قل هذه سبيلي. ادعو الى الله اه على بصيرة انا ومن اتبعني. وسبحان الله وما من المشركين. والحمد لله رب العالمين. احمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. لا احصيت عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد نعم وبها كلم الله موسى كفاحا وفي مسند البزار وغيره عن عياض الانصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ان لا اله الا الله كلمة حق على الله كريمة. ولها من الله مكان وهي كلمة من قال الا صادقا ادخله الله بها الجنة. ومن قالها كاذبا حقن الدم واحرزت ماله. ولقي الله غدا فحاسبه وهي مفتاح الجنة كما تقدم. وهي ثمن الجنة. قال الحسن جاء مرفوعا من وجوه ضعيفة. ومن كانت اخر كلامه دخل الجنة. وهي نجاة من النار سمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول اشهد ان لا اله الا الله فقال خرج من خرجه مسلم. يقول رحمه الله وبها كلم الله موسى كفاحا. بها اي بهذه الكلمة كلم الله تعالى موسى كفاحا اي مواجهة. كفاح يطلق بمعنى المواجهة والمقابلة. والمقصود انه كلمه جل وعلا من غير حجاب. وذلك في اول ارساله موسى عليه السلام فان الله جل وعلا نادى موسى فقال يا موسى انه انا الله العزيز الحكيم وفي سورة طه قال انه انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلاة لذكري فهذا من مراد المؤلف رحمه الله في قوله وبها كلم الله موسى كفاحا وموسى تميز عن سائر الرسل بانه كليم الله. وذلك ان الله تعالى ابتدع الارسال اليه بالتكليم المباشر لا بواسطة رسول ولذلك يسمى كليم الله لانه ابتدأ الارسال الارسال اليه والايحاء اليه بالتكريم مباشرة لان له من الكلام مع كلام الله تعالى ما لم يكن لغيره من الرسل. قال الله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح نبينا من بعده اوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وموسى وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان واتينا داوود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك ثم قال وكلم الله موسى تكليما فذكر الله الايحاء الى هؤلاء الرسل جميعا على اختلافه منازلهم ومراتبهم ثم ذكر الايحاء الخاص الذي تميز به موسى فقال وكلم الله موسى لما وكلمه الله جل وعلا بهذه الكلمة العظيمة المباركة. المؤلف رحمه الله ذكر من فضائل هذه الكلمة ما رواه البزاري في مسنده من حديث عياض الانصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان لا اله الا الله كلمة حق على الله قيمة ولها من الله مكان وهي كلمة من قالها صدق صادقا ادخله الله بها الجنة ومن قالها كذبا حقنت دمه واحرزت ما له ولقي الله غدا فحاسب هذه كأنها استدلال لبعض ما تقدم من الفضائل. هذا الحديث في اسناده اختلاف. ولكن المؤلف كما ذكرت يستدل بمثل هذه الاحاديث في باب الفضائل ويتجوز لان الامر في ذلك سهل كما تقدم في مسألة انتهت بالاحاديث الضعيفة في فضائل الاعمال. قال رحمه الله وهي مفتاح الجنة كما تقدم. عاد المؤلف رحمه الله هذا هذه الفظيلة على تمهيد لما بعدها وقد تقدم الحديث الوارد في هذا وذكرنا ان الحديث كما ذكر المؤلف رحمه الله الحديث منقطع وان كان المعنى صحيح نعم وهي ثمن الجنة ثمن الجنة اي العوظ الذي جعله الله تعالى في مقابل الفوز بالجنة والثمن هنا لا يلزم المقابلة التامة والمعاوظة انما المقصود انه لا يدخل الجنة الا بها. والا فان دخول الجنة برحمة الله تعالى كما جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال واعلموا ان احدا منكم لن يدخل الجنة بعمله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا ومعلوما من العمل قول لا اله الا الله لكن مقصود المؤلف بالثمن هنا انها السبب الذي به يحوز الانسان هذه الفظيلة ويدرك هذا الاجر العظيم. لكن لا يستقل دون رحمة الله السابقة اللاحقة كما هو معلوم. قال رحمه الله قاله الحسن وجاء مرفوعا اي قال هذا الوصف في هذه الكلمة حسن وجاء مرفوعا من وجوه ضعيفة اي وصفها بانها ثمن الجنة ومن كانت اخر كلامه دخل الجنة جاء من طرق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان اخر كلامه من الدنيا لا اله الا الله الجنة وفي صحيح الامام مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لقنوا موتاكم لا اله الا الله وهذا يدل على استحباب ختم العمل بها. فان ختم العمل بها فضيلة كبرى يرجى ان يتحقق لهما جاء به الحديث عن معاذ رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان اخر كلام من الدنيا لا اله الا الله دخل الجنة ثم قال مالك رحمه الله في بيان فضيلة هذه الكلمة قال وهي نجاة من النار نجاة من النار اي سلامة والنجاة هنا تشمل السلامة الدائمة فان هذه الكلمة نجاة من النار ينجي الله تعالى بها اهلها كما قال المؤلف رحمه الله وسمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول اشهد ان لا اله الا الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم خرج من النار اي بهذه الكلمة خرج من النار. وهذا الحديث رواه الامام مسلم من حديث ثابت عن انس ابن مالك. رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سمعه اذن يؤذن فلما قال اشهد ان لا اله الا الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم خرجت من النار. والخروج هنا يصدر عليه الخروج الذي يحصل به النجاة التامة. دون ان يمسه من عذاب النار شيء. وهذا في حق من كمل حقوق هذه الكلمة ويشمل من يعذب بالنار عذابا ثم ينجيه الله تعالى كما تقدم في ما رواه البخاري ومسلم في حديث الشفاعة في حديث انس ان الله تعالى يقول وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لاخرجن من النار من قال لا اله الا الله. وهذا يصدق ما ذكره المؤلف رحمه الله هنا في فضيلة هذه الكلمة انها نجاة من نعم لان الله جل وعلا اقسم باربع صفات من صفاته سبحانه وبحمده على اخراج من قال هذه الكلمة وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لاخرجن من النار من قال لا اله الا الله ثم قال رحمه الله في تتمة الفضائل في المسند عن شداد ابن اوس وعبادة تبني الصامت ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه يوما ارفعوا ايديكم وقولوا لا اله الا الله الله فرفعنا ايدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال الحمد لله اللهم بعثني بهذه الكلمة. وامرتني بها ووعدتني بها الجنة. وانك لا تخلف الميعاد ثم قال ابشروا فان الله قد غفر لكم. وهي احسن الحسنات. قال ابو ذر فان قلت يا رسول الله كلمني بعملي يقربني من الجنة ويباعدني من النار. قال اذا عملت سيئة فاعمل حسنة فانها عشر امثالها. قلت يا رسول الله لا اله الا الله من حسنات قال هي احسن الحسنات. وهي تمحو الذنوب والخطايا. وفي سنن ابن ماجة عن ام هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا اله الا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها امل روي بعض السلف بعد موته في المنام فسأل عن حاله فقال ما ابقت لا اله الا الله شيئا هذه الفضائل قال المؤلف رحمه الله في اولها وهي توجب المغفرة. توجب اي تثبت من الوجوب والثبوت والمغفرة المقصود بها التجاوز عن الذنوب والستر فان المغفرة تتضمن هاتين الفظيلتين فهذه الكلمات تغفر لصاحبها بستر ذنبه وتجاوز الله تعالى عنه فيستره الله تعالى فلا يفضحه ويتجاوز عنه فلا يؤاخذه. وذكر لذلك في المسند عن شداد ابن اوس وعبادة ابن الصامت ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه يوما ارفعوا ايديكم رفعنا فيما يظهر على صفة الدعاء رفع الداعي كما يرفع الداعي يديه وقولوا لا اله الا الله ولا اله الا الله ذكر ودعاء. ذكر ودعاء لانها كلمة يعظم الله تعالى بها ومن دعاء ما يكون تعظيما للمدعو دون ذكر السؤال. ااذكر حاجتي ام قد كفاني؟ حباؤك ان تلك الحباء اي العطاء وفي بعض روايات هذا البيت حياؤك. ان شيمتك الحياء فالعبد اذا ذكر الله جل وعلا واشتغل بذكره عن مسألته كان له ما امل من السؤال وهذا من فضل الله تعالى واحسانه وهو معنى الحديث الذي اسناده بعض الظعف من شغله ذكري عن مسألتي اعطيته خير ما اعطي السائلين. يعني من اشتغل بالثناء عليه والمدح وذكر صفات الكمال والتعظيم تنزيه لرب العالمين. واشتغل بهذا عن ان يذكر حاجته فان الله تعالى يعطيه مسألته هل يعطيه عطاء واسعا فان الله جل وعلا يحب المدح لانه المستحق له سبحانه وبحمده؟ لا لحاجته فهو الغني الحميد سبحانه وبحمده ليس في حاجة الى حمدنا ولا ثنائنا ولا عبادتنا انما نحن الفقراء اليها ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني النبي صلى الله وسلم امر اصحابه بان يرفعوا يديه وايديهم وان يقولوا هذه الكلمة. لا اله الا الله. ويكرر هذه الكلمة لا اله الا الله لانه قال فرفعنا ايدينا ساعة والساعة هنا هي البرهة من الزمن لا يلزم ان تكون على عد ساعات دقائق اليوم لكن المقصود بها مدة من الزمن ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال الحمد لله. اللهم بعثتني بهذه الكلمة وامرتني بها ووعدتني بها الجنة وانك لا تخلف الميعاد. ثم قال ابشروا فان الله قد غفر لكم. وهذا وجه الاستدلال حيث انه جعل المغفرة عقيم قول هذه الكلمة. او رتب المغفرة على قول هذه الكلمة من اصحابه رظي الله عنهم. وهذا الحديث اخرجه احمد وغيره لكن في اسناده ضعفا فهو من رواية راشد بن داوود عن يعلى ابن شداد عن ابيه وراشد فيه كلام للائمة ينزل به عن درجة القبول. لكن كما ذكرت المؤلف رحمه الله تسامح في هذا في ذكر الاحاديث في الفضائل وفضل الله واسع. قال رحمه الله وهي احسن الحسنات. احسن الحسنات. الحسنات جمع حسنة. والحسنة هي كما يسر المرء في الدنيا او في الاخرة. فاحسن الحسنات احسن ما يسر به العبد في الدنيا وفي الاخرة. هو قول هذه العظيمة المباركة لا اله الا الله فانها في الدنيا تشرح الصدر ويدرك بها العبد الوانا من الفضائل التي تقدمت وستأتي وفي الاخرة هي مفتاح السعادة ومفتاح الاجر والثواب عند الله تعالى ولذلك كانت احسن الحسنات ولذلك كانت احسن الحسنات وقد ذكر الله تعالى فضل هذه الكلمة وان فضلها لا ينقطع كما قال تعالى مثل كلمة طيبة كمثل كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين اي يجني صاحبها ثمارها على امتداد الوقت ولا ينقطع ثمرها في الدنيا ولا في الاخرة. ومما يدل على انها احسن الحسنات ان الله تعالى ارسل الرسل جميعا الدعوة اليها وجعلها مفتاح دعوة الرسل وجعلها سببا للخروج من النار. فالأدلة على انها احسن الحسنات كثيرة. المؤلف ذكر حديث ابي ذر والحديث فيه ضعف لجهالة بعض رواته لكنه من حيث المعنى الصحيح. فان هذه الكلمة لا تبقي ذنبا لمن قالها صادقا من قلبه ولذلك من قالها صادقا من قلبه حرمه الله على النار دلت عليه الاحاديث الصحيحة. قال ابو ذر قلت يا رسول الله كلمني عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال اذا عملت سيئة فاعمل حسنة فانها عشر امثالها. هذا مما جاء به الحديث اتبع السيئة الحسنة تمحها بل امر الله تعالى به في قوله ان الحسنات يذهبن السيئات اقم الصلاة ترى في النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات فامر الله تعالى بالحسنات والطاعات واخبر بان الحسنة تذهب السيئة. قلت يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات؟ قال هي احسن الحسنات اي هي اعظم الحسنات في محو الذنوب وازالتها وهي تمحو الذنوب والخطايا هي تمحو الذنوب والخطايا اي تزيلها وتظمح معها كل خطيئة مهما عظمت. والذنوب والخطايا شيء واحد. فالذنوب والخطايا من باب عطف المترادف وقد يقال ان الخطايا هي الذنوب الكبار. فيكون هذا من عطف الخاص على العام وفي سنن ابن ماجة قال عن عن ام هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا اله الا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل وهذا الحديث فيه ضعف زكريا ابن منظور عن محمد ابن عقبة عن ام هاني وزكريا ظعيف. روي بعظ السلف بعد موته في المنام فسأل عن حاله فقال ما ابقت لا اله الا الله شيئا. اي من الذنوب والخطايا. ومثل هذا يقال ويذكر في كلام اهل العلم على وجه الاستئناس والا فان الرؤى والمنامات ليست مصدرا للتشريع ولا لإثبات الفضائل انما يذكر هذا في كلام اهل العلم على وجه الاستئناس والتنشيط ومثل هذا لا حرج فيه وبعض الناس يشدد في هذا ويقول هذا مسلك صوفي وليس بسديد لا شك ان الصوفية يعتمدون المنامات في اثبات الشرائع والفظائل وهذا خطأ. لكن لو ان احدا استأنس بمثل هذا على صحة او على خبر جاء في الكتاب والسنة فانه لا بأس به ومنه ما جرى من ابن عباس رضي الله عنه في الاستئناس برؤية يا من رأى من يقول له في المنام وكان متمتعا عمرة ومتقبلة وحجة متقبلة. ففرح بذلك ابن عباس كونه صدق ما كان يقوله. من ان المتعة هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي امر بها امته مثل هذا يذكر على وجه الاستئناس لا على وجه الانشاء والاستدلال واستقلال في اثبات الفضائل فهذه الكلمة فظيلتها ثابتة ومعلومة ولا شك انها تظمحل معها السيئات والذنوب اذا قالت صدقا واخلاصا كانت منبعثة من قلب موقن بها. ليس فقط قول اللسان المجرد عن عقد القلب كما تقدم فانه اذا قالها صادقا يتبدد بذلك كل ذنب وخطيئة. نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد