احسن الله اليكم كيف نجمع بين قول الله تبارك وتعالى؟ ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها. وجعل فبينكم مودة ورحمة بينما هو واقع من بعض الازواج في عدم وجود المودة ولا الرحمة فيما بينهم فهل هذا يعارض الواقع بارك الله فيكم الحمد لله رب العالمين لا اشكال في ذلك ونجمع بينهما بقاعدة يسميها العلماء بقاعدة اختلاف الحال وهي ان الجعل الصادر من الله عز وجل ينقسم الى قسمين الى جعل كوني قدري والى جعل امري شرعي ديني فالجعل الكوني يقال فيه ما يقال في الارادة الكونية والجعل الشرعي يقال فيه ما يقال في الارادة الشرعية على التفاصيل التي ذكرناها سابقا وهذا من اعظم ما ينبغي لطالب العلم السني ان ان يفهمه. وهي ان الاشياء التي تصدر من الله عز وجل تنقسم الى كونية والى شرعية. فالحكم كوني وشرعي والاذن كوني وشرعي والارادة كونية وشرعية والقضاء كوني وشرعي والقدر كوني وشرعي ومنها كذلك الجعل. كون الله عز وجل يجعل الشيء فقد يكون جعله جعلا كونيا وقد يكون جعله جعلا شرعيا من امثلة الجعل الكوني قول الله عز وجل وجعل الظلمات والنور. هل هذا الجعل يستطيع احد ان يغيره؟ الجواب لا. فالجعل الكوني لا محالة لا يستطيع احد ان يغيره. وهذا يفهم ان قول الله عز وجل وجعل بينكم مودة ورحمة لا يقصد به الجعل الكوني الذي لا بد من وجوده وانما يراد به الجعل الشرعي الذي قد يوجد وقد لا يوجد. فكأن الله عز وجل اخبرنا عن الجعل اخبار امر للزوجين بايجاده. فكأنه قال ايها الزوجان يجب عليكم ان تجعلوا حياتكم مبنية على المودة والرحمة. فالمودة والرحمة قد جعلها الله بين الزوجين جعلا شرعيا وليس جعلا كونيا فقد توجد المودة والرحمة بين الزوجين اذا تكاتفا واذا توافقا واذا ضحى بعضهم الى بعض واذا تجاوز بعضهم عن بعض حينئذ بنيت حياتهم على المودة والرحمة ولكن اذا كثرت بين الزوجين المشاكل ولم يضحي بعضهم لبعض ولم يتنازل بعضهم عن بعض وصار كل واحد منهم يطلب حقه كاملا فحين اذ هم انفسهم رفضوا هذا الجعل الشرعي وقريب منها قول الله عز وجل عن الحرم ومن دخله كان امنا. فهل هذا كون كون كوني ام كون شرعي الجواب هو كون شرعي فكأن الله يأمر اهل الحرم ان كل من دخلكم ممن دخل عليكم فيجب عليكم ان تؤمنوه فهو ليس امن كوني لابد من وجوده بل هو امن شرعي فبالتفريق بين الجعل الكوني والجعل الشرعي ينحل الاشكال. فالاية انما تكلموا عن الجعل الشرعي الذي قد يوجد وقد لا يوجد كما نقول في الارادة الكونية والله اعلم