قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن وسبحان الله وما انا قال الامام احمد العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا وكيف تصلح يا ابا عبدالله قال ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره. قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب وقوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني وقوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله وقوله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه انه قال من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الابواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين اجمعين اما بعد فقد قال المصنف رحمه الله تعالى باب تفسير التوحيد وشهادة باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله. اتى المصنف بهذا الباب بعد ما تقدمه من ابواب تضمنت بيان حقيقة التوحيد وبيان فضله وما يكفر من الذنوب. وبيان ان من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب شاب وبيان حقيقة الشرك وهو ما يناقض التوحيد ووجوب الدعوة الى شهادة ان لا اله الا الله اتى بهذا الباب لمزيد البيان لحقيقة التوحيد وتفسير الشهادة ورفع اللبس الذي يحصل عند في بعض الناس فان من الناس من لا يحسن فهم التوحيد ولا يحسن فهم لا اله الا الله. فاراد الشيخ رحمه الله بعقد هذا الباب ان يرفع هذا اللبس وان يزيد في بيان المعنى. وانما عطف الشهادة على لبيان انهما شيء واحد. وقد تقدم معنا في رواية البخاري في قصة اه معاذ فليكن اول ما تدعوهم اليه ان يشهدوا ان لا اله الا الله. وفي رواية ان يوحدوا الله. فدل على انهما بمعنى واحد ساق فيه قول الله عز وجل اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا. اولئك المشار اليهم اولئك الذين يدعون معنى يدعون ان يدعونهم. ففاعل يدعون هم المشركون. فالمشركون يدعون من دون الله تعالى ملائكة وصالحين وانبياء. فالله تعالى يخبر بان اولئك الذين يدعونهم المشركين المشركون يبتغون الى ربهم الوسيلة. اذا من فاعل يبتغون المدعوين وليس الداعين. ففاعل يدعون المشركون وفاعل يبتغون المدعوين وهم الصالحين من الملائكة والانبياء والصالحين. اذا يصبح المعنى اولئك الذين يدعونهم المشركون يبتغون الى ربهم الوسيلة. اولئك الذين يدعونهم المشركون يبتغون الى ربهم الوسيلة. وما معنى يبتغون؟ اي يطلبون. وما الوسيلة؟ الوسيلة مأخوذة من الوسم وهو والوصي فالوسيلة والوصيلة بمعنى واحد. والمراد بها التوسل الى الله سبحانه وتعالى بالقرب منه ايهم اقرب وهذه الجملة تدلنا على التنافس بين هؤلاء الصالحين في الوسيلة ايهم اقرب؟ ولا شك ان التنافس في مرضاة الله عز وجل وعبادته هو التنافس اذا قيل التنافس الشريف فان اولى ما يدخل في هذا المعنى هو التنافس في طاعة الله. قال الله تعالى وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. طيب ويرجون رحمته يعني اضافة الى ابتغاء الى ربهم الوسيلة فهم يحققون عبادتين عظيمتين احداهما الخوف. احداهما الرجاء ويرجون رحمته. والثانية الخوف ويخافون عذابه ثم علل ذلك بالجملة الختامية. ان عذاب ربك كان محظورا. اي محظورا اي كان مخوفا. المعنى الاجمالي لهذه الاية ان الله سبحانه وتعالى اخبر عن حال هؤلاء المشركين انهم يدعون قوما من الصالحين من الملائكة الانبياء والصالحين الذين هم يطلبون القرب من الله ويعبدونه وحده لا يشركون به احد احدا سواه ويرجون رحمته لا يرجون احدا غيره. ويخافون عذابه لا يخافون احدا غيره. بل ويتنافسون في ذلك ايهما اقرب فاذا كان هذا حالهم فالاولى والاحرى بمن دعاهم ان ينسج على من وان يدعو من دعوه وان يرجو من رجوه وان يخاف ممن خافوه. وهذه هي مناسبة الاية لهذا الباب فهي مناسبة ظاهرة وذلك ان هذه الاوصاف التي وصف الله تعالى بها هؤلاء المدعوين هي اوصاف التوحيد وهي حقيقة التوحيد. اذ انها جمعت الخوف والرجاء والمحبة. فقوله ابتغون الى ربهم الوسيلة يدل على المحبة. وقوله يرجون رحمته يدل على الرجاء. وقوله ويخافون عذابه يدل على الخوف وليعلم يا رعاكم الله ان هذه الثلاثة هي امهات العبادات القلبية. المحبة والخوف والرجاء وقد صورنا لكم فيما مضى ذلك بسورتين احداهما ان ذلك كالطائر. فالطائر له جسم وله جناحان. فكأن المحبة هي الجسم واحد الجناحين الخوف واحدهما الرجاء. وثم سورة اخرى وهو ان ان يكون ذلك كالمركبة المحبة هي المركبة التي يستقلها السائر الى الله عز وجل. والذي يحدوها الى الامام هو الرجاء والذي يمنعها من الحيدة يمنة او يسرة هو الخوف. هذه حقيقة حال المؤمن. فان المؤمن مدار عباداته القلبية على هذه الثلاث. اما محبة وهي شعور يقوم في النفس يجذبه الى ربه ومولاه فيحس بالتعلق والانجذاب الى الله سبحانه وتعالى. وهذه اشرف الثلاثة. لانها لا تنقطع دنيا ولا اخرة واللي اذا قال النبي صلى الله عليه وسلم احبوا الله من كل قلوبكم. احبوا الله من كل قلوبكم. واما الرجاء فانه يحدو العبد ويحفزه على العمل الصالح. لانه يرجو الوصول الى جنته سبحانه. لكن الرجاء قطع بالوصول الى المقصود. اليس كذلك؟ اذا بلغ الانسان مبتغى وهو رضوان الله وجنته. فقط تحقق مراده فانقطع الرجاء. ايضا الخوف الخوف يحجزه عن ان يحيد يمنة او يسرى الا يخرج الى ابواب الشهوات والشبهات فيحجزه الخوف عن ذلك وينقطع الخوف ببلوغ الجنة. يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا انتم تحزنون. اذا تبين لهذا ان اصل هذه الثلاثة او هذه الثلاث المحبة. لانها تبقى في الدنيا وتعظم في الاخرة اما الخوف فينقطع وكذلك الرجاء. والمقصود من هذه الاية العظيمة ان من اتخذهم المشركون شفعاء عند الله بريئون من هذا التقرب لانهم هم بانفسهم يبتغون الى ربهم الوسيلة لا معه احدا غيره ولا يطلبون احدا سواه. ويرجون رحمته لا يرجون احدا سواه ويخافون عذابه لا يخافون احدا سواه فكأنما قيل للمشركين اذا كان هذا حال من تدعونهم فكيف يليق بكم ان تخرجوا عن نهجهم وسندهم؟ وتبين قيل بهذا بان المشركين ربما دعوا يعني عبدا صالحا وربما دعوا واوثانا. فالمذكورين فالمذكورون في هذه الاية من اي الصنفين؟ من الصالحين. فربما دعوا اوثانا واصناما واحجارا وآآ اشجارا وغير ذلك. وربما دعوا ملائكة وانبياء وصالحين كما في هذه الاية. فنستفيد من هذه الاية بيان امهات العبادات القلبية. بيان امهات العبادات وهي المحبة والخوف والرجاء. ونستفيد منها ايضا الرد على المشركين الرد على المشركين الذين يدعون الاولياء والصالحين زاعمين بان ذلك سائغ وجائز فمن دعا غير الله عز وجل في جلب نفع او دفع ضر فلا فرق بينه وبين من دعا صالحا في جلب نفع او دفع بر لا فرق وبين من دعا شيطانا رجيم. او عبد صنما او نحو ذلك. في الاية ما يدل على قوة الخوف والرجاء لدى الصالحين. قوة الخوف وجاء عند الصالحين فان هذا من اخص اوصافهم يرجون رحمته ويخافون عذابه. ان عذاب ربك كان محظورا. فهذا يدل على شدة خوفهم. ويدل ايضا على وجوب الحذر من عذاب الله عز وجل. والا يغتر الانسان بحاله ان عذاب ربك كان محظورا. وفيه ايضا من الفوائد الرد على الصوفية الذين يزعمون بان الله يعبد بالحب وحده. فان من الصوفية من يقول يعبد بالحب وحده ومن عبده بالخوف والرجاء فهو تاجر وليس عابد. حتى انه ينسب الى رابعة العدوية ولعلها بريئة رحمها الله من هذه الدعوة انها قالت ما عبدتك خوفا من من عذابك ولا رغبة في جنتك. بل محبة لك. وهذا باطل. لان الذي امرنا بالخوف من عذابه عظم في قلوبنا رجاء هو الله عز وجل. فالواجب علينا ان نعبده بالثلاث. ولهذا قال بعضهم من عبد الله بالخوف وحده وحروري. ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجع. ومن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق. ومن عبد الله بالخوف والرجاء والمحبة فهو المؤمن الحنيف. جعلنا الله واياكم منهم. وايهما ينبغي ان يقدم الخوف ام ام الرجاء؟ هي معادلة. معادلة تضبط النفس وتحفظ لها استوائها. ولهذا قال بعض اهل العلم ان الخوف هو الرجاء كجناحي الطائر. فالطائر لو كان احد جناحيه اكبر من الاخر لجنح في طيرانه وماله فلذلك الاصل ان يكون العبد بين الخوف والرجاء يرجو رحمته ويخشى عذابه. لكن لا بأس في بعض الاحوال ان يزيد في حصة الخوف وفي بعض الاحوال ان يزيد في حصة الرجاء ليضبط سيره الى الله عز وجل. كيف ذلك اذا اقبلت عليه الدنيا وان فهقت له وفتحت له زينتها وابوابها وزخرفها. فما الذي ينبغي له؟ ان في حصة الخوف. ليمنع نفسه من الانحدار والانجراف وراء زينة الحياة الدنيا. واذا الى همت الخطوب وضاقت به السبل اوقات دنا اجله. وكان في ساعة الاحتضار فالاولى به ان يغلب جانب الرجاء لكي ينفس عن نفسه ويتعلق برحمة الله ولكي يحصل له دنو الاجل ويتحقق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم من احب لقاء الله احب الله لقاءه. وقول الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي فليظن عبد ما شاء. يحسن الظن بربه ويغلب جانب الرجاء في حال آآ الموت والاحتضار