الا تغفي الجانب هذه الصفات فان الله سميع ولذلك اذا قال العبد يا الله يا رب فان الله يسمع قوله كما انه يعلم ما في سره. فليس العلم مقتصرا ومحدودا بالسمع يعني فقط او ليس له طريق الا السمع بل انه علم يكون بالسمع على وجه الخصوص الذي لا يغيب عنه شيء ويكون بالعلم الذي يدرك الله تعالى به ما يشاء ذلك دالا على ان علمه ليس مجردا عن بينات وشواهد ولا مجردا عن ما يعزز ذلك العلم ويقيم الحجة به على العباد والخلق والله تعالى سميع عليم. وفي ذلك تطمئن النفوس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه له الاسماء الحسنى والصفات العلى واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا الله الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق داعيا اليه باذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق الجهاد حتى اتاه اليقين وهو على ذلك فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فاهلا وسهلا ومرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم فادعوه بها ان الله تعالى ذكر اسماءه الحسنى في كتابه منفردة ومقرونة بغيرها من الاسماء ومن توفيق الله تعالى للمؤمن ان يتأمل ما في هذه الاقترانات من دلالات فان الله تعالى عندما يذكر اسما مع اسم اخر يكون هناك كمال زائد ومعنى فاضل على ما اذا كان هذا الاسم منفردا وهذا ينبغي ان نؤكد عليه لان به تنفتح ابواب التدبر ويدرك من اسرار الكلام الالهي ما يزيد به ايمانه وتقر به عينه ويطمئن به قلبه ويصبح به عمله. فان كل الهدى مأخوذ من هذا قرآني وبديع ما فيه من الحكم والاسرار. ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. هكذا يقول ربنا جل في علاه اسم الله تعالى العليم جاء مقترنا باسماء عديدة بكتاب الله عز وجل لعله من اكثر الاسماء اقتران بغيره من اسماء الله عز وجل فجاء مقترنا بالحكيم تكلمنا عن ذلك فيما مضى وجاء مقترنا بالعزيز بمثل قوله تعالى ذلك تقدير العزيز العليم اقتران العلم بالعزة يدل على ان هذا العلم علم لا يضاهى علم لا يرام جنابه. علم لا يماثل. علم يقتضي ان يكون ما تضمنه او ما اراده في علمه جل في علاه. فالعلم عندما يكون مع الضعيف يكون غير فاعل وغير نافع وغير مفيد الفائدة الكبرى. لكن عندما يكون العليم عزيزا فهذا يلقي على القلب تعظيما واجلالا. وان هذا العلم علم يثمر ثمرة وينتج اثارا وليس علما مجردا لا اثر له ولا ثمر. فالله تعالى يقول ذلك تقدير العليم العزيز. وذكر التقدير لانه مرت هذا العلم وهو نافذ لا يمكن ان يتخلف لا معقب لحكمه فمن كان تقديره صابرا عن علم وعزة لابد ان يقع. لابد ان يكون لا بد ان يحصل كما قال جل في علاه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. ان الله جل وعلا اذا ذكر اقتران اسم العلم بالسمع وهنا نعلم ان الذين يقولون في اسم الله عز وجل السميع بانه الذي يعلم وينفون عنه صفة السمع يخطئون لانه لو كان السمع هو العلم فما فائدتك قرن السمع بالعلم في مثل قوله تعالى فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن انه هو السميع العليم. ان اقتران السمع بالعلم في كلام الله عز وجل جاء في اكثر من ثلاثين مرة وفي اكثر من ثلاثين موضعا كل ذلك لتقرير هذا المعنى العظيم وان السمع والعلم صفتان من صفات الله تعالى ليس واحد منهما يفسر بالاخر بل العلم له اسباب كثيرة منها السمع ومنها البصر ومنها اسباب كثيرة يدرك بها تدرك بها المعلومات لكن السمع هو طريق من طرق العلم. ولهذا يذكر الله تعالى السمع والعلم في ايات الذكر الحكيم لكون من المعلومات دون ان يكون ذلك مقصورا على طريق من الطرق او سبيل من السبل. ان صفة العلم جاءت مقترنة بالشكر كما قال الله تعالى في اية الصفا ان الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه يطوف بهما. ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم سبحانه وبحمده. وقال تعالى ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم. وكان الله شاكرا وانظر في ذكر الشكر والعلم في مقام المجازات على العمل في مقام في مقام الاثابة عليه. فالله تعالى شاكر لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى. فهو يجزي على القليل الكثير سبحانه وبحمده. لكن هذا الجزاء متفاوت اليس كذلك؟ ليس كل العاملين على درجة واحدة في في الجزاء والاثابة يصلي المصلي ولا يكتب له من صلاتها الا عشرها الا تسعها الا ثمنها الا سبعها الا سدسها الا خمسها هلم جر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا التفاوت سببه ماذا سببه ان الله عليم فهو يجزي ويعطي جل في علاه لكنه جزاء يتفاوت فيه العاملون وفق ما يقوم في قلوبهم مما يطلع عليه رب العالمين جل في علاه فالله سبحانه وبحمده يبشر كل عامل بانه لا يضيع عمله ظاهرا كان ذلك او باطنه. فهو الكريم المنان جل في علاه الذي احصي على العباد الدقيقة والجليل فاستجاب لهم ربهم. اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى. فلذلك ينبغي ان نجود العمل وان نصلحه وان لا نقتصر فقط فيه على صورة ظاهرة فالثواب والاجر ليس على ظاهر الاعمال بل على حقائق وما يقوم في القلوب وما يستقر في الافئدة من صدق الرغبة والاخلاص لله جل وعلا قد يقول القائل تستوي الصور في العمل. نعم تستوي الصور في العمل. فالمصليان يصليان في مكان واحد. لكن بينهما من الفضل والاجر ما بين السما والارض بالفضل والرجحان والاثابة والعطاء السبب ما ذكره الله تعالى بمحكم كتابه اليس الله باعلم بالشاكرين؟ بلى والله اعلم وقد قال الله تعالى لعباده حتى يقطع عليهم طريق الاذلال باعمالهم والمن عليه بما يكون من صور الاعمال فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى اذا اقتران اسم العليم باسم الشاكر له دلالة اضافية على دلالة اسم الشاكر منفردا واسم العليم منفردا. فهي افادت ان الاثابة ستكون مختلفة عما لو كانت اثابة مستقلة عن العلم هي اثابة العليم هو شكر العليم جل في علاه. الذي لا يضيع العمل. يا بني انها ان تكون مثقال حبة من خردل. فتكون في السماوات او في الارض يأتي الله سواء كانت صالحة او كانت سيئة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يعني وزن ذرة ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. فلذلك ينبغي للمؤمن ان يجود العمل واذا قرأ اليس الله باعلم بالشاكرين فليجتهد ان يكون شاكرا لله عز وجل في ظاهره وفي باطنه فان الله سبحانه وبحمده لا تخفى عليه من عباده خافية ان اسم العليم جاء مقترنا ايضا باسم الحليم. في مواضع عديدة ومنها قول الله تعالى في ايات المواريث والله عليم حليم وقد قال الله تعالى والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما. وقال جل وعلا ليدخلنهم مدخلا يرضونه. وان الله لعليم حليم. فجمع الله تعالى بين هذين الوصفين وهذا فيه بيان امر مهم ان الاسراف في المعاصي ليس لعدم علم الله تعالى حال العصيب بل لاجل حلمه كما قال جل في علاه ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون وهذا ليس فقط في ظلم العباد وانتهاك حقوقهم بل في كل اوجه الظلم سواء كان ظلما في حق الله عز وجل بالشرك به او النفاق او المعصية او كان ذلك في حق العباد ببخس حقوقهم وعدم اداء ما يجب لهم كان يظلم الرجل زوجته او يظلم والده بالعقوق او ولده بعدم القيام بشأنه او جاره ببخسه حقوقه وعدم اكرام الجار بما يجب له او غير ذلك من اوجه الظلم. ويدخل فيه ظلم الحاكم للمحكوم وظلم الناس فيما بينهم في المعاملات المالية وفي الدماء كل هذا يدخل في قول الله تعالى ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم هو لا يعاجل بالعقوبة جل في علاه بل يملي للظالم التى اذا اخذه لم يفلته. لذلك اقتران هذين الاسمين في ايات الله عز وجل بهالتحذير فيها التخويف بها التنبيه الى عدم الاغترار بالاملاء. عدم الاغترار بالامهال. بل الله حليم جل في علاه. ومن حلمه انه لا يعاجل بالعقوبة لكن حلمه لا ينافي علمه سبحانه وبحمده. ان مما ينبغي للمؤمن ان يعرفه ان هذه الاقترانات تزيد في الايمان تعطي بصيرة تفيد افادة كبيرة في معرفة معاني هذه الاسماء والتعرف على الله تعالى. من اسماء التي جاء العليم مقترنا بها اسمه جل وعلا الخبير. فان الله تعالى قد قال في محكم كتابه وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها يريد اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا. وعندما تذكر الخبرة مع العلم صفة الخبرة مع صفة العلم تضيف اضافة زائدة بان العلم ليس مقتصرا على الظواهر بل انه ممتد شامل الخفايا والدقائق البواطن فلا يخفى عليه شيء سبحانه وبحمده من شأن عباده. ولذلك ينبغي ان يحذر الانسان ان يقتصر على صلاح ظاهره. بل الامر وراء ذلك في صلاح الباطن الذي تدركه خبرة الله تعالى وعلمه ببواطن الامور وخفاياها ان اسم العليم جاء مقتدرا بالقدير في مثل قوله تعالى والله خلقكم ثم يتوفاكم. ومنكم من يرد الى ارض العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا. ان الله عليم قدير. وعندما تقترن صفة العلم بالحكمة يكون هذا زائدا انه علم له ثمرة علم له فائدة علم له اثر علم له نتيجة وليس علما مجردا لا اثر له ولا ثمر. ومما جاء فيه وصف العليم مقترنا في كتاب الله تعالى باسم اخر باسم الفتاح نسأل الله تعالى ان يفتح لنا ابواب رحمته وان يعيننا على طاعته وان يجعلنا من اوليائه وحزبه قال تعالى قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم والى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم فادعوه بها استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته