من شدة كراهية ما اخبر به وامتلأ قلبه هما وحزنا ثم هو ينسب الى الله ما لا يرضاه لنفسه واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ايوة اذا اخبر احد المشركين الذين يجعلون لله البنات بولادة بنت لهم يختفي ويتغيب عن قومه من سوء ما اخبر به من ميلاد انثى تحدثه نفسه اي يمسك هذه البنت على ذل وانكسار ام يئدها فيخفيها في التراب ما اقبح ما يهجو به المشركون حيث حكموا لربهم بما يكرهون لانفسهم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ان يختفي عن انظار قومه من كراهيته للبنت ومما يلحقه من الحزن ويظن ان في ذلك عار والذي يحتسب الاجر ففي ذلك الثواب وارتغى ما عند الله تعالى هو اداء حق الله تعالى بالاحسان اليهن وتربيتهن التربية الحسنة يتوارى من القوم من سوء ما بشر به. اي يمسكه على هون ام يدسه في التراب اي يتحير ويتردد بين امرين هل يمسكها على هوان وذلا؟ ام يخفيها في التراب بدفنها وهي على قيد الحياة والانسان يسأل عن عمله بل حتى هي تسأل قال واذا الموؤدة سئلت باي ذنب قتلت ولذا في يوم القيامة سيندق من كان لا ينطق في الدنيا قال تعالى الا ساء ما يحكمون اي الا بئس الحكم ما يحكم به هؤلاء المشركون بنسبتهم البنات اللاتي لا يرضونهن لانفسهن ويكرهونهن فينسبونهن الى الله ونسبتهم البنين الذين يحبون الى انفسهم وربنا قال للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء. ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم للكافرين الذين لا يؤمنون بالاخرة. صفة السوء من الحاجة للولد والجهل والكفر ولله الصفات الحميدة العليا من الجلال والكمال والغنى والعلم وهو سبحانه العزيز في ملكه الذي لا يغالبه احد. الحكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه سبحانه وتعالى للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل اي لهؤلاء المشركين الذين لا يصدقون بالبعث. ولا يصدقون بالثواب والعقاب والجزاء والقصاص هؤلاء لهم المثل القبيح والعيب والنقص ولله المثل الاعلى اي ولله الوصف الافظل والاطيب والاحسن من توحيده وتنزهه عن الولد وعدم احتياجه له وان له جميع صفات الكمال المطلق من جميع الوجوه وهو العزيز الحكيم اي والله ذو العزة القاهرة من كل شيء الحكيم الذي يضع الاشياء في مواضعها اللائقة بها لا خلل ولا خطأ في تدبيره ولا تنده حينما تنظر نظرة الى السماء تدرك هذا البناء العظيم وهذا الخلق الذي جعله الله تعالى اية على قدرته. تنظر الى هذه الارض تنظر الى البحار تنظر الى الانهار تنظر الى اصغر شيء موجود. تدرك قدرة الخالق سبحانه وتعالى ولا يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ولا يعاقب الله سبحانه الناس بسبب ظلمهم وكفرهم به. ما ترك على الارض من انسان ولا حيوان يدب على وجهها ولكنه سبحانه يؤخرهم الى امل محدد في علمه فاذا جاء ذلك فالامد المحدد في علمه لا يتأخرون عنه ولا يتقدمون ولو وقتا يسيرا ولا يؤاخذ الله الناس بظلمهم. ما ترك عليها من دابة اي لو يعاجل الله الناس بالعقوبة بسبب شركهم وكفرهم وافترائهم على الله وعصيانهم لهم لاهلك لاهلك الناس جميعا والاهلك غيرهم من الدواب قال ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى اي ولكن يمهل الله بحلمه الظالمين فلا يعاجلهم بالعقوبة الى وقت وقت وقته لهم وربنا جل جلاله يعلم ذلك الوقت ولا يعلمه احد غيره. قال فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا لا يستقدمون اي فاذا جاء الوقت المقدر لاهلاك الظالمين لا يؤخرون عن الهلاك ساعة فيمهلون ولا يتقدمون عنه فيهلكون قبله فليحذروا اذا ما داموا في وقت الامهال قبل ان يحين الوقت الذي لا يمهلون فيه قال تعالى ويجعلون لله ما يكرهون وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى لا جرم ان لهم نار وانهم مفرطون ويجعلون لله سبحانه ما يكرهون نسبته اليهم من الاناث وتنطق السنتهم بالكذب ان لهم عند الله المنزلة الحسنى انصح انهم سيبعثون كما يقولون