السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم عباد الرحمن احمد الله حق حمده له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان عباد الرحمن جمعوا كمال الخصال جمعوا طيب الفعال جمعوا مكارم الاخلاق انهم اصحاب بر وخير وفضل في معاملة الله عز وجل وفي معاملة الخلق لذلك ذكر الله جل وعلا في صفاتهم ما يبين كما لا خصالهم علاقتهم بالله عز وجل وفي صلتهم بالخلق فليس ثمة انفصال ولا انفصام بين الخلق الذي يتعامل به المؤمن مع الخلق والخلق الذي يتعامل به مع الخالق فان ثمة ارتباطا وثيقا بين طيب الخصال في صلة العبد بربه وطيب الخصال في صلة العبد بالخلق ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في مسند الامام احمد باسناد جيد انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق والاخلاق هنا بمفهومها العام الشامل الذي ينتظم كل خصلة كريمة وكل خلق فاضل وكل سجية صالحة سواء كانت في معاملة العبد لربه او في معاملة العبد للخلق ولذا لا تعجب ان النبي صلى الله عليه وسلم من اوائل دعوته كان يأمر بصلة الارحام باغاثة الملهوف وبغير ذلك والعفاف وغير ذلك من الخصال الكريم التي تنتظم اه صلاح ما بين الانسان وغيره وان صلة الانسان بالناس لابد وان يعتريها ما يكدرها الناس مجبورون على انواع من الخصال التي تحملهم على الاعتداء تحملهم على التقصير تحملهم على الظلم قابلت هذه الخصال امثالها قد يفضي الى ما يكون سببا الشر بين الناس. فلهذا ندب المؤمنون وعباد الرحمن الى الكمال في معاملة الخلق بفعل ما تقتضيه المصلحة من العفو والصفح والاعراض عن اهل الجهل والخطأ. قال الله جل وعلا فمن اعفى واصلح فمن عفا واصلح فاجره على الله وهذا يبين ان العفو المأمور به انما هو مقيد بالاصلاح فاذا كان العفو يفضي الى الاستطالة. يفضي الى الفساد. يفضي الى تضييع الخير. وتكثير الشر. فعند ذلك لا يكون العفو مأمورا به انما يؤمر بالعفو اذا كان صلاحا من خصال اهل الايمان وعباد الرحمن التي ذكرها الله تعالى في محكم الكتاب ما ذكره في ايات سورة الفرقان في قوله وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا قال واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما اي اذا تكلم معهم اهل الجهل والجهل يحمل على عدم الاحسان في القول وعدم الاحسان في العمل. وانما ذكر جل في علاه الخطاب بهذه الاية لان الخطاب اهون ما يصل الانسان اه من الاساءة والا فقد يصل اليه اساءة فعلية فيكون الانسان اذا قابل القول بالسلام فان ذلك يحمله على الكف عن مقابلة الاساءة بمثلها بل الله عز وجل امر العبد ان يدفع بالتي هي احسن وان يدرى بالتي هي احسن كما قال الله تعالى ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة اذا كأنما هو فاذا الذي بينك وبينه هو عداوة كانه ولي حميم. وهذا يدل على ان الدفعة بالتي هي احسن سواء كان قولا او كان عملا او كان فعلا هو مما يحصل به الخير للانسان ويندفع به عنه اساءة ويندفع به عنه شر لا يرد على خاطره اه في كثير من الاحيان آآ الله جل وعلا يقول واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما فمن الجاهلون؟ الجاهلون اه هم صنفان من الناس الصنف الاول هم الذين لا يعلمون فتصدر عنهم افعال جهل عن غير علم ولا وعي ولا ادراك ولا بصيرة وهذا حال كثير من الناس في معاملة للخلق يجهلون ويقعون في الخطأ لكن ثمة نوع من الجهل وهو الخطأ متعمد وهو فعل ما اه يريد به الفاعل الاساءة مع علمه بان ذلك اساءة وخطأ. وهنا اه يكون هذا اعلى آآ ظلما واكبر آآ خطأ وجرما من ذاك الذي وقع في الخطأ عن غير علم او وقع في الجهل عن غير معرفة فان ذلك ادنى منه منزلة في كلا الحالين ندب الله تعالى اهل الايمان وذكر من خصال عباد الرحمن انهم يقابلون الاساءة الاحسان ولذلك قال جل في علاه واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. قوله جل وعلا قالوا سلاما. ليس المقصود به هذه الكلمة بعينها. بل المقصود انه لا يكون منهم قول يحصل به الا السلامة لمن يسمعه والسلامة تتضمن كف الاذى عدم مقابلة الاساءة بمثلها. بل تقتضي ان يحلم الانسان عمن جهل ويكف غضبه ولا يستجيب لتلك الاستفزازات التي صدرت من آآ الجاهل في معاملته حملته على ان يتكلم بالكلام السيء فلا يقابل المؤمن تلك الاساءة بمثلها. هذي مرتبة علو وفظل ومنزلة سمو وارتفاع. لكن اذن الله جل وعلا لاهل الايمان ان يعاقبوا من اساء اليهم بمثل ما صدر منهم ولذلك قال وان عاقبتم بمثل ما عوقبتم به وجزاء سيئة سيئة مثلها ما لم تكن محرمة في ذاتها. فاذا سب الانسان سبة علق بوصف له بالقبيح وليس فيها تحريم كلعن الوالدين مثلا او القذف وما اشبه ذلك من الالفاظ امور المحرمة آآ لذاتها فانه لا بأس ان يقابل الاساءة بالاساءة هذا نوع من السلام لانه لم يتجاوز لكن كمال السلام هو ان يحلم. ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله في قوله تعالى واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قال حلماء اذا جهل عليهم آآ لم يجهلوا. علماء اي اصحاب حلم فاذا جهل عليهم لم يحلموا. ولذلك ينبغي للمؤمن ان يفعل هذه الخصلة في لوكة فالحلم هو ان تكف نفسك عن الاساءة وعن الخطأ والا تكافئ المخطئ اه آآ وانت قادر على مكافئته ومقابلته احتسابا للاجر وصبرا على الخطأ املا في ان يرتدع الظالم عن ظلمه ما به من احسان وفضل وقد اثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحلم الذي يحمل الانسان على ان يقابل الاساءة بالاحسان فجاء رجل من بني آآ عبد قيس قال له النبي صلى الله عليه وسلم ان فيك لخصلتين يحبهما الله. الحلم والاناة. الحلم هو ان تكف اساءتك عمن اساء اليك مع قدرتك على مقابلة الاساءة بمثلها وآآ لا تعجل في المعاقبة لا تعجل في المؤاخذة هذا من الخصال الحميدة التي يحبها الله تعالى وهي اما ان تكون واما ان تكون كسبا ومن كان مجبولا على ذاك فقد يسر الله تعالى له الفضل الذي يبلغ به منزلة آآ سامية بان يكون من عباد الرحمن وان كان من الصنف الاخر وهو الصنف الذي ليس عنده حلم فعليه ان يتخلق بالتحلم. التحلم يكسب الحلم وآآ يعكس على النفس هذه الخصلة جميلة لذلك ينبغي للمؤمن ان يتعلم ونحن في حياتنا نواجه استفزازات كثيرة سواء كان ذلك من الازواج من الاولاد من الاقارب من الاصحاب من عامة الناس في الطرقات فاذا استجاب الانسان لكل استفزاز بالانفعال كان ذلك مهلكة لنفسه ومتعبة له وكان ذلك مفضيا الى انواع من الشر في صلات الناس وعلاقاتهم. وقد وجه النبي صلى الله وسلم رجلا جاء يشكو قراباته بانه يصلهم ويقطعون ويحسن اليهم ويسيئون اليه وآآ يحلم عليهم ويجهلون عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لان كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل. ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك من تخلق بهذه الخصال اتصف بمقابلة الاساءة بالاحسان. وبالحلم عن الجاهلين والحلم اصحاب الخطأ كان ذلك مما آآ يجعل العاقبة الحميدة له بعلوه على خصمه. اسأل الله عز وجل ان يرزقني واياكم طيب الخصال في الظهر والباطن وان يجعلنا من عباد الرحمن وعباد الله الذين هم اولياؤه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم عباد الرحمن استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته