قل هذه سبيلي ادعو الى الله قال الامام احمد العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا وكيف تصلح نية يا ابا عبدالله؟ قال ينوي رفع عن نفسه وعن غيره بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاد حتى اتاه اليقين. فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى من اهتدى بهديه واستن بسنته الى يوم الدين ثم اما بعد ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. في هذه الليلة ليلة الاحد الموافق للثاني والعشرين من شهر شوال من عام ثلاثين بعد الاربعمائة والالف تفتتح هذه الدورة التأصيلية الشرعية في هذا الجامع المبارك. جامع ابن سعدي وهذا مقام الحمد والشكر لله رب العالمين. ومن شكر ربنا عز وجل ان اشكر من احسن عملا فهذا الجامع الكبير يحمل اسم علم فد من اعلام المسلمين وهو الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي. الذي وطن العلم في هذه المدينة المباركة. وكان من حسناته شيخنا محمد ابن صالح العثيمين رحم الله الجميع. ثم اتوجه اليكم انتم معشر طلبة العلم. فاقول لكم هنيئا هنيئا لكم ومرحبا هنيئا لهذه الوجوه المسفرة. الضاحكة المستبشرة وهنيئا لهذه الايدي التي تحمل الكتب والاقلام لتحفظ ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ابشروا واملوا ما يسركم معشر طلبة العلم. فقد اراد الله تعالى بكم خيرا. وهذا من عاجل بشرى المؤمن. ان الله تعالى اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. ففي الوقت الذي يعكف فيه امثالكم امام الشهوات ويجرون خلفها تأوون انتم الى بيوت الله في اكناف المساجد تحملون الاقلام والاوراق وتدونون مسائل العلم. لتصلحوا قلوبكم ولتكونوا بركة باذن الله تعالى على مجتمعاتكم. فابشروا واملوا ما يسركم يا رعاكم الله. واني اوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فان هذا العلم دين. فمن طلبه بحق فليبشر بخير الدنيا والاخرة. العلم الذي ينفع صاحبه والعلم الذي يورث الخشية كما قال ربنا عز وجل انما يخشى الله من عباده العلماء. وقال سبحانه ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا. ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا. ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا. هذا ما ينبغي ان يثمره العلم النافع في نفس طالب العلم. فاطلبوا العلم واطلبوا مع العلم السكينة وابتغوا فيه صلاح قلوبكم لتعيشوا سعداء وتحمدوا العاقبة. واما المتن الذي سنشتغل فيه اولا فهو متن مشهور وهو وهو ثلاثة الاصول. لشيخ الاسلام المجدد محمد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة. ومن حق الشيخ علينا ان نسلط الضوء على طرف من سيرته العطرة. فالشيخ رحمه الله محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي من ال مشرف من ال واهيب الذين يعرفون في بلاد نجد باسم الوهباء التميمي وقد كان ميلاده في العيينة سنة الف ومئة وخمسة عشر وكان والده يعمل قاضيا في العيينة. حتى سنة الف ومئة وتسع وثلاثين. ثم انتقل بعد ذلك الى بلدة مجاورة يقال لها حريملة. واما جده سليمان ابن علي فهو من اساطيل المذهب الحنبلي في بلادنا كان سليمان ابن علي رحمه الله اماما مشهورا كبيرا تنقل عنه الاختيارات في كتب الحنابل فالشيخ رحمه الله سليل بيت علم ودين. ثم انه نشأ هذه النشأة الصالحة وتربى في احضان العلم والدين والتقى والصلاح. فحفظ القرآن ولما يبلغ عشر سنين. ثم سمت به همته فصار يطلب العلم في البلدات المجاورة لبلدته. حتى اذا ما استوعب ما حوله طمحت به همته فاتى الحرمين فسافر الى مكة والى المدينة وفي مكة التقى رحمه الله او عاصر رحمه الله احد العلماء المشار اليهم بالبنان وهو العلامة المحدث عبد الله ابن سالم البصري. فلعله تلقى عنك واما في المدينة فقد تلقى عن الشيخ محمد حياة السندي صاحب الحاشية على الصحيح والتقى كذلك ايضا بالشيخ عبدالله ابن ابراهيم الشمري ثم بعد ذلك عاد الى بلدته بحث عن عن مضمار جديد لطلب العلم فتوجه الى البصرة. وفي البصرة التقى بالشيخ محمد المجموعي. وكان اماما وعالما فتلقى عنه ولكنه في البصرة رأى حال الناس والجهال من العكوف على القبور والطواف بالاضرحة ودعاء غير الله عز وجل فاحدث له ذلك غضبتان لدين الله وحمية وانكارا للمنكر تتكالب عليه الجهال واخرجوه من البصرة شريدا طريدا حتى كاد ان يهلك. لولا ان الله تداركه برحمته فاحتمله رجل الى بلدة الزبير وكان ينوي رحمه الله ان يواصل المسير الى بلاد الشام الا انه ابتلي ايضا بسرقة نفقته. فما كان منه الا ان عاد ادراجه الى موطنه نجد. وعرج في طريقه على الاحساء. وكانت الاحساء ولا تزال مما باطن العلم في الاحساء ايضا لقي احد علمائها المشهورين وهو الشيخ محمد عبد الله بن محمد ابن عبد اللطيف الاحسائي رحمه الله. كما التقى ايضا بابن فيروز وابن فيروز له حاشية معروفة اه في كتب الحنابلة فاخذ عنهما ثم عاد بعد ذلك الى اه والده وكان والده قد انتقل الى حريملة ولم يتمكن رحمه الله من الجهر بدعوته التي صمم عليها وهي دعوة التوحيد وذلك ان والده كان يشفق عليه ويخشى عليه من كيد المخالفين. فما تمكن رحمه الله ان يجهر بدعوته الا بعد وفاة والده. ثم بعد ذلك عاد الى العيينة. بعد ان ضوي واستقبله آآ شيخها او اميرها ابن معمر وشجعه وازره. ولكنه تعرض لفتنة اخرى وهكذا يرعاكم الله انبياء الله والسائرون على دروبهم يلقون من البلاء ما الله به عليم. فلما كان في العيينة وجهر بدعوته وازره اميرها ما كان من امير الاحساء في ذلك الوقت ويقال له ابن عريعر الا ان هدد امير العيينة بقطع الميرة عنه والمؤن. والا يخرج الشيخ فاضطر الى اخراجه او ان الشيخ رحمه الله خرج من تلقاء فاوى الى احد طلابه يقال له ابن سويلم في الدرعية. وهناك في الدرعية آآ ولعل ذلك آآ آآ كان من غير ترتيب مسبق سمع اميرها الامام محمد ابن سعود رحمه الله بمقدم الشيخ فاخذ زماما المبادرة واتى الى الشيخ في بيت ابن سويل وسمع منه فلما سمع منه الحق امتلج له صدره وفرح وايده وقال انا معك على هذا الامر. فبشره الشيخ بخير الدنيا والاخرة. وكان ذلك فعلا. فكانت هذه هي ولادة الدولة السعودية. ولدت الدولة السعودية الاولى بسبب هذا الاتفاق الذي جرى بين الامامين الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله والامام محمد بن سعود. ولم يزل الله تعالى ينصرهم كلهم من نصر الى نصر حتى طالت بلاد اليمن وعمان بل حتى بلغوا مشارف الشام والعراق الى ان حصل لها ما حصل من الاذى الخارجي ولكن الشيخ رحمه الله عمر اشتغل بالدعوة والتأليف والفتيا والمراسلات كان لا يضيع شيئا من وقته ما مد الله تعالى في عمره حتى كانت وفاته سنة الف ومئتين وستة للهجرة. وترك علما غزيرا ومصنفات نافعة ولم يزل آآ ابناؤه واحفاده وتلامذته من بعده يحملون هذا العلم الى يومنا هذا. فكان كل طالب لعلم السلف يبحث عنها في مصنفات ائمة الدعوة. ترك الشيخ مؤلفات عدة منها كتاب التوحيد. وكتاب التوحيد قد الفه في البصرة حين رأى ما رأى من انصراف الناس الى الجهل والبدع ومنها هذا الكتاب المشهور الاصول الثلاثة او ثلاثة الاصول الذي نحن بصدده اولا ومنها كشف الشبهات ومنها كتاب الكبائر ومنها اداب المشي الى الصلاة وهو كتاب في الفطر ومنها مجموعة من المختصرات فقد كان الشيخ رحمه الله يقرب العلم باختصاره. فاختصر الانصاف والشرح الكبير كما اختصر هذا الميعاد واختصر السيرة النبوية رحمه الله رحمة واسعة. والكتاب الذي بين ايدينا متن مبارك يسمى احيانا الاصول الثلاثة ويسمى احيانا ثلاثة الاصول. وكل هذا متقارب. والاصول جمع اصل. والاصل هو ما يبنى عليه غيره. الاصل هو ما يبنى عليه غيره وهذا الكتاب يشير الى اصول ثلاثة وهي الامور التي يسأل عنها الانسان في قبره. من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ هذه هي الاصول الثلاثة. وقد امتاز هذا الكتاب على صغر حجمه بعدة مزايا. منها اولا التأصيل والعناية بالدليل. فلا يكاد الشيخ يذكر مسألته حتى يتبعها بالدليل. يذكر المسألة ثم يقول والدليل قوله تعالى. ولا شك ان هذا علامة قوة. الميزة الثانية الوضوح والبيان. بخلاف كتب المتكلمين وتعقيدات اللفظية فكثير ممن يؤلف في العقائد يؤلف كلاما يصعب حله وفكه لاحد الناس اما الشيخ رحمه الله فقد سلك طريقة القرآن والسنة في البيان والوضوح فجاء كلامه سهلا يسيرا يفهمه كل من قرأه الميزة الثالثة التقاسيم النافعة. فالشيخ رحمه الله يعنى بالتقاسي. التقاسيم من تقريب العلم لطلبته فان من الناس من ينكر العلم نثرا فاذا سمعه السامع لم يجمع اطراف هذا العلم ولكن اذا احسن عرضه وترتيبه كان هذا من اعظم الدواعي لفهمه. اما الميزة الرابعة فهي اتخاذ طريقة السؤال والجواب. اذا قيل لك كذا فقل كذا اذا قيل لك كذا فقل كذا وطريقة السؤال والجواب طريقة قرآنية ونبوية. لانها تثير ذهن المتلقي. وتذهب عنه البلادة والرتاب واما الميزة الخامسة فهي التلطف الى القارئ والشفقة عليه والدعاء له. فما اكثر ما نجد في هذا كتاب رحمك الله ارشدك الله ولا شك ان مثل هذه الجمل تحبب القارئ لمؤلف الكتاب لانه يدرك محبته له وشفقته عليه. ولم يزل اهل نجد يعتنون بهذا الكتاب حتى قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وقد كان رحمه الله يعني الشيخ محمد بن عبد الوهاب يلقن الطلبة والعامة هذه الاصول ليدرسوها احفظوها ولتستقر في قلوبهم لكونها قاعدة في العقيدة. وها نحن نسير على ما سار عليه القوم ونبتدأ وفي سلم الاعتقاد بهذه الدرجة الشريفة لنتناول آآ شرح ثلاثة الاصول