قل هذه سبيلي. ادعو الى الله وسبحان الله وما انا من المشركين. قال الامام احمد العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا وكيف تصلح يا ابا عبدالله قال ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ففي هذه الليلة ليلة الاحد الموافق للتاسع عشر من شهر ذي الحجة من عام ثلاثين بعد الاربعمائة والالف من الهجرة النبوية الشريفة. نستأنف الدروس في هذه الدورة التأصيلية المباركة مبتدئين بكتاب التوحيد. للامام المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة. وقد تقدم معنا في مبادئ هذه الدروس طرف من سيرته رحمه الله وكان مما قلنا ان الشيخ رحمه الله الف اعظم كتبه وهو كتاب التوحيد حين كان في اي بلدة في البصرة فان الشيخ رحمه الله قام بعدة رحلات رحلات علمية كان من بينها رحلة توجه بها الى البصرة والتقى فيها بالشيخ محمد المجموعي بالشيخ محمد المجموعي وفي تلك الفترة ابصر ما عليه الناس ابصر ما عليه الناس من اخطاء وانحرافات عقدية فحمله ذلك الواقع المعاش على ان يصنف كتابا من اعظم كتبه وهو كتاب التوحيد. ثم اتبع القول بالعمل فصار ينكر على هؤلاء الجهال ما يقعون فيه من امور شركية فما كان منهم الا ان كادوا له وطردوه واخرجوه من البلدة حتى كاد ان يهلك عطشا لولا ان الله قال تعالى ساق اليه رجلا فحمله الى بلدة الزبير. والمقصود ان الشيخ رحمه الله لم يصنف كتابه هذا كما يصنف الاكاديميون رسائلهم في غرف مكيفة وفي اجواء ساكنة بل الفه من واقع المجاهدة في ذات الله عز وجل ودعوة الناس الى توحيده. فلذلك جاء هذا كتاب عظيم كتاب التوحيد. الذي هو حق الله على العبيد. جاء هذا الكتاب منطلقا من حاجة الامة الاسلامية في القرن الثاني عشر الهجري. لما الت الى دروب من الشرك بنوعيه الاصغر والاكبر والبدعة والجهل فانتدب هذا الامام الفحل الفحل المجدد الامام محمد بن عبدالوهاب ليرد الامة الى طريق الانبياء والمرسلين ويحملها على توحيد رب العالمين. وسار في كتابه هذا على سند السلف الاولين الذين يصنفون ويضعون التراجم التراجم لكتبهم وابوابهم ويلحقون بها الايات والنصوص ولا يخلطونها بكثير من كلامهم. الا ما احتاج الامر اليه. فلذلك جاء كتاب التوحيد حشد او حشدا من النصوص من الايات القرآنية والاحاديث النبوية وربما اتبعها الشيخ الله ببعض النقول عن شيخ الاسلام ابن تيمية او تلميذه ابن القيم رحمهما الله. ثم يتبع ذلك بجملة من المسائل فيختم كل باب بقوله فيه مسائل. ويذكر المسائل التي استنبطها او اراد لفت النظر اليها من خلال هذه النصوص. وقد جاءت تراجم هذا الكتاب على نوعين. منها تراجم تقريرية بمعنى ان ترجمة الباب تحمل معنى ثبوتيا. ومنها ما يدل على النظر والتأمل كان يقول باب ما جاء في كذا وكذا. كما سنرى ان شاء الله على وجه التفصيل. وستكون باذن الله طريقتنا في في شرح هذا الكتاب المبارك طريقة بسيطة. نقوم فيها ببيان معنى الترجمة اي عنوان الباب وذكر مناسبته لكتاب التوحيد. ثم بعد ذلك اسمعوا في شرح الايات لان الشيخ يبتدأ بذكر الايات. فنشرح كل اية ونبين معاني مفرداتها. ثم نبين مناسبتها للكتاب او مناسبتها للباب. كما بينا مناسبة الباب للكتاب نبين بمناسبة النص للباب. ونستنبط ما يكون فيها من الفوائد. ثم نثني خصوصا نبوية. فنتكلم اولا على ثبوت ذلك الحديث. ذلك انه قد انتقد على الشيخ رحمه الله بعض الاحاديث التي اوردها في كتاب التوحيد فسنرى صحة ذلك الانتقاد ونتبع ما دل عليه الدليل ان شاء الله. ونصنع في الاحاديث ما صنعنا في الايات من بيان معاني مفرداتها ودلالاتها يعني مناسبة كل حديث لترجمة الباب. ثم بعد ذلك نتكلم عن عن المسائل التي رتبها الشيخ رحمه الله ونطلب منكم بيان وجه استنباطها مما مر بنا من النصوص هذا ما سيكون عليه ان شاء الله آآ تكون عليه طريقتنا في شرح هذا الباب والله المستعان. قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد باب قول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وقوله ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقوله وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا وقوله قل تعالوا واتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وقوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشيخ رحمه الله كتاب التوحيد. هكذا شرع الشيخ في كتابه هنا ان يصنع له مقدمة. وكان هذا العنوان وهذه الترجمة هي مقدمة كتابه. فقال كتاب التوحيد اي ان موضوع هذا الكتاب الذي بين يديك ايها القارئ ويا ايها السامع هو توحيد رب العالمين. فموضوعه بيان التوحيد بانواعه الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات. وبيان ما من الشرك الاكبر او ينافي كما له الواجب من الشرك الاصغر او ينافي مقاصده من البدعة ونحوها. فالتوحيد اذا هو موضوع هذا الكتاب ومضمونه بيان التوحيد وبيان ما ينافيه لانه كما قيل وبضدها تتبين الاشياء. والناظر في هذا الكتاب على سبيل الاجمال يرى ان الشيخ رحمه الله تعالى قد جعل بعض الابواب تعالج ما ينافي في التوحيد من اصله. وهو الشرك الاكبر. وبعض الابواب تعالج ما ينافي كماله الواجب وهو الشرك الاصغر. وبعض الابواب تعالج ما يفضي الى الوقوع في الشرك ويحمي جناب التوحيد. وهو ما يتعلق بسد الذرائع. فعموم ابواب هذا الكتاب تدور حولها هذه المعاني الثلاثة. وكلمة كتاب قد مر بنا انها مأخوذة من الكتم وهو الجمع. كما يقال الكتيبة لجماعة الجيش. وكما يقال تكتب بنو فلان اي اذا اجتمعوا. وانما سمي الكتاب الذي بين كتابا لاجتماع الحروف والكلمات والجمل. لهذا سمي كتابنا. واما التوحيد كتاب التوحيد فقد مر بنا ان التوحيد مصدر مصدر وحد يوحد توحيده. والمقصود بالتوحيد جعل الشيء واحد لكنه في هذا المقام فيما يتعلق بالله معناه اعتقاد الله واحدا. لا جعل الله واحدة اذ الله واحد سبحانه ولكن اعتقاد الله واحدا. واما معناه في الاصطلاح فهو افراد الله تعالى. بالربوبية والالوهية والاسماء والصفات. هذا هو تعريف التوحيد. استدل الشيخ رحمه الله تعالى بالاية الاولى وهي قول الله الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وهذا النوع من الاستثناء يسمى مفرغ من اعم الاحوال. وهو ابلغ ما يكون في الحصر. فيأتي النفي يتلوه الاستثناء. وما خلقت الا اذا انحسرت حكمة الخلق في في العبادة. فما نافية ومعنى اي الانشاء من العدل. معنى الخلق الانشاء من العدم. على غير مثال سابق. هذا هو الخلق. وربما الخلق بمعنى التشكيل والتكوين. كقول الله عز وجل فتبارك الله احسن الخالقين. فاذا اضيف الخلق الى غير الله عز وجل فالمراد به التشكيل والتكوين والتصوير لشيء موجود سلفا. اما الخلق الذي يتعلق بالله عز وجل فيشمل المعنيين. الانشاء من العدم وهذا لا يشارك في لا يشاركه فيه احد سبحانه وبحمده. الله خالق كل شيء. وخلق كل شيء. فليس ثمة في الكون الا خالق او مخلوق. فالله الخالق وما سواه مخلوق ويتناول ايضا ما ما يكون بمعنى التصوير والتكوين كما قال سبحانه يصوركم في الارحام كيف يشاء ومن اسمائه الحسنى المصور. اما الجن والانس فهما فهما الثقلان اللذان ابتلاهما الله سبحانه وتعالى بعبادته. وجعلهما عمارا لهذه الارض انو عالم غيبي غير مرئي بالنسبة لنا. كما قال الله تعالى عن ابليس انه يراكم هو وقبيله من قبيله؟ الجن. لان ابليس من الجن. وقد قال الله عز وجل ان ابليس كان من الجن. فهو ينمى الى الجن والجن يفترقون عن الانس ان الله تعالى خلقهم من نار. وهم كما نحن عباد مكلفون ولكن الله تعالى لم يبعث فيهم رسلا. بل جعلهم تبعا للانس. وانما بعث فيهم نذرا. قال الله عز واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن. فلما حضروه قالوا انصتوا. فلما قضي ولوا الى قومه اذا منهم نذر وليس منهم رسل. ولهذا قالوا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى. اذا انبياء هم انبياء بني ادم. فهم مأمورون باتباع الانبياء. وقد جاء وفد من الجن او اكثر من وفد للقاء النبي صلى الله عليه وسلم منهم وفد جن نصيبين ومنهم الذين التقوا النبي صلى الله عليه وسلم في وادي نخلة حين قفل من ثقيف من الطائف وفي احاديث متعددة يثبت النبي صلى الله عليه وسلم لقاءه علجن وماذا جعل لهم وبماذا امرهم؟ وابلغ سورة عرفت بهم ودلت عليهم هي سورة الجد فما قرأها بتمعن علم طبيعة هذا الخلق وانهم عباد من عباد الله لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون تدبير ولا صرفا ولا عطفا ولا غير ذلك مما يعتقده العوام ويبالغون فيه ويهولونه. واما الانس فهم ذريته ادم عليه السلام فان ادم عليه السلام اهبطه الله تعالى الى الارض وزوجه وبث منهما رجالا كثيرا ونساء كان الخليقتان ما خلقهما الله عز وجل الا لعبادته الا ليعبدون. قال ابن عباس رضي الله عنهما اي الا ليوحدون. لان العبادة لا تكون عبادة الا حين يفرد الله تعالى بها. اما اذا كانت العبادة عبادة فيها شرك فلا تسمى عبادة. قال ربنا عز وجل في الحديث القدسي انا اغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه. فلا تسمى عبادة اذا كان فيها نوع شرك. ومناسبة هذه الاية الكتاب مناسبة ظاهرة. اذ ان هذه الاية دلت على وجوب توحيد الله وافراده بالعبادة. لان لان الحكمة من الخلق هي افراد الله تعالى بالعبادة. ونستفيد من هذه الاية العظيمة القصيرة عدة منها وجوب افراد الله تعالى بالعبادة. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. قال ابن عباس اي يوحدون ثم فيها ايضا بيان الحكمة. من خلق الجن والانس. فالله تعالى ما خلق السماوات والارض وما بينهما عبثا بل خلقها لحكمة بالغة. وبث فيها من بث من الانس والجن ليعمروها عبادته. والفائدة الثالثة اثبات الحكمة والتعليم. خلافا لمن نفى الحكمة والتعليل من كلميه فان اهل السنة والجماعة يعتقدون ان الله سبحانه وتعالى لا يفعل الا لحكمة وان شيئته مقرونة بحكمته. خلافا لمن زعم من الاشاعرة بانه يشاء محض مشيئة بلا حكمة. يعتقد اهل اهل السنة والجماعة ان مشيئة الله تعالى مقرونة بحكمته وانه لا يفعل الا لحكمة. ولهذا الف ابن القيم رحمه الله تعالى كتابه القيم شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليم. ومن يستفاد من هذه الاية او ما بعدها غنى الله سبحانه وتعالى عن عن الخلق لانه فإثرها ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون. ان الله هو الرزاق ذي القوة المتين. فالله تعالى غني عن خلقه لا يستكثر بهم من قلة ولا يستعز بهم من ذلة