حقا ان لهم النار وانهم متروكون فيها لا يخرجون منها ويجعلون لله ما يكرهون اي وينسب المشركون لله البنات اللاتي يكرهونهن لانفسهم ويعدون نسبتهن الى احدهم نقصا وعيبا ويجعلون له شركاء من عبيده في عبادته. وهم يكرهون ان يكون عبيدهم شركاء لهم من اموالهم قال وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى اي ويكذب المشركون بالسنتهم فيزعمون ان لهم الجزاء الحسن في الدنيا والاخرة لا جرم ان لهم النار اي حقا لا بد منهم. ان لهم النار يوم القيامة لا جرم. هذا فيه تأكيد عبارة تأكيد وانهم مفرطون اذا وحقا انهم معجلون ومقدمون الى النار منسيون ومتروكون فيها. عياذا بالله تعالى. هؤلاء الذين بذروا بذرة النسيان فاثمرت النسيان في جهنم تالله لقد ارسلنا الى امم من قبلك فزين لهم الشيطان اعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب اليم تالله اي والله لقد بعثنا رسلا الى امم من قبلك ايها الرسل فحسن لهم الشيطان اعمالهم القبيحة من الشرك والكفر والمعاصي فهو نصيرهم المزعوم يوم القيامة فليستنصروه ولهم يوم القيامة عذاب موجع تالله لقد ارسلنا الى امم من قبلك اي والله يا محمد لقد ارسلنا رسلا الى امم ماضية من قبلك بمثل ما ارسلناك به من الدعاء الى توحيد الله واخلاص العبادة له وطاعته فزين لهم الشيطان اعمالهم اي فحسن الشيطان لهم ما كانوا يعملونه من كفر وشرك بالله وتكذيب لقسم وهو وليهم اليوم اي فالشيطان يوم القيامة هو ولي المشركين الذين كذبوا الرسل وزين لهم سوء اعمالهم وهو ناصرهم ليس لهم ناصر غيره ولا قدرة له على نصرهم ولا يملك خلاصهم ولا نفعهم ولهم عذاب اليم. اي وللمشركين عذاب مؤلم في الاخرة فلا تنفعهم ولاية الشيطان وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون وما انزلنا عليك ايها الرسول القرآن الا لتبين لجميع الناس ما اختلفوا فيه من التوحيد والبعث واحكام الشر وان يكون القرآن هداية ورحمة للمؤمنين بالله وبرسله وبما جاء به القرآن فهم الذين ينتفعون بالحق وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه اي وما انزلنا عليك في القرآن يا محمد الا من اجل ان تبين للناس بواسطة بيانات هذا القرآن ما اختلفوا فيه من الدين فترشدهم الى الحق وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. اي وانزلنا القرآن هاديا للقلوب من كل ضلالة. ورحمة في الدنيا والاخرة لقوم يصدقون بما فيه ويقرون بما تضمنه ويعملون به وربنا جل جلاله قد ارسل نبيه صلى الله عليه وسلم لاجل ان يعلم الناس. وفي هذه الاية بيان ومكانة السنة النبوية من فوائد الايات من جهالات المشركين نسبة البنات الى الله تعالى. ونسبة البرين لانفسهم وانفتهم من البنات وتغير وجوههم حزنا وغما بالبنت واستخفاء الواحد منهم وتغيبه عن مواجهة القوم من شدة الحزن وسوء الخزي والعار والحياء الذي يلحقه بسبب البنت. وفي حقيقة الامر هذا غير موجود لكنهم بقلة ايمانهم ولظعفهم الذي يحصل له هذا لقلة ايمانه والكفار لا ايمان لهم حينما يحصل منهم ذلك. لكن هذا قد يوجد ممن ضعف ايمانه فينبغي على الانسان ان يحتسب الاجر في الباقيات الصالحات وان يسعى في تربيتهن واعفافهن وتعليمهن فانهن باب من الخيرات كبير ومن يفرح بذلك ويعمل فهذا من اخلاصه لله تعالى فهو يعمل بشيء لاجل ربه فالاحتساب مهم في كل شيء من سنن الله امهال الكفار وعدم معاجلتهم بالعقوبة ليتركوا الفرصة لهم للايمان والتوبة فهذا من رحمة الله وعلى اهل العلم ان يبينوا للناس هذا لاجل ان يكسبوا الاخرين بالايمان مهمة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى هي تبيان ما جاء في القرآن وبيان ما اختلف فيه ما اختلف فيه اهل الملل والاهواء من الدين والاحكام. فتقوم الحجة عليهم ببيانه ولذا ينبغي على كل مؤمن ان يؤدي هذا الواجب وان يقوم بهذا مبلغا عن الله رسالاته مبينا لما جاء في القرآن مبينا لما جاء في السنة مفقها للناس في امور الدين هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته